دام برس:
طُرحت الأزمة الأوكرانية على سطح الأحداث السياسية العالمية والتي ما زالت تداعياتها تهيمن على مقالات الرأي في مختلف الصحف الدولية إذ تناولت خطورة فرض العقوبات على روسيا، والتحدي الذي يواجه الولايات المتحدة، وضرورة إستعداد الغرب لمعركة طويلة مع موسكو، وبذلك أصبحت في مقدمة الأزمات والمشكلات التي تعرض لها المجتمع الدولي.
وجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحذيراً جديداً إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول إنضمام القرم إلى روسيا، ملوحاً بما وصفه بدفع الثمن لقيام روسيا بإنتهاك القانون الدولي في أوكرانيا، وأوضح أن "أوروبا والولايات المتحدة متحدتان في دعم الحكومة والشعب الأوكراني، ونحن متحدون لجعل روسيا تدفع ثمن الأعمال التي قامت بها حتى الآن".
واليوم تُعتبر الساحة الأوكرانية من أهم ساحات المواجهة الروسية  الغربية، فالتحدي الذي يواجه الرئيس الأميركي  أوباما هو قوة وإنتصار الرئيس  بوتين في أوكرانيا، لذلك شن في خطابه، هجوماً مباشراً على روسيا وطالب بأن تظهر إحتراماً للقانون الدولي، ورفض مبررات   بوتين لضم  القرم الأوكرانية، لذلك ليس من المستغرب أن نرى أوباما  يحث "شركاء واشنطن" في حلف الأطلسي (الناتو) على تعزيز التحالف لمواجهة روسيا، في حين هدد المجلس الأوروبي بتشديد العقوبات على موسكو في حال حدوث تصعيد جديد بأوكرانيا، ويعتبر هذا رسالة غربية لروسيا تحمل نبرة وفعل العقاب انتقاماً منها على الدور الذي لعبته في الشرق الأوسط مؤخراً خاصة تجاه الأزمة السورية والمصرية  فضلاً عن التعاون الروسي السعودي إنطلاقاً من أن السعودية داعم رئيسي لثورة 30 يونيو في مصر
وإستناداً إلى البنك الدولي، فإن إجمالي الناتج الداخلي لروسيا قد يتراجع بنسبة 1.8 % في 2014 وأن حجم رؤوس الأموال الهاربة قد يصل إلى 150 مليار دولار إذا ما تفاقمت الأزمة في أوكرانيا، وخلال قمتها غير العادية في لاهاي، حذرت دول مجموعة السبع موسكو من عقوبات جديدة تشمل قطاعات الإقتصاد والطاقة والمالية مروراً بمبيعات السلاح والتجارة، وبالمقابل قبلت موسكو التحدي الأوروبي وردّت بأنها ستفرض على الإتحاد الأوروبي العقوبات نفسها التي يمكن أن يفرضها على شخصيات ونواب روس، وانها قد تلجأ لورقة الغاز الذي تزود اوروبا به.
فالحقيقة التي يجب أن ندركها بيقين إن الغرب لن يخسر معركته بسهولة، لذا سيحاول تطوير المشهد الميداني، وبالمقابل روسيا لن تسمح بتدخل خارجي في الشؤون الأوكرانية بأي شكل من الاشكال، وعليه فإن التوتر سيتصاعد، وفي هذا الإطار أرى إن الصراع هو صراع على الأسواق والفرص الإقتصادية والمواقع العسكرية والنفوذ السياسي، وبناءاً عليه يمكن أن نفهم القلق الذي يساور أمريكا بشأن ضم القرم لروسيا، لذلك فإن الغرب يستعد لصراع طويل مع روسيا بسبب ضمها القرم، والذي يعمل على تعزيز عملياته وإستراتيجيته في أوروبا، و نشر قواته  في دول خط المواجهة مثل بولندا وإستونيا ولاتفيا، لذلك أعتقد  إن أهم وسيلة لإحتواء هذا التهديد ستكون إقتصادية وسياسية، وهذا يشمل منع أي غزو محتمل لشرق أوكرانيا، وأفضل طريقة لوقف مثل هذا الغزو هي أن يفصل الرئيس أوباما وغيره من الزعماء الغربيين بوضوح أكثر ماهية العقوبات التي ستوجه ضد روسيا في حالة حدوث أي مواجهة.
إن الأزمة الأوكرانية المتفاقمة، تنذر بتحول تاريخي خطير على المستوى العالمي، وخاصة بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم وهذا يدل على أن موسكو وواشنطن أصبحتا خصمين متنافسين مرة أخرى، لذلك فإن عام 2014 سيكون مؤشر لإنتهاء مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وبداية مرحلة جديدة تنذر بتحولات تاريخية دولية، والمؤكد أن الخاسر الوحيد في مثل هذه الحرب ستكون شعوب المنطقة.
Khaym1979@yahoo.com