Logo Dampress

آخر تحديث : الثلاثاء 19 آذار 2024   الساعة 13:20:13
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
أردوغان... والرهان على إسقاط الرئيس الأسد .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | أردوغان... والرهان على إسقاط الرئيس الأسد .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
إتخذت أمريكيا قراراً إستراتيجياً بعدم الدخول في أي حرب مباشرة في الشرق الأوسط، وباتت تفضل القيادة من الخلف، وترك القوى الإقليمية الحليفة تدافع عن نفسها من أجل تحقيق مصالحها، وكان أول تطبيق عملي لهذه الإستراتيجية في الحرب الليبية لإسقاط نظام القذافي، واليوم نقف على أعتاب أحداث ستكون مليئة  بالمغامرات والمفاجآت التركية، فمن الواضح أن القيادة التركية تركت مرحلة الصمت، وقررت الدخول بكل ثقلها المالي والعسكري والسياسي في الأزمة السورية، والتصدي بكل الطرق لصعود النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة، فالسؤال المطروح هنا هو، هل بإمكان أردوغان إزاحة وإسقاط الأسد؟ وهل سنتفاجيء بنتائج هذه المغامرات لصالح تركيا في نهاية المطاف؟ وخاصة إن تركية ليست اللاعب الوحيد في منطقة مليئة بالوحوش القاتلة، وتتصارع على ثرواتها دول عظمى اقليمية ودولية.
الحكومات الإقليمية، وتركيا منها بالذات، ساهمت بطريقة أو بأخرى بصعود قوة التيارات الإسلامية المتشددة عندما فتحت الحدود وحرضت بعض الأوساط الدينية على الإنخراط في صفوف الجهاد، وجماعاته في كل من سورية والعراق، في هذه المعمعة يتشكل الدور التركي مرة أخرى ليعيد تأثيره على مجريات الأحداث، لكن على نطاق أضيق مما كان عليه في بداية ما سمي بثورات الربيع العربي، بعد إنحسار تأثيرها في تونس ومصر وليبيا وسورية، وما ساعد على بروز الدور التركي من جديد هي تحركات داعش الميدانية في سورية والعراق، خاصة تعرضها لإقليم كردستان العراق ثم محاولاتها المستمرة للسيطرة على مناطق كردستان سورية، ويتركز الموقف التركي في تعامله مع الملف السوري حالياً على إستغلال تحركات داعش، لضمان ما تصفه بالأمن القومي التركي.
اليوم سلك نظام أردوغان طريق التشريع البرلماني ليغطي إنتقاله الى مرحلة العداء الجديدة لدمشق، بعد حوالي أربعة أعوام من التورط التركي المبطن في الحرب السورية، إذ حصل على تفويض صريح من البرلمان الذي يهيمن عليه "حزب العدالة والتنمية" للتدخل عسكرياً في سورية، وذلك تحت مبررات مختلفة، من بينها تنظيم داعش، في حين أن التداعيات الحقيقية لمثل هذه الخطوة التركية، إذا تمت، تمثل عدواناً إضافياً على السيادة السورية المهددة، وتستهدف من بين ما تستهدفه، تقويض الوجود الكردي في مناطق الشمال السوري، جاء هذا التفويض بعد بذل حكومة "العدالة والتنمية" جهداً إستثنائياً لإسقاط النظام في سورية، إذ ضرب رئيس الوزراء، حينها، مواعيد لرحيل الرئيس الأسد، وتمنيات بقرب موعد صلاته في الجامع الأموي في دمشق، ومن هذا المنطلق دعم المعارضة السورية بالأسلحة والتدريب والإيواء، وجند أجهزته الأمنية في سبيل تحقيق هدفه الذي كرّره قبل أيام، إسقاط حكومة الأسد أولوية من أولوياته الأولى، لكن الميدان السوري كذب آمال وتوقعات أردوغان وأقرانه الإقليميين وأصدقاءه  الأطلسيين، حتى أجبر أوباما على الإعتراف بأن الرهان على سقوط بشار الأسد هو ضرب من الخيال، وبهذا قضى على حلم أردوغان، وبات التحالف الدولي الأميركي مكشوف الأهداف والمناورات، خصوصاً أنه ليس لمحاربة داعش بل لتدمير البنية التحتية السورية ومنع سورية من إستثمار إنجازاتها وبطولات جيشها.
ترى تركيا أن إقامة المنطقة العازلة المزعومة، ستعوض خسارتها الإستراتيجية الكبرى الناجمة عن سقوط مشروع الإخوان، وضياع فرصتها في تحقيق الهدف الإستراتيجي التركي الأساسي بإلحاق سورية بالفضاء الإستراتيجي التركي، منطقة تتيح لها،   إمتلاك ورقة ميدانية سياسية تحجز لها مقعداً مؤثراً في أي حل مستقبلي للقضية السورية وتمكنها من المشاركة الفاعلة في رسم خرائط النفوذ في الشرق الأوسط بما يحفظ لها إمكانية المحافظة على فضائها الإستراتيجي الذي ينافسها فيه وبأرجحية كل من السعودية وإيران، وكذلك     إسقاط الخطر الكردي المنبعث من الشمال السوري والقابل للتفاقم ضد وحدة تركيا ومصالحها المهددة بنزعة الأكراد الإستقلالية أو الحكم الذاتي، بالإضافة الى منع مواصلة الجيش العربي السوري إنجازاته الميدانية التي يستعيد بمقتضاها السيطرة بشكل تدريجي على المناطق التي أفسد الإرهاب أمنها.



وفي إطار ذلك وبعد تراجع واشنطن ومعظم حلفائها عن إسقاط النظام السوري بالقوة ودعوتهم لإيجاد حلّ سياسي، أعتقد بأن إقدام تركيا على إدخال قواتها العسكرية للأراضي السورية ولو بذريعة تأمين حماية لقبر سليمان شاه سيكون لها عواقب وخيمة على المنطقة بأكملها، وفي حال حصول ذلك فإن تركيا ستدفع ثمناً باهظاً، سيرتد مباشرة على الإقتصاد التركي، نظراً لحاجة الحرب إلى تمويل، بمعنى إن هذا التدخل  سيتسبب بحريق يلتهم المنطقة ويزيد من تأزمها، وأولها تركيا نفسها، ولعل الهاجس الأبرز الذي تخشاه تركيا، هو الموقف الكردي جراء إنخراطها في عدوان مباشر ضد سورية، رغم رغبة تركيا في إزالة أي وجود للأكراد من كوباني، الذين ترى فيهم فرعاً آخراً لحزب العمال الكردستاني، إلا أنها تخشى أن تطيح خطوتها بجهود تسوية الأزمة الكردية في تركيا، وهو ما حذّر منه عبد الله أوجلان، العدوان التركي على سورية سيعيد تركيا إلى نقطة الصفر، وسيدفع الأكراد للتحالف مع سورية وإيران.
في سياق متصل يمكن القول إن الغرب وحلفاؤه لم يكتف بقتل السوريين وتدمير مدنهم وقراهم بل عمدوا إلى ضرب مسيرة التنمية في سورية والمنجزات التي حققها السوريون بعرقهم ودمائهم عبر تفكيك وسرقة المصانع والمعامل السورية بمشاركة تامة من التنظيمات المسلحة حيث يشكل شراء النفط السوري المسروق من عصابات تنظيم داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى أحد أبرز تجليات التواطؤ بينهم وبين هذه العصابات والتنظيمات، وبالتالي فإن السياسات المتهورة للقيادة التركية والعدوان المعلن ضد سورية تسهم بشكل أساسي في  إطالة أمد الأزمة في سورية وتشكل تهديداُ للسلم والأمن في كل أرجاء المنطقة والعالم، وبالتالي فإن تركيا لن تكون بمنأى عن النتائج الكارثية لهذه السياسات، الأمر الذي يستوجب من المجتمع الدولي ومجلس الأمن وقفة جادة وموقفاً حازماً لوضع حد لنهج الحكومة التركية وإرغامها على الامتثال لقرارات مجلس الأمن ووقف الدعم اللامحدود الذي تقدمه للتنظيمات المسلحة ومطالبتها بوقف تدخلها في الشؤون الداخلية لسورية.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن قرار البرلمان التركي للتدخل في سورية، وإقتحام مدينة عين العرب، سيظهر في الأفق قريباً حرباً حقيقية، وتنشأ تحالفات جديدة،  وسيولد شرق أوسط جديد مختلف، ولا احد يستطيع آن يتنبأ بالشكل الذي سيكون عليه وطبيعة المعادلات السياسية والعسكرية التي ستحكمه، فأردوغان وضع يده بيد أوباما وحلفه، ولم يفعل ذلك إلا بعد إتفاقه معه على كل التفاصيل، ومن أبرزها سورية بدون الرئيس الأسد، بعد أن تحول خلاف الرئيس أردوغان معه الى ثأر شخصي مهما كلف الأمر، فهل يحصل على ما يريد  ويحقق حلمه، وما هو موقف إيران وروسيا والصين من ذلك؟ وهل سيستمر حلفاء النظام السوري في موقف المتفرج؟

Khaym1979@yahoo.com

الوسوم (Tags)
اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz