Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هل الإسلام في أزمة أم الأزمة في الإسلام؟ الحلقة الخامسة .. بقلم: عبد الحق العاني
دام برس : دام برس | هل الإسلام في أزمة أم الأزمة في الإسلام؟  الحلقة الخامسة .. بقلم: عبد الحق العاني

دام برس:
انتهيت في الحلقة السابقة في السؤال عن تأريخ ثقافة القتل في الإسلام من أجل معرفة أصلها: أديني هو أم سياسي؟
ولا بد قبل البحث عن جذور ثقافة القتل أن نعرج ولو قليلاً على العقوبة في الإسلام.
فالعقاب والثواب بيد الله كما يعرف كل مسلم. وشاء تعالى في حكمته المطلقة أن يعاقب أو يعفو كما يشاء في الحياة الدنيا أو في الآخرة. كما انه تعالى قَسَّم الإثم الذي يستدعي العقوبة قسمين، فإثم يضر بعموم الناس فيكون إثماً عاماً وإثم يلحق الضرر بصاحبه فقط فيكون إثماً خاصاً. وحين سن تعالى سننه للأمم فإنه قرر أن للأمة حق العقوبة في الإثم العام لكنه لم يعط الأمة حقاً في معاقبة الإثم الخاص إذ أبقى ذلك له يعاقب عليه أو يغفر كما يشاء.
وهكذا نص في القرآن على العقوبات التي للأمة الحق في أن توقعها وهي التي تقع على الجرائم العامة مثل القتل غير المشروع والسرقة والزنا وشهادة الزور.... لكنه تعالى لم ينص على عقوبة الإثم الخاص وهوالإثم الذي يضر مرتكبه فيه بنفسه وليس بالأمة مثل شرب الخمر والإرتداد والخروج عن الإسلام...لأن هذه الآثام وما كان على شاكلتها لا تضر بالأمة ولذلك ليس للأمة حق إيقاع العقوبة بمرتكبها كما هو الحال في عقوبة القتل والسرقة على سبيل المثال...وأعتقد أن أكثر الفقهاء لم يلتفتوا لهذه الحقيقة والحكمة الإلهية فيها لذلك فإنهم حين قرروا أن يسوغوا لولي الأمر عقوبة لم ترد في القرآن، وذلك بسبب أن السياسة والمصلحة العامة اقتضت فرضها، ولم يجدوا لها تخريجاً دينياً فإنهم عمدوا للقياس كما فعلوا في عقوبة شارب الخمر والتي بنيت على إحتمال قيام المخمور نتيجة أثر الخمر فيه أن يفتري فقالوا "إنه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى فحدوه حد المفتري" مما أمكن إيقاع تلك العقوبة.. رغم أن في هذا القياس خللين. أولهما أن رب العزة لم ينص على ذلك ولو أراد أن يفعل لفعل، وثانيهما ان القياس غير سليم لأنه لا يقتضي أن كل مخمور سيفقد المقدرة على التحكم بعقله فيقول شهادة زور ولا يمكن أن توقع العقوبة بالشبهة في أن المخمور سيفعل ذلك رغم عدم ثبوت أنه كان سيفعل ذلك!
فأين يجوز القتل في الإسلام وأين يمتنع ذلك؟ وأعني بهذا ما الذي قرره رب العزة في القرآن، وليس ما قاله خليفة أو فقيه فذلك لا يعنيني لأن ما قاله تعالى هو أمره في الخلق وهو صلب الدين وما قاله غيره مما لم يقله هو فهو من السياسة وهكذا يجب أن يوصف.. فلا يقولن أحد انه تعالى ترك لخليفته في الأرض أن يقرر حكمه.. فهناك فرق كبير بين الحال الذي نص فيه تعالى على حكم وما تركه متعمداً دون أن ينص فيه على حكم. فما نص عليه القرآن من حكم فليس لأحد من الخلق أن يغيره ولم يصب أي فقيه مهما بلغ علمه، في القول ان للرسول أن ينسخ أمراً قرآنياً، فليس لأحد أن يفعل ذلك ذلك لأن من الممكن وضع الحديث أو السنة ونسبتها للنبي وليس هناك من عاصم ولا حافظ لأنه تعالى شاء ألا يحفظ إلا القرآن. أما ما تعمد تعالى أن يتركه، لا سهواً ولا عبثاً، دون أن ينص فيه على عقوبة فذلك أمره لنا كي نحكم فيه بعقولنا وإجتهادنا. وقد نصيب في الحكم وقد نخطئ لكنه كله من أمر الدنيا وما يصلح لها من تقلب مع الزمن وتغيره، أي أنه ما دام من إجتهاد البشر فهو عرضة للتغيير.
والقتل من العقوبات التي نص عليها القرآن ولم يعد لنا فيها إجتهاد. فقد حدد تعالى جواز القتل في القرآن في ثلاث حالات فقط لا رابع فيها. وهي أولاً القتل في الحرب التي يقاتل فيها المسلم دفاعاً عن نفسه لا معتدياً ولا غازياً لأنه كما أسلفت نهى نهياً تاماً عن العدوان فقال" ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين".
أما الحالتان الأخريان لجواز القتل في غير الحرب الدفاعية فقد نص عليها في قوله: "انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ومن احياها فكانما احيا الناس جميعا"، وهذا يعني أنه تعالى أجاز للأمة أن تعاقب بالقتل إثمين فقط وهما إثم قتل النفس بغير حق وإثم الفساد في الأرض. وما دون ذلك من إثم فليس للأمة أن توقع فيه عقوبة القتل وليس لأحد أن يحدث هذا أو يجتهد به... ذلك لأن عظمة النفس عند الله كبيرة حتى أنه جعل من يسلبها دون حق كمن يقتل أهل الأرض كلهم جميعاً فكيف يمكن لأي إنسان أن يحكم بقتل نفس إرتكبت جرماً لم يقض الله به أنه يستحق القتل؟
وهذا الباب ولا شك سيثير أكثر من شخص، لكنه دعوة صادقة لحوار عقلاني للوصول إلى أصل ثقافة القتل التي طلعت علينا كأنها رؤوس الشياطين لتأكل الأخضر واليابس. فكيف لنا أن نوقفها إذا لم نعرف جذورها وما يغذيها؟
فحين أقول ان القتل لم يجزه تعالى إلا في الحرب الدفاعية عن الإسلام فإني أعني به أنه لا حرب هجومية يمكن للمسلم أن يقوم بها فيقتل بها ناساً دون أن يرتكب في ذلك الهجوم إثماً. وهذا يعني بالتبعية أن كل هجوم بحجة نشر الإسلام يصبح تحت هذا الباب جريمة. ودليلي في ما أقوله هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو حسبي فيما أدعي! فليس في كتاب الله آية واحدة تدعو لنشر الإسلام بالقوة بل إن القرآن ينهى عن العدوان ويدعو للحكمة والموعظة الحسنة وبين هذه والقتل ما بين السماء والأرض.
فإذا وجد أحد آية في القرآن تدعو المسلمين لقتال الناس دون أن يكون هؤلاء الآخرون هم الذين اعتدوا أو بدؤوا القتل فليأت بها. وقد تعودنا أن نقرأ آيات يؤتى بها شواهد لكنها في الغالب شواهد مجتزءة من نص وسياق متكامل فهي كمن يقول "لا تقربوا الصلاة" ثم يتوقف عن إتمام الآية "وأنتم سكارى".
فما هي الآيات التي جاء بها الكتاب الكريم التي تحث على القتال مما يعتمدها المسلم في أن الله أمره فيها بقتال الكفار ونشر الإسلام بالقوة؟
وأذكر هنا الآيات الرئيسة التي ورد فيها القتال كي نقرأها معاً:
1. وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين (بقرة 2/190)

2. واقتلوهم حيث ثقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم والفتنة اشد من القتل..(بقرة 2/191)

3. الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا ان الله مع المتقين  (بقرة 2/ 194)

4. الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم وهموا باخراج الرسول وهم بدؤوكم اول مرة اتخشونهم فالله احق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين  (توبة 9/13)

5.  قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون (توبة 9/29)
فاي من هذه الآيات يدعو للقتال دون أن يكون ذلك رداً على عدوان أو دفاعاً عن النفس والدين؟
فالآية الأولى تنهى عن العدوان فيكون ذكر القتال فيها مشروطاً بأنه رد على إعتداء وليس مبادرة به... وهكذا يجب أن يفهم كل نص في القرآن يدعو للقتال لإنه ما دام تعالى قد نهى نهياً قاطعاً عن الإعتداء ونص أنه لا يحب المعتدين فإنه وجب إلا يكون أي قتال مشروعاً إلا إذا كان رداً على هجوم أو إعتداء!
أما الآية الثانية فقد جاء فيها القتال متصلاً بقوله وأخرجوهم من حيث أخرجوكم فيكون القتال هنا رداً على عدوان وقع عليكم في إخراجهم لكم من أرضكم.
اما الآية الثالثة فتنص على أن الإعتداء يجب أن يكون رداً على إعتداء، فقاتلوهم في الشهر الحرام إذا قاتلوكم فيه... كما أن القصاص لا يمكن إلا أن يكون رداً على ظلم فليس ممكناً أن يكون القصاص مبادرة بعمل لا سابق له فإنه إن كان مبادرة فلن يكون قصاصاً!
أما الآية الرابعة ففيها القتال ردٌّ على من بدؤوكم أول مرة بالعدوان وهموا بإخراج الرسول ونكثوا العهد... وكل هذا دفاع عن النفس وليس مبادرة بقتال بهدف نشر الإسلام...
أما الآية الخامسة من الشواهد أعلاه فلي فيها حديث في وقت لاحق حين أتحدث عن الجزية ومن أين جاءت وما شرعها في القران الكريم.
فبعد هذا العرض للآيات الواضحة والبينة من الكتاب كيف يمكن أن تسود الصفحات في تمجيد القتل والغزو والعدوان بحجة أن الله أمر بها؟ فليذكر لي من شاء آية واحدة في ذلك..
وفوق كل هذا وذاك فإن رحمن السموات والأرض شاء ألا يدع رحمته التي وسعت كل شيء ألا تشمل العفو والمغفرة حتى للمعتدي إذا توقف عن عدوانه وشواهد ذلك في الكتاب كثيرة، فمنها قوله في المشركين:
" وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مامنه ذلك بانهم قوم لا يعلمون" (توبة 9/5)
فقال تعالى "أبلغه مأمنه" ولم يقل "ثم اقطع رأسه" فمن أين جاء فقهاء السوء من شياطين المسلمين ببدعة قطع الرؤوس حين أمر تعالى رسوله الأكرم (ص) أن يخلي سبيل المشرك دون أذى فستره بجهله؟
ثم أمر تعالى بالسلم فذكر ذلك في أكثر من موضع فمن ذلك قوله تعالى:
" وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله انه هو السميع العليم." (أنفال 8/61)
"الا الذين يصلون الى قوم بينكم وبينهم ميثاق او جاؤوكم حصرت صدورهم ان يقاتلوكم او يقاتلوا قومهم ولو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم والقوا اليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلا" (نساء 4/ 90)
ويجب التوقف عند هاتين الآيتين، ذلك لأن المعتدى عليه لا يجنح للسلم ولا يلقي اليكم السلم لأنه لا يمتلك المقدرة على ذلك بل يقتضي أن يكون هذا سلوك المعتدي أو الغازي وهو ما يعزز ما أسلفت من أن المسلم قد نهي عن المبادرة بالعدوان وإن ذلك كان دائماً من عمل العدو حتى إذا شاء أن يتوقف عن عدوانه ويعرض السلم فقد أوجب تعالى على المسلم قبول السلم في قوله "فما جعل الله لكم عليهم سبيلا"، سبحانه وما أكرمه! وقاتل الله الذين شوهوا دينه!
حين بدأت هذه السلسلة من المقالات قلت يومها أنه لو حط أحد من خارج كوكبنا وسمع ما يقوله ويفعله بعض المسلمين اليوم لما قبل بالإسلام ديناً وربما كان أميل لقبول النصرانية ديناً بدل الإسلام..
والحقيقة إني لا أريد أن أدخل في جدل فلسفي ديني حول أصل الأديان عند الساميين لأن هذه قضية ذاتية يعتقد بها من يعتقد ويرفضها من يرفضها ولا مشكلة عندي في ذلك فلست أسعى لإقناع أحد بأن الإسلام أفضل من النصرانية أو من أي دين آخر، ذلك لإني ملتزم بقول له تعالى لم ينتبه له أغلب المسلمين ويتحاشاه فقهاء المسلمين وهو قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون" (المائدة 5/105)... فما شأني بمن لم يرد الله هدايته أو من لم يرد هو أن يزكي نفسه "قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها "...
لكني لا بد لي أن أبين هنا أني أعتقد ان الأديان في جوهرها واحدة وان كل دين جاء لقوم بلسانهم ليخرجهم من ظلمات الجسد إلى نور الصفاء النفسي. فلا يمكن أن يكون للكون خالق واحد، وهو ما تتفق عليه الإديان ولا شك، ثم يكون هذه الخالق الواحد مشتتاً للأفكار وباعثاً برسائل مختلفة.. فهو هو لم يتغير حين بعث موسى (ص) أو عيسى (ص) أو محمد (ص)... كلهم جاء من هذا الخلق والحجة التي أخذت عليهم حين أخذ من بين آدم من ظهورهم، وكل منهم جاء بلسان قومه لينذر وليس بينهم هاد "إنتما أنت منذر ولكل قوم هاد". فلا يمكن أن يكون هذا الرب الكبير قد أمر عيسى (ص) بأن يدعو قومه للحب والتسامح ثم أمر محمداً (ص) أن يدعو قومه للقتل والعدوان والغزو.. إن الذي كف أيدى المؤمنين في الدنيا عن السامري هو الذي كف أيدي المؤمنين في الدنيا عن يهوذا الإسخريوطي وهو الذي كف أيدي المؤمنين في الدنيا عن أبي سفيان... ذلك لأن القتل له فهو يقتل إذا شاء ويعذب متى شاء ويغفر حين يشاء!
وهذه الأديان جاءت للأقوام التي تعيش على هذه الأرض وبلسان هذه الأقوام فجاءت التوراة بالعبرية وجاء الإنجيل بالآرامية وجاء القرآن بالعربية....وكل كتاب منهم جاء لينذر القوم الذين عرفوا ذلك اللسان.. ودون أن ندخل في البحث في تأريخ أديان هذه المنطقة نكتفي ببحثنا عن القرآن ورسالته ولمن جاءت..
فحين كتبت سابقاً ان الإسلام هو دين العرب فإن ما كتبته لم يعجب بعض أصدقائي أما أعدائي فقد كثروا ولا أفكر حتى في التخفيف عنهم.. لكني يهمني أن أشرح لأصدقائي لأني على يقين أنهم ليسوا في معرض التشهير ولكنهم يترددون بقبول ما أقوله ربما بسبب عمق جذور ما تعلموه ورغبة في الإستزادة.
فكتب لي أحدهم ان الإحتجاج على ان الإسلام جاء للعرب في قوله تعالى "ولتنذر أم القرى ومن حولها" ليس دليلاً كافياً ذلك لأنه لو كان ذلك سليما لوجب القبول بقوله تعالى "وأنذر عشيرتك الأقربين" ولأكتفى الرسول (ص) وتوقف عند إنذاره لبني هاشم... وهو اعتراض معقول لو لم يقم أكثر من دليل قرآني وعقلي يناقضه...
فحين أُمر (ص) أن يبلغ فإنه صرح وكان أول من سمع التصريح من كان في بيته وهما زوجه خديجة وابن عمه وربيبه علي، فأسلما من يومهما... ثم جاء التكليف الإلهي أن أنذر عشيرتك الأقربين فجمع بني هاشم وعرض عليهم ما كلف به من تبليغ وفي ذلك تفاصيل تأريخية لست بصدد البحث في صحتها من عدمه.. وحين اجتمع حوله نفر من خاصة المؤمنين من الذين لبوا يوم الذرالأول في قوله "واذ اخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم واشهدهم على انفسهم الست بربكم قالوا بلى شهدنا ان تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين." فقد صرح له تعالى أن ينذر أم القرى ومن حولها من العرب فقال عز من قائل:
" وكذلك اوحينا اليك قرانا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير" (الشورى 42/7)
وقبل التوقف عند هذه الآية وما يسندها من الكتاب لا بد من القول ان الأمر الإلهي لم يأت بعد ذلك ليأمره (ص) أن ينذر أهل الأرض أو ينذر أهل الصين أو ينذر الروم على سبيل المثال لا الحصر فقد توقف الأمر في أم القرى ومن حولها... وقد يسأل السائل لماذا توقف الإنذار عند أم القرى ومن حولها؟
والجواب في الآية نفسها...وهو ان القرآن عربي، والإنذار لا يكون إلا بلسان القوم وقد ألزم تعالى نفسه بهذا حين قال:
" وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم" (إبراهيم 14/4). وحاشاه أن يعود عن هذا...
وقد ذكر تعالى عروبة القرآن في إحدى عشرة أية وكلها واضح وبين في أن القرآن عربي والحكم فيه عربي:
"وكذلك انزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت اهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا واق." (الرعد 13/37)
وحين ميزه عن لسان كتاب موسى رغم تطابق ألواح موسى (ص) وفرقان محمد (ص) في كل شيء قال تعالى:
" ومن قبله كتاب موسى اماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا لينذر الذين ظلموا وبشرى للمحسنين." (الأحقاف 46/12)
وحين قال تعالى:
" ولو جعلناه قرانا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين امنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى اولئك ينادون من مكان بعيد" (فصلت 41/44)
فإنه قطع الطريق على كل من يقول بأن الإسلام جاء لكل أهل الأرض وانهم مكلفون بإتباعه.. ذلك لأنه أجاز للعربي أن يسأل، لو أن الإنذار جاءه بغير العربية فيقول أأعجمي وعربي؟ فكيف يكون عادلاً مع العربي في أن يسمح له بهذا السؤال ولا يكون عادلا، على سبيل المثال، مع الصيني لو افترضنا أنه سئل يوم القيامة عن القرآن أن لا يقول:  لولا فصلت أياته أأعجمي وصيني؟
فالإسلام دين العرب جاء بلسانهم " لتنذر قوما ما انذر اباؤهم فهم غافلون".....فهو هوية العرب وهم أهله.. فعروبة القرآن ليست موضع نقاش أو تنازع وهو بإيجاز قرآن العرب!!  لذا أجد من الصعوبة أن أسمع من يذكر لنا هندياً أو أفريقياً أو ألبانياً ممن لم يعرف من اللغة العربية حتى مؤخرتها وهو يحاضر في الفقه وشرح القرآن وهو لا يعرف لماذا ابتدأت كل سورة في القرآن بالباء وليس بأي حرف آخر، فحتى سورة التوبة التي خلت من البسملة فإنها بدأت بباء "براءة"؟ وكيف يوحي الله  بـ "حم عسق"؟ والف وألف من الأسئلة... لقد نجح اليهود في شيء فشل فيه المسلمون، ذلك لأنهم لم يجيزوا أن يكون الشخص يهودياً ما لم يفهم التوراة بلغتها الأصلية فيتعلم اليهودي، من أم يهودية وأينما كان، اللغة العبرية حتى يفهم كلام الله الذي خص به موسى (ص).. فكم من المسلمين الذي تجاوزا ألف ألف ألف يعرف العربية؟ وكيف يكون إسلامهم والحالة هذه ذا قيمة دون معرفة صادقة وحس بالقرآن؟ فالإسلام ليس سجوداً عن جهل ذلك لأنه لو كان كذلك فإن الدواب تكون أكثر إسلاماً من البشر لأنها ساجدة كل حياتها فرؤوسها في الأرض "إن نشأ ننزل عليهم من السماء اية فظلت أعناقهم لها خاضعين".
ولا يظنن أحد أني أمنع على إنسان أن يختار فمن أراد أن يعتنق الإسلام من غير العرب فلست من يرده، لكني أقول انه ليس مكلفاً بذلك.. أما إذا أرد أن يعتنق الإسلام فعليه أن يستعرب كي يقبل عليه... وبعد ذلك له ما على العرب وعليه ما عليهم في أمر الدين..
فما الذي فعله رسول الرحمة (ص) في الدعوة لغير العرب، وهل حدث هذا؟ هذا ما سأحاول البحث فيه في الحلقة القادمة.
وللحديث صلة...
عبد الحق العاني
5  كانون الأول  2013
ملاحظة: وصلتني طلبات من عدد من الأخوة للحلقات السابقة وحيث إن كل حلقة تنشر موجودة على مدونتي لذا أرجو ممن فاتته حلقة أن يعود لمدوتني للإطلاع عليها، وهي:
www.haqalani.com
 

الوسوم (Tags)

الإسلام   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   دين حضارة
الإسلام دين حضارة وليس دين تخلف وجهل يريدون جر الأمة إليه
ريبال وحيد  
  0000-00-00 00:00:00   ذريعة للقتل
أصبح الاسلام ذريعه ومبرر لقتل الناس من اجل السلطه والسياسه وهو مالم يشرعه الله
فراس مهدي  
  0000-00-00 00:00:00   تكريم النفس
كرّم الإسلام النفس البشرية
نادية  
  0000-00-00 00:00:00   ليست من القرآن
اكثر العقوبات التي تتطبق الان باسم الاسلام غير مأخوذة من القران
نوال مسعود  
  0000-00-00 00:00:00   غابة
القاتل يقتل فقط من أجل أن لا يتحول المجتمع الاسلامي إلى غابه
عبد القادر  
  0000-00-00 00:00:00   الاثم
فرق الاسلام بين الاثم العام الذي يضر بالمجتمع والاثم الخاص الذي بين العبد وربه
أحمد خطيب  
  0000-00-00 00:00:00   رفض التعصب
رفض الإسلام التعصب بكافة أشكاله
ونس الصباغ  
  0000-00-00 00:00:00   اعداء الاسلام
اعداء الاسلام هم من يشوهون الدين باسم الاسلام
يسرا عمر  
  0000-00-00 00:00:00   تجار الدين
تجار الدين يبررون القتل لاسباب ومصالح خاصه والاسلام منهم بريئ
دلال  
  0000-00-00 00:00:00   بعد محاكمات
سمح الاسلام بعقوبة القتل للقاتل لأن النفس بالنفس ولكن من اختصاص جهات قضائيه وبعد محاكمات عادله
ورد جمعة  
  0000-00-00 00:00:00   دين محبه
الاسلام دين محبه وتسامح لا يحرض على القتل
لبنى بهلول  
  0000-00-00 00:00:00   الاسلام لا يخطئ
الاسلام لا يخطئ ولكن المسلمون من يخطئون
بشار زحلاوي  
  0000-00-00 00:00:00   دين الله
الاسلام كدين لم ولن يكون بأزمه فهاذا دين من عند الله
غازي الهنو  
  0000-00-00 00:00:00   عصر الجاهلية انها تعني قبل دين موسى ودين عيسى
دين موسى اتى بمعجزات وبراهين وعلم ابهر اليهود ودين عيسى اتى ايضا بمعجزات وبراهين ابهرت المسيحين يعني هم لم يكونوا في عصرالجاهلية لان الاسلام اتى اخر شيء ولم ياءت بمعجزات ولا براهين مااتى به هو فقط الرجال قوامون على النساء و زواج اربعة وماملكت ايمانكم النساء واضربوهن واهجروهن وووووووووووووو كل مايجعل الانسان قاس ومتغطرس نعم هل يوجد عندنا اي شيخ او داعية يتحلى باالوداعة والرزانة والفهم والعقل الدي يتمتع به اي قسيس او عالم من علماء اليهود من قديم الزمن اوالان اين هو من هو تراهم لاهيبة لهم ولا فقه ولاعلم ولاشيء مجرد قناع مزيف باسم الدين ليخدعوا به من يستمع لهم ===== واقتل وادبح لانك ستتزوج من حوريات الجنة هدا هو ماجعل الاسلام والمسلمين وحوش ولكن بهيئة البشر نعم نحن الان في عصر الجاهلية وليس من سبقناااااااااااا ياالله اني اعبدك واحبك واشهد انك واحد احد وانك لاترسل الاخيرا ولاتبعث الا رحمة فانتقم من القوم الظالمين نحن العرررررررب اجررررررب من الجررررررررب
صباح سورية  
  0000-00-00 00:00:00   عدم عروبة الاسلام
انی طالعت ما تفضلت به من الدراسة الجدیدة لازمات المسلمین و مدی ارتباطها باساس الاسلام و وجدت فیها الکثیر من مطالب تفید القاریء الا فی نظریة عروبة الاسلام فانه قد جاء عدة آیات فی القرآن الکریم یوءکد فیها : ( وما ارسلناک الا رحمة للعالمین) و (ارسلناک الا کافة للناس بشیرا و نذیرا) و موارد اخری ...کما جاء فی آیة اخری علة انزال القرآن باللغة العربیة و تقول فیها انا اذا نزلنا القرآن بلغة عیر عربی لما کان هذه العرب المتعصبین یومنون بک و لا یحتذون مسیر الاسلام و الخروج من الجاهلیة العمیاء النکراء التی کانو یعیشون فیه کما انه حذرهم من الرجوع الی الجاهلیة الکبری بعد رحیل الرسول ص فقال : افان مات او قتل انقلبتم علی اعقابکم و من ینقلب علی عقبیه فلن یضر الله شیئا
لسان الدین  
  0000-00-00 00:00:00   امة تقتل علماءها لا تستحق
الله لايمكن أن يعطينا عقولا ويعطينا شرائع مخالفة لها. الحَسَن ما حَسَّنه العقل، والقبيح ما قبَّحَه العقل. التجارة بالأديان هي التجارة الرابحة في المجتمعات التي يتنشر فيها الجهل ,,,,,ابن_رشد
سورى مغترب  
  0000-00-00 00:00:00   مقالك هدا سهم حارق وخارق للعرب العررررررررب
نحن امة اقرااء اقرااااء اقرااااء دون ان نفهم مانقراءء ممنوع ومحرم علينا ان نساءءءءءءءل او نطلب توضيحا وشرحا لما يجول في عقولنا احياناا يعني نحن بشر لا لا لا لانستطيع لاننا سوف نصبح بلحظة كفرة نحن قوم نعيش ونموت جهلاء بلهاء اقوياء العضلات وضعفاء في العقول نعم ونعم ونعم هكدا نحن المسلمين وللاسف =====الطاعة العمياء لولي الامر وعدم التفكير ====== هي عماد ديننا احترمكم ايها اليهود لانكم حافظتم على دينكم ولغتكم ووحدتكم واخجل من نفسي ومن عروبتي ومن ديني وسامحني الله على مااقول
صباح سورية  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz