Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 20 نيسان 2024   الساعة 12:35:07
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
أردوغان وفقدان المشروعية السياسية والشعبية وعليه التنحي .. بقلم: الدكتور عوني الحمصي
دام برس : دام برس | أردوغان وفقدان المشروعية السياسية والشعبية وعليه التنحي .. بقلم: الدكتور عوني الحمصي

دام برس:

  من المؤكد منذ تولي حزب العدالة والتنمية السلطة في تركيا عام 2002، بوجه عام، ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بوجه خاص جملة من الإشكاليات والمخاوف الكبيرة والمتعددة، شكلت بمجملها حالة من القلق وعدم الاستقرار النفسي الداخلي والمتمثلة بالتخبط والضياع السياسي بين ما هو مقتنع به وبين العالم الخارجي المحيط به سواء على صعيد الأحزاب والقوى السياسية المعارضة والقوى الضاغطة والرأي العام..وغيرها ، ناهيك على المستوى الكلي لجملة العلاقات البينية لتركيا مع محيطها الجغرافي والدولي، نلاحظ دون أدنى شك أن ما يمر به رجب اردوغان اليوم هو أسوأ مرحلة من مراحل تاريخه في العمل السياسي وتعتبر المرحلة الحالية من أصعب مراحل وحالات التشرذم والتشظي النفسي في سلوكه السياسي سواء على مستوى الداخلي أو الخارجي من خلال جملة المفاجآت والحسابات غير المتوقعة التي شكلت بمجملها حاجزاً وعائقاً أولياً لطموحاته ومخططاته السياسية التي يرنوا إليها سواء للوصول للرئاسة في التركية أو في لعب دور السلطان العثماني الجديد في القرن الواحد والعشرين في العالم الإسلامي، ومن هنا يمكننا وصف تلك الحالة التي يمر بها رجب طيب اوردوغان اللحظات الأخيرة قبل السقوط في الهاوية، وهذا ما استشرفه استاذه نجم الدين اربكان الذي يعتبر أول من أدرك حالة السقوط في الهاوية، منذ اللحظات الأولىلصعود نجم اردوغان في عالم السياسة، بعد إعلان اردوغان وعبدالله غول الانشقاق عن حزب الرفاه وتأسيس حزب العدالة والتنمية، الذي وصفه اربكان انذاك "بالعميل الأول للإمبريالية"، عندما قال:"هذه كانت خطة أمريكا وقد نجحت في إخراج قطار أولادنا وشبابنا في الحزب عن مساره.. واليوم هؤلاء المنشقون هم في سقوط نحو الهاوية"، ولعل من أهم العوامل الفاعلة التي ساعدت في اكتشاف وزيادة حدة تلك الحالة المرضية "قلق الضياع والانهيار والخوف مما هو قادم لمستقبله السياسي والاجتماعي"، وهنا يكمن السر الكبير والعظيم إلا وهو الصمود البطولي للقيادة السورية وللجيش العربي السوري،اللذين أسسوا اليوم لعلم جديد هو "علم النفس البطولي"،والذي سنشاهده قريباً يدرس في أرقى جامعات العالم ومراكز الأبحاث العسكرية والإستراتيجية بسبب الحكمة والقدرة والإيمان في مواجهة المؤامرة القذرة التي قادها اردوغان في سفك دم الشعب السوري، من هنا كان كشف المستور لحقيقة اردوغان بعد نجاح عملية التشريح الحقيقي لمّا يجول في ذهنه من صور ومخاوف فهي فعلاً غائبة حاضرة في كل تحرك وكل قرار وفي كل توجه سلكه في حياته السياسية سواء على المستوى الداخلي أوالخارجي وحتى على مستوى السياسات الاقتصادية والاجتماعية وحتى الدستورية، وعلى سبيل المثال لا الحصر لم يكن اوردوغان يفتقر إلى الثقافة الديمقراطية فحسب، بل كان ينطلق في كثير من الأحيان في سياساته العامة من منطلق براجماتي شخصي ضيق لا يتجاوز تحقيق الوصول إلىمرتبة السلطان العثماني الجديد على مستوى الداخل التركي وعلى المستوى الإقليمي ، ولعل من أهم الهواجس التي لم تفارق ليالي اردوغان السوداء النهاية التي ستؤول به على مستوى الحياة السياسية أو الحياة الشخصية لأنه يدرك ما زرعه عبرا مسيرته السياسية وخاصة اتجاه المقربين به أمثال معلمه الأول نجم الدين اربكان انتهاءً بفتح الله كولن الأب الروحي له -كما يقال- ولا يمكننا أن ننسى أيضاً الكثير من أسباب الخوف والحذر إزاء الكيفية التي قد تأتي عليها ردود فعل المؤسسة العسكرية العلمانية. وهو ما جعله يتصرف بما يتفق مع مخاوفه بالضبط، فأطلق سلسلة من المحاكمات الصورية التي استهدفت كبار قادة المؤسسة العسكرية وغيرهم من المعارضين المحتملين في نظره. وعندما خسرت حكومةاردوغان في نهاية المطاف دعم الليبراليين الذين أيدوا في البداية فإذا به يشن حملة صارمة على وسائل الإعلام وحرية التعبير.

ومنذ ذلك التاريخ وهناك صور لا تغيب عن ذهن رجب طيب اردوغان بسبب طبيعة العلاقة بينه وبين المؤسسة العسكرية من جهة ومع الحزب من جهة أخرى، والتي بدأت مؤشرات تصاعدالأزمة  بينهما في الآونة الأخيرة بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر.

1.
صورة الانقلابات العسكرية التي نفذها الجيش في أعوام1960 و1971 و1980 ، 1997، وما نتج عنها من تداعيات انتهت بإعدامات لرئيس مجلس الوزراء كما حدث بعد انقلاب 1960 الذي كان بسبب خلافات متعددة بين المعارضة و«الحزب الديمقراطي» الحاكم،أثر تصاعد حدة المظاهرات المختلفة في اسطنبول وأنقرة، مما أدى إلى تدخل الجيشالذي أعلن قائده آنذاك "البارسلان تركش" السيطرة على مقاليد السلطة ،ونتيجة لذلك شكلت محاكمات قضت بإعدام رئيس الوزراء عدنان مندريس والحكم بالمؤبد على رئيس الجمهورية جمال بيار.
2.
تصفية حساباته مع المؤسسة العسكرية من خلال محاولاتهالمتكررة لتحجيم دورها ومنعها من تكرار تجربتي عدنانمندريس ونجم الدين اربكان، فالأحكام القاسية التيأصدرها القضاء التركي قبل أيام في قضية "ارغينيكون" التي استندت إلى اتهام لمئات الضباط من مختلف الرتب "التآمر" للإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية، أتت تعبيراً عن ذلك الاحتقان المتحكم في العلاقة بين الحكومة الاوردوغانية الإخوانية والمؤسسة العسكرية، من أجل إبعاد الجيش عن السياسة وبمثابة ضربة لمفهوم إن القوات المسلحة هي الحارس على الجمهورية التي أرسى أسسها مصطفى كمال اتاتورك عام 1923. لتكون بذلك نسبة الاستقالات العسكرية والانشقاقات في المؤسسة العسكرية أكبر من الحجم الطبيعي لحركة التقاعد الطبيعي، وهذا دليل كبير على وجود استياء من طريقة تعامل الحكومة المدنية مع المؤسسة العسكرية  بعد تقييدها بقوانين جديدة حرمتها الكثير من الامتيازات التي كانت متوافرة لها بموجب دستور 1971. عندما عمل على تعديل المادة 35 من قانون الجيش الذي كان يتيح للقوات المسلحة التدخل لـ "صون المبادئالعلمانية للجمهورية". لتصبح مهمة الجيش منحصرة في حماية الحدود التركية الخارجية.
3.
المشهد المصري المؤلم لاردوغان وما نتج عنه من تغير مفاجئ خالف كل توقعات المؤيدين لنموذج الحكم الإسلامي المؤدلج بما فيهم اردوغان الذي كان يراهن على الرئيس الإخوانيفي مصر"محمد مرسي" من أجل بناء نظام إخواني في كامل منطقة الشرق الأوسط يعمل تحت إشرافه باعتباره النموذج الإسلامي الحائز على رضا الولايات المتحدة والغرب عموماً. فقد شكل الجيش المصري في الإطاحة بحكم الأخوان بمصر الممثل بمحمد مرسي المنتمي إلى "الإخوانالمسلمين" ومع سقوط مرسي تلقى المشروع الإخواني ضربة قوية. وهكذا شكلت هذه الظاهرة قلق إضافي لاردوغان خوفاً من تكرار السيناريو المصري في تركيا.
4.
الانقلاب الشخصي الثاني لاوردوغان على ولي النعمة الثاني ذو الإمكانيات والمؤثر في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والقضائية والعسكرية في تركيا الخصم المنافس والوحيد والفاعل الذي  يتمتع بنفس القدر من التنظيم والشعبية وهو الزعيم الروحي لاوردوغانفتح الله غولن، والذي مهد هذا الصراع بينهما تهديداً لضرب طموحات أردوغان المعلنة في الترشح للرئاسة عام 2014.
5.
وأخيراً تعتبر قضية الفساد الداخلية الأخيرة من أخطر ما تواجه اردوغان وخاصة أن هولاء الفاسدين من أقرب المقربين منه، وعلى رأسهم ابنه بلال وأبناء وزراء من حكومته التيرفعت شعار الشفافية ومكافحة الفاسدين في المجتمع التركي لنجد أن رؤوس الفساد هم من أنصار حزب العدالة والتنمية، مما شكل حالة تذمر سواء على مستوى المنتمين للحزب أو المؤيدين لهذا الحزب ولتبدأ عملية الانشقاقات السياسية داخل الحكومة أو داخل الحزب أو من نواب ممثلينعن حزب العدالة والتنمية وكأن التاريخ يعيد نفسه كما حدث مع نجم الدين اربكان اليوم يحدث مع رجب طيب اردوغان، وهذا يعني ما زرعه مع أستاذه اربكان يحصده الآن بنفسه.
ومن هنا يمكننا القول بأن رجب اوردوغان يعاني من قلق الوجود في الساحة السياسية بعد جملة الانشقاقات من حوله سواء من الأصدقاء السياسيين أو الفر قاء ،وحتى المؤسسة العسكرية في فترة حرجة من تاريخ تركيا وهي فترة الانتخابات البلدية في آذار 2014، ومن هنا اعتقد بدأت عملية الانحراف في التفكير والسلوك من أقصى درجات الحلم الحاضر الغائب"الرئاسة" إلى أدنى درجات الخلاص والحفاظ على الذات والبقاء، ومن هنا نلاحظ التحول الكبير في تفكيره من حالم في الرئاسة التركية لعام 2014، إلى حالم في الخلاص، وهذا الخلاص مرهون بحدين لا ثالث لهما ، الحد الأول هو الخلاص من السجن المؤبد مدى الحياة، والحد الثاني هو الإعدام والخروج النهائي من الذاكرة التاريخية للشعب التركي. 

 

الوسوم (Tags)

أردوغان   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   شكرا لموقع دام بريس والسيدة مي حميدوش
صديقي الدكتور عوني مقالة ممتازة وتحليل عميق ارجو ان يصدق قريبا لان اردوغان منافق وكاذب ولا صديق له ولنا في سورية المثال على مكره وخداعه كم احترمناه وقدرنام واعطيناه ماديا واقتصاديا وماذا فعل بنا اخيرا ؟؟؟ خالف حسن الجوار والصداقة والعلاقات الدولية والتقارب الديني والتاريخي
عبد الرحمن تيشوري  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz