Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 00:45:44
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
العرب يرقصون في العَتْمة والفلسطينيون يرقصون طول الوقت والموسيقى إسرائيلية .. بقلم : د. لبيب قمحاوي
دام برس : دام برس | العرب يرقصون في العَتْمة والفلسطينيون يرقصون طول الوقت والموسيقى إسرائيلية .. بقلم : د.  لبيب قمحاوي

دام برس:    

يقف المواطن العربي اليوم عاجزاً أمام تنوع وحجم المشاكل والتحديات التي يجابهها وطننا,ومدى انغماس المسؤولين من كل الأطراف ف يتعزيزها وجعلها جزءاً من حياتنا اليومية بل ومستقبلنا .

  مشكلة العرب ليست مع بعضهم البعض , ولكنمع سياسات بعضها معلن و الكثير منها غير معلنتهدف إلى خدمة مخططات وأهداف مرسومة حتى ولو كان ذلك على حساب الوطن والمواطن . ومن أجل ذلك , حرص كل نظام على خلق طبقة من المسؤولين الذين تنسجم مصالحهم مع تلك السياسات والأهداف , وبالتالي يشكلون واجهة للنظام الذي ينتمون إليه لحمايته وللمساعدة في تطبيق تلك السياسات . 

 لا يوجد حل سحري لمشاكل الأمة نظراً لتنوعها واستفحال بعضها ؟ الحل السحري غير موجود في الحياة , فهو أمل كل كسول يعيش في عالم الأوهامولا يريد العمل أو التضحية لايجاد حلول لما يجابهه أو يكتنفه من مشاكل . والأمم الهابطة هي التي تفتش عن الحل السحري كأن يضرب زلزال مثلاً تل أبيب ويختفي الكيان الاسرائيلي بإرادة سماوية دون أن نتكفل بالثمن والتضحيات اللازمة لتحقيق ذلك , أو أن نستيقظ من النوم ونجد أن الأردن قد أصبح دولة نفطية ..... الخ .

  الشعوب الهابطة هي التي تملك قيادات هابطة وتعيش بالتالي على الآمال المرتبطة بحلول سحريةخيالية . إنها الشعوب التي يجري الزمن ويتركهاخَلْفَه منغمسة في أحلام اليقظة ومتعللة بأسباب ومسببات تُبعد عنها مسؤولية الفشل وتجنبها واجب العمل والتضحية للوصول إلى الحلول اللازمة .

 العرب عموماً يتساءلون عن المُحَصّلة النهائيةلما هم فيه ويتساءلون , ما العمل ؟ المصريون منهم والسوريون والليبيون والفلسطينيون واللبنانيون والتونسيون وغيرهم من العرب , ما العمل ؟

بعض العرب أخذتهم العزة بالإثم وباتوا يعتقدونأنهم في منأى عن الجحيم المحيط بهم, والبعضالآخر بلغ منهم القنوط مراحل متقدمة جعلهم يفقدون كل أمل في النجاة وباتوا يترحموا على الماضي , متعللين بمؤامرة قادمة من هنا أو تآمرقادم من هناك , بينما واقع الأمر يشير دائماً إلى الداخل كمصدر لكل المشاكل . 

 لا يمكن أن يصيبنا ما أصابنا من ويلات ونكبات دون أن نكون قد خلقنا بأنفسنا الأرضية المناسبة لحدوثها . من الطبيعي أن يتآمر الآخرونعلينا , ولكنهم لن يستطيعوا تنفيذ رغباتهم إلا إذا وَفـّرنا الأرضية اللازمة والظروف الموضوعية لانتصارهم وانكسارنا . أما الإدعاء بأنهم انتصرواعلينا وهزمونا رغماً عنا فهو ادعاء واهم. عوام لالنصر تكمن في داخلنا وداخل أي أمة, تماماً كماأن عوامل الهزيمة تكمن أيضاً في داخلنا وداخل كل أمة .

 النصر بالكلمات دون الأفعال هو اختراععربي حديث . و الهزيمة التي لا ذنب لنا فيها هيأيضاً اختراع عربي حديث . وكأن الآية الكريمة  "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " قدنزلت خصيصاً للعرب .

إذ كيف يمكن أن تنهض الأمم دون استحضارعوامل القوة الذاتية والتفوق والإبداع مُعَزَزَة بالاستعداد الذاتي للتضحية. والتضحية هنا ليست بالضرورة حكراً على مفهوم التضحية بالنفس , بلتشمل أيضاً الاستعداد للتضحية بالوقت والجهد والفكر وبالعمل لمصلحة الفرد والمجموع ضمن إطارمؤسسي و رؤيا واضحة. وتبقى فسحة الأمل هي طاقة الفَرَج التي تجعل الحياة الصعبة ممكنة ,وغيابها هو الطريق الأقصر للانهيار المادي والمعنوي والفشل الذريع . وطاقة الفَرَج هي في قلوبنا وعقولنا وإرادتنا وبصيرتنا وليست في الأفق البعيد تنظر إلينا ولا ننظر إليها . وللأسف فإن الأفق العربي حالياً وعلى رحابته يبقى مضطرباً ومليئاً بالعواصف . ولا يوجد الآن أي صدى فيه يعلو على صدى الموسيقى الإسرائيلية التي ابتدأت تعزف ألحانها الخاصة بها , وعلى وقعها ابتدأ بعض العرب يرقصون ملتزمين بالإيقاع الإسرائيلي التزاماً ذاتياً دون ضغط أو إكراه .

 وهكذا يجابه الفلسطينيون الآن أنماطاً جديدة من الأعداء المُدﱠثِرين بعباءة العروبة وعليهم أن يتعاملوا معهم انطلاقاً من القاعدة الذهبية بأن"صديق عدوي هو عدوي". معظم الحكام العرب لهمالآن اتصالات سرية وعلنية مع اسرائيل , وبعضهم أكثر من ذلك .

فبعضهم الآخر يستقطب حُرّاسه الشخصيين من جهاز الموساد الإسرائيلي , والتنسيق الاستخباري بين العديد من الأجهزة الأمنية العربية مع جهاز الموساد الاسرائيلي أصبحأمراً روتينياً . والقيادة الفلسطينية أكثر قبحاً في تعاملها مع اسرائيل حتى ولو كانت تبرر ذلك بالواقعية التي تعترف بالاحتلال وتتعاون معه منمنطلق أن "الضرورات تبيح المحظورات" , دون توضيح ما هي "الضرورات" ؟ وما هو المقصود منها ؟

        تُرى ماهي الضرورات التي تجعلمحمود عباس يتشدق مثلاً بالحديث عن"المحرقة اليهودية" (الهولوكوست) وبأنها "أبشع جريمة عرفتها البشرية في التاريخ الحديث ", ويتنطح صائب عريقات بالإدعاءوالقول أن هذا هو الموقف الفلسطيني !! لماذا لم يصرح محمود عباس,مثلا, بأن "المحرقة اليهودية" و"مذبحة دير ياسين" هما منأبشع الجرائم التي عرفتها البشرية في التاريخ الحديث؟ لو فعل ذلك لكان فيه فائدة للفلسطينيين وتذكيراً بجرائم الصهيونية وأصولها الغاصبة لفلسطين , ولتم ربط مذبحة دير ياسين بالمحرقة اليهودية في أذهان المجتمع الدولي . ماهي الضرورات التي جعلت محمود عباس وصائب عريقات يتمسحان بأعتاب اسرائيل مجاناً ؟ويذكرون المآسي المتعلقة باليهود وينسون أويتناسون تلك المتعلقة بالفلسطينيين؟ ومن سمح لمحمود عباس أن يقول ما قاله بإسم الفلسطينيين ,ومن سمح لصائب عريقات أن يدعي زوراً بأن هذاهو الموقف الفلسطيني ؟ تلك هي المصيبة التييعاني منها الفلسطينيون الآن وهي تنبع من داخل المجتمع الفلسطيني وقيادته التي التزمت بالضرورات وتناست المحظورات . 

      وحتى لا تصبح الضرورات مطلباً شعبياً فلسطينياً وعربياً , فمن الضروري التذكير بأن  السنوات لا تقاس في عمر الشعوب بعددها , تماماًكما أن سنوات الاحتلال لا تقاس في عمر الشعوب المناضلة من أجل حريتها وحقوقها بعددها أيضاً .الشعوب المستكينة للاحتلال تنحدر نحو هاوية القنوط والاستسلام بصمت وقَدَرِية يجعلان من ذلكالاحتلال واقعاً وليس حالة طارئة , ويخلق استعداداًزائفاً لدى الكثيرين للقبول بحتمية بقاءه واستحالة التخلص منه .

        يدعي العديد من المسؤولين الفلسطينيين والعرب بأن سنوات الاحتلال الاسرائيلي الستون ونيف تشكل النهاية بالنسبة للشعب الفلسطيني ,وأن خطر فقدان الوطن وتراثه ومعالمه إلى الأبد قدأصبح قائماً . وهذه المقولة هي الوسيلة الأمثل لتبرير التنازلات البلهاء والتفريط بالحقوق الوطنية الفلسطينية التي تنتهجها القيادة الفلسطينية ,وجسراً للحكام العرب يعبرون منه إلى اسرائيل حتى يضمنوا رضا أمريكا عنهم .

      الإصرار على تعداد السنين هي المقياس الأنسب لدى الفاشلين لتبرير النتائج السلبية لغياب الإرادة والاستعداد للتضحية . أما المناضلين الحقيقيين , فإن المقياس الزمني الوحيد المقبول لديهم هو الوصول إلى الأهداف المنشودة .العثمانيون حكموا العرب وغير العرب مئات السنين ,وفي النهاية غادروا . والعرب حكموا اسبانيا(الأندلس) مئات السنين , وفي النهاية غادروا .وفي جنوب افريقيا حكمت الأقلية البيضاء الأغلبية السوداء في إطار نظام فصل عنصري جهنميودموي , وفي النهاية اضطروا إلى مغادرة الحكموتسليمه الى الأغلبية السوداء . ماذا يخشى الفلسطينيون ؟ الإسرائيليون قد يحكمون لعشرات السنين أو أكثر بقليل أو أكثر بكثير , ولكنهم سوف يغادرون في النهاية طالما كان هنالك إرادة فلسطينية لمقاومة وجودهم الاحتلالي والاحلالي,طال الزمان أم قصر .

        وحتى تكون هذه المقاومة ذات جدوى , فإنها يجب أن تأخذ أشكالاً عديدة وأن لا تكون نمطية .فعلى الفلسطينيين الاستفادة من كل ما هو متاح أمامهم دون أن يؤدي ذلك إلى أي تنازل علىالإطلاق. وتعامل الفلسطينيين مع واقع الاحتلال يجب أن يبقى تعاملاً قسرياً تحكمه الضرورة دونأن يعني ذلك القبول بالاحتلال أو الاستسلام له .فالتعددية في النضال وأساليبه هي في نفس أهمية التعددية في السياسة. يجب أن يتسع صدرفلسطين والعرب لكل أشكال النضال دون تخوين أوتكفير أو إقصاء طالما كان الهدف هو تحرير القلب الفلسطيني والعقل الفلسطيني والإرادة الفلسطينية والعربية , فبدون ذلك لا يمكن تحرير الأرض الفلسطينية أو الواقع العربي المهزوم والمأزوم .فالحرية يصنعها الأحرار وليس التابعين والمهزومين في داخلهم .

      صحيح أن على الفلسطينيين الاستفادة من كلماهو متاح من أجل خدمة قضيتهم ولكن على شرطأن لا يؤدي ذلك إلى أي تنازل على الإطلاق . فكمايدعي الإسرائيليون بأنهم موجودون على الأرضليبقوا , على الفلسطينيين أن يأخذوا نفس الموقف ويؤكدوا أنهم  موجودون على الأرض ليبقوا عليها .وذلك يجب أن لا يعني أنهم موجودون فقط علىجزء من الأرض ليبقوا عليه أو أنهم يريدون ذلك أويوافقوا عليه . فلسطين كلها هي الأرض .

       هذا الكلام لا ينطبق على الفلسطينيين فحسب, بل على الحكام والشعوب العربية أن يعوه ويفهموه, فإسرائيل عدو للعرب تماماً كما هي عدوللفلسطينيين . والعلاقة الوحيدة المقبولة إسرائيلياًمع العرب هي علاقة التبعية , أي تبعية العرب لاسرائيل .

      إن الولوج في المسالك الخلفية والسير في عتمةالظلام للتواصل في علاقة غير مشروعة بين الحكام العرب وإسرائيل هي دليل على أن هذه العلاقة لاتحظى بالقبول الشعبي . ولكن يبقى السؤال الكبير, منذ متى يهتم الحكام العرب بما تريده شعوبهم؟؟؟ ومنذ متى تهتم القيادة الفلسطينية الحالية بمايريده الفلسطينيون ؟؟

*مفكر ومحلل سياسي أردني

lkamhawi@cessco.com.jo

 

الوسوم (Tags)

إسرائيل   ,   العربي   ,   العرب   ,   الفلسطيني   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   مجازر الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني مثل المجازرالتركية بحق الأرمن
مجازر الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني مثل المجازرالتركية بحق الأرمن في فترة الحرب العالمية و ((المحرقة)) المزعومة أو ((الهولوكوست)) المفبرك! هي كذبة صنعتها بريطانيا والحركة الصهيونية معا أصل تسمية الهولوكوست) (Holocaust) جاء من كلمة يونانية قديمة كانت تعني فيما مضى ((القربان المقدس الذي يحرق حرقا كاملا بالنار قبل تقديمه للآلهة على المذبح))...هذة التسمية استعارها الصهاينة اليهود (وهم مشهورون بالكذب والخداع والتضليل والتزوير) وأنهم كانوا ((ضحية حصرية ووحيدة)) لظلم وتمييز ويكفي أن أمراء الحرب العالمية الثانية (مثل تشيرشل و ديغول) لم يذكروا في مذكراتهم ما يشير إلى وقوع مثل هذه الحادثة... ((المحرقة)) المزعومة..والاكذوبة ولماذا يصر اليهود على استخدام كلمة يونانية قديمة وإحيائها من جديد بعد أن بقيت دون استخدام لآلاف السنين؟؟؟ فالمحرقة المزعومة كانت في المانيا ولماذا يجب أن ندفع ثمنها نحن؟! في فلسطين وبصراحة كلام أبو مازن الذي يعيب فيه الكارثة التي جرت على الشعب اليهودي ليس له ما يدعمه ويؤيده في الواقع الفلسطيني المظلوم والمقهور و حينما يقول رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن آخر الامر إن “الكارثة هي الجريمة الأفظع على الانسانية التي نفذت في العصر الحديث”، بل يرى يوم الكارثة “يوما حزينا جدا”، يكون واجب البرهنة على أن هذا الكلام يواطيء فيه اللسان في هذا الواقع وفي (غزة) التي قصفت بقنابل الفسفور الابيض ما يدل على أن اسرائيل أحرقت الفلسطينيين فيها”؛ وهذا موثق في تقرير كولدستون اضافة الى حرق اهالي قانا بالجنوب اللبناني ففي فلسطين ودول الجوار لاتحظى المحرقة المزعومة باهتمام بل هناك تجاهل مطلق تقريبا لهذة الشماعة الصهيونية . وليس من المفاجيء ان يحمل حتى اسم “هتلر” الفهرر في المجتمع الفلسطيني وهي علامة تحد للصهاينة، بل يوجد فلسطينيون اسمهم الخاص هتلر ورومل . ففي المجتمع الفلسطيني ينشر الى اليوم خرائط بلا الكيان الصهيوني وتسمي المدن بمسمياتها الاصلية حيفا واللد وعكا وتل الربيع وام الرشرار ولا زال ينظر اليها كمستعمرات،جاء اليها المستجلبين اخيرا مجازر الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني مثل المجازرالتركية بحق الأرمن في فترة الحرب العالمية و ليس من قبيل الصدفة أبدا أن يستخدم الصهاينة قنابل الفوسفور الأبيض التي رأيناها كيف كانت تحرق أجساد الأطفال في غزة!!! وليس من قبيل الصدفة أيضا أن يأمر الرئيس الأمريكي هاري ترومان ((اليهودي)) بإلقاء القنابل النووية على المدن اليابانية، والتي تسببت بقتل وإحراق مئات الآلاف من البشر!!! وهي مثل المجازرالتركية بحق الأرمن في فترة الحرب العالمية الكاتب مركز شتات الاستخباري
ناشط سياسي  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz