دام برس:
بين التكبير والتكفير يكتب اليوم تاريخ الأمة الاسلامية حيث تم استباحة كل المحرمات وعلى صوت التكبير ولأنه من واجبنا أن نسلط الضوء على هذه الظاهرة الطارئة على واقعنا كان لابد من قراءة تاريخية لنشأة الفكر التكفيري وكيفية انتشاره في عالمنا العربي ومن هو المسؤول عن اطلاق التكبير في مذهب التكفير والذي بناء عليه تم استباحة الدم السوري على يد أتباع الفكر الظلامي في وطني.
مع بداية القرن الواحد والعشرين شهد العالم نشاطا ملحوظا من قبل الحركات الأصولية الإسلامية المتطرفة حيث قاموا بإشاعة الفكر الظلامي الذي يعتمد على التكفير وقد نجحت تلك الحركات في استقطاب فئة من الشباب الذي تم تضليله عبر دعوات الجهاد وتحت عناوين مختلفة، وبالتالي تم تجنيدهم في منظمات تحمل أسماء مختلفة لمواجهة حالات التنوير والعلمانية في العالم الإسلامي وعلى الأخص اسلام بلاد الشام المعتدل والذي يعتمد على مبدأ التسامح.
كل ذلك ألقى بظلاله على الرؤية العالمية للإسلام، فتحولت الحركة الأصولية أخيرا إلى منتج ومصدر للإرهاب، وعقدة مستعصية لبعض الدول والشعوب في كيفية التعامل معها وبالتالي مواجهتها. والحقيقة أن أصحاب الفكر التكفيري قاموا بتشويه صورة الإسلام وتغيير مبادئه. بعد كل ذلك جاء الرد من العالم الغربي وعلى الأخص من الولايات المتحدة الأميركية حيث تم التحضير لاقتلاع الفكر الإسلامي مهما كان توجهه.
السؤال الذي لا بد أن نطرحه كيف نفهم خفايا القضية ما هي حجج المجموعات التكفيرية وكيف استطاعوا اقناع البعض بهذا الفكر ليتم تجنيدهم للقيام بعمليات إرهابية وعلى الأخص الانتحارية منها؟ ولماذا استوطنت هذه الجماعات في مملكة آل سعود؟ ومن هي الجهات التي تمول هذه التنظيمات الإرهابية وتحت أي غطاء؟
إن الفكر التكفيري بدأ في الجزيرة العربية وتحديدا مع نشوء الحركة الوهابية و عندما ندرس تاريخ نشأة الحركة الوهابية على يد المدعو محمد بن عبد الوهاب ، لابد أن نركز على التحالف الذي جرى بينه وبين آل سعود وبذلك نجد أن هذا التحالف قائم على المصلحة المتبادلة فزعيم الحركة الوهابية ومؤسسها كان يحتاج إلى السيف والقوة لنشر مذهبه بعدما رفضته معظم القبائل العربية ، ورفضه أهله وذووه لما يحمله من أفكار متطرفة لا تمت للدين الإسلامي بأي صلة. وآل سعود كانوا بحاجة إلى غطاء ديني يستخدمونه كرد على وجود الأشراف في بلاد الحجاز ومرجعيتهم باعتبارهم ينتسبون إلى آل البيت والقصة في أساسها أن من وراء ابن عبد الوهاب من الإنجليز كانوا يريدون خلق الفتنة والبلبلة بين صفوف المسلمين باختراع مذهب يتشدد ضد كل الفئات المسلمة وفي نفس الوقت يشغلهم عن الهم الأكبر للمسلمين وهو الجهاد لطرد المستعمرين من أطراف الجزيرة العربية الأمة العربية.
إن الاستخبارات الإنكليزية صنعوا الرجل الأول في الحركة الوهابية ، و تابعوا مسيرهم الداعم لهذه الحركة التخريبية وحلفائها من الحكام السعوديين ، وظل هذا التحالف قائماً إلى أن حان دور الولايات المتحدة الأميركية ويستعمروا السعودية عبر السيطرة على منابع النفط وبالتالي كان الاستعمار ذو طابع اقتصادي لقد حققت الحركة الوهابية الغطاء اللازم لحكام آل سعود وبالتالي تم استخدام مبدأ التكفير لضرب كل من يقف في وجه التحالف الصهيوني الأمريكي.
ومع مرور الوقت تم استخدام الجماعات التكفيرية لضرب الاتحاد السوفيتي في أفغانستان حيث تم دعم هذه المنظمات بالمال والسلاح والتدريب كل ذلك من أجل إلحاق الهزيمة بالقطب الأهم في العالم لأنه الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعلم بأن هزيمة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان تعني بدء تفكيك الاتحاد السوفيتي إلى دويلات وبالتالي تنتقل السياسة العالمية إلى مرحلة القطب الواحد.
يرى المهتمون بتاريخ نشأة الفكر التكفيري أن المدارس الدينية هي أهم مراكز نشر الفكر الديني المتشدد، و لاسيما في السعودية وباكستان وأفغانستان، حيث تم استثمار واستغلال هذه المدارس الدينية خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي باعتبار هذه المدارس بيئة خصبة لإنبات الفكر الديني المتطرف لمواجهة مدّ الفكر الشيوعي و بتمويل سخي من الولايات المتحدة والسعودية ومن دول أخرى لاسيما الدول الخليجية، تم إنشاء منظمات إرهابية مسلحة حيث تم إبراز الجانب الفكري الأحادي من الدين، فكل طرف يلجأ للاستشهاد بسور من القرآن الكريم كقرائن قوية لما يقومون به، وهنا السياسة لا السماحة الدينية هي التي تأخذ طريقها في التعليل أو اختيار ما يؤيد نزعاته التكفيرية المتشددة، أي يقومون بتفسير آيات من القرآن الكريم دون التدقيق في أسباب النزول، أو السماح في التأويل عندما يخالف نزعاتهم وبالتالي إعطاؤها تفسيرات أحادية الجانب، ويمكنهم رصد الجوانب المخالفة في سلوك الآخرين حسب رؤيتهم الدينية، وقراءتهم للنصوص القرآنية، وهذا دأبهم على أيّ حال في تكفير الآخرين.
وبعد مدة وجيزة ومع اكتمال تأسيس أرضية لهذا الفكر الظلامي تم الاعلان عن إنشاء منظمة القاعدة الإرهابية والتي جمعت كل الحركات الأصولية والسلفية التكفيرية حيث قام هذا التنظيم بالعمل على ساحة أفغانستان وتنظيم القاعدة يعتبر الذراع العسكري للحركة الوهابية التكفيرية وفي الحادي عشر من سبتمبرعام 2001 كانت العلامة الفارقة في مسيرة جماعات الفكر التكفيري، وهنا لابد أن نذكر بأن حركة الإخوان المسلمين لم تكن بعيدة عن ما يجري وعلى الرغم أن العديد من علماء المسلمين وقفوا ضد الفكر التكفيري الذي شرعّه ابن لادن، ومنهم من رأى استحالة عودة الخلافة من جديد، ومن أن الإسلام لم يفرض شكلا معينا من الحكم السياسي، وهذا الأمر متروك لشعب البلد ليتخير شكل إدارة شؤون البلاد والعباد إلا أن هذا الفكر الظلامي بات ينتشر بشكل واضح وتحت مسميات متعددة.
يتبع ...