دام برس:
نعود الى الأسئلة الكثيرة التي تراود كل منا, هل تتناسب سياسة رفع الدعم مع نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي الذي تتبناه الحكومة, مع الإشارة الى عدم وجود حزمة أمان اجتماعي متكاملة قادرة على امتصاص الآثار السلبية لرفع الدعم؟
أم أنه جزء من سياسة إصلاحية ستعمل على تغيير الاقتصاد السوري نحو الأفضل؟ فإذا كان ما تتخذه الحكومة من إجراءات هو للتحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي كما تدعي, هنا يتساءل المستهلك: بأي معيار يمكن قياس التطورات الحاصلة حتى نتبين هل نحن نسير باتجاه جانب السوق أم الجانب الاجتماعي؟
- باستخدام معايير السوق:
تمكين القطاع الخاص في قطاعات كانت حكراً للدولة (مصارف – تأمين...), تحرير التجارة الخارجية, تحرير الأسعار, تشجيع الاستثمارات الخاصة, تخفيض العبء الضريبي...
- باستخدام معايير الجانب الاجتماعي: هي المعايير التي تعزز دور الدولة بأدوات متنوعة مثل تعزيز الإنفاق الحكومي وضبط الأسعار وربطها بالأجور ومكافحة البطالة... بقياس الإصلاحات التي تمت حتى اليوم وفق المعايير المذكورة نجد أن غالبيتها تمت لمصلحة السوق على حساب البعد الاجتماعي, حيث يبدو من خلال ما نلمسه على أرض الواقع من توسع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية, وتحول الجزء الأكبر من الطبقة الوسطى نحو الطبقة الأدنى, مع ازدياد ثراء الطبقة الغنية على حساب القسم الأكبر من باقي فئات الشعب, أن الحكومة تتجه نحو
اقتصاد السوق الحر, وكل ما تصرح به من خطابات حول التحول الى اقتصاد السوق الاجتماعي هو إما جهل منها بتعريف السوق الاجتماعي, وهذا موضع شك في ظل وجود اقتصاديين مخضرمين فيها, أو أنه للاستهلاك المحلي وتخدير الشعب بالوعود والأمنيات المستقبلية لتمرير نصيحة صندوق النقد والبنك الدوليين, وهو الاحتمال الأرجح. الواجبات المستجدة للحكومة تجاه المستهلكين:
ما زال الفريق الاقتصادي في الحكومة (الدكتور قدري وسابقه) مصراً على أن اقتصادنا واعد وابيض واقوى اقتصاد في المنطقة وما شابه ذلك , وأن بلادنا هي الأقل مديونية بين دول المعمورة, وأن نسبة النمو ترتفع بشكل "مضطرد", وأن العجز في الميزان التجاري ينخفض, وأن الاستثمارات تتساقط علينا كالأمطار في الساحل السوري, لكن أحداً منهم لم يفسّر لنا حتى الآن: لماذا لم تنعكس كل هذه
"الإنجازات" إيجاباً على أوضاعنا المعيشية التي ما زال مؤشرها يتجه هبوطاً ولا ندري إلى أين سيصل؟!. على كل حال, إذا كانت الحكومة قد بدأت برسم الملامح الاقتصادية في سوريا وفق ذهنية القطاع الخاص, فإن رسم الملامح.
عبد الرحمن تيشوري
شهادة عليا بالادارة
شهادة عليا بالعلاقات الاقتصادية الدولية