Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الحكومة والدستور والشعب والحقوق مقاربة فلسفية .. بقلم: عبد الرحمن تيشوري
دام برس : دام برس | الحكومة والدستور والشعب والحقوق مقاربة فلسفية .. بقلم: عبد الرحمن تيشوري

دام برس:

بداية اقول انه ليس عيبا ومخجلا ان تعترف دولة حديثة بضعف تشريعاتها وادارتها الحكومية بل يجب عليها تقرير وتعزيز هذه الحقيقة بكل اطمئنان وان تعتبر هذا الضعف عارضا طبيعيا صادفته جميع الدول الناشئة التي طلعت على الحضارة والتقدم في وقت متأخر في حين سبقتها الدول الاخرى في العلم والنمو والتقنية والادارة والاختراع ونحن في سورية عمر دولتنا قصير لم يتجاوز الستين عام وعلينا ان نفعل ذلك لان المصارحة والجرأة والتشخيص الدقيق للحقيقة المتخلفة تدفعنا الى السير بتسارع يفوق سرعة تلك الدول التي تسبقنا على امل اللحاق بها او على اقل تقدير التوصل الى مستوى حضاري يليق بسورية وشعبها
• الان نحن بصدد تطبيق خطة جديدة وطنية للتنمية الادارية لها اهداف كبيرة وواعدة تتجسد فيها تطلعات السوريين وما نرجوه ان لا تكون هذه الخطة مثل الخطط السابقة أي بمعنى لا يمكن قياس النتائج وبالتالي لم نحقق الاهداف
• ما يهمنا هنا ان اية خطة لا تتحقق بذاتها بل تحتاج الى جهاز اداري مؤهل مناسب يعمل للناس وللخطة وهذا الجهاز يؤمن ويعمل بمبادئ الادارة الحديثة لان كل الموظفين غير المؤهلين في ادارات الدولة لم ينفذوا الخطط السابقة والدردري (وغيره )لم ينفذوا خطط سابقاوكان لهم اجندة مخفية
• يجب ان نتعلم وان لا نبقى مثل المزارع الذي اراد استخدام آلات زراعية حديثة فخصص ثروته واشترى طائرة عمودية وظف لقيادتها سائق شاحنة جاهل بالطائرة وعامل مضخة وبعض الفلاحين الذين يعملون في المزرعة حيث ادى ذلك الى تعطيل الشاحنة والمضخة عن العمل وتكدس المحصول ويبست المزروعات وبقيت الطائرة على الارض فيبدو ان ما حصل لدينا في سورية مثل حالة هذا المزارع
• هنا سابدأ في قراءة مفردات الاصلاح ونحن في اول سنة للخطة الجديدة للتنمية الادارية وساتناول الاسس أي التشريعات ثم السلطة والعناصر الحكومية ثم الاجهزة ثم الرقابة ومن خلال التحليل نحاول الاشارة الى مواضع ومواطن الخلل ثم نضع المقترحات والتوصيات لكي تأتي النتائج سليمة

التشريعات
- توافق التشريعات مع الدستور
- صياغة النص التشريعي
- تجزئة التشريعات
- تداخل التشريعات
- الصعوبة والتعقيد في النصوص
- اغراض واهداف التشريعات
توافق التشريع مع الدستور
في جميع دول العالم المتمدنة والمتحضرة تنبثق التشريعات واهدافها في كل المجالات من مبادئ اساسية مستوحاة من الحقوق الطبيعية وحقوق الانسان ومن القواعد الاساسية للقانون والنظريات القانونية
والدولة تتبنى من هذه المبادئ والنظريات ما يلائم اهدافها واوضاعها وتقاليدها وصيغ من كل ذلك وثيقة اساسية تكون مرتكز ومحور للتشريعات تسمى هذه الوثيقة القانون الاساسي للدولة او الدستور وعادة يتضمن الدستور الخطوط الاساسية العامة لتكوين الدولة وتطلعاتها ونظرتها الاقتصادية وشكل الحكم وتوزيع السلطات والمسؤوليات وحقوق الشعب وواجباته وحرياته وسائر المبادئ السياسية المتعلقة بوظيفة الدولة كراعية لمصالح الشعب وخادمة لاهدافه وممثلة له وهذه الوثيقة تجسد اماني الشعب ولها صفة القداسة والاحترام ويجب ان لاتخترق وعلى كل من يتولى سلطة عليا ان يقسم قبل مباشرتها على احترام الدستور وحمايته والسير في حدوده وعدم خرقه لان ولا يته قائمة في ظله ومستمدة منه وضمن اطاره والدستور هو اعلى القواعد القانونية مرتبة واسماها ويرتب الدستور على اعضاء السلطات ما يلي :
- التقيد في تصرفاتهم واعمالهم الوظيفية بنصوص الدستور
- توافق نصوص التشريعات والانظمة الصادرة عنهم مع احكام الدستور
- المسؤولية السياسية والدستورية في حال خروجهم عن ذلك
- من اجل تحقيق ذلك تنشأ جهات عليا متخصصة لمراقبة توافق التشريعات مع احكام الدستور-محكمة دستورية ودستورية القوانين -
- في كل الاحوال يجب ان لا تنعدم الرقابة لان ذلك يفتح ثغرات للانفلات من احكام الدستور وتسن تشريعات على غير هدى ودون ضابط
- لقد القيت الدساتير في كثير من الاحيان في جانب مهمل وصدرت تشريعات بعيدة عن الدستور بسبب اختفاء الرقابة على التشريعات والانظمة التطبيقية والتنفيذية المبنية عليها
- كثير من الارهاق والاذى اصاب المواطنين بسبب التشريعات السيئة الخارجة عن الدستور ولدينا في سورية حالات تؤكد ذلك ومثال ذلك ان الدستور ينص على تكافؤ الفرص ومساواة المواطنين امام القانون ثم نجد قوانين اخرى تحدد قواعد واحكام التوظيف وتخرج هذه القوانين عن المبادئ المقررة في الدستور ومثال ذلك التعيين الاستثنائي وتسمية المديرين الذي كان يتم والذي كان سببا في خراب الادارات ونهب المال العام وكذلك التسريح الغير معلل والذي لا يتيح للعامل فرصة الدفاع عن نفسه ايضا يشكل ذلك خرقا لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة
- هناك امر هام جدا هو الانظمة والتعليمات التنفيذية التي تضعهاالحكومة والبلاغات وغير ذلك وهي تخرج كثيرا عن الدستور وعن التشريع نفسه وتؤدي الى ضياع المكلف والمواطن والمنفذ لدرجة انك تعجز عن معرفة الصحيح وقد تجد تفسيران مختلفان متناقضان لموضوع واحد وقد روى لي احد الموظفين ان احكام التجارة الخارجية تصل الى مجلدين اثنين
- الذي يهمنا هنا هو اثر ذلك على سير العمل الحكومي وانعكاس ذلك على ثقة المواطن بالدولة لان التشريع المضطرب غير المبني على اسس سليمة يكون تطبيقه شاقا وكذلك كثرة التشريعات تنعكس سلبا على سير المعاملات وقد سماها الاستاذ الدكتور سام دلة عميد المعهد الوطني للادارة العامة الاسهال التشريعي وهي ظاهرة خطيرة وسلبية
صياغة النص التشريعي
قد تبدو هذه الناحية للوهلة الاولى تافهة وغير مهمة لانها تتعلق بالشكل بينما الذي يهم الشعب هو المضمون وفي دردشة مع الاستاذ الدكتور محمد الحسن عند اعطائنا درس عن فن صياغة النصوص التشريعية في المعهد الوطني للادارة العامة افاد الدكتور الحسن بالاتي:
- ان الصياغة تاتي بنفس الدرجة مع التشريع لان النص الرديء يعطي وجوها مشوهة للفكرة ولهدف المشرع كالمرآة المتماوجة تعكس الصورة باشكال مختلفة غير متناسقة ويرتد هذا التشوه الى التطبيق فتخرج المعاملة متناسبة مع النص او قد تزيد عليه رداءة وسوءا وبشكل عام ان الابهام في النص التشريعي والصياغة السيئة تؤدي الى مايلي :
- 1- الانفراد والسرية في وضع النصوص التشريعية حيث توضع في الظلام دون اتاحة الفرصة لمناقشتها من قبل المهتمين والمختصين والمعنيين بها
- 2- عدم الاحاطة بالاغراض والاهداف
- 3-الضعف في صياغة التشريع وصياغة الكلام
- 4- غموض الفكرة
- 5-الدوافع الذاتية للضرر او الكسب
- 6-قصد التمييع بحيث تحتمل عدة وجوه
ولا زلنا نرى نصوص تشريعية صادرة منذ سنوات عدة جرى تفسيرها وتطبيقها باشكال مختلفة وصدرت بشأنها تفسيرات متناقضة حسب الاشخاص والحالات ويبدو ان هذه الطريقة تستهوي الكثيرين من ذوي السلطة الذين يتفنون في الصياغات الماهرة المائعة والتي تحير الموظفون في ادراك مقاصد هذه النصوص فيطبوقنها كل يوم في شكل دون ان يتأكدوا من انهم على خطأ او صواب وقد كان لنا تجربة في موضوع تعويضات طلاب المعهد الوطني للادارة وقد حسبنا اننا في عشر بلدان حيث كل مدير ينفذ على هواه والبعض لا ينفذ والبعض يحتاج الى كتاب من عميد المعهد علما ان نص اساسي في القانون يمنح علاوة خمسة بالمائة لمن اتبع دورة تدريبية لاكثر من تسعة اشهر وحتى الان بعض الادارات لاتنفذ وتعذب اصحاب العلاقة والبعض فسر تعويض حافز الادارة 75% ب 17 % فتم تخريب التجربة ؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!
تجزئة وتداخل النصوص
ان النظرة الضيقة الى الامور تؤدي الى المرحلة والتفكك حيث تعرض فكرة معينة لاحد اصحاب السلطة فيستصدر بها تشريعا وبعد فترة وجيزة من الوقت تعرض له نقطة اخرى من نفس الموضوع فيستصدر بها نصا اخر وبعد فترة اخرى تعرض له او لمسؤول اخر فكرة مناقضة فيستصدر بها نصا معدلا او ملغيا لجزء من النصوص السابقة واذا بالموضوع الواحد يصبح مجموعة مشوشة من النصوص التشريعية ويقف العاملون التنفيذيون عاجزين عن متابعة تطورات النصوص وتجميع قطعها المتعددة المتناثرة وبالتالي يقفون في حيرة في تمييز الحكم القائم من الملغي
- في كثير من الاحيان يوضع تشريع لموضوع معين واثناء صياغة نصوصه تخطر لصاحب السلطة فكرة تتعلق بموضوع اخر او يتذكر نقصا او تعديلا فيه فيستغل المناسبة فيضمن التشريع الجديد احكاما تتعلق بالموضوع الاخر
ويترتب بالنتيجة على ذلك على الموظفين في اية جهة كانت تفتيش كل التشريعات في كل المواضيع لفرز الاحكام التي تخصهم منها ويعتبرون مسؤولين اذا لم يستطيعوا العثور عليها لانه لا يفترض في احد ان يجهل القانون وبصورة خاصة الموظفون
هذا بالنسبة للموظفين المختصين فما عسى ان يكون حال الاشخاص العاديين اصحاب المصالح وكيف يستطيعون الاحاطة بما يخصهم من هذه النصوص المتشابكة ؟؟؟
التعقيد في النصوص
النصوص التشريعية لدينا كثيرة ومعقدة وصعبة الفهم والتفسيروهناك اشياء لا يعرفها احد وقد علمت ذلك خلال اتباعي دورة تحضيرية للانتساب الى المعهد الوطني للادارة العامة وخاصة ما يتعلق بالقضاء الاداري وسألت الكثير من الموظفين عن هذا الامر والجميع يقول بانه لم يسمع بهذا القضاء ولم يذهب اليه علما ان ادارته تتعسف عليه ولكنه لا يجرؤ على الشكوى ضدها
وبشكل عام اقول ان التشريع المعقد يصيب الناس بالضرر كما يصيب الارتباط العضوي والعاطفي بين السلطة والشعب
والتشريع السيء الغامض المعقد تفسر مراميه من الجانب السيء ويستغل هذا الغموض ضد الدولة خاصة وان مفهوم الدولة في البلاد المتحررة حديثا مثلنا لا يزال يخبئ في ثناياه ذكريات من الحكم الاستعماري والنظر الى الحكومة والى الظلم بمنظار واحد
لذلك نقول ان التشريع السليم في المضمون وفي الصياغة عامل هام جدا في تكوين رابطة ولاء وثقة وتعاون بين المواطنين والحكم لذا يجب ان تتخذ جميع الاحتياطات للحؤول دون العبث بالتشريع ويجب تعديل وتغيير وتسهيل التشريعات بما يؤدي الى تحقيق هذا الامر الهام
ان هذه الصعوبات تعترض الموظفين المختصين وحتى المحامين والعاملين في القضاء والعام الماضي في مسابقة الانتساب الى المعهد الوطني للادارة حصل الكثير من الحقوقيين والمحامين والمحاميات على 30 علامة من مئة
ان القاعدة العامة تفترض عدم جهل احد بالقانون والقانون لا يحمي المغفلين كما يقال ولكن الواقع الشائع هو عكس هذه القاعدة كلية أي لا يفترض في احد معرفة القانون
* ليحاول أي مكلف بضريبة حكومية ان يحسب الضريبة المترتبة عليه
*ليحاول أي عامل في الدولة ان يجري حساب للراتب او الاجر الذي يتقاضاه
النتيجة نصرح بها مقدما انه لا يوجد بين المكلفين احد يعرف حساب المبلغ المترتب عليه الا اذا كان موظفا في الجباية او الضرائب واحيانا هذا الموظف يحسب لك اليوم مبلغ محدد ولا تدفع انت وتعود بعد اسبوع ويحسب لك فيعطيك رقم جديد مختلف عن الاول
كما لا يوجد بين الموظفين من يعرف حساب المبلغ الذي يقبضه الا اذا كان محاسب ادارة
وعلى هذا الشكل سائر التشريعات الاخرى خاصة ماله علاقة دائمة ومتكررة بالمواطنين
وهذا الذي حصل ساهم في عدم اهتمام الموظف والمثقف والمواطن بالشأن العام وابعده عن الانظمة والقوانين ونتيجة ذلك تعطلت المصالح وضاعت الحقوق
امام هذه الوقائع وغيرها كيف لا تتعثر الاعمال وكيف يتعامل الفرد مع الدولة باطمئنان ويسر ؟؟؟
وكيف نطلب رابطة الولاء والاحترام والثقة بين الحاكم والرعية ؟؟؟؟
وكيف يطلب من اصحاب المصالح سلوك الطرق القانونية وعدم اللجوء الى الوساطات والطرق الملتوية غير الاخلاقية ؟؟؟؟؟؟
اغراض واهداف التشريعات
التشريعات هي احدى نشاطات الدولة ويجب ان لا يصدر التشريع لامر بخس او غرض غير واضح الاهداف والنتائج لان ذلك يكون ضياعا للوقت وللجهد وللمال دون مقابل وهو تفريط في امكانات الدولة التي هي ضرورية جدا في اماكن اخرى
وعادة تكثر التشريعات في عهود الحكومات الجديدة حيث تاتي الحكم مشحونة بطاقة كبيرة من النشاط والعمل والحماس وهذا حصل مع تولي القائد الشاب بشار الاسد لمقاليد السلطة في تموز من عام 2000 وطرحه مشروعا تحديثيا للدولة ونتيجة ذلك صدرت تشريعات كثيرة ومراسيم ولكن الكثير منها لم ينفذ تنفيذا جيدا او عند التنفيذ انحرف عن مراميه
وهناك امور كثيرة تصدر في البلد بصيغة مراسيم تشريعية ولم يكن ثمة امكان لاصدارها بغير هذا الشكل لانها لودخلت المجلس لما انجز الواحد منها في بضع شهور وربما بضع سنوات واود ان انوه هنا الى مشروع المرسوم الخاص بهيئة مكافحة البطالة الذي يحول الهيئة الى هيئة دائمة ويغير اسمها واساليب عملها وسقوف التمويل وارجو ان يصدر قريبا جدا بصيغة مريحة للمتعطلين وتخدم التنمية والتشغيل في سورية وكذلك قانون التقاعد المبكر
واقترح هنا اعادة النظر في موضوع التشريعات حيث لا بد من ايجاد طريقة فعالة تؤمن تشريعات سليمة رشيدة تحقق اهداف الناس والموظفين والشعب لان الصيغة الحالية ليست سليمة وليست صحيحة ولا بد من ايجاد هيئة متخصصة لصياغة القوانين والانظمة وهذا الحل مطبق في كثير من دول العالم او تفعيل عمل مجلس الدولة لهذا الغرض بحيث نجد تشريعات متوافقة مع الدستور ذات صياغة محكمة متناسقة منسجمة بعيدة عن الاهواء والنزعات المصلحية
التشريعات هي العصب الاساسي للتطوير
علينا التخلص من كل التشريعات اللدنة القابلة للتمدد والتقلص والتي تطبق بشكلين مختلفين في وضع واحد علينا ايجاد تشريعات واضحة مفهومة تطبق على الجميع لها تفسير واحد لان ذلك يصب في المجمع الكبير الذي تعمل الدولة لاسعاده والذي هو مبرر وجودها وقد روى لي احد الاصدقاء ان أي مواطن سويدي او الماني يحسب الضريبة المترتبة عليه اينما كان ويحول هذه المبالغ الى السلطات المالية دون طلب من احد وبدون مساعدة احد
ان التشريع السيء كا لعملة الرديئة يبقى بينما تختفي العملة الجيدة
عبد الرحمن تيشوري

الوسوم (Tags)

الشعب   ,   السلطة   ,   الإدارة   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz