Logo Dampress

آخر تحديث : الأربعاء 24 نيسان 2024   الساعة 03:02:43
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
غزة.... بوابة أردوغان للفوز بالرئاسة .. بقلم: الدكتور خيام الزعبي
دام برس : دام برس | غزة.... بوابة أردوغان للفوز بالرئاسة .. بقلم: الدكتور خيام الزعبي

دام برس:
تعتبر الإنتخابات الرئاسية التركية التي من المتوقع إجراؤها اليوم، والعدوان الإسرائيلي على غزة والصراع بين إسرائيل وحماس، من أهم الموضوعات الأساسية التي تشغل السلطات في تركيا، لذلك إنتاب الشعب التركي غضباً وقلقاً من الصور المروعة التي ظهرت على وكالات الأنباء حول العدوان الوحشي والإجرامي على غزة، وخرجوا للشوارع للتعبير عن غضبهم من العمليات الإسرائيلية، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل يستغل أردوغان عملية "الجرف الصامد" كي يكسب أصواتاً قبيل الإنتخابات الرئاسية في تركيا؟
تواجه الحكومة التركية ظرفاً صعباً داخلياً وخارجياً يضع قدرة رئيس الوزراء أردوغان في الحكم على المحك، فداخلياً عرفت البلاد خلال العام الفائت إحتجاجات كبيرة، كان ميدان تقسيم، بؤرتها الرئيسية، وتعاني بسبب الأزمة الإقتصادية العالمية والأزمة الراهنة تراجعاً إقتصادياً فضلاً عن قضية الفساد المالي والسياسي التي أخذت أبعاداً متعددة، أما خارجياً فعلاقاتها بجوارها صعبة جداً، مع العراق وسورية ومع مصر والدول الخليجية، ومع إيران بسبب الخلاف حول سوريا، وتواجه إستقطاباً في شمالها بسبب النزاع الغربي-الروسي على أوكرانيا، وقد جاءت المساعي الأخيرة لحل المشكلة القبرصية بموافقة حكومة أنقرة، لتزيد من غضب القوى التقليدية التي ترى أن الحكومة رضخت لمشيئة الغرب في هذه القضية، إضافة إلى إتهام رئيس الوزراء بالتنازل عن قيم الجمهورية التركية فيما يتعلق بقضاياها القومية، فضلاً عن إنفتاحه على إسرائيل، وكما ترى هذه القوى أردوغان بأنه يتجاوب مع الضغوط الأميركية داخلياً مقابل دعم الأميركيين لبقائه في السلطة، إذ يبدو أن الولايات المتحدة لم تتخلَّ عن تركيا الإسلامية بعد، على الرغم من سقوط مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، هذا الأمر ظهر بشكل واضح  حين فتحت الحكومة حدود تركيا لدخول آلاف المقاتلين إلى سوريا، كل هذه القيود على حركة رئيس الوزراء تتزامن مع خوضه مواعيد سياسية مهمة، هي الإنتخابات الرئاسية.
وفي إطار ذلك  فإن أردوغان يسعى إلى إعادة تقييم موقع ترکيا الإقليمي وترميم صورته المتهالكة في الداخل والخارج من بوابة إستعراض العضلات وإستغلال القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وتوظيفهما لمصالحه السياسية لكسب نقاط إنتخابية .
وفي سياق متصل ضحى رئيس الوزراء التركي أردوغان بفرصة أن تلعب بلاده دوراً للوساطة في النزاع الدائر في غزة وأختار بدلاً من ذلك أن ينال رضا الناخبين قبل الإنتخابات الرئاسية من خلال توجيه أقسى الإنتقادات لإسرائيل، فوصل الخطاب المعادي لإسرائيل الى مستويات جديدة مع إندلاع النزاع في غزة، واصفاً إستراتيجيها في غزة بسلوك ألمانيا النازية، وبالمقابل توجهت أحزاب المعارضة بدورها إنتقادات لاذعة لأردوغان إذ وصفت سياسته التي ينتهجها تجاه إسرائيل بالمنافقة، حيث أشارت هذه الأحزاب إلى قضية حصول إسرائيل على عضوية الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومنظمة التعاون الإقتصادي والتنمية، وقالت إن ذلك قد تحقق لإسرائيل بسبب تجنب حكومة أردوغان استخدام حق الفيتو.
وبالتالي كانت هجمات أردوغان على الكيان العبري تعطيه  شعبية كبيرة في الشارع العربي، حيث أصبحت تركيا فجأة الدولة رقم واحد ولاعباً إقليمياً رئيسياً في نظر الجماهير العربية، وبدأت النخب التركية الإستفادة من هذه الشعبية في كل المجالات من السياحة إلى الإستثمار، ومن التقارب السياسي إلى التعليم، وبهذا كانت تركيا نقطة محورية للعديد من العرب، وإستمر ذلك حتى بداية الربيع العربي،  بعد أن تحولت خطة "ما في مرمرة " إلى مبالغة وفشل كبير، وأوضحت عدم قدرة صانعي السياسة التركية، في التنبؤ بتأثير الربيع العربي على مصر وسوريا وغيرها من الدول العربية، وبعد هذا التأثير السلبي بدأ صناع السياسة في محاولات تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وبالفعل خلال البضعة أشهر الأخيرة، تم إعلان توصل تركيا وإسرائيل لإتفاق تطبيع علاقات بينهما، وهكذا بعدما شنت إسرائيل هجوماً آخر على قطاع غزة، إنتظر أردوغان  بضعة أيام حتى أدلى بأي رد فعل، على الرغم من إنتقاد المعارضة لهذا الصمت، لكن عندما بدأ رد فعل الشعب التركي في التزايد، رأى أردوغان أنه يمكنه إستغلال هذا الرد في الإنتخابات، وهكذا عاد أردوغان مرة أخرى لإنتقاد العدوان الإسرائيلي، وهنا يمكنني القول بأن هجوم إسرائيل على غزة قد عزز فرصة ذهبية لأردوغان بإطلاق حملته الإنتخابية على أساس خطابه المعادي لإسرائيل، وبما أن خطاب أردوغان ضد إسرائيل كان لدواعي إنتخابية فلن يؤدي لتفاقم العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وغالباً بعد فوزه في الإنتخابات سيعزز عملية التطبيع مع إسرائيل، وخاصة  أن تركيا تربطها علاقات وطيدة بالجانب الإسرائيلي والأمريكي، إذ بدأت تلك العلاقات بعد حرب النكبة في فلسطين في العام 1948، وتعتبر العلاقات التركية – الإسرائيلية، والعلاقات التركية -الأمريكية أهم لدى الإدارة التركية الحالية من مناصرة القضية الفلسطينية، كون تركيا تربطها علاقات تبعية لأمريكا وإسرائيل، لاسيما وأن هناك 24 قاعدة أمريكية في تركيا للتدريب المشترك بينها وبين كل من إسرائيل وأمريكا، كما أن تركيا هي أول دولة إسلامية إعترفت بالكيان الصهيوني، واليوم تتطلع إلى أن تتحول إلى مركز عالمي، وبالتالي فأن أردوغان يتحدث عن دعم القضية الفلسطينية علناً لجذب الأوساط المحافظة وبعض القطاعات العربية لخدمة مشروعه في الإستمرار في حكم تركيا.
وأخيراً ربما أستطيع القول إن إعلان رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان عن تعاطفه مع القضية الفلسطينية هو مجرد "شو إعلامي" ودعاية إنتخابية، خاصة مع إعتزامه لخوض الإنتخابات الرئاسية التركية المقبلة،وعلى الرغم من أن حزب العدالة والتنمية تفوق على خصومه بفارق كبير في الإنتخابات البلدية الأخيرة، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة أن المعركة الرئاسية ستكون على نفس الشاكلة، إذ من المنتظر أن تكون أكثر صعوبة نظراً لإختلاف المعطيات والتي تتطلب أن يحصل أي مرشح يود الفوز على أكثر من 50% من الأصوات وهو أمر ليس بالسهل خاصةً في ظل الإستقطاب السياسي والإجتماعي الحاصل في المجتمع التركي.
Khaym1979@yahoo.com
 

الوسوم (Tags)

سورية   ,   تركيا   ,   مصر   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz