دام برس _ محمد قاسم الساس
ضيفي فنانٌ سوري من طراز خاص ورجلً يعي تماماً بأن الحياة هي مجرد موقف. يتصف بأنه جريء ويرى بأن الدبلوماسية ما هي إلا كلام الصدق في كل شيء. مسيرته الفنية تشهد على تميزه وما أن تلتقي معه تشعر بأنك تعرفه منذ زمن بعيد نسبةً لتواضعه وطيبة قلبه. ضيفي وبكل فخر هو الفنان السوري المتميز " بشار إسماعيل " والذي ناقشته في آخر التطورات التي تشهدها سورية بشكلٍ خاص والمنطقة العربية بشكلٍ عام، بالإضافة إلى العديد من الملفات الفنية، وإذا به يفتح الباب على مصراعيه مطلقاً أجوبة نارية ستترك خلفها بتأكيد جدلاً كبير.
1_ بدايةً لو أعدنا شريط الأعوام العشرة الأخيرة لما وجدنا لك ذلك الحضور المكثف وذلك الزخم في كم الأعمال التي شاركت فيها نسبةً لما أنتجته الدراما السورية على عكس ما كنت تتمتع به قبل ذلك، فلماذا ؟
صحيح. إن هذا الزخم من الأعمال التي أنتجت خلال الأعوام العشرة الأخيرة كان يفترض أن يكون لي تواجد كبير فيها مثلي مثل أي ممثل والذي أصبح بإمكاننا أن نقول عنه نجم وأنا انفي صفة النجومية عن هؤلاء الفنانين لأن خلال هذه السنوات كان التركيز عليهم في كل الأعمال وبكل عام والذي كان يقف وراء حضورهم هو المال الخليجي المنتج لهذه الأعمال وهذا الشيء وضعت عليه العديد من إشارات الاستفهام والتعجب وكنت أتسأل لماذا هؤلاء ؟! إلى أن وقعت سورية في هذه المؤامرة وظن هؤلاء بأنهم من خلال ما دفعوه من مال لصناعة نجومية لهؤلاء الفنانين بأنه بات بإمكانهم من خلالهم التأثير على المواطن السوري، فكان رد المواطن السوري رداً سلبياً على هذه الدول المتآمرة على سورية وعلى هؤلاء النجوم الذين باعوا نفسهم بالمال. هؤلاء لم يستطيعوا حتى أن يؤثروا على عديمي الثقافة من الشعب السوري لأن عديم الثقافة من الشعب السوري كان أفضل منهم بألف مرة. هؤلاء اتخذوا منحى الخيانة واسمح لي أن أقول خيانة لأن كل من لم يقف مع سورية وقفة رجل وأسد حقيقي أعتبره خائن وحاله حال من وقف على الحياد.
" أطالب بإقصاء هؤلاء الخونة "
2_ أفهم من كلامك بأن هؤلاء هم الفنانين الذين قصدتهم بكلامك عندما التقينا معك منذ أيام في الاعتصام الذي أقيم أمام السفارة التركية بدمشق حيث صرحت لنا بأن هنالك فنانون كانوا طوع للأمراء الخليجيين الذين زودوهم بالمال لسنوات؟
نعم هؤلاء هم الذين قصدتهم في كلامي وأنا الآن لا أخون أحد بل أخون الخائن وأطالب بإقصاء هؤلاء الخونة وذلك بسحب الجنسية العربية السورية منهم ونفيهم إلى تلك البلاد التي شاركوا معها بعملية الخيانة.
3_ وقتها أيضاً طالبت برحيل الفنانين الذين وقفوا ضد النظام والذين هم موجودين اليوم في مؤسسة الإنتاج التابعة للتلفزيون السوري والذي يرئسها المخرج " فراس دهني " والذي وصفته بأنه قد حول هذه المؤسسة إلى مزرعة خاصة، فهل من المعقول أن تطلب مثل هذا الشيء ؟ ألا تؤمن بحرية الرأي والتعبير ؟
لا، فحرية الرأي شيء وأن تقف مع الخونة الذين ساهموا بنزيف الدم شيء آخر. أنا على ثقة بأنه لا يوجد شخص واحد منهم يستطيع أن يعرف لك كلمة " المعارضة " بمعناها الحقيقي، فالمعارضة هي حوار وتقديم ورقة عمل للحكومة للنهوض بهذا البلد. أما أن تصل الحال إلى إسقاط النظام وإعدام الرئيس فهذا أمر مرفوض جملةً وتفصيلا. فلا أحد يستطيع إسقاط النظام لأن النظام معناه فيه لأن من يطالب بإسقاط النظام يطالب بالوقت ذاته بوجود الفوضى التي تشكل النقيض لمصطلح النظام. أنا أعتبر بأن هؤلاء لا يطالبون بوجود نهضة لسورية على جميع الأصعدة بل تراهم يطالبون بالتدخل الخارجي وإزالة شخص لم يعرفوه لا بعين عقلهم ولا بقرار نفسهم. علاقة الشعب السوري مع الدكتور " بشار الأسد " هي علاقة شعب برمز، فهو كالراية وكتراب هذا البلد.
" من يستدعي الحظر الجوي وحلف الناتو هذا ليس بضابطٍ حر "
4_ لو عدنا بالزمن إلى الوراء لتذكرنا بأنك كنت متطوع في صفوف الجيش العربي السوري برتبة ضابط ومن ثم قدمت استقالتك منه لكي تتوجه إلى الفن، فلماذا اتخذت ذلك القرار آنذاك ؟
صحيح. كنت قد تقدمت إلى بعثة إخراج سينمائي ولكن تم اللعب بالأسماء وقتها وذلك قبل الجيش ومن ثم توجهت إلى القوات المسلحة إلى أن وصلت لرتبة ملازم وبعدها تركت العمل في الجيش وبقي قلبي معلق مع ذلك المعقل العظيم الذي علمني بأن الوطن هو أغلى شيء، وأنا لا أعتز بشيء بهذه الحياة إلا بذلك الزمن الذي كنت فيه منتسباً إلى الكلية الحربية حيث كنت أفتخر بثلاث كلامات كانت تعلق على الزند الأيسر وهم ( شرف. وطن. إخلاص ). لقد تعلمت من تلك المرحلة بأن جيشنا جيشٌ مقدس.
5_ يعني لو كان بإمكانك الآن العودة للتطوع من جديد، هل ستختار العودة و الالتحاق مجدداً بصفوف الجيش النظامي أم ستختار الخدمة في " جيش الضباط الأحرار " ؟
لا يوجد شيء أسمه " ضباط أحرار ". أي شخص يستدعي الحظر الجوي وحلف الناتو هذا ليس بضابطٍ حر بل خائن. لأنك عندما تكون واحداً من الضباط الأحرار عليك أن تقف مع بلدك بشراسة وأن تضحي بروحك لأجلها. عندما كنا بساحة القادسية نقسم اليمين أثناء التخرج حيث تقسم لثلاث مرات بالله العظيم بأنك ستحافظ على الأراضي السورية براً وبحراً وجواًً، كان هذا القسم يبكي من يردده ولكن لا أخفيك أيضاً بوجود قلة قليلة ممن كانوا لا يشعرون بقيمة هذا القسم وهؤلاء هم من ظهرت خيانتهم اليوم.
" ياسر العظمة أستاذي ولكن على المستوى الاجتماعي صفر "
6_ بعيداً عن السياسة، اعتذرت هذا الموسم عن المشاركة في مسلسل ( مرايا 2011 ) بسبب خلافك مع الممثل " ياسر العظمة " الذي وصفته بإحدى لقاءاتك بأنه متسلق على عرق وتعب الفنانين ويعتمد على الوجوه الجديدة لأنه يستطيع إقناعهم بالفتات من العائدات المادية وتكون حصة الأسد من نصيبه، في الوقت الذي سمعنا فيه بأنه كان هنالك محاولات لاستقطاب نجوم " الطقم القديم " الذين كانوا سبب كبير في نجاح مرايا لسنوات، فما تعليقك ؟
لا لم يكن هنالك محاولة بفعل ذلك، حتى أن المشكلة القائمة بينه وبين منتج العمل كانت بسبب هذا الأمر حيث كان الثاني مصر على استقطاب نجوم العمل الأساسيين والذين كانوا سبب في نجاح مرايا لسنوات فيما رفض الأول وذلك لكي تعود الحصة الكبيرة من المكاسب المادية له. ولقد رفع منتج العمل دعوة قضائية متهماً فيها العظمة بالاحتيال بمبلغ ( 15 إلى 20 مليون ليرة سورية ). أقول بأنني من أشد المعجبين بالأستاذ " ياسر العظمة " في مجال الكوميديا بل وهو أستاذي ولم يضحكني أحد بهذا العالم كما أضحكني هو ولست مقتنع بأحد كاقتناع به ولكنني أرى بأنه على المستوى الاجتماعي " صفر ".
7_ أيضاً قلت بأن الفنان " ياسر العظمة " يتشابه مع العقيد الراحل " معمر القذافي " بجنون العظمة ولكنه بدرجة أخف، ما السبب ؟ وكيف تلقيت خبر اعتقال ومقتل القذافي ؟
السبب بأن ياسر أقل جنوناً من معمر لأنه لم يصبح رئيساً ولو صار لكان قد آلّه نفسه. بالنسبة لمعمر رحمه الله عليه لم يرتكب جرائم حرب ضد شعبه بل هذا تسويق غربي، فعندما انتهى العقيد فأنه قطعاً قال مجموعة لآت وأنا لا أعرف ما هي هذه اللآت للولايات الأمريكية وأوروبا الغربية والتي ثلاث أرباع زعمائهم كانوا خدم عنده من أجل الدولارات واليورو التي كان يدفعها لهم ونحن شاهدنا كيف " برلسكوني " قبلا يد القذافي، فهؤلاء لا يوجد لديهم صاحب وهذا أولاً. ثانياً عندما ثار الشعب هذه الثورة الأمريكية وهكذا أراها فأنا لأصدق كلمة " الربيع العربي " فهذا مصطلح سخيف، يمكنهم تسميته بفصل الخريف أو الشتاء ولكنه حتماً ليس ربيعاً أو صيفاً. نحن نعلم تماماً بأنه لا يوجد مواطن في العالم يتقاضى ما كان يتقاضاه المواطن الليبي من أجور بالإضافة إلى وجود 1000 دولار لكل مواطن ليبي مخصصة من عائدات النفط وكان يمنح كل وليد تنجبه أمه قطعة أرض ومنزل وبعد كل هذا لا أعلم كيف يرضى الشعب الليبي على نفسه بأنه أصبح الآن ينتظر المساعدات، فهل هذه ثورة أم نكبة ؟ّ! وهل يوجد شخص عاقل يفعل ما فعلوه الثوار بقائدهم ؟ لقد رأينا أفلام توضح كيف اعتقلوه وقتلوه وكيف تبولوا عليه واغتصبوه .. بكيت عليه وترحمت عليه مئات المرات ليغفر له الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
" من لا وطن له لا كرامة له ولا عرض ولا عقل ولا شعور "
8_ ألا ترى بأن صراحتك هذه وجرأتك بالكلام قد توقعك مع زملائك ومع من تأتي على ذكره في حديثك ؟
أنا بحياتي لم أفكر عندما أريد أن أنطق كلمة الحق بأن هنالك من هم سيحبونني أو العكس، فأنا أعلم بأني أحصل على احترام معين من منَ قد يكونوا قلة أو كثرة. لكن عندما انخرطنا بهذه المؤامرة وأعلنا موقفنا منذ البداية كان هنالك شعب كامل يحترم من لهم هذه المواقف ولقد كرمت في العديد من المرات بدروع كتب عليها شرف، وعندما يقولون كرم من أجل مواقفه الوطنية فهي تعادل عندي كل جوائز الأرض الفنية. من لا وطن له لا كرامة له ولا عرض ولا عقل ولا شعور.
9_ هل من أعمال درامية جديدة بدأت بالتحضير لها للموسم القادم ؟
التمثيل هي مهنة بالنسبة لي إذا عملت فيها يكون من دواعي سروري ولكن إذا رفضني هذا الوسط من أجل موقفي تجاه البلد فلأمر عندي سيان. فأنا لا أعتمد إلا على ما قاله رسولنا الكريم صلوات الله عليه " لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتعودوا بطانا ".
_ بالنهاية سعيد بلقائي معك وأتمنى لك عيد أضحى مبارك، فهل من كلمة أخيرة تقولها ؟
أقول بأن سورية لن تتأثر طوال حياتها بالحثالة وبجبابرة الدنيا لأننا نعلم تماماً بأن سورية اختارت طريقاً لا يسلكه إلا الجبابرة ولا مكان للضعفاء في سورية وكل عام وأنتم وقراء موقعكم الكريم _ دام برس _ بألف خير وشكراً لك محمد على هذا اللقاء.
mohamadsass@yahoo.com
Facebook.com/ journalist Mohamad alsass