Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 21:35:50
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الإغاثة في سورية عمل دؤوب لا يخلو من المنغصات .. بقلم: علاء أوسي

دام برس:
دموع تلك الأم النازحة مع طفلها تلخص الواقع الذي تعيشه سورية منذ أشهر طويلة، حيث انعدمت أبسط مقومات الحياة الإنسانية في العديد من المناطق، وصاحبها حالة من العوز المعيشي والصحي لآلاف السوريين، فمع تصاعد حدة الصراع المسلح واتساع جغرافيته تزداد الأوضاع الإنسانية سوءاً وترتفع أعداد النازحين داخل وخارج حدود سورية، بما لا يتناسب مع إمكانية تأمين كافة متطلباتهم المعيشية والصحية، في وقت يقول فيه مراقبون إن أطرافا خارجية تريد للوضع الإنساني أن يبقى مأساوياً في سورية لأن المأساة جزء من لزوم حرب ساحتها سورية.
الآلاف هربوا من بيوتهم لا يحملون إلا ذكريات وآلام وآمال بالعودة إليها في يوم ما، متجهين إلى أي بقعة آمنة.. والمحظوظ منهم تمكن من إيجاد مكان له ضمن أحد مراكز الإيواء التي أنشأتها الحكومة، وتبذل فيها ما بوسعها لإغاثة المهجرين وتوفر لهم الحاجات الأساسيةَ كالمسكن والغذاء وحتى التعليم، بالمقابل نشطت الكثير من الجمعيات والهيئات في مجال الإغاثة استجابة للتحديات التي خلقتها المرحلة الحالية، وقد تخطت بعض مراكز الإيواء عملية الإغاثة إلى مرحلة البرامج التنموية، عبر تقديم مبادرات ترفيهية وتعليمية، إضافة للدعم النفسي والاجتماعي.
ألم المعاناة
مراكز كثيرة انتشرت على مساحة البلاد، أمست جدرانها تحتفظ بالكثير من قصص المعاناة المؤلمة لمن تجرع من مرارة هذه المحنة السوداء التي تعصف بالبلاد، ولكن يبقى الأطفال الوجه الأبرز لبؤس الأزمة لعيشهم عنفاً سيحيى معهم في المستقبل.
فرنا «25عاماً» تمكنت من الهرب من ريف دمشق تاركة والدتها المريضة وأخوتها؛ حاملة غصة في القلب ودمعة لم تتمكن من كتمانها، حالها كحال الكثيرين ممن غادروا بيتوتهم رافضين مغادرة بلادهم إلى دول الجوار مفضلين جحيم وطنهم على جنة مخيمات اللجوء، على الرغم من نزوح بعضهم مرات عديدة حيث يدركهم العنف في كل مرة يفرون منها.
جهود.. ولكن:
شباب سوري تطوع للعمل في مراكز الإيواء لتأمين احتياجات أطفال ونساء ورجال يعيشون فيها بعد أن تهدمت بيوتهم بسبب الحرب التي تدور رحاها منذ خمسة وعشرين شهراً في خطوة يسعون من خلالها التخفيف من الصدمة الموجعة التي ألمت ببلادنا، وللوقوف حول واقع العمل الإغاثي في سورية التقينا السيد أحمد خضر منسق العمليات في مراكز الإيواء بدمشق في الأمانة السورية للتنمية والذي بيّن أن الصعوبات التي تعترض العمل الإغاثي حالياً هي نتيجة الأوضاع الغير مستقرة، والتي ولدت صعوبات في التنقل وتأمين المواد والمستلزمات.
وعن الوضع ضمن مراكز الإيواء قال الخضر: «إنه نسيج من كافة شرائح المجتمع، وكون المجتمع السوي غير معتاد على هذه الظروف فقد ظهرت الكثير من العقبات كصعوبة التأقلم والتعامل، إضافة إلى وضع أكثر من أسرة ضمن الغرفة الواحدة الأمر الذي تجاوزناه بتقسيم الغرف»، وأضاف: «كما أننا وضعنا مسؤولأً ضمن كل مركز من الموجودين ضمنه «المختار» بحيث يعمل على حل المشاكل الموجودة وتلافي الخلافات الناتجة»، وأشار إلى وجود مشاكل سواء نفسية واجتماعية ولهذا «ننفذ برامج ومبادرات بالتزامن مع العمل الإغاثي وذلك للدعم النفسي، كما نقوم بالتشبيك مع الجهات الصحية لمتابة الوضع الصحي للنازحين».
كما لفت الخضر إلى اتفاق الأمانة السورية مع محافظة دمشق بحيث تقدم المحافظة الدعم المالي واللوجستي، وبالمقابل تقوم الأمانة بالإشراف على جميع مراكز الإيواء وأكد على أهمية هذا العمل التشاركي للوقوف على تلبية متطلبات الأسر المتضررة داخل المراكز وتزويد الموجودين بمهارات تعليمية، والعمل على زيادة المهارات عند الأطفال وإدماجهم وتقديم الدعم النفسي لهم إضافة إلى محور التمكين الاقتصادي، وذلك كله بهدف تشجيع الفرد أن يعتمد على ذاته ويكون فاعلاً، وكان آخر هذه المبادرات «الياسمين الدمشقي»، ولفت إلى أن مبدأ عمل الأمانة يعتمد على فكرة التمكين، وقاموا بتمكين مجموعة كبيرة من الشباب-ات للعمل ضمن المراكز وإدارتها.
ومن جهة أخرى ثمّن الخضر على الجهود المبذولة من قبل المسؤولون في محافظة دمشق الذين يبدون تعاوناً كبيراً، وبين أن أعداد مراكز الإيواء الموجودة في دمشق والتي تشرف عليها الأمانة هي 23 مركزاً إضافة إلى مركزين يتبعان للاتحاد النسائي وعدد من المراكز بإشراف وزارة الأوقاف، وفيما يتعلق بأعداد الاجئين فأشار منسق العمليات في مراكز الإيواء بدمشق أن عددهم 9000 ضمن المراكز التي تشرف عليها الأمانة.
يُشار إلى أن (الأمانة السورية للتنمية)، تعمل في سورية على دعم واحتضان المبادرات المجتمعية، وتشجيع المواطنة الفعالة وريادة الأعمال وثقافة التطوع، وبناء القدرات والمعرفة وتشاركها، وتعزيز الشراكات مع منظمات المجتمع المدني والأفراد لمناصرة القضايا التنموية.
الإنسان الضائع:
مازال العمل المقدم وعلى أهميته ينتظر مزيداً من التشبيك والتعاون بين كافة الجهات المعنية من مجتمع مدني ومؤسسات حكومية وقطاع خاص لتفعيل دوره بشكلٍ أفضل، خاصة مع وجود العديد من المشاكل ضمن المراكز فالاختصاصية النفسية السيدة رشا طيري أشارت إلى أن وضع المراكز مأساوي من الناحية الإنسانية بسبب تواجد أعداد كبيرة من الناس في أماكن غير مجهزة بالقدر الكافي لاستضافتهم من ناحية القدرة على استخدام الحمامات والمطابخ إضافة لقلة كمية المواد الإغاثية المقدمة، فهم لا يزالون بحاجة لكمية أكبر من الأكل والملابس ومواد النظافة والأدوية، كما يلزمهم التوعية الصحية والتربوية، وينقصهم الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية، والمساعدة على التأقلم مع الأوضاع الحالية وتمكينهم من العيش «بسلام» مع الآخرين والترفيه عنهم.
من ناحية أخرى تفتقر المراكز لأماكن مناسبة لتنفيذ أكثر من نشاط مع الأشخاص المقيمن فيها، منوهة أن أغلب النشاطات موجهة للنساء والأطفال وليس للرجال.
وعن الوضع النفسي للموجودين ضمن مراكز الإيواء قالت السيدة طيري: «تظهر لدى النازحين من الناحية النفسية مشاعر الفقدان والحزن والتوتر والقلق والكآبة والخوف والتمييز فيما بينهم والضياع والحنين والفراغ، منهم من يحتاج للمساعدة بشكل فردي على تجاوز أزمته النفسية، وآخرون يلزمهم أن يتعلموا كيف يتعاملون مع الصدمة التي تعرض لها أحد المقربين له، أو لتجاوز الآثار النفسية الناجمة عن النزوح».
ومن الناحية الاجتماعية قالت: «هم يعانون من تواجد مفاجئ لأشخاص غريبين عنهم من حولهم، مما يخلق لديهم صعوبة التعايش مع تقاليد وعادات مختلفة عنهم، فهم بحاجة أن يربوا أولادهم دون تدخل الغرباء بعملية التربية، إضافة لحاجتهم للخصوصية أكثر».
كما أكدت أن الأطفال يعانون من ضيق المساحات ومن الملل وهدر الوقت، -وبعض الأحيان- من عدم الحصول على الدراسة أو الاستمرار بها ونقص المرح.
ونوهت أن الخطوات المقدمة حالياً في العمل الإغاثي تعين النازحين على تلبية بعض الاحتياجات والتعامل مع المشاعر الحالية، وهي تقدم جزء من الدعم النفسي الاجتماعي، ولكنها غير كافية للتفريغ والعلاج من الأزمات النفسية، والخدمات الموجهة للأطفال هي في حدودها الدنيا وغير كافية لاستثمار كامل وقتهم، وتعويض ما ينقصهم فيما يخص الدراسة.

أما الخطوات الواجبة لإعادة تفعيل دور النازحين في المجتمع:
- على الصعيد الحالي: معالجة آثار الصدمة لدى النازحين بأكثر من وسيلة، كتفعيل حس المسؤولية والتعاون عندهم، وإشراك القادرين منهم في إدارة المراكز المتواجدين فيها، إضافة لإشراكهم في أعمال مأجورة -حسب قدراتهم-، والعمل على التوعية ونشر الثقافة على أكثر من صعيد، والسعي لتمكنيهم من اكتساب مهارات حياتية ومهنية، مع ضرورة العمل مع اليافعين لزيادة ثقتهم بمقدراتهم والاستفادة منها.
- على الصعيد المستقبلي: العمل على نشر ثقافة بناء السلام بين المجتمعات، وإشراك العائدين في إعادة البناء، مع التأكيد على تقديم الدعم النفسي الاجتماعي من قبل الجمعيات القادرة للعائدين، مع المحافظة على تقديم المساعدات من أكل ومواد النظافة والأدوات الأساسية وغيره حتى بعد عودتهم أو استقرارهم في أماكن سكن جديدة لمدة كافية ريثما يستطيعوا الانطلاق من جديد.

وعن احتياجات العمل الإغاثي لفتت الاختصاصية النفسية السيدة رشا طيري إلى تنسيق تعاون الجمعيات والمنظمات، وتدريب مدراء المراكز على التعامل مع النازحين واستقبالهم، إضافة إلى تدريبات على التعامل مع الأوضاع الكارثية المحتملة مستقبلاً، وضرورة توفير الدعم النفسي الاجتماعي والقانوني لأكبر عدد ممكن من الحالات.

لغة الأرقام
لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد النازحين السوريين لكنه بلغ بحسب تقارير أممية نحو أربعة ملايين نازح داخل الأراضي السورية، إضافة إلى نحو مليون و200 ألف لاجىء في الدول المجاورة في كل من الاردن ولبنان وتركيا والعراق، حسب المفوضة العليا للاجئين.
وهو رقم يفوق كل التوقعات وقد يكون الرقم الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، حيث أن الأوضاع الانسانية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، ومن كان لديه حفنة من ليرات بدأت تنفذ، والكثير من الناس باعوا أراضيهم وأملاكهم بأبخس الأسعار بغية توفير بعض المال للنفقات اليومية، تقول ام فراس «لقد نفذت كل مدخراتنا فقد صرفناها شيئاً فشيئاً، حتى بدأنا ببيع المصاغ والأملاك، ولكن الأحوال الآن تدهورت إلى أسوأ الدرجات فقد بدأنا نستدين، ولكن الجميع يعاني مما نعانيه من تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية»، وتساآلت أم فراس: «أترانا نبيع منزلنا حيث ينتظر هذه الفرصة الكثير من الانتهازيون وتجار الأزمات، وأين سنذهب عندها أترانا نصبح نازحين أم لاجئين؟!».

 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   تعويضات
عاى الحكومة السورية ان تعطي جثث المقاتلين العرب لبلادهم بمقابل بيت جديد لعائلو سورية عن كل ميت. ايضا على الحكومة ايواء المهجرين السوريين في قصور امير قطر بيعفور والهضبة المطلة على يعفور والتي بنى عليها ال قطريون مجمع كامل بموفقة الاسد
شامي  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz