دام برس:
قالوا لنا بأن الشرائع السماوية جاءت لأن الله لما رأى الظلم و الشر يستشري أحب أن يهدي البشر و يدعوهم إلى محبة بعضهم التي هي الطريق لمحبة الله لهم.
كما علمونا بأن الديانات سواء كانت سماوية أو وضعية هدفها تنظيم علاقة البشر ببعضهم و إحقاق الحقوق و كلها تدعو البشر إلى عدم الاعتداء على بعضهم و تجريم قتلهم النفيس , أي نفس , بغير الحق
كما تعلمنا بأن هذه الديانات كلها , تدعو إلى احترام حق الإنسان بالعيش و الحياة الكريمة و حرية الرأي و المعتقد , و إن البشر خلقوا ليتعارفوا و ليس ليقتل بعضهم بعضهم الآخر
إذا ما الذي جرى و يجري على مسرح العالم , كل العالم , من حروب و استعمار ؟؟
السبب هو الطمع بما لدى الآخر و حب الاستيلاء عليه بغير حق
فالحروب تاريخها هو تاريخ وجود الإنسان على هذه الأرض و كم من أرواح زهقت و كم من أرزاق نهبت و كم من ظلم وقع لا علاقة للأديان بها و ما أمر بها نبي أو مرسل .
إذا هي رغبة البشر و جشعهم , فعندما يشعر أي تجمع بشري بقوته و سطوته يسعى إلى السيطرة و نهب و قتل المجتمعات الأخرى دون وازع ديني أو أخلاقي و يختلقون الأسباب و الأعذار لفعل ذلك.
مرة بحجة أن هذه الشعوب جاهلة و يريدون تحضيرها " من الحضارة "
و مرة أخرى بحجة خطر مجموعات بشرية على مجموعات أخرى , فلابد من ضربة استباقية تحميهم من خطر تلك المجموعات .
و لغزو أي مجتمع و نهب خيراته يقوم خبراء الحروب بدراسة عميقة لثقافة هذا المجتمع و العمل عليها و استغلالها بما يمكنهم من السيطرة على ذلك المجتمع.
هذا على وجه التعميم و كمثال أشكال الاستعمار القديم كغزو الأوربيين لأمريكا و إبادة شعوبها أو كاستعمار بريطانيا للهند و دول أخرى , حتى قيل عنها بأنها المملكة التي لا تغيب عنها الشمس لكثرة مستعمراتها التي استغلت شعوبها و ثرواتها أبشع استغلال .
و دائما يتذرع المستعمر بأسباب جلّها خيرة , لفعل أبشع صنوف الظلم و الاضطهاد , كما في استعمار فلسطين و توطين اليهود فيها بحجة إنهم شعب مضطهد و مظلوم و تناسوا الظلم و الاضطهاد الذي عاناه الفلسطينيون أصحاب الأرض من إجرامهم .
أما على وجه التخصيص و هو الموضوع الرئيس الذي أود الحديث عنه و هو ما يجتاح العالم العربي تحت عنوان جميل و كله خير و هو " الربيع العربي و هو شكل من أشكال الاستعمار الجديد الذي لا يحتاج فيه المستعمرون لحشد الجيوش لاحتلال البلدان , و ما يخصنا نحن هو البلدان العربية و لكنهم صنعوا لكل شعب يريدون تدميره ربيعا خاصا به من إيران إلى أوكرانيا و قبلها تفكيك الاتحاد السوفييتي و محاولات تدمير روسيا الآن.
الربيع العربي , مقولة صنعتها مخابر وكالات الاستخبارات في الدول الاستعمارية و أعدت لها كل العدد و الأدوات , ليقتل العربي أخاه العربي كي يتسنى لهم سرقة بلداننا أكثر مما فعلوا سابقا , و كما قلت سابقا لقد درس هؤلاء المستعمرون ثقافتنا و عرفوا نقاط اختلافنا و عملوا على إذكاء نقاط الاختلاف سنوات طويلة , حتى تم تحضير أرضية العدوان بشكل جيد و أصبح كل شيء جاهزا, فأطلقوا موجات الفوضى و التخريب في بلداننا و أطلقوا المرتزقة الذين تم تدريبهم بشكل جيد على إثارة الفتن و القتل بدون رحمة تحت عناوين رسخها في عقولهم هؤلاء المستعمرون وقدموا لهم كل وسائل القتل و التخريب , و قبضوا ثمنه من حكومات الدول العميلة لهم أضعافا مضاعفة .
و الهدف هو القتل ثم القتل و المزيد من القتل , لإنهاك الجيوش و الشعوب و قتل ما يمكنهم قتله , فنحن شعوب لا تستحق الحياة من وجهة نظرهم , فيكونوا بذلك قد حققوا هدفين بآن معا , هدف قتلنا بأيدي أخوتنا دون الحاجة لتدخل جندي واحد من جنودهم فهم حريصون على حياتهم و الهدف الثاني هو نهب خيراتنا عبر بيعنا الأسلحة التي نقتل بها بعضنا والمقبوضة الثمن , و تشغيل معامل السلاح و معالجة البطالة التي تعاني منها مجتمعاتهم , و دعم النمو في تلك المجتمعات على رماد بلداننا , و بالنتيجة وبعد تخريب بلداننا , تأمين فرص لشركاتهم لإعادة الإعمار و بشروطهم الاحتكارية و الاستيلاء على ثرواتنا التي تكتنزها أرضنا أو فوق هذه الأرض , ووسيلتهم لفعل كل ذلك هو تكفير بعضنا بعضا و لا أستغرب بأنهم هم من زرع هذا الفكر ليحصدوا ثماره اليوم .
أين هو الدين في كل ذلك؟؟
لا أعرف و لا يمكن لأحد أن يعرف , والكل يقول بأن الله لم يأمرنا بذلك و لكننا نمضي في ذلك كالروبوتات المسيرة و غير المخيرة , و سيستمرون بفعل ذلك - إلّا أن تحدث المعجزة - و نعي ماذا نفعل و ماذا يريدون , عندها فقط نستطيع وقف هذه المسرحية الدامية و الحفاظ على ما تبقى أرواحنا و ثرواتنا من الضياع و نترك شيئا لأجيالنا القادمة تساعدهم على استمرار الحياة في هذه الأرض
لا أبالغ إن قلت بأن سورية وحدها فقط - نعم وحدها فقط - من عرف و فنّد و تصدّى , رغم ما ألم بها من جراح و الجيش العربي السوري وحده من أوقف مشروعهم الظلامي , ليتصدى بذلك لأبشع عدوان استعماري عرفه التاريخ القديم و الحديث , ووحده القائد بشار الأسد قائد هذا الجيش الذي قرأ المشهد قراءة صحيحة و يعمل مع جيشه لوقف طيور الظلام من العبث بحياتنا و مقدراتنا ....وكلنا أمل بأن النصر قريب