Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 28 آذار 2024   الساعة 20:42:38
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
محور الممانعة انتصار الاستراتيجيا على التكتيك .. بقلم طاهر محي الدين

دام برس :

" حياكة السجاد والصبر الاستراتيجي والذراع الضاربة " من إيران إلى سورية فحزب الله ، محور ينتصر بالاستراتيجيا ، ويهزم تكتيكات الزمهرير العربي.

عندما سئل مرة الرئيس الراحل حافظ الأسد :

لماذا تحالفت مع إيران ضد صدام حسين في الحرب الإيرانية العراقية ؟؟؟

فأجاب: " فقط للتاريخ سيأتي اليوم الذي يدافع عنك هذا الإيراني في الوقت الذي يكون فيه العرب يغمدون خناجرهم في صدور السوريين ".

أنه خيارٌ تاريخي لقائد فذ أركع العالم ، فما هو تاريخ العلاقة السورية الإيرانية ؟؟ وكيف تطورت ؟ وكيف هي في يومنا هذا ؟ وقد صدقت رؤية القائد الراحل حافظ الأسد  أتى ذلك اليوم الذي تكالبت فيه على سوريا كل العربان وأغمدوا سيوفهم ورماحهم وخناجر غدرهم في صدور السوريين ؟؟

فما هي طبيعة العلاقات الإيرانية بالعرب وسوريا تاريخياً ؟؟

يمكن تقسيم علاقة إيران بالعرب إلى حقبتين تاريخيتين ، الأولى في عهد شاهنشاه إيران محمد رضا بهلوي ، والثانية بعد الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني.

ففي عهد الشاه كانت العلاقات العربية الإيرانية يسودها نوع من التوتر ولكن ليس بإجماع الدول العربية كلها , فالأثر السلبي الذي تركه توجه شاه إيران في معاداة القضايا العربية، ولا سيما عندما جعل من إيران موقعا متقدماً للمشروع الأمريكي الصهيوني ، في الوقت الذي كانت فيه فلسطين ترزح تحت الاحتلال الإسرائيلي وممارساته القمعية ، كان له الدور الأبرز في سوء العلاقات العربية الإيرانية وخصوصاً مع تلك الدول التي تحمل شعارات القومية العربية ، والتي تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية وعلى رأسها سوريا ومصر والجزائر ، في حين أن كانت العلاقات بين دول الخليج العربي جيدة جداً مع نظام الشاه ، تارةً بسبب تماثل الأهداف وتارةً تحت وطئة القوة والخوف ، حتى اشتهر وقتها شاهنشاه إيران بلقب شرطي الخليج ، الذي تخاف منه كل حكام دول الخليج العربي بأنظمته الإمبريالية منذ نشأتها.

فماذا عن طبيعة وتاريخ العلاقة الإيرانية السورية؟؟

إن أهم النقاط التي أسست العلاقة بين الدولة السورية والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي بشكل ثابت رفض الخنوع والتبعية والخضوع للقرار الصهيوأمريكي ، والسيادة والاستقلال ، والأهم من ذلك هو الرؤية الواضحة للثورة الإيرانية تجاه القضية المركزية للعرب والمسلمين في فلسطين المحتلة ، ومعاداة الكيان الصهيوني...

ولكن ومنذ تلك الإيام لم يكن العرب جميعاً متفقين حول عداوة الكيان السرطاني ، فمصر غارقة بكامب ديفيد ، وأنظمة الخليج أتت أصلاً بل وأُنتجت برعاية بريطانية أمريكية صهيونية ، الأمر الذي جعل هذه العلاقة هدفاً لمحاربته من قبل تلك الأنظمة التي يرتبط وجودها بعمالتها وعبوديتها لسيدها الصهيوأمريكي ، كما إن تخوف تلك الأنظمة الإمبريالية من أن تصدر الثورة إليها وتسقط عروشها دعاها لحربها في بدايتها للقضاء عليها ، واستخدم النظام العراقي لتدمير الجمهورية الإسلامية وأغرق في الحرب لسنوات لإنهاك الدولتين وكان الرئيس الخالد حافظ الأسد يرى ذلك جيداً فاختار الوقوف لجانب إيران لمنع سقوطها ، كقوة صلبة ضاربة ضد الكيان الصهيوني والتمدد الأمريكي في المنطقة.

ولكن الحكمة البالغة للقيادتين السورية والإيرانية استطاعت الإبقاء على مسافة بينها الأمر الذي كانت نتيجته أن ربحت سورية بموجب هذه الاستقلالية ، ولم تخسر إيران لأن المصالح الاستراتيجية لكلتا الدولتين بقيت مصانة.

وهذه العلاقة الخاصة والقوية والاستراتيجية لم تبعد سورية عن عمقها العربي ، وإيمانها بضرورة وحدة العرب وقوتهم ، انطلاقاً من مبادئ ومنطلقات حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان تحكم فكر الرئيس الراحل حافظ الأسد ، و الذي قاد الدولة السورية فيه وكان الأساس في تنظيم علاقات سورية الداخلية والخارجية.

مما سبق نستطيع أن نعزي سبب قوة العلاقات السورية الإيرانية إلى موضوعية وشرعية الأسس التي تقوم عليها هذه العلاقات كونها تستجيب لتطلعات الشعوب في التخلص من الاحتلال وفي مسعاها لتحقيق حريتها واستقلالها ، كما أنها تأتي لترميم وتعويض حالة الضعف في المشروع العربي وتشتته الذي ظهر بشكل مكشوف في السنوات الأخيرة ، تهافت العرب من فوق الطاولة وتحتها لإقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني والتآمر علناً على محور المقاومة و قضية فلسطين المركزية ، والتركيز على تضييع اتجاه البوصلة ، وتغيير قبلة العداء من تل أبيب إلى إيران ، كما أن أحد بل وأهم عوامل القوة لتلك العلاقة هي علاقتها المباشرة بدعم كل أنواع المقاومات الشريفة بالمنطقة وعلى رأسها حزب الله والحركات الجهادية في فلسطين المحتلة  واستعمالها كشوكة في حلق المشاريع العربية التأمرية الصهيونية.

          وقياساً على ما تقدم نستطيع التأكيد على عدم وجود رغبة لدى أي من الطرفين في الاستغناء عن هذه العلاقة ، لا سيما إذا ما أخذنا بالحسبان ميزة البراغماتية في سياساتهما وقدرتهما على صياغة علاقات جديدة مع الغرب أو غيره مع الحفاظ على علاقات قوية مع بعضهما ، بالتزامن مع استمرار لقاءات ومؤشرات التنسيق والتعاون الإقليمية الهادفة إلى تعزيز جبهة المقاومة على قاعدة عدم تقديم أي تنازلات أمام الضغوط الأمريكية والأوروبية والتهديدات الإسرائيلية.

وبناءً على كل المخاطر التي تعصف بالمنطقة والعالم فإنه يتوجب على كلا القيادتين أن لا تتخليا عن هذه العلاقة وهذا البنيان إن أرادتا أن تكونا القوة الإقليمية الأكبر في المنطقة في مواجهة مشروع الشرق الأوسط الكبير التي طرحته المأفونة السوداء كوندي ، كما أن تقوية حلفها وتعاونهما المشترك الممتد والمدعوم من قبل روسيا والصين ومجموعة بريكس ، يعد من أهم القرارات لمواجهة التحديات التي تفرضها العولمة في جانبها الاقتصادي والسياسي والعسكري ، والتي تحتاج مواجهتها تعاوناً عربياً وإسلامياً ودولياً.

فالمشروع الأمريكي الصهيوني لن يستثني أحد من العرب والمسلمين وأصحابه دائماً في حالة استنفار وعمل من أجل تفتيت البلدان العربية طائفياً ومذهبياً وعرقياً , وخلق بؤر توتر جديدة تستنزف طاقات الأمة وتخرب نسيجها الاجتماعي ، وكل ذلك من أجل السيطرة على النفط وتعزيز قدرات إسرائيل وتقويتها وصولاً لإنجاز المشروع الخاص بتهويد فلسطين العربية وتهجير سكانها العرب ، ونعتقد أن التعاون العربي الإيراني إذا ما تم على أسس واضحة سيحول دون تنفيذ هذا المشروع الرامي إلى تفتيت البلدان العربية وزيادة ضعفها.

وبالانتقال " للذراع الضاربة" في المحور " حزب الله " وطبيعة علاقته بسوريا وتطورها المستمر فإنه:

للحديث عن حزب الله والعلاقة بسوريا ، نبدأ من الأحداث الأخيرة في سوريا ونبدأ بما يقوله الصهاينة أنفسهم عن حزب الله وعن شراكته المباشرة في هزيمة مشروعهم الصهيو - أمريكي في سوريا والمنطقة.

قال انيومي يتسحاقي رئيس منظمة شوفار لنشر تعاليم الديانة اليهودية في "إسرائيل" وحول العالم في محاضرة ألقاها في هرتزيليا شمال تل أبيب شارحاً معنى احتلال حزب الله لمستوطنات في الجليل ودلالاته حسب الشريعة اليهودية:

" إذا كنا قد انبطحنا أرضاً خوفاً مدة خمسين يوماً جراء صواريخ غزة على الطرقات وعلى سلالم المباني ، إلا أن الأمر سيكون مغايراً عندما يبدأ الأمر مع حزب الله ، وأضاف إنه يوم الحساب يقبل إلينا ، فألف صاروخ يطلق علينا في اليوم الواحد هو أمرٌ مختلف ، و إن بدأ الأمر مع حزب الله فعلينا أن نعلم مسبقاً أنهم يتدربون في سورية للسيطرة على الجليل ، ويا ويلاه على الجليل ، ها هم ينتظرون لاحتلالك".

إن حجم الرعب الذي يعيشه سكان المستوطنات الشمالية المحاذية للجنوب اللبناني خاصةً وعموم سكان المستوطنات والمدن المحتلة الفلسطينية ، من مدى تأثير وجود حزب الله على الحياة العامة ، هذا غيّرَ انعكاس ذلك التأثير على الجوانب الإعلامية والسياسية ، إذ أصبح كل شيء يرتبط بانتصارات حزب الله موضع قلق للمجتمع الإسرائيلي ، وهو يدرك أن طبيعة الصراع مع حزب الله تمس وتشكل الخطر الأكبر والأول على مسألة بقاء  "إسرائيل" وقدرتها على الوجود.

يدرك الصهاينة أن الانتصارات التي يحققها حزب الله هي عملية تراكمية لا تحدث وفق ميكانيكية الفعل الآني ، ولكن عبر تراكم الخبرة والفعل، فمنذ نيسان 1994 وتحرير الجنوب 2000، إلى النصر العسكري والمخابراتي في حرب تموز 2006 ودور سوريا الذي أعلنه سماحة الأمين العام بنفسه وكيف أن الرئيس الأسد عرض مشاركة سوريا مباشرة في تلك الحرب المباركة ، وعن دور سوريا الأبرز في الدعم اللوجستي والتسليحي من صورايخ وغيرها ، وأخيراً مجموع الانتصارات التي حققها الحزب مع الجيش السوري في القصير والقلمون وشبعا والقنيطرة وريف درعا والسويداء ، وتزايد ترسانة حزب الله الصاروخية ولمساته وإمداداته الواضحة في غزة ، وخوضه لحروب المدن في سورية بجانب الجيش السوري بتناغم وتنسيق وعمليات نوعية جداً وبدقة عالية من كمائن ورصد ومتابعة ، كلها انتصارات تتوالى وبمعيارية مرتفعة في كل مرحلة ، وتثير الذعر في قلوب الإسرائيليين ، الذين يراقبون إمكانات حزب الله وقدراته العسكرية المتطورة.

كل هذا يأتيهم برسائل قوية وبلهجة حادة وصارمة وقاطعة في خطابات سماحة الأمين العام حسن نصر الله في أكثر من إطلالة ، مهدداً بتحرير الجليل وشمال الأراضي المحتلة في فلسطين ، والمستوطنون اليهود الصهاينة يدركون أن السيد نصر الله أصدق من كل قادتهم السياسين والعسكريين ، ويعلمون أن هذا الأمر سيم عاجلاً أم آجلاً وهذا ما يدفع أحد المستوطنين في إحدى المستوطنات المطلة على الجنوب اللبناني إلى القول:

" أرى من منزلي أعلام حزب الله ، ويافطات ورسوم كاريكاتورية ضخمة وأعلام فلسطين ولبنان ، وهذا يولد شعوراً يتجاوز ما كان سائداً ، لقد كنا بالأمس نرى مقاتلين نظاميين ، واليوم لا نرى هؤلاء المقاتلين إنما أشخاص وأعلام ورسوم كاريكاتورية ، وأشعر أنهم يطعنوننا في عقر دارنا ، لقد تعودنا على الخوف لكنه يتراكم , أنت لا تعلم ما الذي سيحصل ، فإذا كنت ترى سابقاً مقاتلين مع بنادقهم فأنت ترى الآن مدنيين  ولا تعلم بالضبط من هم! فالمجهول مخيف أكثر من المعلوم".

لقد عرف حزب الله بقيادة سماحة الأمين العام حسن نصر الله مكامن الحرب النفسية وأتقنها بقوة وبدقة عالية جداً ، وقد نجح فيها نجاحاً مبهراً ، لأنه يمارس فيها أعلى درجات الصدقية ، فزرع الرعب الحقيقي في قلوب الصهاينة من أعلى الهرم السياسي والعسكري إلى أدنى فرد في الكيان الصهيوني ، لأنه في كل مرة يهز فيها أصبعه مهدداً فالكل يدرك تماماً أن السيد جادٌ جداً فيما يقول وأنه سيفعل حتماً ما يقول والسيد حسن نصر الله سيد الحرب النفسية والعسكرية والسياسية يعلم تمام العلم أن الصهاينة - "صهاينة الداخل والخارج" - من العربان والغربان بأن خوفهم هو دينهم وديدنهم وأن حبهم للحياة كحبنا للشهادة ، لذلك أبلغهم أن ردنا في حال ارتكاب أية حماقة في سورية أو لبنان سيكون في الجليل ، وكذلك كان حال الرئيس الأسد عندما أسقط قواعد الاشتباك التي وضعها كسينجر أبان حرب تشرين ، وأعلن أن الحدود الجولان فتحت ولتكن حرباً شاملة إذا ما تورط الصهيوني والأمريكي بأية حماقة وإن تدخلَ الإسرائيلي مباشرة في الحرب على سورية.

أيها السوريون ، الأمريكي والصهيوني يدركان تماماً أنه لم يعد هناك أي مكان للحماقات في هذه الحرب على سورية ، لا بذريعة الإرهاب ولا بغيرها ، وأن العنتريات التي تمارسها أمريكا اليوم في سورية بحجة الحرب على الإرهاب ، لايمكن لها أن تتجاوز حدودها لأن:

  1. أمن الكيان الصهيوني اليوم أضعف من أي وقت مضى ، وأنه لو أتى الكيان الصهيوني بكل جبهة النصرة في الأرض لن يستطيع أن يوقف زحفنا إليه إذا ما جن بقية عاقليه هو أو الأمريكي.
  2. إن أي حماقة ستكون نتيجتها حرب كونية يستطيع الأمريكي والصهيوني بدايتها عبر أذنابهم العثماني والوهابي ولكنهم لن يستطيعوا تحديد نهايتها ، فالإمام القائد أخبرهم بأن دفاعنا المقدس في العراق وسورية يتصاعد ولن يوقفنا أحد ، وكذلك الرسائل الروسية وتواجدها أسطولها في البحر المتوسط في طرطوس يفهمه الأمريكي جيداً ، وأن ضرب أي هدف سوري عسكري أو اقتصادي " عن طريق الخطأ " ، سيكون رده أيضاً عن طريق نفس الخطأ بإسقاط الطائرات الأمريكية بصورايخ روسية.
  3. الأهم ما حدث مؤخراً في اليمن ، وانتصار أنصار الله الحوثيين فيها ودحرهم للوهابيين ذيل المشروع الصهيوأمريكي ، والخوف من تمدد النصر " الشيعي " في البحرين والمنطقة الشرقية الأغنى نفطياً بالعالم والتي تغذي العالم يومياً بالطاقة والنفط عبر الموانئ الموجودة فيها ، مما سيجعل ضفتي الخليج الفارسي ملكاً لأعداء أمريكا ، وانتصار الأسد المحتوم في سورية وحزب الله في لبنان سيجعل كل ممرات البحر الأحمر والخليج الفارسي مروراً بسلطنة عمان وشرق المتوسط ، بأيدي محور المقاومة من طهران إلى دمشق وحلفائهم ، حيث يدخل الروسي للمياه الدافئة ، ويجد الصيني موانئه على البحر المتوسط.

إن لم يعي التحالف الصهيوأمريكي وأذياله من أعراب المنطقة كل هذه المعطيات فإني أُحيلهم إلى التصريحين الأكثر أهمية على الإطلاق:

عندما قال الرئيس الأسد لهم في بداية الحرب على سورية: " إن أردتموها حرباً فأهلاً وسهلاً بالحرب ".

وعندما قال سيد المقاومة: " فليكن كل المقاتلين جاهزين إذا ما أعطي لهم الأمر لتحرير الجليل ".

وإن اللبيب من الإشارة يفهم ، إن كان فيهم بقية عقل أو بقية من عقلاء.

إن الأمريكي يدرك تماماً أن التعاون مع " عدو عاقل " في المنطقة المتمثل بمحور الممانعة ، هو الحل الأكثر أمنا والأفضل من التعامل مع " صديق جاهل " وهو نتن ياهو وأذياله من آل سعود ومشايخ الخليج والانجرار وراء جنونهم الذي سيقود لحرب طالما حاولت الإدارات الأمريكية تجنبها حتى أيام غطرسة بوش الابن الذي وصف إيران بـ " الجائزة الكبرى " ، والتي من أجل إسقاطها  وتحطيمها دمر العراق بتآمر مع مملكة الرمال وتمويلها ، وشن حربه في أفغانستان ، واستخدم القاعدة في أكبر مسرحية عالمية في برجي التجارة العالمية ، وشن الحرب الإسرائيلية على حزب الله في تموز المبارك ، ليكسر قوة المحور الممتد من طهران إلى دمشق فالضاحية الجنوبية وفشل فيها ، وأتت بعدها إدارة الديموقراطيين لتستكمل الهدف بحروب الجيل الرابع "The Proxy War  " بتطبيق نظرية " العماه " التي تعني بشكل مبسط حكم الفوضى وإداراتها ، والتي تؤدي إلى تدمير الدول ذاتياً وبدأت في تونس ثم في ليبيا لتصل إلى مصر عن طريق التلاعب بالوعي الجمعي للشعوب العربية عبر إعلام قطر والسعودية لتصل مرة أخرى إلى سوريا الهدف الأكبر والقلب النابض لمحور المقاومة والممانعة لكسر جدارن طهران واستخدم كل إرهاب العالم من أجل ذلك واستخدم أداته القديمة تنظيم القاعدة بكل مفرداته من النصرة وداعش التي أسقطت حدود سايكس بيكو ونشرت الفوضى والإرهاب في المنطقة واحتلت الموصل وديالى بخيانات موصوفة بأموال آل سعود التي اشترت الذمم  وبمساعدة المخابرات الطورانية وحققت هدفها المنشود كما اعتقدت وخططت لإشغال سوريا بحربها على الإرهاب مع حليفها حزب الله ولكن ما الذي حدث؟؟ وكيف انقلب السحر على الساحر؟؟!!

سحر إسقاط الحدود واشتراك الجبهات كان السلاح الأمضى الذي استخدمه محور المقاومة في مواجهة المشروع الصهيووهابي ، فأعلن السيد نصر الله معادلته الأشهر " سنكون حيث يجب أن نكون " ، فكان برجاله في سوريا وبدأ إسقاط المشروع من القصير ، إلى القلمون ، إلى القنيطرة وريف درعا ، وريف حلب ، وقبلها كسب ، كما كانت عمامة السيد هي الضامنة الجامعة في العراق لجماعة عصائب أهل الحق في العراق وقوات الحشد الشعبي برموزه الثلاثة الشيخ قيس الخزعلي قائد عصائب أهل الحق " حزب الله العراقي " والسيد هادي العامري قائد فيلق بدر ، والدور الكبير لإيران التي تفاوض على ملفها النووي منذ عشر سنوات كان بارزًا في العراق بتواجد أسطورة الحشد الشعبي العراقي الجنرال قاسم سليماني ، وكانت الرسائل الإيرانية كبيرة جداً لدعم مفاوضيها النوويين من جرف الصخر إلى أمير علي وتحرير أجزاء كبرى من الأراضي التي سيطرت عليها داعش في العراق بتغطية أمريكية ، كما كان موقفها الحاسم واستعدادها لنسف كل ملف التفاوض النووي بموقفها المعلن والقوي إبان عملية القنيطرة الغادرة وعملية الرد عليها من قبل حليفها حزب الله في مزارع شبعا ، واضطر الأمريكي للانكفاء وإعلانه قرار عدم انجراره للحرب خلف جنون الصهيوني نتن ياهو وقوله " إن ما حدث هو أمرٌ خطير ولكن لا يستدعي نشوب حرب " وصفع نتن ياهو بضربة قاسية ، وأخرج حينها حزبُ الله إسرائيلَ من معارك الإرهاب في القنيطرة والجولان وقلص حجم دعمها المباشر للنصرة في تلك الجبهة حيث تعتبر هذه الجبهة للنصرة الأهم والأخطر ورأس حربتها ،

فإسرائيل بدلاً من أن تكون رأس حربة المشروع الأمريكي في المنطقة أصبحت عبئاً عليه بعد هزائمها المتلاحقة من سوريا في لبنان وحليفها حزب الله منذ تفاهم نيسان 1994 الذي رسم أول معادلات توازن الردع ، مروراً من انسحابها منفردة من جنوب لبنان عام 2000 ومتبوعة بهزيمتها النكراء بحرب تموز المباركة 2006 ، وعملية مزارع شبعا التي أسقطت كل قواعد الاشتباك القديمة وأغرقت الكيان بمعادلات كسر الردع الجديدة مع الإشارة إلى هزائم الكيان الصهيوني في غزة ، كما هو حال كيان آل سعود الذي فشل بإنجاز كل مهماته في العراق وسوريا والبحرين ، ويتجرع الكأس المر بحربه الإرهابية على اليمن التي ورطه بها الأمريكي لتكون مقبرته فيها ، وكذلك كان حال العثماني الإخواني الذي سقط في ليلته الكبيرة في مصر ، وكذلك كان حاله  في تونس وليبيا ، وهزيمته وفشله الذريع في سوريا ، وسقط معه مشروع الإخوان بلا رجعة.

وبإيجاز أقول لكل النابحين عن انتصار محور المقاومة الجديد عبر الاتفاق النووي المضاف للانتصارات التراكمية في المنطقة " موتوا بغيظكم " ، فسيدكم الأمريكي سيعود صاغراً لتقرير لجنة " بايكر -  هاملتون " للتعامل مع سوريا وإيران في المنطقة حيث جاء في خلاصته التالي:

بأن التعامل مع إيران وسورية وبالرغم من أنه مثار خلاف كبير إلا أنه ومع ذلك ، نرى أن أي أمة من وجهة نظر ديبلوماسية ، يمكنها وينبغي عليها أن تشرك خصومها وأعداءها في محاولة لتسوية النزاعات والخلافات تماشياً مع مصالحها وعليه ، فإن على المجموعة الدولية إشراك إيران وسورية في حوارها الدبلوماسي من دون شروط مسبقة.

وترى لجنة " بايكر – هاميلتون " أن العلاقات الأمريكية مع سورية وإيران تشمل قضايا صعبة يجب أن تحل ، لكن ينبغي إجراء محادثات ديبلوماسية مكثفة وموضوعية ، تتضمن قدراً من توازن المصالح ، ويجب أن تضع واشنطن في اعتبارها نظام الحوافز لإشراك سورية وإيران في حل ملفات المنطقة.

وأكبر الإشارات على هذه العودة هو بإصدار آخر قائمة للإرهاب لا تشمل حزب الله وإيران.

في الخاتمة:

لاشك أن التهديدات والأخطار التي تواجه أية دولةٍ متعددةٌ ومتنوعةٌ ، لكن يبقى أخطر ما في ذلك كله يتجسد في العجز عن تحديد الأولويات وتقديم التكتيك على الاستراتيجيا ففي ذلك مقتل الدول أو دخولها في نفق مظلم ، والمتتبع لتطورات الأحداث وتداعياتها يدرك أن السياسة السورية  تتميز بعدة روافع تمنحها استمرارية القدرة على التأثير والفاعلية وفي مقدمة ذلك اجتناب خلط التكتيك بالاستراتيجيا، فالآن أصبح كل من لديه عقل يعي بعد النظرة الاستراتيجية للقائد المؤسس حافظ الأسد طيب الله ثراه عندما أصر على أن تكون العلاقات مع طهران استراتيجية وغير خاضعة للمساومة والابتزاز ، وقد أثمرت هذه العلاقة التكاملية إعادة الاهتمام بالقضية الفلسطينية وحضورها بفاعلية في المحافل الدولية ، إضافة إلى اشتداد عود المقاومات العربية في فلسطين ولبنان والعراق وتحولها إلى حراب تقض مضاجع أنصار السياسة الصهيوأمريكية ، كما أنها حصنت دول المنطقة في مواجهة الطوفان الذي تم تصديره في عصر الأحادية القطبية.

 ولنا من تطهير الجنوب اللبناني عام 2000 وانتصار حزب الله في حرب تموز وآب 2006 وبعده صمود غزة في وجه العربدة الصهيونية 2008 و 2009 ومن ثم 2012 و 2014 ودعم صمود الدولة السورية في مواجهة أقذر حرب شهدتها البشرية عبر تاريخها الطويل.

 وباختصار شديد يمكن القول أن تكامل الأدوار بين سورية وإيران وحزب الله وبقية المقاومات العربية في المنطقة قد مهد الأجواء لخلق بيئة استراتيجية جديدة أفرزت الكثير من النتائج والتداعيات وأهمها افتضاح أعاصير الزمهرير العربي الذي أسموه ربيعاً ، وخلق اصطفافات جيوبوليتيكية جديدة لإعادة رسم خارطة العلاقات الدولية وتوازن القوى إقليميًا ودوليًا تحت عنوانٍ عريض فحواه انكفاء الأحادية القطبية وبداية تشكل عالم متعدد الأقطاب يشغل فيه محور المقاومة موقعاً حيوياً لا يستطيع أحد تجاهله ولا القفز فوق دوره المؤثر في كل ما تشهده المنطقة من أحداث وتغيرات وتداعيات تتجاوز بمدلولاتها الإطار الجغرافي من الإقليمي إلى العالمي.

 

 

الوسوم (Tags)

ايران   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz