دام برس:
في زيارتي الأخيرة إلى بيروت دعاني أحد الزملاء الإعلاميين إلى استعادة بعض الذكريات في مشرب أوتيل عريق ( لن أذكر اسمه حتى لايعد إعلاناً ) عهدته بيروت يعج بالصحفيين من كل الدنيا خاصة عندما تكون الملمات بين دمشق والقدس والقاهرة، فبيروت طالما كانت الأقرب، ربما لأنها الأقل تعقيداً أمام حركة الصحفيين .
في خضم حوارنا أنا وصديقي البيروتي، والذي كان طبعاً في إطار الحدث الأبرز المتمثل باحتمال اندفاع الرئيس الأمريكي لتوجيه ضربة إلى دمشق، وما قد تتطور اليه تلك الخطوة على الرغم من المحاولات المتواصلة أمريكيا لإعطاء هذا الاعتداء صورة إجرائية لا تستحق الرد، كان رأي صديقي أن أمريكا دخلت "بجنون" في زاوية محرجة وغالباً ستندفع بإتجاه التصعيد ولو أدى ذلك الى حرب، لأن أمريكا لم تع بعد أن سوريا ومن خلفها ايران وحزب الله سترد الضربة وتحول الصراع الى حرب واسعة.
فيما رأيت أنه لايمكن أن تبدأ واشنطن في المنطقة حربا لاتحتملها اسرائيل مهما كان الموقف الأخلاقي والحالة النفسية لرجل البيت الأبيض، وبما ان اسرائيل ليست في حالة مناسبة لحرب مع حلف محور المقاومة اليوم، فان اي حرب لن تندلع إلا إذا بدأتها دمشق، ودمشق لم تأذن بعد.
وبينما نحن في هذا السجال، قاطعنا الساقي العجوز بالقول: " ليك ... طمّن بالك مافي حرب ... " ، سأله صديقي " وأنت شو عرفك" .. قال العجوز :" تعودنا بهالمطرح من زمان كل مابدو يصير شي كبير بيتملى صحفيين شي من أوروبا وشي من أمريكا ومن كل محل، ومتل ما شايفين هلأ مافي غير أنتو وكم واحد ..، صدقني مافي حرب ..."...!!
وجهة نظر مختلفة ومعيار غريب للتحليل السياسي، لكن من زاوية ما في المنطق الاعتيادي هي نظرية صحيحة، غير أن مايدور من أحداث في العالم منذ عامين ونصف تقريباً هو أبعد مايكون عن المنطق الاعتيادي .. ولا أزال أرى سواء أمتلأت أوتيلات بيروت بالصحفيين أو لم تمتلئ، لازلت أعتقد أن حرباً لاتحتملها اسرائل لن تقوم.
وانه مهما ضاقت الزوايا على الرئيس الأمريكي، فان سياسة ما، أو ربما إعلام ما، يمكنه إعادة رسم المعادلة بزاوية أقل حدة من أن تطبق على رقبة اسرائيل في لحظة كبرياء غير مدرج في تاريخ السياسة الأمريكية.
بيروت – 25/8/2013
اياد ابراهيم