دام برس:
كما هو محفور في أعماق الأرض ومنقوش في ذاكرة السماء , ما يتنفسه الشجر ولا ينساه الحجر و يعرفه كل من لا يعترف به من المدعيين أنهم بشر بامتلاكهم عيون لا تقشع وآذان لا تسمع وألسنة لا تنطق وعقول مغيبة وقلوب متحجرة
كما لا يخفى على أحد أنّ عَلَم من يدعون أنفسهم ثواراً هو ذاته علم الانتداب الفرنسي بلونه الأخضر اليائس , من قبيل المصادفة كما يصر على القول الأغبياء الذين يظنون أن العلم خرقة بألوان سوداء وبيضاء وحمراء أو خضراء
وما يعرفه السوريون وما لا يفهمه إلّا السوريون هو أنّ العَلَم رمز تهون من أجل بقائه مرفرفاً شامخاً كل التضحيات بدءاً باليد التي تحمي إلى العينين التي تحرس إلى اللسان الذي يدافع و انتهاءاً بالروح التي تنبض بعشقه
وما أثبته السوريون أنّ ذلك اللون الأخضر العقيم لم يتحوّل إلى لونه الأحمر القاني بدهان أو ألوان مائية أو أي شكل من أشكال الأصبغة الطبيعية أو الصناعية
هو صار بلونه الأحمر بدماء الآلاف من الشهداء من أبناء الوطن أثناء الثورات السورية العظيمة المباركة من ثورة إبراهيم هنانو إلى ثورة الشيخ صالح العلي إلى ثورة سلطان باشا الأطرش التي لم تهدأ إلا بعد ارتواء تراب الوطن بالدماء الطاهرة
فانهزم اللون المكفهر أمام لون الدم الأحمر واقتلعت عين فرنسا ونجمتها المحمرة ليعود لعيني الوطن صفاء لونهما بنجمتيه الخضراوين بعد انقشاع ما عانتاه وتوقف ما ذرفتاه على من ضحّوا بأنفسهم ليمنعوا استلاب خيرات الوطن تحت مسمى الانتداب والذي تسعى فرنسا لإعادته من خلال من تدعي أنهم يسعون للإصلاح أو للحرية أو للديمقراطية أولئك المباركون من كل الأشكال والأنماط الاستعمارية العسكرية والاقتصادية والثقافية مستفيدين من فساد البعض ومستغلين موجة الربيع ومرتدين عباءة الدين ومنتحلين صفة الإنسانية
ولأنّه الشعب السوري الذي لم ولن يستسلم أبداً بدأت أقنعتهم بالسقوط القناع تلو الآخر فسقطت المطالب الإصلاحية وسقطت العباءة الدينية وسقطت الصفة الإنسانية فكشرت الكلاب عن أنيابها والذئاب عن أطماعها والثعالب عن ألعابها وتكشّف أنّ ما تريده هو اسقاط الوطن وليس اسقاط النظام فحسب
ولأن أتباع الباطل دمائهم خضراء أو زرقاء و رجال الحق دمائهم حمراء . . .
فقد أصر أتباع الباطل على فرض علمهم الأخضر
وانبرى رجال الحق لحماية علمهم الأحمر وسقط منهم الشهداء
ولأن الدم الأحمر هو الأنقى ولأن الدم الأحمر هو الأذكى ولأن الدم الأحمر هو الأقوى
فقد صمد العلم , صمد بتضحيات شهداء الميدان والقلم و المحراب
فما لم يفهمه ولم ولن يأخذه بحسبانهم الأعداء هو أن كل قطرة دم شهيدٍ تنزف على أرض الوطن هي تثبيت للون الدم الطاهر الأحمر وكلما زادت همجيتهم وكلما زاد قتلهم وكلما زادت وحشيتهم سيزداد صمود العلم
فعلمٌ يزاد سواده حزناً بحزن أبنائه ويزاد بياضه اشراقاً بفرح أبنائه ويزاد احمراره رسوخاً بتضحيات أبنائه هو علم باقٍ أبداً لن يهزمه اللصوص ولا الخونة ولا المتآمرين
وأيّاً كان من يدعمهم فلن يكون لنا إلّا هو بعينيه الخضراوين اللتان ننظر من خلالهما بأمل إلى المستقبل
عاشت سوريا وعاش العلم . . .
م فواز بدّور