دام برس :
لماذا فتح أردوغان و”النصرة” و”داعش” معركة أم الطنافس؟ قد يكون جائزاً السؤال عن الفرق بين أبو محمد الجولاني؛ “أمير جبهة النصرة”، أو أبو بكر البغدادي؛ “أمير داعش”، ورجب طيب أردوغان، فكلهم يخرجون من أدغال التاريخ والجغرافيا.. وحتى من “عباءات” التلمود والطورانية.
رجب طيب أردوغان حاول أن يمتطي ظهور العرب بعنوان مقارعة “إسرائيل”، بعد أن شاهد خناجر الأعراب وسيوفهم صدأت وصارت في ذمة التاريخ.
أردوغان هذا الذي جعلنا ننتشي ذات يوم بالمواجهة المسرحية مع شيمون بيريز في دافوس، وبسفينة مرمرة، جعلنا نصدّق أنه طيّب، ولم نسمع لكلام ذاك العجوز الحكيم نجم الدين أربكان الذي حذّر من ذاك “الجاسوس الصهيوني”.
في عهد ذاك الطوراني تمّ استدعاء الدرع الصاروخية الأميركي، وهو قبلاً ظل يناور ويعمل من أجل أن يدخل الاتحاد الأوروبي، وتحدّث كثيراً بـ”الإسلام” بعطر نيناريتشي، ولباس كريستيان ديور، لكنه ما قبل بتاتاً، وهو في كل الحالات ظل عضواً فاعلاً في حلف الناتو، ومتمسّكاً بقاعدة “انجرليك” الأميركية.
لم ننتبه لصرخة تابعه أحمد داود اوغلو “نحن أحفاد العثمانيين والسلاجقة”، وحديثه عن العثمانية الجديدة “النيو – عثمانية”..
ومع ذلك، اعتقد الأعراب أو بعضهم أن خيول أرطغرل بك ستتخطى الاستانة لتصل إلى القدس مرة جديدة.. لم نصدق قول أربكان “إنه جاسوس صهيوني”، لأنه في كل التطورات تبيّن أن هدفه وغايته وأحلامه وطموحه أن تصل خيوله إلى اللاذقية وحلب ودمشق ودير الزور والقامشلي..
أبو محمد الجولاني وأبو بكر البغدادي بماذا يختلفان وتوابعهما وحلفاؤهما من الإفرازات “الوهابية” تحت مسمى الإسلام، و”العلمانية” و”اليسارية” من أيتام برنار هنري ليفي، وعضو الكنيست “الإسرائيلي” عزمي بشارة، ومن أمثال برهان غليون وميشال كيلو وغيرهما، وهم جميعهم الغارقون في حب “الشورى” السعودية، و”ديمقراطية” قطر، و”تسامح” الدولة العبرية مع الفلسطينيين و”حمايتها” للقدس والمسجد الأقصى المبارك؟
هل انتبه أحد لتلك الأخبار التي تحدثت عن لقاءات “ميمونة” إلى جنوب سورية، وتحديداً في “إمارة شرق الأردن”، حيث التقى صهاينة وأميركيون وأتراك وأعراب من مملكة الرمال، ومعهم الجولاني وأعضاء من مجالس اسطنبول والدوحة، حث خططوا وعملوا وتحدثوا عن استكمال عدوان الشمال من تركيا على كسب وأم الطنافس بغزو من الجنوب؟
دعونا نسأل هذه المعارضات السورية تلك المسماة وطنية أو “ثورجية”، وتلك المسماة “إسلامية”، والمهتمة بإقامة إمارات “الخلافة”، كيف لكم أن ترضوا بهذا العدوان التركي، وبالعدوان الصهيوني، وبعدوانية “الحضارة الديمقراطية” السعودية أو القطرية، وكيف لكم أن تقتنعوا أن لحظة تحقيق النصر على الدولة الوطنية السورية قد أزفت، لأن حليفي دمشق مشغولان بهمومهما، أي موسكو مشغولة بهمومها في البحر الأسود، وطهران منهمكة في متاهات المفاوضات بشأن الملف النووي، وكأنكم تعملون على طريقة الكذابين الذين يطلقون كذباتهم ويصدقونها؟!
ثمة سؤال جيد أن يوجَّه إلى هؤلاء “المتأسلمين” أو “الثورجيين” في المعارضات السورية: لماذا تعادون الجيش العربي السوري وتكرهونه؟ وكيف تصفّقون لتدخُّل الطوراني رجيب طيب أدوغان؟ وكيف لكم أن تشعروا باللذة لنصرة الكيان الصهيوني؟ ثم كيف لكم أن ترفضوا أو تستنكروا التدخل الروسي أو الإيراني لنصرة أو دعم سورية أمام جحافل برابرة التاريخ ومصاصي الدماء الذين يريدون تفتيت وتحطيم دولة يمتد عمقها التاريخي والحضاري إلى أكثر من 8 آلاف سنة؟
كيف لكم أن تعادوا جيش سورية؛ جيش زنوبيا، وجيش يوسف العظمة، الذي كاد أن يصل في حرب تشرين 1973 إلى ما بعد بحيرة طبريا، لولا خيانة أنور السادات وتخطيطه مع اليهودي الصهيوني هنري كسينجر لوقف القتال وسحب الجيش العربي الثاني، وهو الجيش المصري، من المعركة؟
قد يكون هنا ضرورياً التذكير بما قالته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قبل أيام؛ بأن الأعراب أعداء سورية والمعارضات المعلنة ضد دمشق يقتنعون كثيراً بكلام سيدهم الأميركي، فقد قالت: “تُعَدّ الحرب السورية والمواجهة بشأن شبه جزيرة القرم في الأساس جزءاً من معركة واحدة أوسع نطاقاً ضد الهيمنة الأميركية في مرحلة ما بعد الحرب الباردة”.
أضافت: “سورية تنظر إلى الأحداث الأخيرة على أنها جزء من تراجع النفوذ الأميركي في العالم، وتصاعد نفوذ روسيا توّجته بالتخطيط لبدء فصول جديدة لتعليم اللغة الروسية في المدارس السورية”.
وختمت بالقول: “إن تنامي التصدع بين روسيا والغرب، بشأن الأزمة في أوكرانيا، يعزز ثقة الرئيس بشار الأسد ويشجعه على المضي قُدُماً في ما يطمح إليه واثقاً من أن روسيا لن تضغط عليه لتقديم تنازلات في أي وقت قريب”.
فليتابع أعداء سورية الداخليون والأعراب المضي في غيّهم.. ثمة يبرود، والقصير، وبابا عمرو.. والكثير بانتظاركم، وإن غداً لناظره قريب.
الثبات