Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 14:36:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
ماذا ينتظر الأتراك في المستقبل القريب ؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | ماذا ينتظر الأتراك في المستقبل القريب ؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
عام مليء بالمتغيرات والأحداث في تركيا، فمن إحتجاجات متنزه غيزي في ميدان تقسيم وسط إسطنبول في أيار الماضي، مروراً بعملية السلام مع الأكراد، والملف المصري والسوري الذي أصبح جزءاً من السياسة الخارجية والداخلية لتركيا، أما عام 2013 فقد عصي إلا أن يترك تركيا بحدث آخر ترك بصمته على السياسة الداخلية وهو قضية الفساد المالي والسياسي التي ينتظر أن تشهد فصولاً جديدة في العام الجديد.
إن تداعيات قضية الفساد المالي والسياسي في تركيا أخذت أبعاداً جديدة، فقد تطورت وتصاعدت مسببة إنقسامات كبيرة بين السلطتين التنفيذية والقضائية، في وقت إشتعل الشارع التركي مجدداً للمطالبة برحيل أردوغان، والتنديد بمنظومة فساد كاملة تنخر النظام السياسي في تركيا، إضافة إلى تراجع الإستثمار وتدهور الليرة التركية، منذ بدء كشف خيوط هذه القضية.
فبعد إعادة إنتخاب رجب طيب أردوغان عام 2007 ثم 2011 بدا وكأنه باق في السلطة لأمد طويل، ونظراً لتحديد رئاسة الوزراء بثلاث ولايات، فقد بدأ أردوغان يحضر نفسه للإنتخابات الرئاسية في آب عام 2014، لكن هذا السيناريو خرج عن مساره في حزيران حيث نزل أكثر من 2,5 مليون تركي الى الشارع طوال ثلاثة أسابيع للمطالبة بإستقالته منددين بالسياسة التركية، وإجراءات صريحة "لأسلمة" المجتمع التركي.
واليوم تتواصل الأزمة السياسية صراعاً وإحتداماً في تركيا على الرغم من التعديلات الوزارية الواسعة التي أجراها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على خلفية فضيحة الفساد المالي، غير إن الأوراق داخل الحزب ما تزال تتساقط وخاصة بعد إعلان عدد من نواب أردوغان إستقالتهم من الحزب إحتجاجاً على سياسة الحكومة الداخلية.
مقابل ذلك يواصل رئيس الوزراء أيضاً عملية تطهير شاملة في مقرات الأمن وإقالة عشرات من مدراء الشرطة ممن أشرفوا على ملف الفساد دون إذن من الحكومة أو إبلاغها مسبقاً في محاولة لإعادة تشكيل الهيكل التنظيمي لمديرية الأمن، وفي موازاة ذلك تندد المعارضة التركية بما سمته محاولات الحكومة تضييق الخناق على المؤسسات الأمنية والقضائية ووصفتها بأنها محاولة يائسة ومفضوحة من أردوغان لمعاقبة من كشف فساد حكومته وللتستر على الحقائق وتغيير مسار التحقيقات، وبالتالي طالبت المعارضة أردوغان بالإستقالة أو على الأقل ترك التحقيقات تأخذ مجراها والتي ستقود في إعتقادهم إلى سقوط الحكومة عاجلً أم اجلً.
وفي سياق متصل فإن الكثير من الأتراك كانوا غير راضين بأي حال من الأحوال عن السياسات التي إنتهجها رئيس الوزراء التركي في التعامل مع التطورات السياسية المصرية وإنتقاده للسلطة الحاكمة المصرية الآن، وهو ما كان له تأثير سلبي واضح على مسار العلاقات بين تركيا ومصر، إضافة إلى غضب العديد من الأتراك بسبب السياسات التي ينتهجها أردوغان أيضاً في سوريا وانتقاده المستمر للنظام وتورط عناصر من حزبه في الإتفاق مع المقاتلين الإسلاميين على العبور إلى سوريا من خلال الأراضي التركي.
وعند تتبع التطورات الأخيرة في تركيا، خاصة تلك المتعلقة بالتحقيقات في قضية الفساد، نلاحظ بعدين أساسيين: أولهما، أن الحزب الحاكم نما كثيراً خلال السنوات الماضية ولم يعد قادراً على السيطرة على كل الأشخاص المنتمين إليه، فمن غير الممكن التحكم في تصرفات الجميع، حتى ولو كانت هناك شبهات حول قضايا فساد، أما البعد الثاني، فيتعلق بالتحقيقات وتوقيت إنطلاقها، إذ أن هناك أدلة تبين فعلاً وجود فساد وعلى الحكومة أن تنظر إلى وضعية الأشخاص المعنيين بالمسألة، لكننا نرى أن هذه الأمور إحتلت مساحة كبيرة في الحياة السياسية بتركيا وذلك قبيل الانتخابات البلدية، وهو ما يخلق شعوراً بالحرج لدى الحكومة.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة، ما المستقبل الذي تنتظره تركيا في ظل ما تشهده من أحداث وتغيرات في الحكومة، وهل ستنتهي الفضيحة بهذه الإستقالات أم على العكس هذه ليست سوى البداية؟
بالتأكيد فإن الأحداث الأخيرة كانت مدمرة لحكومة أردوغان، فقد إنسحب عدد من نواب حزب العدالة والتنمية وربما يلحق بهم نواب أخرون، كما أن الإنتقادات التي يتعرض لها أردوغان داخل معسكره أصبحت واسعة النطاق، فضلاً عن أن مسألة مستقبله السياسي أصبحت مطروحة وإحتمال إستبداله بات وارداً أكثر من اي وقت مضى، فالشعب التركي فقد الثقة بالحزب الحاكم، كما إن التغيرات التي شهدتها الحكومة برأيي لا تكفي، فالشعب التركي لن يغفر هذه الأخطاء ببساطة، وسوف يحاسب في الثلاثين من شهر آذار عام 2014، حزب العدالة والتنمية ويحرمه من أي دعم يمكن أن يعول عليه هذا الحزب.
فعلى الرغم من إحتفاظ أردوغان بشعبية كبيرة فإن فضيحة الفساد قد ساءت كثيراً لصورة حزبه الذي بنى سمعته على مكافحة الفساد، غير أن هذه القضية من الممكن أن تهدد مساعيه مستقبلاً ليكون أول رئيس تركي منتخب من الشعب، وبالتالي فإن استمرار التحقيق في قضية الفساد يمثل تحدياً لم يسبق له مثيل لأردوغان وقد تزيد التطورات الأخيرة في تأجيجها.
وطبقا للمتابعين هنا فإن شعبية أردوغان وهو على أبواب الإنتخابات باتت في خطر خصوصاً مع إستمراره في إقصاء رجال الأمن الذين يشرفون على قضية الفساد ومحاولة الضغط على الإعلاميين لمنع نشر الأخبار، ويرى كثير من الأوساط الحقوقية أن ما يحدث سيهز صورة أردوغان أكثر في الشارع وهذا ينعكس سلباً على قاعدته الشعبية بل وربما على طموحاته المستقبلية بأن يكون رئيسا للجمهورية، وتبدو حكومة أردوغان الأن في وضع لا تحسد عليه طبقاً لمراقبين سياسيين يرون أنه كلما إتسع نطاق تحقيقات الفساد وجدت الحكومة نفسها في موقف حرج أمام ناخبيها وهو ما يؤشر بحسب المراقبين إلى أن شعبية أردوغان باتت في خطر حقيقي ما لم يتم تصحيح هذه الصورة بأسرع وقت، ويأتي هذا تزامناً مع التطورات والتحولات الحاصلة في المنطقة والعالم، والتي عكست التبدل الواضح في موازين القوى الدولية والإقليمية في غير مصلحة رهانات أردوغان، معطوفاً عليها تصاعد الأزمات الأمنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية داخل تركيا التي تسببت بها سياسات أردوغان وأدت إلى تراجع الإستقرار والإزدهار الذي عم البلاد لسنوات بعدما جرى الإنقلاب على سياسة تصفير المشاكل مع دول جوار تركيا، وتحولت إلى سياسة إثارة المشاكل مما إنعكس سلباً على الصعيدين الأمني والإقتصادي.
هذا المشهد التركي ينبئ بعودة تركيا إلى مرحلة الصراعات الداخلية التي سوف تغذيها الأزمات الداخلية والانقسامات السياسية، وأن عصر أردوغان قد بدأ بالأفول وأن مشروعه السياسي قد دخل في نفق مظلم، كما بات جل همه العمل على إحتواء الأزمة والحد من خسائره وبالتالي محاولة الحفاظ على حكومته من السقوط أمام فضائح الفساد التي تحوم حول بعض وزرائها.
وهنا يمكنني القول إن الحرب التي باتت تظهر الى العلن بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وجمعية الداعية الاسلامي فتح الله غولن تدخل في صلب الفضيحة السياسية المالية التي تهدد حكومة أنقرة الإسلامية المحافظة، فبعد ان كانت حليفته لفترة طويلة أعلنت هذه الحرب على الحكومة إحتجاجاً على مشروع لإلغاء بعض المدارس الخاصة التي تشكل مورداً رئيسياً لتمويل هذه الجماعة الواسعة النفوذ داخل الشرطة والقضاء، وبالتالي من دون شك فإن حدوث النفور والتباعد بين أردوغان وغولن يشكل إنفراطاً  وتمزقاً لعقد إئتلاف شكل أحد الأعمدة الأساسية لقوة حزب العدالة والتنمية، والذي مكنه من حصد غالبية في الانتخابات البرلمانية، وبالتالي السيطرة على مؤسسات البرلمان والحكومة ورئاسة الجمهورية، وتمزق هذا الإئتلاف يعني خسارة حزب العدالة لقوة أساسية لها وزنها ونفوذها.
وهنا أرى أن فتح الله غولن الذي يعد من أهم الساسة الأتراك المعارضين لأردوغان سيكون الاسم الأبرز على الساحة التركية خلال الأيام المقبلة، كونه يتمتع بشعبية كبيرة بين الأتراك ممن يعتقدون أن رئيس الوزراء التركي ظلمه سياسياً بعد أن كان حليفه في الماضي، وبالتأكيد سينتهز فتح الله غولن تطورات الموقف السياسي التركي الحالي لتحقيق المكاسب له، والعودة من جديد إلى تركيا، وخوض العملية السياسية.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن الإختبار السياسي الأهم لأردوغان في تركيا هو الإنتخابات المحلية المزمع إقامتها في مارس المقبل، كما أن الانتخابات ستكون إمتحاناً لقوة أردوغان قبل إنتخابات الرئاسة التي تجري الصيف المقبل، ولكي يحافظ حزب العدالة والتنمية على تفوقه الإنتخابي وسمعته فلا بد له من الرضوخ للإرادة الشعبية وهذا متعلق بتطور مشهد المظاهرات وإزدياد المشاركين فيها.
Khaym1979@yahoo.com

الوسوم (Tags)

تركيا   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz