دام برس - بلال سليطين :
بصوتها الدافئ وأنفاسها العاشقة نثرت "ربا حسن" رسائلها المعطرة بالحنين والشوق لحبيبها الذي أبعدته الحرب عنها، نثرتها على مسامع جمهور لطالما آلمته هذه الحرب وباتت جزء من وجعه اليومي.
"شذرات وغياب" هو العنوان الذي اختارته "ربا" لديوانها الأول، ديوانها الذي منحها الثقة لنشره حبيبها (زوجها) الذي كتبت له رسائله، وكانت ردوده عليها بمثابة رشفة عشق روت كل قصيدة فكانت تتمتها.
تقول "ربا" في حديثها لدام برس:بعد التحاق زوجي بالخدمة الاحتياطية في الجيش السوري، حدث تغير ما بحياتي، وبدأت أعيش أحاسيس مختلفة بالوطن والحب، وكلما كانت تهب ريح أو تطلق رصاصة كنت أبرق له برسالة هي أشبه بوثيقة تؤرخ اللحظة، هذا الرسائل مالبثت أن تحولت إلى قصائد كنت أرسلها له وأنتظر رده الذي لطالما أغنى القصيدة وكان قفلتها.
وتضيف "حسن":"شذرات وغياب" ولد من رحم العاطفة، وتدفقت كلمات كل قصيدة من وجع الغياب وبعد الزوج والمشاعر التي تتولد مع كل نبأ أسمعه أو انقطاع في الاتصال أو مواجهة أو حصار في المعركة يعيشه زوجي.
ديوان "حسن" الأول تفوح منه العاطفة لكن كاتبته ترفض حصره بالعواطف فقط وتقول: الظاهر عاطفة نعم، لكن البعد الإنساني هو رؤية الحرب من وجهة نظر الأنثى، تعبير عن إحساس الفقد، إنه تناول للأزمة بإحساس الأنثى وعاطفتها أيضاً، وإشارة لتفاصيل تراها الناس جريئة.
الرسائل التي كتبتها "ربا حسن" وتضمنها ديوانها "شذرات وغياب" لم تكن تفكر بها بطريقة شعرية أو حتى بنشرها، لكنها عندما وصلت إلى الرسالة السابعة عشرة أدركت انها القصيدة رقم 17 وعزز لها من ثقتها بذلك موقف زوجها الداعم لها، تقول "حسن" معلقة على ذلك:إنفعال الكتابة ولد مع بداية الأزمة، وبدأت تتبلور صورته مع ابتعاد زوجي بفعل الحرب، وقبل عام تقريباً بدأت تختمر، وعلى مدى أربعة أشهر كتبت الرسائل وأرسلتها لزوجي حيث كان في الحرب، وعندما بلغ عددها 24 بدأت عمليات التنقيح والتصحيح هنا أو هناك لتقدم بالصورة الشعرية المناسبة.
"ربا" التي أجهشت بالبكاء خلال قراءتها للرسالة العشرين أمام الجمهور الذي حضر توقيع الديوان، أكدت أنها كانت ستبكي مع كل حرف لو أن زوجها جالس أمامها الآن، وقالت:حتى أنني عندما بكيت في الأمسية، بكيت لأنني شعرت أنه موجود، لقد كان معي في كل لحظة قبل اسبوع من الأمسية يدعمني هاتفياً ويشجعني، لكنه لم يكن قادراً على الحضور بسبب ظروف الحرب وموقع خدمته على خطوط التماس الأولى.
"ربا" تعترف أنها بكت كثيراً قبل أن تعتلي المنبر وتلقي قصائدها أمام الجمهور لأول مرة في حياتها، وتشير إلى أن صوتها الذي امتاز بالدفء كان ممتزجاً ببحة البكاء.
العاطفة كانت الأساس فيما قدمته "ربا" يقول الشاعر "عبد الكريم شعبان" لم تك تنتهي حالة عاطفية حتى تندفع أخرى، وقد حولت العاطفة هذه المجموعة الشعرية إلى شاهد على العصر، ولربما يأتينا بعد أزمنة بعيدة لوحات لزوج وزوجة محفورة على لوح لا يمحى.
هذا النوع من العاطفة التي امتزجت بها القصائد أو الرسائل، هي عاطفة تخترق الزمن، عاطفة لا تموت، خصوصاً وأنها تقدم بكل صدق وصراحة، بالنسبة لي شخصياً لقد تركت أثرها العميق في وجداني.
يذكر أن "ربا حسن" وقعت ديوانها الأول "شذرات وغياب" أمس السبت في صالة "عامر علي" للثقافة والأدب والفنون ضمن مدينة جبلة، وسط حضور جمهور من الأهل والأصدقاء والمتتبعين للشأن الثقافي في المدينة الساحلية الجميلة تقدمهم الشعراء "أيمن معروف، عبد الكريم شعبان" والفنان "باول صابور" وقدم الأمسية الأستاذ "محمد صالح" فيما قرأت "ربا" قصائدها على وقع أنغام العود.