Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 22:16:33
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هل الحكومة الليبية قادرة على لجم المليشيات المسلحة؟ .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | هل الحكومة الليبية قادرة على لجم المليشيات المسلحة؟ .. بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس:
أن مسألة المليشيات هي واحدة من أكثر القضايا إلحاحاً التي تواجه الحكومة الليبية، حيث نشأت عشرات الألوية القتالية الطليقة من المتطوعين المسلحين في جميع أنحاء البلاد وقد أصبحت هذه الألوية المسلحة بحكم الواقع الحكومات المحلية في مدن عديدة من العاصمة الليبية.
يتزايد إنزلاق ليبيا في الفوضى، ويبدو أن الحكومة الليبية مفتقدة لوسائل تحقيق الإستقرار في البلد كما أنه من غير الواضح أيضاً كيف ستتعامل الحكومة مع المليشيات المسلحة التي تتحدى الحكم المركزي في ليبيا، فالميليشيات مازالت تسيطر على مناطق واسعة في المدن الليبية ورغم أن الحكومة تبدو مصممة على مواجهتها، إلا أن هناك شكوكاً في قدرتها على تحقيق الأمن وفرض القانون، وقد ألقى خطف نائب رئيس المخابرات الليبية مصطفى نوح الضوء مجدداً على ضعف أجهزة الدولة أمام هذه الميليشيات.
تواجه ليبيا اليوم تهديدات حقيقية، فالنزاعات القبلية والصراعات المحلية قد تحيلها الى وضع فوضوي غير مسبوق، إذ أن البترول الذي يستطيع أن يؤمّن حياة الليبيين هو الآن الجزء الذي تدور حوله الصراعات وهو ايضاً السبب الذي يدفع القوى الإقليمية والدولية الى إمكانية التضحية بليبيا وتحويلها الى صومال جديد غير آمن ومستقر مادامت منابع النفط مؤمّنة والدولة الليبيّة لا تملك أي ديون خارجية.
ومن هذا المنطلق لا تزال ليبيا، تعاني من إنفلات أمني واسع وموجة من الإغتيالات التي طالت الآلاف من الأشخاص معظمهم من رجال الجيش والشرطة، إضافة إلى رجال الدين والسياسة والإعلام، وكرست أعمال العنف الأخيرة من الغضب الجماهيري ضد الميليشيات في طرابلس حيث وقعت اشتباكات عنيفة بين الجماعات المتنافسة على الأراضي أو بسبب خصومات شخصية، وفي إطار ذلك تزايدت المطالبات الشعبية بضرورة رحيل المليشيات من العاصمة الليبية طرابلس وتسليم المدينة لقوات الجيش والشرطة.
وفي إطار ذلك إن الدولة الليبية تحيط بها الأزمات من أكثر من محور فضلاً عن سيطرة المليشيات على مخازن السلاح التي فقدت الدولة السيطرة عليها بعد قتل القذافي، ما جعل الدولة تخضع لإبتزاز المليشيات التي تتحكم في إنتاج النفط والإعتداء على الشخصيات العامة، ما أدى إلى تراجع صورة الدولة الليبية في الداخل والخارج خاصة بعد مقتل السفير الأمريكي في طرابلس والاعتداء على أكثر من قنصلية وسفارة في العاصمة، فضلاً عن انتشار الفساد ونهب أموال الدولة الليبية.
ولشراء السلام وزعت السلطات الانتقالية في ليبيا بشكل مكثف ملايين الدولارات على العديد من الميليشيات، للإنسحاب من المناطق وترسيخ مبدأ الأمن والفوضى وعندما تتوقف الحكومة عن توزيع المكافآت أو الحوافز أو تسعى إلى حل هذه الميليشيات، فإن الأخيرة لا تتوانى عن مهاجمة مؤسسات الدولة وخطف مسؤولين أو تعطيل مواقع نفطية في البلاد.
وفي سياق متصل هناك أكثر من 50 تشكيلاً مسلحاً في وسط طرابلس، وتنتمي هذه المجموعات المسلحة إلى عدة مناطق وقبائل ليبية، وبات من المعروف بأن هذه المجموعات تملك أهداف متعددة تشكل مشكلة أمنية كبيرة للسكان والحكام الجدد في ليبيا.
وفي وقت سابق عرضت حكومة علي زيدان خطة مؤلفة من 15 بنداً لإجلاء المليشيات المسلحة عن طرابلس، وتقضي هذه الخطة إحصاء المجموعات المسلحة بالعاصمة ومواقعها تمهيداً لإجلائها نحو مواقع أخرى خارج المدينة، كما إن الحكومة تنوي وضع خطة ثانية لنزع سلاح المجموعات التي سيتم إبعادها من طرابلس، ودمج أفرادها بأجهزة الأمن والجيش الليبي.
في هذا السياق قال رئيس وزراء ليبيا علي زيدان إنه يجب على جميع الميليشيات المسلحة مغادرة طرابلس دون إستثناء في أول تصريح له بعد الإشتباكات بين الأهالي والمسلحين، وأبلغ زيدان الصحافيين "أخطر شيء هو وجود السلاح خارج أيدي الجيش والشرطة مهما كانت المسببات"، وأضاف "يجب على كافة الكتائب المسلحة من أي مدينة أن تخرج من طرابلس ولا توجد استثناءات لأي كتيبة".
وبالمقابل تسبب التدهور الأمني والفوضى السياسية في ليبيا بتعطيل القطاع النفطي وتهديد مستقبله، ليهوي انتاج البلاد من 1.4 مليون برميل يومياً الى 200 ألف فقط،  كما أن الإمدادات تتوقف بين الحين والآخر بسبب العنف الذي تمارسه الميليشيات المسلحة والتي تمثل التهديد الأكبر لشركات النفط الأجنبية العاملة في البلاد، وهو ما يتوقع أن يكبد الإقتصاد الليبي خسائر كبيرة في حال إستمرت الأوضاع الأمنية والسياسية على حالها،
وقالت جريدة فايننشال تايمز البريطانية ان حقل "الشرارة" النفطي الذي كان ينتج 350 ألف برميل نفط يومياً أصبح متوقفاً عن العمل تماماً منذ أواخر شهر أكتوبر الماضي، وذلك بسبب الخلافات السياسية التي أدت الى تدهور الأوضاع الأمنية في العديد من مناطق البلاد.
أكد رئيس الوزراء الليبي أن 60% من المنشآت النفطية في البلاد توقفت عن العمل، فيما قال وزير الخارجية ان إغلاق هذا العدد الكبير من المنشآت النفطية يكلف البلاد خسائر تتجاوز 130 مليون دولار يومياً، وتقول "فايننشال تايمز" ان مسؤولي النفط في ليبيا يجدون أنفسهم دون حماية ولا قوة وسط حالة الفوضى السياسية، وفي وسط ميليشيات متناحرة تتنافس من أجل السيطرة على حقول النفط والغاز في البلاد.
ونظراً لذلك تحث الحكومة الليبية العديد من الشركات الأجنبية على العودة للعمل في البلاد، الا أن هذه الشركات لا تبدي أي حماسة للعودة الى ليبيا في ظل الأوضاع الراهنة المتوترة.
وتراقب الدول المجاورة الوضع في ليبيا عن كثب بسبب المخاوف من إنتقال العنف عبر الحدود غير المؤمنة خاصة في ظل إحتماء متشددين من تنظيم القاعدة في الصحاري الجنوبية التي لا تخضع لسيطرة طرابلس إلى حد كبير، إذ أعرب وزراء الخارجية الأوروبيون في تشرين الثاني 2013، عن قلقهم إزاء التدهور الكبير للوضع في ليبيا، بعد الصدامات الدامية في الأيام الأخيرة، وقال الوزراء في ختام إجتماعهم الشهري ببروكسل: "إن الاتحاد الأوروبي قلق إزاء التدهور الكبير للوضع السياسي والأمني في ليبيا ويدين أعمال العنف التي وقعت في الخامس عشر من تشرين الثاني في طرابلس"، ودعا السلطات الليبية إلى مواصلة الاستيعاب التدريجي لعناصر الكتائب الثورية من خلال برامج تسريح وإعادة استيعاب ونزع سلاح، هذا وأطلق الاتحاد الأوروبي مؤخراً مهمة مدنية، هدفها تدريب طاقم مكلف بمراقبة الحدود البرية والبحرية والجوية، ومن جهة أخرى أعلن متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن الجيش الأمريكي يستعد لتدريب خمسة آلاف إلى ثمانية آلاف جندي ليبي في بلغاريا لمساعدة السلطات الليبية على تشكيل جيش محترف.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا بقوة، هل تستطيع الحكومة لجم المليشيات المسلحة في ليبيا؟
من الواضح أن هذه المليشيات لديها مصالح تريد حمايتها والحفاظ عليها حتى وإن كان ذلك بقوة السلاح، وطالما ترفض الحكومة الإعتراف بمصالح هذه المليشيات، طالما تبقى خططها غير فعالة، وتبدو الحكومة من جهتها غير قادرة على السيطرة على السلاح الموجود وعدم قدرتها على تقديم المكافآت والحوافز لهذه المليشيات للتخلي عن المناطق التي تسيطر عليها وتقديم سلاحها للدولة، وبالتالي تبقى عاجزة أمام تنامي قوة هذه المليشيات خاصة في شرق البلاد الذي يشكل مسرحاً لإغتيالات عناصر أمنية واعتداءات على مصالح وهيئات دبلوماسية غربية، وفي الإطار نفسه أدى تصاعد أعمال العنف إلى هروب معظم الدبلوماسيين والشركات الأجنبية هذا مما ينعكس سلبياً على إقتصاد ليبيا ويؤخر إعادة إعمار هذا البلد لعشرات السنوات.
وبالتالي أرى فإن استمرار الوضع الحالي في ليبيا سيكون مؤشراً على زعزعة إستقرار وأمن الدولة الليبية ودخول عصر المليشيات وهو ما يهدد بدخول ليبيا حقبة زمنية قد تصل لعشرات السنوات من الفوضى الأمنية والسياسية يصعب الخروج منها وتتحول خلالها من دولة غنية أراد شعبها أن تدخل إلى قائمة دول التقدم والازدهار إلى دولة فاشلة سياسيا واقتصاديا.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن الطريق إلى وحدة ليبيا على أسس مؤسسات وطنية ثابتة وقوية يبدو اليوم طويلاً وصعباً  ولكن الوصول إليه ليس مستحيلاً وذلك عن طريق تعزيز منطق العقل والرشد بين الفرقاء المتخاصمين وتسلح الجميع بالشجاعة السياسية وتضييق الخناق على أصحاب المصالح الشخصية والعمل على تحقيق المصلحة العامة ليعود بالنفع لصالح المواطنين، وهذا يتطلب تحقيق وتعميق ثقافة الحوار وتعزيز المناقشات حول مواضيع دعم الهوية والمصالحة بين الجماعات المتحاربة، ولا بد من تحكيم العقل والتمسّك بالوحدة الوطنيّة والوعي بأن مصير الليبيين لا ينبغي أن يخرج من أيديهم وبإمكانهم الاختيار أين يضعوا أنفسهم ووطنهم في الفوضى أم في الاستقرار والازدهار الذي يقود الى تعزيز مكانة ليبيا على المستوى الإقليمي والدولي.
 

الوسوم (Tags)

الحكومة   ,  

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   عدد الأسلحة المنتشرة
يقدر مراقبون عدد قطع الأسلحة المنتشرة في مختلف أنحاء ليبيا بأكثر من 22 مليون قطعة ما بين أسلحة خفيفة، ومتوسطة، وثقيلة، في حين أن الجيش أو الشرطة لا يمتلك حتى جزء منها
نوار سيف  
  0000-00-00 00:00:00   انزلاق نحو المجهول
تصاعد نفوذ المليشيات المسلحة واستقوائها على السلطة المركزية التي ثبت عجزها عن فرض سيطرتها على الوضع يعزز مخاوف الليبيين من انزلاق البلاد نحو المجهول
خلدون شاهر  
  0000-00-00 00:00:00   اعتداء على المتظاهرين
الميليشيات المسلحة تعتدي وتطلق النار وتقتل المتظاهرين الذين يخرجوا للمطالبة بإخراج الميليشيات من مدنهم
رؤى  
  0000-00-00 00:00:00   حمام دم
الميليشيات تغرق ليبيا في حمام دم
هيفاء صدقي  
  0000-00-00 00:00:00   انتشار السلاح
يجب ألا يكون السلاح إلا بيد الجيش والأجهزة الأمنية
نهاد  
  0000-00-00 00:00:00   وسائل سلمية
وسائل الشعب في رفض الأمر الوقع هي التظاهرات والدعوة لإخراج الميليشيات من المدن، وسحب السلاح، وإعلان العصيان المدني
داليا الروبي  
  0000-00-00 00:00:00   دعم الدول المجاورة
يجب على الدول المجاورة لليبيا دعم الشعب الليبي ضد المليشيات المسلحة لأنها تواجه الخطر إياه
كوليت  
  0000-00-00 00:00:00   غياب الدولة
يجد الشعب الليبي نفسه بين مطرقة الميليشيات وبين غياب الدولة
غسان عساف  
  0000-00-00 00:00:00   مزيد من الاحتقان والدم
ما يجري على أرض ليبيا من صراعات مسلحة في ظل اللادولة، ومع فلتان أمني غير مسبوق، ودعوات للانفصال أو التقسيم من هنا وهناك، يؤشر إلى مزيد من الاحتقان وبالتالي مزيد من الدم
خالد يونس  
  0000-00-00 00:00:00   أداة لإثبات الوجود
رأت هذه المليشيات في السلاح المرمي في المخازن والثكنات أداة لإثبات الوجود وتحقيق أهداف خاصة تخدم مآرب شخصية، أو أفكاراً محملة بالثأر والجاهلية
جورج حنا  
  0000-00-00 00:00:00   موعد مع الأسوأ
ليبيا قد تكون على موعد مع الأسوأ إذا لم تتضافر جهود كل القوى الوطنية الليبية المخلصة لمواجهة هذا الوباء الميليشياوي المتطرف
وئام كريش  
  0000-00-00 00:00:00   نفس أساليب القهر
الشعب الليبي يسقط ثانية بين براثن عصابات وميليشيات تمارس عليه نفس أساليب القهر والاذلال التي كان يمارسها نظام القذافي
basel  
  0000-00-00 00:00:00   الشعب هو الضحية
سيكون الشعب الليبي وحده الضحية ومن يدفع الثمن
فؤاد  
  0000-00-00 00:00:00   التخريب والعنف
ما يجري في ليبيا يخدم هدف التخريب والعنف وتمزيق شمل الأمة
تامر سحلول  
  0000-00-00 00:00:00   خطف البلاد
الميليشيات المسلحة خطفت البلاد بعد إسقاط النظام السابق، وحولتها إلى دويلات جهوية وقبلية وحزبية هجينة أو طارئة
الهام مقدسي  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz