دام برس – حوار: محمد قاسم الساس :
 

بين الشعر وإلقائه للكثير من الأبيات الشعرية المتنوعة، حيث يجذبك أداؤه المتميز، وخفت دمه عندما يلقي "النكت" التي تعالت معها ضحكاتنا، حاورته بالعديد من الملفات الشخصية والفنية الغنية التي أجاب عليها بكل شفافية ومن دون قيود وبعفوية كاملة. فنان كبير سنّاً وقدراً، ولا يتواضع إلا كل كبير، طيب القلب وروحه مفعمة بفعل الخير، ولديه مسيرة فنية حافلة بالنجاح والأعمال التي لا تنسى. إنه الممثل السوري القدير " عبد الرحمن آل رشي ". 

1_ بدأت مشوارك الفني منذ عام 1957م، أي أن مسيرتك الفنية اقتربت من عمرها الستين، كيف تختصر هذه الرحلة الطويلة المليئة بالأعمال الإذاعية والمسرحية والتلفزيونية والسينمائية؟
هذا صحيح... منذ صغري كنت أحب المراهنة والتحدي ما جعلني ألعب القمار في مراهقتي حيث ابتعدت عنه عندما أدركت أن نهايتي في هذا الطريق إما مصاب أو قاتل أو هارب... بعد ذلك انتسبت إلى النادي الشرقي وتعرفت بفضله على أناس مثقفين، ووقتها بدأت بتعلم تجويد القرآن الكريم لأتعلم اللغة العربية الفصحى بشكل صحيح، وحفظت العديد من القصائد المختلفة لكي أستطيع مجاراة هؤلاء المثقفين كوني لا أمتلك سوى الشهادة الابتدائية.
أول مسرحية قدمتها كانت بعنوان (لولا النساء) في القاهرة، ومن هنا بدأ المشوار ودخلت الإذاعة بسبب امتلاكي صوتاً مميزاً لفت الانتباه إلي، ومع مرور الأيام تعلمت الأداء الإذاعي لألقي بطريقة صحيحة وحرفية، ولدي ما يزيد عن 25 ألف ساعة قراءة في إذاعة دمشق بكافة المواضيع بالتوازي مع الكثير من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية التي قدمتها طوال عمري.

2_ كيف ترى نوعية العمل الفني المعاصر؟
في الماضي كان الخطأ ممنوعاً حيث لم يكن موجود بعد "المونتاج"، وبالتالي حركة الكاميرا كانت بطيئة، وعلى الرغم من ذلك كان يعود هذا الأمر بالفائدة علينا، لأننا كنا نحضر للعمل لشهور عدة نمضيها في البروفات، وكنا نتعمق في المضمون وكذلك الأداء.
حالياً يمكن تجاوز الخطأ بسهولة بفضل وجود المونتاج، ولكن هذا لا يعني عدم المحافظة على الانفعال الذي تؤدي فيه المشهد لكي يبقى الأداء مقنعاً.
باختصار كان كم الإنتاج بطيئاً تبعاً للظروف التي كانت تحيط فيه، على عكس اليوم حيث توجد الكثير من الحلول والبدائل التي أدت إلى الإسراع في عملية الإنتاج، وبالتالي تطور الدراما نحو الأفضل... وعلينا ألا ننسى وجود المعهد العالي للفنون المسرحية الذي ساهم في تخريج ممثلين أكاديميين، حيث أرى بأن الممثلين السوريين قلما تجد من نوعيتهم في الوطن العربي، لأنهم يحبون مهنتهم ويتمتعون بمواهب مهمة.

3_ تبعاً لما أسلفته، ألا تتمنى لو أنك بدأت التمثيل في عصرنا الحالي؟ ولماذا؟
لا... "لأنه ما معي غير سيرتفيكا" (يقولها ضاحكاً)، ربما حالفني الحظ ولعب دوره معي، ولولاه لما وصلت لما أنا عليه الآن.

4_ على أي أساس تختار أدوارك؟ وإلى أي منها تميل؟
الأهم أن يكون الدور فعالاً في سياق العمل ويحمل شيئاً جديداً، وأميل للأدوار التي تتسم بالقوة والعاطفة والإنسانية لأنها تتناسب مع نفسيتي أكثر من الأدوار الكوميدية التي لا أجيد إتقانها.

5_ حدثنا عن دورك في المسلسل الشامي الجديد (قمر شام) للمخرج مروان بركات؟
ألعب فيه دور قاضي شعبي يقضي بين الناس تبعاً لحكمته التي يتمتع بها، ولم يتبقى عليّ سوى تصوير مشاهدي الخارجية.

6_ من هم أصدقائك من الوسط الفني؟
خلدون المالح وعبد الرحمن أبو القاسم... بالإضافة للممثلين الشباب أمثال: (قصي خولي، أندريه سكاف وباسم ياخور)، هم بحق عباقرة، لأنهم ممثلين أكاديميين وأدائهم عالي الجودة ويحبون مهنتهم أيضاً.

7_ الموت غيب العديد من نجوم الدراما السورية مؤخراً، كيف تلقيت نبأ رحيلهم؟
أهنئهم على وفاتهم... "نيالون" لأنهم رحلوا وقاماتهم واقفة وليسوا أذلاء، هم وجدوا طريقهم بينما نحن مازلنا نجهل شكل طريقنا وما الذي ينتظرنا.

8_ هل تخاف من الموت أمد الله في عمرك؟
لماذا الخوف؟ أنا ضده وهو مرفوض كلياً لدي... لم أفعل شيء يستدعي الخوف، والله غفور رحيم.... ما يهمني أن أموت واقفاً. تجربة الحياة سيعيشها الإنسان شاء أم أبى، وكل امرئ سيّر لما خلق له.

9_ لماذا نلمس التواضع من نجومنا الطاعنين في العمر في الوقت الذي نفتقده مع الكثير من نجومنا الشباب؟
لاشك بأنه كان يوجد منا من كان مثلهم في شبابه، وسيصبحون مثلنا ولكن بعد مضي 20 إلى 30 عاماً، فالزمن كفيل بحل كل المشاكل وكذلك اكتساب الخبرة الحياتية، إلا إذا كان الشخص بطبعه مغروراً، وأنا أبعد الناس عن هذه الصفة السلبية.

10_ هل توافق بأن بلدنا مقصر في تقدير مبدعينا؟
بالتأكيد، ولكن أنا أخذت حقي بيدي (يقولها ضاحكاً)، لدي أكثر من 80 شهادة تقدير على أعمالي، ولكن يبقى كل ذلك تكريما شكلياً في حين يفترض بأن يكون التكريم مادياً لأنه من خلال المادة تستطيع العيش في هذه الحياة.

11_ أين تجد أبنك الفنان "محمد آل رشي" ناجحاً أكثر في التمثيل أم الموسيقى؟
بصراحة أراه لامعاً في المجالين، علماً بأنني نصحته مراراً بأن يتفرغ لأحدهما ولكن كان قراره المتابعة فيهما معاً كونه لا يفضل أحدهما على الآخر.

12_ ختاماً... ماذا تقول لأبناء سوريا؟
سيبقى الهدامون يلهثون وراء البنائين.
mohamadsass@yahoo.com
facebook.com/mohamad kasim al-sass
Facebook.com/ Mohamad k alsass