Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 14:25:34
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
لبنان: إستهداف الأمن والإستقرار .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | لبنان: إستهداف الأمن والإستقرار .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
في الآونة الأخيرة باتت تغلب على جلسات الناس الأحاديث عن آخر الإشاعات حول العثور على سيارات مفخخة أو إحتمالات ركنها في مناطق شيعية وأخرى سنية، بهدف تحويل التوتر المذهبي القائم في لبنان حالياً إلى حالة من الإقتتال، فبعد مرور سنوات عديدة على إنطلاق مسلسل التفجيرات المتنقلة والمتنوعة في لبنان  بين إغتيالات سياسية، وهجمات إنتحارية، وسيارات مفخخة، والذي بدأ في عام 2004، لم يتبدل ويتغير شيء في مشهد الإتهامات بين الفرقاء المليئة بالمصطلحات المحرضة على النعرات الطائفية والمذهبية، وكأن من ينفذ هذه الجرائم يريد أن يبقي لبنان مكبلاً بهذه الإتهامات التي تزيد الفرقة بين أبنائه والتي من شأنها أن تقود لبنان الى المزيد من الفوضى البناءة.
واليوم إن حالة الإرباك والتوتر القائمة على المشهد الداخلي اللبناني تتجه نحو المزيد من التشنج والإصطدام، خصوصاً بعد الإتهامات المقلقة التي وجهها فريق 14 آذار إلى حزب الله وحلفائه بتحمل مسؤولية التفجير الإرهابي الذي إستهدف الوزير السابق محمد شطح، ما يدل هذا على تكريس الإنقسامات وزيادة حدة الخلافات بين اللبنانيين لقطع الطريق أمام كل فرص الحلول التي من شأنها أن تجد التسوية الملائمة لكافة الأطراف في موضوعي تأليف الحكومة وإنتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد المحدد.
شهد اللبنانيون، في الأعمال الإرهابية البشعة في بيروت وضاحيتها الجنوبية وطرابلس وصيدا والبقاع، صورة عن الهاوية الأمنية التي يمكن أن تنزلق اليها البلاد، كأننا في بدايات حرب طائفية ربما تكون أكثر شراسة ودموية من سابقتها التي إندلعت عام 1975 وإستمرت 15 عاماً، فالمحرضون جاهزون، وكذلك الممولون وفتاوى شيوخ الفتنة، الذي ينذر وقوع لبنان مجدداً في أفخاخ الآخرين، وفوق كل ذلك نزوح سوري خطير الى لبنان.
من المؤلم والمخجل أن نرى  أمتنا العربية تقف اليوم بإزاء دورة تاريخية مرعبة مليئة بالفوضى والإنفلات وإتساع دوائر العداء والبغضاء بين المسلم والمسيحي، وبين السني والشيعي، ودخلت على خط الأزمات العربية كل الدوائر التحريضية الأجنبية، طبعاً الهدف الأساسي هو إشعال فتنة طائفية وحرب أهلية بين اللبنانيين، فتختلط الأوراق وتكون اليد العليا للعدو الصهيوني الذي يناسبه بما يجري في لبنان، ويشجع على ذلك بقاء الحياة السياسية مشلولة وبقاء الحوار الهادئ والمسؤول غائباً، فضلاً عن بقاء الساحة الداخلية أرضاً خصبة لكل أنواع الغرائز التي يغذيها خطاب سياسي متشنج في لبنان.
وفي سياق متصل يمكنني القول إن لبنان تحوّل إلى الحديقة الخلفية لسوريا، فعاش البلد على ايقاع الميدان السوري، وإرتبطت أزماته السياسية والأمنية والدستورية والإقتصادية والإجتماعية مباشرة بإنعكاسات الصراع السوري عليها وإحتشدت فيه كل عوامل التفجير، ما تسبب ذلك بإنقسام عمودي ذي طبيعة مذهبية مخيفة، إذ أصبح الحدث السوري في قلب المعادلة اللبنانية، فإزدادت الصورة المغرقة في ضبابيتها تعقيداً مع إرتفاع عدد النازحين السوريين في لبنان إلى ما يزيد على المليونين، وقد رتب هذا على لبنان أعباء إقتصادية، أمنية، إجتماعية، تربوية لا قدرة له على إحتمالها في ظل شح المساعدات، وعدم إلتزام الدول المانحة بالوعود التي قطعتها لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، في قمة الكويت والإجتماع الذي عقد في نيويورك على هامش إجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة، وقد أظهر هذا بأن اللبنانيين غير قادرين على إبتداع حلول تنتشل وطنهم من الغرق في الفوضى والطائفية، وذلك بسبب خلافات قياداتهم وعجزهم عن الإتفاق حول المصلحة المشتركة للبنانيين.
ومن المفارقة أن نرى طرفين أساسيين كانا المستفيدان الأكبر من الثورات العربية وإثارة القلاقل والنعرات الطائفية دون ان يكون هناك اي تنسيق بينهما، وهما إسرائيل وتنظيم "القاعدة" والجماعات التي تتبنى إيديولوجيته، حيث وفرت الدول الملاذ الآمن للجماعات الجهادية كليبيا وسورية والعراق واليمن، أما اسرائيل فجاءت إستفادتها من خلال ضعف أهم ثلاث دول مركزية عربية وغرقها في حروب طائفية أو إنقسامات إيديولوجية، والمقصود هنا المثلث المصري السوري العراقي
وهنا يمكنني القول إن الولايات المتحدة تهتم بوضوح بمصالح إسرائيل وهكذا حصلت على المصالح الإسرائيلية من خلال القضاء على السلاح الإستراتيجي السوري وهو سلاح النفط، وأعتقد أن التقارب الإيراني سيذهب في نفس المجال، أي بالسيطرة وجعل هناك ضمانة أن يكون البرنامج النووي الإيراني برنامجاً سلمياً فقط، مما يعني أن كل ما يجري وكل هذه التحالفات تخدم إسرائيل، أما على الساحة السورية فإن التقاتل الداخلي فيها يخدمها بالدرجة الأولى من عدة جهات، من جهة تدمير الواقع السوري ومن جهة تصادم كل القوى التي يفترض أن تكون في خانة العداء لمصلحة إسرائيل، وبالتالي يسعى الغرب الى إستغلال هذه الخلافات الطائفية والمذهبية وتأجيجها في المنطقة لأنها تحقق له هدف إثارة الفوضى وتقويض الإستقرار ويحقق أهدافه ومصالحه الاستراتيجية، ومصلحته أيضاً أن يبقى هذا الصراع قائماً ومستمراً، ولهذا فهو يسعى الى أن يكون هناك في المنطقة قطب شيعي محوره إيران، وقطب آخر سني يكون دائماً في مواجهة القطب الشيعي، وهذا ما يتيح للغرب التدخل بإستمرار في المنطقة.
كما إنه ليس من المستغرب أن يتجه الوضع الإقتصادي اللبناني نحو المزيد من التأزم بسبب التوترات السياسية وزيادة الإنفلات والفوضى، وربما يشهد إفلاس بعض المؤسسات السياحية والتجارية والنتيجة، تزايد هجرة اليد العاملة المتخصصة الى دول الخليج مما ينعكس سلباً على جودة الخدمات الوطنية التي يصعب تعويضها قبل عقود
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة، الى أين يتجه لبنان الى إنفراج أم إنفجار في ظل الأوضاع الراهنة؟
مما لا شك فيه، إن البلاد مقبلة على إحتمالات خطيرة قد تضيّع فيها كل فرص الوصول إلى بر الأمان إذا ما إستمر التشنج والإتهام السياسي الغرائزي الطائفي والمذهبي لفريق سياسي أساسي في لبنان بجرائم الإغتيالات السياسية، كما إن المناخ السائد سيطيح بكافة الفرص المتاحة لإنتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة المحددة دستورياً لإنجاز هذا الإستحقاق.
وهنا أرى إن العام الجديد سيشهد تصاعداً في الحرب الطائفية وإتساعها جغرافياً، مثلما سيشهد ذواباً أكثر للحدود وإمتداد الحرب السورية الى لبنان والأردن وربما الى دول الخليج، ولا نستبعد في الوقت نفسه ضعف مظلة مجلس التعاون الخليجي وخروج دول منها بشكل مباشر او غير مباشر بسبب الخلاف حول مسألتين الأولى العلاقة مع إيران، والثانية صيغة الإتحاد التي تتبناها القيادة السعودية كتطوير للمجلس
فوسط العواصف الأمنية الخطيرة في لبنان، يبقى الرهان الحقيقي على حكمة القيادات والسعي لسحب فتيل التفجير عبر تخفيف حدة الخطاب السياسي، ولا يمكن أن يحفظ كينونته ومصالحه إلا بوحدة داخلية حقيقية وليس بالإنتماء إلى المصالح الشخصية، كل ذلك يعيد إلى التفكير أن ثمة واجباً على الدولة اللبنانية لحماية أبنائها بكل الوسائل الممكنة، والإنتقال بالتالي إلى حوار طال إنتظاره في ظل التآمر الخارجي المكشوف من أجل استمرار نزيف الجرح اللبناني، والذهاب بعيداً في مخططات لم تعد خافية على أحد تهدف لإضعاف الدولة وضرب وحدتها الوطنية، لذلك لا بد حماية لبنان من إنعكاسات التجاذبات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة والبحث في السبل التي تحمي لبنان من الأخطار التي تحيق بها.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن ما يجري الآن في لبنان من تجاذب طائفي حاد نصرة لهذا الفريق أو ذاك ينزلق بلبنان رويداً رويداً نحو تكريس الفتنة وإشعال حرب طاحنة لن يكون فيها منتصر سوى العدو، وبالتالي  فإن الكراهية والإتهامات السياسية، لا تبني أوطاناً، ولا تقيم عدالة، بل تسمح لأعداء لبنان بالتسلل في ظلمة الأحقاد لتزيد من عمق الفتنة بين اللبنانيين، نريد أن تكون لبنان كما كانت دائماً بلداً للتلاقي، تسودها الطمأنينة والهدوء لا سوط الإرهاب والوعيد، فخلاص لبنان من أزمتها يتمثل بالحل السلمي السياسي والحوار وقبول الآخر، فلا عيش ولا إستمرار لنا إلا بالتعاون مع بعضنا للدفاع عن وجودنا ومصالحنا كأمة واحدة لها دين واحد وتاريخ واحد ، وأعداء كثر لهم أديان مختلفة و لغات متعددة وهدف واحد هو القضاء علينا كأمة مسلمة، لذلك لا بد من إعلاء صوت العقل والحكمة في التعاطي مع هذه الأعمال الإرهابية الخبيثة والعمل على توحيد صفوفهم ونبذ التفرقة والتصدي لمشروع الفتنة الذي يسعى إليه أعداء لبنان.
Khaym1979@yahoo.com
 

الوسوم (Tags)

لبنان   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz