دام برس:
ما يبعث على الحزن والأسى ، وما يجعلنا نملأ القلوب بالعتب على اخواننا العرب ، هو تقصيرهم واحجامهم عما يحصل لاخوتهم في سورية ، وما يتعرض له شعب سورية هذه الايام من قتل وخطف وتشريد .
نحن لا نرجو من الأشقاء العرب التدخل لمصلحة طرف ضد طرف أو دعم طرف دون طرف ، وإنما كنّا نتمنى تدخلهم كمصلحين ومقربين لوجهات النظر ، والوصول ـ على الاقل ـ إلى إيقاف نزيف الدم السوري الذي كنّا ندّخره لقضيةٍ أهم وأكبر، ألا وهي " قضية فلسطين ".
من المؤسف أننا أصبحنا نسمع بأسماء دول من كل حدب وصوب تنتقد ، وتندد ، وتدعو الى وقف العنف واحلال السلام ، في حين أن الاشقاء العرب لهم اهتماماتهم الاخرى ...
أقول للأشقاء العرب : هل سمعتم بدولة اسمها "سانتا لوسيا "؟ وهل سمعتم بإسم وزير خارجيتيها "الفا بابتسيتي" الذي اعتبر أن ما يجري في سورية هو خلل في الشرق الأوسط ، وهذا يؤثر في العالم أجمع ، ولا بدّ من العمل على إرساء السلام ، ووقف العنف في سورية . (وللعلم سانتا لوسيا هي دولة جزيرة في شرق البحر الكاريبي ، على حدوده مع المحيط الاطلسي ، ونالت استقلالها عام 1979) .
اقول للأشقاء العرب : إنّ المحنة التي يعيشها الشعب في سورية هي درسٌ لكل العرب ، وربما لا ينجو منها أحدٌ قطّ ، لأنكم تعلمون ـ قبل أن نعلمكم ـ أنّ مخططات تحاك للعرب منذ فجر التاريخ ، وصولاً إلى الفوضى الخلّاقة التي بشّرت بها (غونداليزا رايس) من أجل خدمة الكيان الصيهوني ومخططات الامبريالية الأمريكية على حساب شعوبنا العربية والتي من ضمنها تفتيت اللحمة الوطنية في كل بلد ، وتخريب النسيج الاجتماعي المتماسك وإنهائه .
وأعتقد أن هذا المخطط قديماً وحديثاً لن يستثني قُطراً من أقطار الوطن العربي ، ومحنة الشعب السوري ، وقبله الشعب الفلسطيني تتطلب أن نتكاتف ونقف صفّاً واحداً لإفشال مخططات الغرب وامريكا التي ما تزال مستمرة وستستمر بعد تجاوز الأحداث في سورية انسجاماً مع مقولة أحد المسؤولين في البنتاغون (إننا في طريقنا لإخراج سبع دول خلال خمس سنوات : العراق وسورية ولبنان وليبيا والصومال والسودان ثم ايران ).
هذه الأقوال وغيرها تؤكد أننا تحت ضغط مخطط يُجهز علينا يوماً بعد يوم ليتمكن الأعداء من ثرواتنا وأخلاقنا وقيمنا ووحدتنا .
إن الغرب وأمريكا واسرائيل يرمون الى بناء حضاراتهم على حساب تحطيم العالم وخرابه ، وخاصةً العالم العربي ، فلا نستطيع نسيان ما قاله وزير خارجية انكلترا في الستينات "إيدن" حين قال : (بناء حضارتنا لا يتم إلّا في صناعة عالم متحارب ) .
ما أسهل ايجاد هذه الحرب والقطيعة في بلداننا ، وبين دولنا، ونظام الأحلاف يدخل في اطار هذه الحرب التي دعا إليها "إيدن".
أيّها الأشقاء العرب : إنّ وقوفكم مع الشعب السوري هو أهم من مؤتمر جنيف ، وإنّ دعم أيّ جهد لايقاف العنف ونزيف الدم باخلاص هو أول خطوة لنجاح أيّ عمل يقود إلى الاستقرار ، ألم يقل ربكم في كتابه الكريم (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر )؟ .
الشعب السوري لا يريد منكم إلّا أن تعملوا بمضمون هذه الآية الكريمة في إبعاد خطر المنكر الذي جاء به الأعداء وإغراق هذا الشعب بمعروف محبتكم فقط .
أيّها الأشقاء العرب : إن سورية لم تتخلى عن عروبتها يوماً ، وإن الشعب السوري لم يكن إلّا الحاضن للاشقاء العرب والجامع لكل العرب .
ألا تستحقّ سورية منكم التفاتة صدق ؟ .
ألا يستحقّ الشعب السوري منكم ردّ الجميل ؟ .
إنْ فقدْنا الأمل بالعرب كأنظمة سياسية فإن أملنا كبير جداً بالشعوب العربية العظيمة .