Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هل يوشك التحالف بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية على الإنهيار؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي
دام برس : دام برس | هل يوشك التحالف بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية على الإنهيار؟ بقلم: الدكتور خيام محمد الزعبي

دام برس

تطرقت في مقالتي السابقة للمخاوف الحقيقية التي تراود دول الخليج وبعض الدول العربية، من التقارب المفاجئ بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، إذ تخشى هذه الدول مما تعتبره طموحات توسعية لطهران ، وترى إن أي تحسن في العلاقات بين واشنطن وطهران يمكن ان يساهم في استقرار وأمن المنطقة، إلا إنها تتخوف من سرية المحادثات ونوعية التنازلات التي قد تقدمها واشنطن ، والتي قد تكون على حساب مصالحها، لا سيما وإن التقارب الاميركي الإيراني يأتي وسط "حالة من انعدام الثقة " بين "الطرفين الخليجي والأميركي" على خلفية الحرب في سوريا.
حظيت العلاقات الأمريكية السعودية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بخصوصية شبة منفردة في منطقة الشرق الأوسط، وكما هو متفق عليه من قبل فلاسفة التاريخ فإن المصالح، هي المحور الأول دون غيرها لشرعية العلاقات بين الدول، والعلاقات الأميركية السعودية دلالة ومثال واضح على إن العلاقات بين الدول مهما كانت متانتها تتعرض لهزات قوية تؤثر على سيرها، ولكن أيضاً ممكن ان تعيدها الى مسارها الطبيعي في ظل المصالح المشتركة والاهداف الاستراتيجية، وما يحصل حالياً بين واشنطن والرياض ليس الا إنعكاساً لرؤيتين متناقضتين للتحولات الكبيرة التي تشهدها المنطقة
سيطرت حالة من التوتر غير مسبوقة على العلاقات الأمريكية السعودية، التي شكلت حجر الزاوية في الإرتباط الوثيق بين الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط، مرتكزة على الاحتياطات النفطية العملاقة لدى السعودية، والتعاون العسكري الوثيق بين الطرفين، حيث تمر اليوم هذه العلاقات  بمرحلة حساسة إذ يعلو التذمر من قبل السعوديين حول كيفية إدارة أوباما لهذه العلاقات وتهاونه في التعاون في ملفات متعددة فيما يخص الأزمة السورية، ومبادرتها للتقارب مع إيران والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فضلاً عن عدم تأييد الولايات المتحدة دعم السعودية للبحرين إثر الحركة الإحتجاجية المناهضة للحكومة عام 2011م.
ورغم الشراكة التي جمعت واشنطن والرياض، إلا أن الغضب السعودي اشتد عندما رفضت المملكة شغل مقعدها الغير دائم الذي فازت به في مجلس الأمن إحتجاجاً على ما وصفته بإزدواجية المعايير في الأمم المتحدة، وفي سياق متصل تخوض الرياض اليوم ما تعتبره معركة محورية لمصير الشرق الأوسط مع خصمها اللدود إيران وهي دولة تعتقد السعودية إنها تتدخل في شؤون حلفائها وتسعى لإمتلاك قنبلة نووية وهي إتهامات تنفيها طهران،
وفي إطار ذلك أبلغ رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان دبلوماسيين أوروبيين بأن الرياض تفكر في "تغيير كبير" في علاقاتها مع الولايات المتحدة إحتجاجاً على عدم تحركها بشكل فعال فيما يخص الحرب السورية ومبادرتها للتقارب مع ايران، وقالت مصادر دبلوماسية في الخليج، ان هذه الرسالة لا تعكس فقط آراء الأمير بندر المعروف بتشدده في قضايا الشرق الأوسط بل أيضاً أراء العاهل السعودي الملك عبد الله وبقية القيادات السعودية، وبالتالي فإن هذا التغير في الموقف السعودي يعتبر تحول كبير، وإن السعودية لا تريد بعد الآن أن تجد نفسها في وضع التبعية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وتبعاً لذلك كان من أبرز المخاوف السعودية أن واشنطن أخفقت في التحرك بالقدر الكافي في سورية سواء فيما يتعلق بالتهديد باستخدام القوة العسكرية أو في تسليح المقاتلين المناهضين للحكومة، بالإضافة إلى إستعدادها للتساهل في أي مفاوضات مع إيران، كذلك فإن واشنطن تختلف مع السعودية بشأن الوضع في مصر حيث قلصت من مساعداتها العسكرية للقاهرة عقب الإطاحة بحكومة اسلامية منتخبة، وتعهدت الرياض بسد أي نقص نتيجة خفض أي مساعدات خارجية، وكما يعتقد بعض المحللين أن تعديل فريق الأمن القومي في الفترة الثانية لأوباما ربما ساهم في التوترات وذلك من خلال عدم تعيين شخصية على مستوى رفيع للتعامل مع السعودية.
كما أكدت صحيفة "واشنطن بوست" إن العلاقات الأميركية-السعودية بدأت بالتدهور قبل عامين، لافتة إلى أن الأمير بندر بن سلطان اعتذر عن لقاء كيري خلال زيارة الأخير للمنطقة قبل أسابيع، الأمر الذي صعق المسؤولين الأميركيين، وأضافت نقلاً عن مسؤول عربي تأكيده أن "الملك السعودي أعرب عن إحباطه من السياسة الأميركية أمام الملك الأردني، وولي العهد الإماراتي، خلال وجودهما في الرياض"، وأكد المسؤول العربي نفسه أن "السعودية مقتنعة بأن أميركا غير جديرة بالثقة"، وأنه "لا يرى رغبة صادقة في تصويب الأمر من الجانبين"، على حد تعبيره.
وبالمقابل أكدت مصادر دبلوماسية غربية أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل بشكل جدي على محاصرة التداعيات الطارئة في علاقتها بالسعودية، الناجمة عن الغضب السعودي من إنفتاح أمريكي على إيران ونظام دمشق دون مراعاة لمصالح حلفائها بالمنطقة، وقال مراقبون إن الولايات المتحدة غير مستعدة لخسارة حليف بحجم السعودية بما له من وزن مالي وإقتصادي وسياسي، خصوصاً في ظل الوضع الداخلي المعقد الذي تواجهه إدارة أوباما.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل ينتهي التحالف التقليدي بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية في ظل الأوضاع الراهنة؟
إن التحالف بين الرياض وواشنطن كان دائماً بمثابة أحد عوامل الإرتكاز بالنسبة للشرق الأوسط، وحتى أقل التصدعات في تلك العلاقة كانت تسبب أضرار كبيرة للشرق الأوسط، خاصة بعد ثورات الربيع العربي، وفي الوقت نفسه لا تستطيع دول الخليج الضغط بأقصى قوتها على الولايات المتحدة، خوفاً من تعرض العلاقات لضرر عميق، حيث إنها في حاجة إلى واشنطن لضمان حمايتها ومصدر الأسلحة والاستقرار العالمي.
ومجمل القول إن التحالف الأمريكي السعودي يقوم دائماً وبغض النظر عن أي شيء على المصالح المشتركة، وبالتالي لا أرى إنهياراً كلياً في العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية، إلا أن التسريبات التي أوردتها صحيفة "واشنطن بوست الأمريكية " في عددها الأخير، في أن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية تعاني من فتور حقيقي منذ سنتين، لوجود نقاط جوهرية خلافية بين البلدين.
كما ان التغيير المقرر في العلاقات بين الولايات المتحدة الامريكية والسعودية سيكون له تأثير واسع النطاق بما في ذلك صفقات السلاح والنفط، وفي الوقت نفسه فأن التوقعات بحدوث شرخ عميق في هذه العلاقات مبالغ فيها لأن ذلك من شأنه أن يحدث إهتزازاً عنيفاً للاستقرار في أسعار النفط العالمية.
وأخيراً أنهي مقالتي بالقول، أن الأسس تستند دائماً على المصالح المشتركة وليس القيم، وهذه (المصالح) آخذة في التغير، فالسعوديين يعرفون أنهم يحتاجون للولايات المتحدة أكثر من العكس، وأن المظلة الأمنية الأمريكية هي الوحيدة التي تضمن الحماية لإحتياجات المملكة، خاصة في زمن الانهيار الإقليمي، وما يحصل حالياً بين الدولتين ليس الا انعكاساً لرؤيتين متناقضتين للتحولات الكبيرة في المنطقة، وبالتالي فأنه لا أتوقع إنهيار العلاقة الاستراتيجية بين كل من واشنطن والرياض التي ظلت على مدار أكثر من نصف قرن أحد أركان السياسة الأمريكية في المنطقة، لكن بعض المصالح المتبادلة التي جمعت بين الحليفين بدأت بالإرتباك والإهتزاز.
 

الوسوم (Tags)

الأمريكية   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz