Logo Dampress

آخر تحديث : الأربعاء 17 نيسان 2024   الساعة 02:01:50
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
من المسؤول عن إستمرار العنف والصراع في ليبيا ؟ بقلم: الدكتور خيام الزعبي
دام برس : دام برس | من المسؤول عن إستمرار العنف والصراع في ليبيا ؟ بقلم: الدكتور خيام الزعبي

دام برس:
تمرّ ليبيا اليوم في فترة صعبة حيث تتزايد حالات العنف والأحداث الأمنية وتتنقل عمليات الإغتيال بين مناطق متعددة، كما يتزايد الكلام عن الفساد وسرقة الأموال العامة خاصة أن لا مؤسسات وآليات للمحاسبة، فضلاً عن تنامي فقدان المجتمع المدني لقناعته بإمكانية العبور نحو الدولة خاصة أنه مجتمع حديث العهد ولا يتمتع بقدرات عالية من أجل مواجهة هذه من الصعوبات والتحديات، وبذلك تحوّلت ليبيا، إلى مصدر إزعاج إقليمي ودولي، والى مخزن أسلحة مفتوح وعابر للحدود، والى وكر للجماعات الإرهابية، وميدان تدريب وتأهيل وتصدير لعناصرها باتجاه دول الجوار وساحات صراع أخرى.
لا يكاد يمر يوم دون أن تسجل ليبيا حدثاً مأساوياً جديداً، سواء كان على شكل إغتيالات سياسية، أو تفجيرات، أو هجمات على المؤسسات الحكومية والأمنية والقضائية، بالطبع أصابع الإتهام تتجه دوماً إلى المليشيات المسلحة، التي يبدو أنها تصول وتجول في البلاد دون حسيب أو رقيب، ولم تتمكن أي حكومة ليبية حتى الآن من القضاء على هذه المجموعات المسلحة.
لكن للأسف ما حدث خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ونحن نقترب من نهاية ولاية المؤتمر الإنتقالي، أن ليبيا تحولت إلى بلد لا سلطة فيه ولا قانون، وباتت الثورة كابوساً يسيطر على آمال الليبيين، حيث الميليشيات والكتائب والدروع المتناحرة والمتنافرة، التي استفادت من الفراغ الأمني بعد سقوط القذافي، لتحكم الساحة حكومة ضعيفة متهالكة، ومؤتمر وطني منتخب عاجز عن تحقيق ما يصبوا إليه المواطن الليبي.
ومن هنا إن ما يحدث في ليبيا يتضح لنا إن الركض المبالغ فيه من قبل الغرب كان خلف الديمقراطية الشكلية بدلاً من السعي لإستتباب الأمن، فالمجتمع الدولي لم يتحمل مسؤولياته من خلال نقل الليبيين الى بر الأمان والإستقرار، فالأوضاع لا تزال في تدهور مستمر، والمشاكل تمس الاتحاد الأوربي مباشرة، فلاجئون من أفريقيا يستخدمون الأراضي الليبية ممراً إلى أوربا عبر البحر المتوسط​​، كما أن المتطرفين والإرهابيين بإمكانهم التحرك بحرية عبر الحدود المفتوحة، وتوقف إستخراج النفظ يؤثر سلباً في إمدادات الطاقة لأوربا، ويبدو الإتحاد الأوربي مفتقداً كل وسائل تحقيق الإستقرار والأمن في البلد المطل على حدوده الجنوبية، كما أنه من غير الواضح أيضاً كيف سيتعامل الأوربيون مع إنهيار وشيك للحكومة المركزية في ليبيا.
ولا شك أن استمرار هذه الأوضاع، وعجز الشعب الليبي عن التوافق على رؤية وطنية لوضع حد لها، من شأنه أن يعصف بمقدرات البلاد، ويعيق مسيرتها نحو الأهداف المنشودة، وفي ظل عجز المؤتمر الوطني العام، الذي ولد ضعيفاً نتيجة المعطيات السياسية والثقافية غير الناضجة التي أفرزته، وما ظل يعانيه من عوائق وعقبات، عن أداء مهامه التي أنتخب من أجلها، وهي إدارة المرحلة الانتقالية، وفقاً لما رسمه له الإعلان الدستوري، وتعثره وإضطرابه في إنجاز أهم إستحقاق كان عليه إنجازه وهو تهيئة الدولة بوضع دستور يتضمن نظام حكم يضمن الديمقراطية وحقوق المواطنين الأساسية ويؤمن لهم الخدمات العامة ويضمن توزيع عادل للثروة وتنمية متوازنة بين المناطق وحماية الحريات السياسية وحرية التعبير والتجمع والحريات الضامنة للنشاط الإقتصادي والحريات الضامنة للتنوع الثقافي والعدالة والمساواة بين الجميع دون التمييز على أساس الإنتماء السياسي أو العشائري، وأن يضع آليات لمحاسبة المجرمين وتحديد مسار المصالحة الوطنية.
وفي سياق متصل إن الحكومة الليبية ليست وحدها التي غضت البصر عن الميليشيات على تعددها في ليبيا، وتوكل إليها مهمة حفظ الأمن وتطبيق القانون، بل أن الولايات المتحدة الأمريكية وأتباعها من الغرب هي الأخرى كانت وما تزال تتعامل مع هذه الميليشيات حتى بعد قتل إحداها سفيرها في بنغازي السنة الماضية، ربما لأنها تعرف أنه لا توجد هناك دولة في ليبيا، بل ولا تريد أن تقوم بليبيا الجديدة دولة كل ما هناك حكومة ضعيفة غير قادرة على تطبيق القانون وغير قادرة حتى على حماية مواطنيها، لذلك ليس من مصلحة الميليشيات، ولا الدول الغربية التي أسقطت القذافي، أن تقوم هناك دولة مركزية تعيد للدولة هيبتها، وتبسط سيطرتها على ثروات البلاد، فمثلما منع العراق ما بعد صدام من بناء دولة قوية، تطبق أمريكا وحلفاؤها نفس المنطق مع ليبيا، فأينما وجد النفط، تعمل أمريكا على زرع الفتن والفوضى والعنف، بمعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها تتحمل المسئولية في ما تعاني منه البلاد الآن من فوضى عارمة وعدم الإستقرار.

ها هو المجتمع الدولي يكتشف مرة أخرى حجم الفوضى العارمة التي تعيشها ليبيا ما بعد القذافي، وإكتشف أن الثورة المزعومة لم تحرر الإنسان الليبي، وتحقق أمنه واستقراره، بل إن الليبيين صاروا يترحمون على زمن القذافي بعد كل الظلم الذي لحقهم على أيدي الجماعات الإرهابية التي تسمي عناصرها ثواراً.

يمكنني القول هنا إنه في هذه المرحلة الراهنة تبقى ليبيا تنزف، يتهدد وحدتها وإستقرارها وبناء مؤسساتها عنف المليشيات بمختلف عناوينها القبلية والإيديولوجية، وتبقى دول الجوار الليبي في حالة استنفار دائم تستنزف قدراتها المادية والعسكرية، ويُخيّم على خارطتها شبح التهديد الإرهابي والحروب الأهلية بما أن السلاح الليبي يكاد يكون في متناول الجميع، وقواعد تدريب الإرهابيين مفتوحة على مصراعيها للوافدين من كل أنحاء المنطقة.
بموازاة ذلك إن ليبيا تواجه تهديدات بالغة الخطورة تفتح الطريق أمام الدولة الوليدة إلى عبور سريع بإتجاه مستنقع الإفلاس والفشل، كما أن العنف والنزاعات القبلية والصراعات المحلية حولت عملية التحول الديمقراطي إلى وضع فوضوي فيما بات البترول الذي يستطيع أن يؤمّن حياة الليبيين جزءاً من لعبة الصراع الدائر بين الدولة ممثلة في الحكومة المرتبكة والمليشيات المسيطرة عملياً على الأرض، وهو ما بات ينذر بمخاطر قد تدفع القوى الإقليمية والدولية إلى التضحية بليبيا وتحويلها إلى صومال جديد، لذلك فقد بات من الضروري أن يبادر أبناء الوطن المخلصون الحريصون على مستقبله ومستقبل أجياله للبحث عن حلول قد تكون كفيلة بإنتشال البلاد من المأزق الذي وقعت فيه، وفتح آفاق جديدة نحو بلوغ الأهداف المرجوة
وأخيراً أختم مقالتي بالقول إننا أمام مؤشرات واضحة وصريحة بأن المقاربات الأمنية لن تجدي نفعاً لحل الاضطرابات والفوضى في ليبيا لأن الحلول الأمنية محدودة في الزمان والمكان، إذ لا بد من مبادرة حقيقية يكون هدفها لم الشمل وتغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والحزبية والجهوية، وضرورة إحترام المؤسسات المتعددة، هذا مما يعزّز فرص الإستقرار والأمن ومشاركة الجميع في بناء الدولة الليبية.
Khaym1979@yahoo.com

الوسوم (Tags)

ليبيا   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz