دام برس -اللاذقية - عاطف عفيف:

آلاف القصص والحكايات نسجت خيوطها الأحداث القذرة للحرب الدائرة في سورية، وحبكت وقائعها تداعيات آلام المعاناة ومشاهد الدم والقتل والتدمير والخراب، ومن بين تلك القصص قصة مسرحية " يوم ..يومان ..ثلاثة أيام" تعرض حالياً على خشبة المسرح القومي باللاذقية،تمثيل نيرمين علي وإخراج الفنان ياسر دريباتي.
يقول الفنان دريباتي بأن العمل هو عرض  ينتمي إلى المونودراما  يمثل  قصة حب سورية في زمن الحرب ، تحكي قصة صبية تقيم في دمشق تدرس وتعمل بالمسرح ، تسكن في جرمانا وتهدم قذائف الهاون بيتها وتقتل أمها وأخوتها وتضطر الصبية للهجرة من دمشق إلى اللاذقية ، ولا ترى لها مأوى سوى المسرح ، تقيم على خشبة المسرح .
الهدف من هذه الحكاية لفت الانتباه إلى معاناة السوريين ، وأن هذه الصبية ليست حكاية استثنائية أو حكاية خاصة وإنما هي حكاية تمس الجميع، كل من تأذى بهذه الحرب القذرة ومن فقد أهله وأقربائه وأصدقائه ، لذلك هي باختصار  حكاية سورية الراهنة.
ولقد كان المسرح الملجأ والمأوى الأخير لهذه الصبية تسكن فيه وتعمل على خشبته وهذا  بحد ذاته رسالة الهدف منها كما يقول دريباتي بأن المسرح والفنون والثقافة هي ملجأنا لأن الثقافة هي الرافعة الوحيدة القادرة على إبقاؤنا كسوريين وإحياء السوريين والحفاظ على  النسيج الاجتماعي السوري، فلو كان هناك اهتمام بالثقافة لما وصلنا إلى هذه الأزمة والحرب التي تدور رحاها وتطحن كل من يدخل أجواءها، فجزء كبير من الأزمة ثقافي.
ويضيف : أردنا أن نرافع على خشبة المسرح ونقدم من خلاله خطاباً مسرحياً فنياً يبين قوة الموت وبنفس الوقت يبرز قوة الحياة ،و يقوم العرض على عنصرين أساسين هما عنصر الموت الذي يتجسد بحكاية الصبية عبر موت الأم والأخوة وعبر المادة الفلمية التي تظهر الدمار والخراب الذي حل في كثير من المناطق السورية، أما العنصر الثاني فهو عنصر الحياة الذي يتجسد على المسرح، فخشبة المسرح تضج بالحياة عبر الحركة و حضور الموسيقى وبوجود البيانو،فالموت لا يستطيع أن يقتل الحياة فينا ورغم كل الصعاب والأحداث نحن  نثبت كل يوم أننا قادرون على إنجاز حياتنا الخاصة .
وتأتي أهمية هذه العرض في هذا الوقت بالذات من حيث أنه يؤكد على ضرورة نبذ العنف وإلى تأمل الشرط الإنساني بالحياة،ويرى دريباتي أن العمل هو دعوة للمتفرج السوري لتأمل واقعه وما يحيط به، والواقع الذي أدت إليه الحرب، وكي نستكشف ماذا علينا أن نفعل،من خلال قراءة واعية ومتأنية للأسباب والدوافع التي أدت إلى العنف .
وتقول الممثلة نيرمين علي بأنها كانت شريكة في كتابة النص مع المخرج ياسر دريباتي، وهو التجربة الأولى لها بمجال المونودراما ، فهذا النوع من العروض فيه جهد كبير وخاص لكن له متعة خاصة جداً.
فالعمل المونودرامي يجعل الإحساس كبير بالمسؤولية فنجاح وإخفاق العرض يتوقف على قدرة الممثل لأنه هو الوحيد على الخشبة الذي يؤدي و يتحمل كل أعباء وتفاصيل العمل المسرحي .
وتقول نيرمين أن  حكاية المسرحية  هي من وحي  الواقع الذي يعيشه كل مواطن سوري، لذلك ترى بأنها حكاية تخص كل واحد فينا،وحقيقة أحسست أن العرض  يحكي حكايتي لذلك عند تأدية الدور لا أشعر أني أمثل بل أعيش الواقع وأسرد أحداث وكأنها حدثت معي شخصياً.