Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 20:31:43
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
باعترافاتهم : السعودية محمية أمريكية .. وراعية للإرهاب .. بقلم: علي عبود
دام برس : دام برس | باعترافاتهم : السعودية محمية أمريكية .. وراعية للإرهاب .. بقلم: علي عبود

دام برس:

لم يستأثر كتاب "السعودية الديكتاتورية المحمية"  الذي أصدره الفرنسي جان ميشال فولكيه عام 1995 عن دار ميدويست للنشر بباريس .. الكثير من اهتمام الإعلام "الحر" العربي والعالمي !

ومع أن الكتاب يروي "كيف تُنتهك حقوق الإنسان في مملكة آل سعود ، وكيف تُحرم المرأة من حقوقها باسم إسلام يُحرّف عن تعاليمه ومقاصده" .. فلم يأخذ حقه في وسائل الإعلام الحر لأن السعودية محمية من قبل حكومات الولايات المتحدة الأمريكية بجناحي حزبيها الديمقراطي والجمهوري !!

وكان علينا أن ننتظر حتى عام 2004 ليظهر كتاب جديد يروي بالتفاصيل كيف تحولت السعودية إلى محمية أمريكية ..

وعلى الرغم من أهمية الكتاب فلم يترجم إلى العربية إلا في العام 2009 في الاردن ثم ترجم في مصر عام 2012  !!

عنوان الكتاب في نسخته الاردنية :"اعترفات قاتل إقتصادي"صدر عن دار ورد للنشر والتوزيع وعنوان الكتاب بنسخته المصرية :"الإغتيال الإقتصادي للأمم .. إعترافات قرصان إقتصاد" من تأليف "القرصان الأمريكي" جون بيركنز .. وصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب .

والقرصان هو التسمية السرية لما يسمى بالخبير أو المستشار في الشركات الكبرى المكلف بأعمال ومهام لصالح الطبقة الحاكمة في أمريكا!

فصول هذا الكتاب لاتقتصر على الهيمنة الأمريكية على نظام آل سعود ، وإنما هو أشمل من ذلك بكثير ، فهو يجيب على سؤال : كيف تهيمن الولايات المتحدة على العالم الثالث ؟

ويكشف القرصان الأمريكي بيركنز  أن هذه الهيمنة تتم من خلال ثلاثة أساليب : القراصنة الإقتصاديون ، وفرق الإغتيالات ، والغزو العسكري !!

مايهمنا الآن في هذا الكتاب الفصل المتعلق بالسعودية .. المحمية الأمريكية !!

 

الأغنام .. ألهمتني الحل!!

يروي القرصان الأمريكي بيركنز حادثة قديمة ألهمته فيما بعد عن الأسلوب الخلّاق للسيطرة الأمريكية على مليارات النفط السعودي :"في عام 1974 أراني أحد دبلوماسي المملكة العربية السعودية صورا فوتوغرافية للرياض عاصمة بلاده ، ومن ضمنها صور لقطيع من الأغنام يرعى بين أكوام القمامة خارج مبنى حكومي ، حين سألت ذلك الدبلوماسي عنها صدمتني إجابته حين قال لي إنها وسيلة التخلص من القمامة ، قال:لايمكن لمواطن سعودي كريم الأصل أن يجمع القمامة ، نحن نتركها لقطعان الأغنام والماشية !!

ويقول بيركنز متعجبا ومستغربا : أغنام في أكبر مملكة نفط في العالم .. بدا لي أمرا لا يصدق !!

ولم يكن يخطر على بال القرصان الأمريكي بيركنز أن صور"الأغنام" ستلهمه فيما بعد الأسلوب الفعال لمنع حظر نفطي جديد على أمريكا وحلفائها "في ذلك الوقت كنت واحداً من مجموعة مستشارين في بداية عملنا لوضع تصور لإيجاد حل للتغلب على أزمة النفط ، ألهمتني تلك الأغنام كيفية استنباط ذلك الحل ، آخذاً في الحسبان معدل التطور في المملكة العربية السعودية عبر القرون الثلاث السابقة".

ويكشف بيركنز بوضوح رؤية الأمريكيين لتاريخ السعودية فهو ـ كما يصفه ـ "تاريخ مليء بالعنف والتطرف الديني ، ففي القرن الثامن عشر وحّد القائد العسكري محمد بن سعود القوات تحت لواء حركة دينية أصولية تمثلت في المذهب الوهابي ، كان اتحادا قويا ، وخلال القرنين التاليين غزت عائلة سعود وحلفاؤها الوهابيون معظم أراضي شبه الجزيرة العربية بما فيها الأراضي المقدسة .. مكة والمدينة ، وعكس المجتمع السعودي أصولية مؤسسيه ، وساده اتجاه متشدد تبنّى التفسيرات الحرفية للنصوص القرآنية ، فتكفلت هيئة الأمر بالمعروف بإلزام الناس بأداء الصلاة لأوقاتها خمس مرات ، وألزمت المرأة بتغطية جسدها من الرأس حتى أخمص القدمين ، وأصبح من المعتاد رؤية الإعدام والرجم علنا ..".

 

لاتسامح مع أي حظر جديدد للنفط

لايخفي القرصان الأمريكي أن اهتمام بلاده ينصب على النفط السعودي والعمل على إلزام الأسرة السعودية بعدم فرض حظر نفطي عربي جديد على العالم الغربي مقابل حمايتها من أي تطورات أو محاولات يمكن أن تطيح بها عن سدة الحكم .

ويكشف بيركنز أن قرار السعودية بقطع النفط ـ استجابة لضغط الرئيس المصري ـ عن الغرب خلال حرب تشرين عام 1973 صدم العالم الغربي ، وفي 16 تشرين الأول أعلنت إيران ودول الخليج الخمسة زيادة سعر النفط بنسبة 70 % ، وفي اليوم التالي قاموا بتخفيض الإنتاج بنسبة 5% كل شهر وفي 20 تشرين الأول فرضت السعودية وغيرها من البلاد العربية المنتجة للنفط حظرا كاملا على سفن النفط المتجهة للولايات المتحدة .

ويعترف بيركنز ان فترة الحظر التي انتهت في 18 آذار عام 1974 على الرغم من أنها كانت قصيرة لكن تأثيرها كان هائلا "فقد ارتفع سعر نفط السعودية من 1.39 دولار للبرميل في أول كانون الثاني 1970 إلى 8.32 دولار في أول كانون الثاني عام 1974 ".

ويكشف القرصان الإقتصادي أن صدمة الشهور القليلة لحظر النفط أدت إلى تقوية الإمبراطورية  الكوربوقراطية  (الشركات الكبرى والبنوك الدولية والحكومة ) كما لم يحدث من قبل .

وبما أن الولايات المتحدة لايمكنها ان تتقبل حظرا جديدا للنفط يمكن ان يتكرر مستقبلا من دول الخليج العربي وبخاصة السعودية فقد "أسفر الحظر عن مواقف وتغيرات شديدة الأهمية في دلالتها ، فقد أيقنت وول ستريت وواشنطن أنه من غير الممكن التسامح مع مثل ذلك الحظر مرة أخرى"!

من أولوية إلى هاجس

يقول بيركنز ان حماية مصادر إمدادات الولايات المتحدة من النفط كانت تمثل دوما أولوية لإدارتها لكنها تحولت إلى هاجس بعد عام 1973 "رفع الحظر مكانة السعودية كلاعب في عالم السياسة ودفع واشنطن لإدراك الأهمية الإستراتيجية للملكة العربية السعودية على الإقتصاد الأمريكي ، أكثر من هذا شجعت الولايات المتحدة قيادات "الكوربوقراطية" للبحث الحثيث عن سبل لاستعادة أمريكا لأموالها المدفوعة في النفط مرة أخرى ، والتفكير الجاد في استغلال واقع نقص الهياكل الإدارية والتأسيسية التي تُمكّن حكومة السعودية من إدارة ثروتها الكبيرة إدارة صحيحة"!

لم تنتظر الإدارة الأمريكية طويلا لتنفيذ خططها فبدأت واشنطن بعد نهاية عملية الحظر مباشرة بالتفاوض مع السعوديين ، فعرضت عليهم مقايضة المساعدة التقنية والمعدات والتدريبات العسكرية وفرصة للنهوض ببلدهم لتلحق بركب القرن العشرين مقابل دولارات النفط وأهم من ذلك مقابل ضمان عدم تكرار حظر النفط مطلقا !!

ولكي تحقق واشنطن هدفها "السامي" فرضت على آل سعود إنشاء "وكالة التنمية الأكثر غرابة في التاريخ ، وهي اللجنة الأمريكية السعودية للتعاون الإقتصادي التي اشتهرت اختصارا بـ (جيكور) ، وابتدعت تلك اللجنة مفهوما جديدا في برامج المساعدة الأجنبية المتعارف عليها ، فهي تعتمد على الأموال السعودية لتمويل الشركات الأمريكية في بناء المملكة العربية السعودية" !!

 

بعيدا عن رقابة الكونغرس

ويشرح القرصان الأمريكي أسباب إنشاء مثل هذه الوكالة الغريبة من نوعها في التاريخ ، فقد كانت واشنطن بحاجة إلى ابتكار حل يتيح لها التحرر من أي رقابة لأساليب عملها ولكيفية إنفاق المليارات السعودية بإدارة أمريكية كاملة "رغم ان الإدارة الأمريكية كلها والمسؤولية المالية عُهد بها لوزارة الخزانة الأمريكية ، كانت هذه اللجنة المشتركة تتمتع باستقلالية بلا حدود ، في النهاية ُأٌنفقت سنويا مليارات الدولارات في فترة تجاوزت خمسة وعشرين عاما دون رقابة من الكونغرس ، لأن الموضوع لم يكن به أموال حكومية أمريكية فلم يكن للكونغرس أية سلطة للتدخل في الأمر رغم دور وزارة الخزانة كوسيط"!

ويروي بيركنز كيف أصبح له دور رئيسي في هذه اللجنة كقرصان إقتصادي "مستشار وخبير" عندما لجأت وزارة الخزانة الأمريكية للإستعانة بشركة (مين) كاستشاري في نهب المليارات السعودية 

"كان الشغل الشاغل للخزانة الأمريكية ابتكار الأساليب الفعالة لاستنزاف ماتربحه السعودية من النفط لصالح الإمبراطورية الكوربوقراطية "كانت وظيفتي تنحصر في التنبؤ بما قد يحدث في المملكة العربية السعودية إذا استثمرت مبالغ طائلة في الإنفاق على تطوير البنية التحتية ، وخطط إنفاق تلك المبالغ ، باختصار طُلب مني تطبيق قدراتي الإبداعية بأقصى ما أستطيع في تبرير استنزاف مئات الملايين من الدولارات من اقتصاد السعودية بشرط إدماج شركات الهندسة والبناء الأمريكية .."!

وكانت الإدارة الأمريكية تدرك جيدا أنها لايمكن أن تثقل بلد يعوم على النفط في الديون كما تفعل مع دول العالم الثالث لذا كان مخططها استنزاف عوائد النفط السعودي ، وهذا ماأكد عليه بيركنز"فهمت بالطبع أن الهدف الأساسي هنا ليس ـ كالمعتاد، أن نثقل كاهل هذا البلد بالديون التي لن يستطيع سدادها ، بل بالأحرى إيجاد طرق تضمن إعادة أكبر نسبة من الدولارات المدفوعة في النفط مرة أخرى للولايات المتحدة ، علينا في هذه العملية أن نجر المملكة العربية السعودية إلى هذا الطريق ، وأن نجعل اقتصادها يزداد تشابكا وخضوعا لمصالحنا .

 

الأغنام .. مفاتيح الحل

وبأسلوب يمزج بين السخرية والجدية وبما يشبة اكتشاف نيوتن لنظرية الجاذبية عندما شاهد التفاحة تسقط عن الشجرة إلى الأرض فصرخ مبتهجا : وجدتها .. وجدتها ، هكذا فعل القرصان الإقتصادي بيركنز عندما استحضر صورة الأغنام أمام المبنى الحكومي "بمجرد مابدأت في تنفيذ المهام المكلف بها أدركت أن الأغنام التي تجوب شوارع الرياض هي أحد مفاتيح الحل ، فقد كانت هي العامل المحرج للمواطنين السعوديين الذين يسافرون كثيرا حول العالم متنقلين من مكان فخم لآخر ، تلك الأغنام يجب أن تُستبدل بشيء أكثر ملائمة لهذه المملكة الصحراوية التي تتلمس طريقها للعالم المعاصر ، وأدركت كذلك أن رجال الإقتصاد القائمين على منظمة الأوبك يؤكدون على حاجة البلاد المنتجة للنفط لإنتاج المزيد من المشتقات النفطية لتعظيم القيمة المضافة بدلا من تصدير النفط خاما فقط ، كان رجال الإقتصاد يحثون تلك البلاد على تطوير صناعة النفط الذي يستخرجونه لاستخدامه في إنتاج مشتقات من النفط يستطيعون بيعها لبقية بلاد العالم بسعر أعلى مما يحصلون عليه عن بيع النفط الخام ، وبهذا الإدراك انفتح الباب لاستراتيجية تؤدي لأن يربح الجميع ، وبالطبع كان موضوع الأغنام مجرد نقطة البداية"!!

وما يقصده القرصان الإقتصادي بيركنز أن مهمته كانت "جليلة" جدا تكفل بتخليص السعودية من قمامة "النفط" باستخدام أحدث الطرق التكنولوجية بدلا من الأغنام "وهو ماسيجعل السعوديين فخورين بهذه التقنية الحضارية"!!

ولم تقتصر "تقنية الأغنام" التي اكتشفها القرصان بيركنز من خلال صورة فوتوغرافية بالمصادفة على تصنيع "قمامة النفط" .. بل وجدها صالحة كمعادلة يمكن تطبيقها على معظم القطاعات الإقتصادية في المملكة ، بل هي "وصفة للنجاح في عيون العائلة المالكة ووزارة الخزانة الأمريكية ورؤسائي في (مين) ، طبقا لهذه المعادلة ستصبح الأموال مخصصة للتركيز على إنشاء قطاع صناعي يقوم بتحويل النفط الخام إلى منتجات صالحة للتصدير ، وعليه فستنشأ في الصحراء مجمعات لصناعة البتروكيماويات تحيطها مناطق صناعية وعمرانية ضخمة ، ومن الطبيعي لمثل هذه الخطة أن تتطلب كذلك إقامة محطات توليد كهربائية تصل قدراتها إلى آلاف الميغاواط وخطوط للنقل والتوزيع والطرق السريعة ، وخطوط أنابيب النفط ، وشبكات الإتصالات ، ووسائل مواصلات متضمنة مطارات جديدة وتحسين الموانىء ، والإستعانة بعدد كبير من الأفراد للصناعات الخدمية والبنية التحتية الأساسية لإدارة كل هذه المشاريع".

ويبقى الهدف : زيادة التبعية لإمريكا

ويسهب القرصان الإقتصادي بيركنز بسرد خططه التي استلهمها من "معادلة الأغنام" والتي تستولد مئات المشاريع التي تستنزف مليارات النفط السعودي وتحقق الأرباح الطائلة للإمبراطورية الأمريكية على مدى العقود القادمة دون أن ينسى التأكيد مرارا وتكرارا "كان عليّ دائما أن آخذ في الحسبان الأهداف الحقيقية ، مثل رفع النفقات إلى الحد الأقصى لصالح الشركات الأمريكية ، وزيادة تبعية المملكة العربية السعودية للولايات المتحدة ، ولم أستغرق طويلا حتى أدركت أن الأمرين يسيران معا على خطين متوازيين ، فكل خطط المشروعات الجديدة تقريبا ستتطلب صيانة مستمرة وعمليات تحديث من فترة لأخرى ، وخاصة انها مشروعات على درجة عالية من التقنية المعقدة لضمان تولي الشركات الأمريكية التي نفذتها عمليات الصيانة والتحديث .. "!

وبما ان الهدف استنزاف مليارات النفط السعودي لصالح امبراطورية الكوربوقراطية الأمريكية من جهة ولتجذير التبعية السعودية للولايات المتحدة من جهة أخرى ، فقداكتشف قراصنة الإقتصاد   منجم من ذهب لاينضب وهو "التهديد الخارجي" للأسرة الحاكمة ودفعها لعقد صفقات لشراء اسلحة أمريكية بمليارات الدولارات تتجدد مرة بعد عدد قليل من السنوات بما يضمن استمرار صناعة الأسلحة العسكرية الأمريكية إلى الأبد !!

وهكذا عمل الأمريكان على هذا "الحبل" الذي سيضيق الخناق على نظام آل سعود عاما بعد عام والذي من شأنه على حد تعبير بيركنز "جعل المملكة العربية السعودية تابعة لنا ، لكن بطريقة جد مختلفة ، ذلك ان تحديث مملكةالنفط الغنية سيتبعها مجموعة من الأفعال وردود الأفعال ، على سبيل المثال سيثير ذلك التحديث حفيظة المسلمين المحافظين ، كما ستشعر إسرائيل وغيرها من الدول المجاورة تهديدا ، إضافة إلى ذلك فإن التطور الإقتصادي للملكة سوف يستتبعه في الغالب نمو صناعة أخرى وهي صناعة أمن شبه الجزيرة العربية ، فالشركات المدنية المتخصصة في الصناعات العسكرية والهيئات الصناعية التابعة للجيش الأمريكي سوف توقع عقودا سخية وكذلك عقود صيانة وإدارة طويلة الأجل، ووجود مثل تلك الشركات والفنيين سيتطلب مرحلة أخرى من مشروعات الهندسة والبناء ، بما في ذلك المطارات والقواعد العسكرية ، وإدارة الموارد البشرية ، وكل مشروعات البنية التحتية المرتبطة بمثل هذه المرافق".

ولا يخفي بيركنز شعوره بالزهو والفخ والغرور وهو يخطط لمشاريع تستنزف موارد النفط السعودي لصالح إمبراطورية الكوربوقراطية الأمريكية فالجميع وممثلو وزارة الخزانة بشكل خاص كانوا متأثرين بأفكاره الخاصة بالإتفاقيات طويلة الأجل بشأن الخدمات والإدارة ، مما حفز واحدا من المشاركين في التخطيط " أن يبتكر جملة جديدة طالما استخدمناها فيما بعد مشيرا إلى المملكة بانها البقرة التي يمكن أن نحلبها حتى بلوغنا سن التقاع ، بالنسبة لي كانت تلك الجملة تستحضر في ذهني صور الأغنام وليس الأبقار"!!

وداعا للحظر النفطي

ولكي تضمن الإمبراطوارية  الأمريكية عدم اللجوء مجددا لفرض حظر نفطي على الغرب ولو لعدة أيام فإنها عملت على إلزام نظام آل سعود بقطع تعهد بالتعويض عن أي نقص في إمدادات النفط قد تفرضه دول أوبك أو أحد أعضائها مستقبلا ويكشف بيركنز " أرادت واشنطن أن يتعهد السعوديون بضمان إمداداتهم بالنفط ، وأن تكون الأسعار في مستويات قد تتذبذب لكن في حدود مقبولة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ، فإذا هددت البلاد الأخرى مثل إيران أو العراق أو أندونيسيا أو فنزويلا بمنع بيع النفط لنا ، فإن المملكة العربية السعودية ستزيد من إنتاجها لسد النقص .. ببساطة عندما تدرك الدول الأخرى أن السعودية ستفعل ذلك ستشعر بالإحباط وترتدع على المدى الطويل عن مجرد التفكير في منع البيع ، ومقابل هذا الضمان ستمنح واشنطن لبيت آل سعود صفقة مغرية إذ انها ستلتزم بدعمهم سياسيا دعما لانظير له ، ودعمهم عسكريا عند الضرورة ، وبذلك تؤمن لهم استمرارهم في الحكم"!!

 

معادلة الحماية مقابل النفط

ولأن الولايات المتحدة تعرف مكامن الضعف في بيت آل سعود وما زرعته في عقولهم "الصغيرة" من خوف بأنهم مهددين بالغزو من دول الجوار ..  فقد جزم بيركنز بانه "كان من الصعب على بيت آل سعود رفض تلك الصفقة بموقعهم الجغرافي ونقص القوة العسكرية وخشية تعرضهم للهجوم من جيران مثل إيران وسوريا والعراق ، وبطبيعة الأمر إسرائيل "!

كانت الصفقة رابحة جدا للإمبراطورية الكوربوقراطية ، وهي فعلا أغرب صفقة في التاريخ  لأن بيت آل سعود "وضع دخل السعودية من النفط تحت يد الحكومة الأمريكية مقابل حماية أمنها"

ويلخص "توماس ويبمان" الصحفي السابق والأستاذ المساعد في معهد الشرق الأوسط ببلاغة نقاط هذه الصفقة كالتالي :إن السعوديين قوم يسبحون في المال ، وسيورّدون مئات الملايين من الدولارات إلى وزارة الخزانة التي ستحتجز هذه الدولارات في البنوك لحين الحاجة إليها .. سيضمن هذا النظام تدوير أموال السعوديين للعمل في الإقتصاد الأمريكي مرة أخرى".

تهديدد .. ووعيد

وبعد التخطيط المحكم لهذه الصفقة التاريخية بدأت مرحلة التنفيذ وكانت مهمة الإدارة الأمريكية إلزام نظام بيت آل سعود بالتصديق عليها دون إبداء أي رأي في أي بند من بنودها ولو على سبيل الإستفسار وليس التعديل أو الرفض .

كانت المهمة سهلة فأرسلت واشنطن مبعوثا حكوميا فوق العادة إلى آل سعود ـ هنري كيسنجر ـ كانت مهمته الأولى أن يُذكّر العائلة المالكة بما حدث لجارتهم إيران عندما حاول مصدق طرد شركات النفط البريطانية ، ثانيا أن يحدد خطة جذابة بحيث لايستطيعون رفضها في الواقع ، وأن ينقل للسعوديين ضمنيا عدم وجود بدائل لديهم ، يقول بيركنز:"لاشك أنهم تركهم بذلك الإنطباع الواضح بأنهم إما يقبلون عرضنا ومن ثم يكسبون ضمانا بأننا سنساندهم ونحميهم كحكام ، وإما يرفضون ويذهبون في طريق مصدق "! حين عاد المبعوث إلى واشنطن جلب معه رسالة فحواها أن السعوديين استجابوا لطلبات الولايات المتحدة" !!

دعم الإرهاب

لعل الجانب الخطير في هذه الصفقة الي وصفها بيركنز أكثر من مرة بأنها أغرب صفقة في التاريخ هو الجانب المتعلق بسكوت الولايات المتحدة الأمريكية ـ وأحيانا موافقتها ـ  على دعم نظام بيت آل سعود للإرهاب والإرهابيين في العالم ويصف بيركنز هذا الدعم بأنه "سابقة جديدة يحتذى بها في الشرعية الدولية فيما بعد ، كان هذا شديد الوضوح في قضية عيدي أمين ، عندما نُفي ذلك الديكتاتور الأوغندي سيىء السمعة في عام 1979 حصل على حق اللجوء السياسي في المملكة العربية السعودية ، ورغم انه يعد سفاحا طاغية ومسؤولا عن موت مابين مائة ألف إلى ثلائمائة ألف شخص ، فقد تمتع بحياة مرفهة ، ومنحه آل سعود منزلا وسيارات وخدما ، اعترضت الولايات المتحدة بهدوء .. "

وإذا لم تشكل قضية عيدي أمين تهديدا للغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا ، فإن الأمر اختلف فيما بعد عندما رعت العائلة السعودية الإرهاب العالمي .. هذا الإرهاب الذي ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها ، وحسب بيركنز فإن " الأفدح ضررا كان الدور الذي سُمح للسعودية بأن تلعبه في تمويل الإرهاب العالمي ، وغضت الولايات المتحدة الطرف عن تمويل بيت آل سعود لأسامة بن لادن في أفغانستان لمواجهة الإتحاد السوفييتي في ثمانينات القرن العشرين ، وأسهمت الرياض وواشنطن معا في إمداد (المجاهدين) بمبلغ يقدر بـ 3.5 مليار دولار ، إلا أن الولايات المتحدة والسعودية تجاوزت ذلك الحد بكثير .

وفي آواخر 2003 نشرت مجلة يو إس نيوز وورلد ريبورت دراسة مستفيضة بعنوان (العلاقات السعودية) خرجت بنتيجة فحواها ما يأتي :إن البراهين دامغة ولا تقبل الشك على أن المملكة العربية السعودية حليفة أمريكا منذ وقت طويل وأكبر منتجة للنفط في العالم قد أصبحت ـ على حد تعبير مسؤول رفيع في وزارة الخزانة ـ بؤرة تمويل للإرهاب بداية من أواخر ثمانينات القرن العشرين ، وبعد الصدمة المزدوجة للثورة الإيرانية وحرب السوفييت في أفغانستان ، أضحت المساعدات  الخيرية السعودية شبه الرسمية هي المصدر الأساسي لتمويل حركة الجهاد التي تنمو بمعدل سريع . وفيما يقرب من عشرين دولة كانت الأموال تستخدم في إعداد معسكرات تدريب وشراء الأسلحة وتجنيد المزيد من المتطوعين .. وقال بعض كبار ضباط الجيش المحنكين إن منح السعودية الأموال بسخاء للموظفين الأمريكيين جعلهم يغضون البصر عما يحدث ، فعقود تبلغ قيمتها مليارات الدولارات على هيئة عطايا وهبات ورواتب ذهبت إلى قطاع عريض من موظفي الولايات المتحدة السابقين ، الذين تعاملوا مع السعوديين ومنهم سفراء ورؤساء المراكز الإستخباراتية التابعة لـ سي آي إي وحتى وزراء .. وألمحت تقارير التنصت على الإتصالات أن أفرادا من العائلة المالكة لم يكتفوا بمساندة تنظيم القاعدة ، بل ساندوا أيضا جماعات إرهابية أخرى"!!

 

شراكة بين الإقتصاد والإرهاب

قد تكون هذه المعلومات معروفة اليوم للكثيرين لكن أهميتها تكمن بتوثيقها من قبل كتاب ومراكز بحوث أمريكية تكشف يوما بعد يوم عن أدلة جديدة على العلاقات السرية بين واشنطن والرياض ..

يقول القرصان الإقتصادي بيركنز : "في تشرين الأول 2003 كشفت مجلة فانتي فيرعن معلومات لم تكن معروفة للملأ من قبل في تقرير مفصل بعنوان "حماية السعوديين" عن القصة التي ظهرت حول العلاقة بين عائلة بوش وبيت آل سعود من جهة وعائة بن لادن من جهة أخرى ، والتي لم تدهشني .كنت أعرف أن هذه العلاقات تعود على الأقل إلى زمن عملية غسيل الأموال التي جرت في المملكة العربية السعودية والتي بدأت في عام 1974 ، وأبان الفترة التي عمل بها جورج بوش الأب سفيرا للولايات المتحدة في الأمم المتحدة (  1971 ـ 1973) ثم حين أصبح رئيس الـ سي أي إي (1976 ـ 1977) الذي ادهشني فعلا أن أصبحت الحقائق المحجوبة أخيرا في متناول الصحف".

 

أخيراً

بعد أيام قليلة من حادثة 11 أيلول عام 2001 انطلق بعض أثرياء السعودية  ومن بينهم أفراد من عائلة أسامة بن لادن من الولايات المتحدة على متن طائرات خاصة ، لم يُسمح لأحد بتفتيش الطائرات ولم يتعرض الركاب لأي استجواب .. ويسأل بيركنز بخبث : هل ساعدت علاقة بوش

الوسوم (Tags)

السعودية   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz