يحاول المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي أي ايه) ديفيد بتراوس تسويق خطة جديدة لمواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام»-»داعش» في سوريا: الاعتماد على عناصر «معتدلة» في «جبهة النصرة»، وهو ما يذكر بالتقارير التي راجت في الشهور الماضية والتي تحدثت عن تأييد أطراف خليجية، وغربية، لفكرة الاستعانة بـ«النصرة» وغيرها من الفصائل الأقل تكفيرا، لحسم الحرب مع كل من «داعش» والنظام السوري.
وعلى الرغم من أن فكرة بتراوس قد تسبب إحراجا إعلاميا للإدارة الأميركية التي وضعت «النصرة» على لائحة الإرهاب، إلا أن الفكرة قد تلقى قبولا في الأوساط الأميركية التي يتمتع بتراوس بعلاقات جيدة معها بالنظر إلى ما يعتبره كثيرون نجاحا حققه هذا الجنرال الأميركي من خلال فكرة «الصحوات» التي استخدمها في العراق لتقليص قوة تنظيم «القاعدة» هناك.
وفي تعبير جديد عن تباين المواقف الأميركية الروسية حول مسار التسوية في سوريا، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس إن مطالبة دول غربية وعربية برحيل الرئيس السوري بشار الأسد كمقدمة للشروع في مكافحة الإرهاب، أمر غير واقعي، مشدداً على أن الجيش السوري يمثل القوة الأكثر فعالية لمواجهة «داعش».
ونقل موقع «ديلي بيست» الأميركي عن أربعة مصادر قولها إن بتراوس يحاول تسويق خطة جديدة تعتمد على «جبهة النصرة» من أجل مكافحة «داعش».
وقالت المصادر إن بتراوس، القائد السابق للقوات الأميركية في العراق وأفغانستان، يحاول إقناع مسؤولين أميركيين بدراسة فكرة الاستعانة بأعضاء «معتدلين» من «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة». وذكر الموقع إن أحد مصادره ناقش هذا الموضوع مع بتراوس مباشرة.
وأشار الموقع إلى أن فكرة بتراوس ترجع إلى خبرته في قيادة قوات الاحتلال في العراق في العام 2007، حيث كانت إحدى استراتيجياته لهزم «القاعدة» تعتمد على «الصحوات» ووقف الدعم السني للتنظيم والعمل مع الجيش الأميركي.
وأوضح أن بتراوس عاد إلى لعبته القديمة، عبر اقتراحه إستراتيجية تعتمد على مسؤولين وعناصر مهمين في «النصرة»، خصوصاً أولئك الذين لا يحملون إيديولوجية «القاعدة».
ووصف مسؤولون أميركيون، استطلع موقع «ديلي بيست» آراءهم، فكرة بتراوس بالخطرة وشبه المستحيلة والمثيرة للجدل، لأن واشنطن بدأت حربها ضد الإرهاب على خلفية هجمات «القاعدة» في 11 أيلول العام 2001. كما ستواجه هذه الفكرة عقبات كبيرة بعد أن أدرجت الإدارة الأميركية في العام 2012 «جبهة النصرة» على قائمة المنظمات الإرهابية، وأمر الرئيس الأميركي باراك أوباما باستهداف معاقل تابعة إلى «جماعة خراسان» في سوريا.
وذكر الموقع أن بتراوس لا يزال يملك تأثيراً كبيراً على مسؤولين أميركيين حاليين ونواب وقادة غربيين. وأشار مسؤولون إلى أنه يحاول تسويق فكرة الاعتماد على المقاتلين «المعتدلين» في «النصرة» الذين يحاربون «داعش» في سوريا، لكنهم انضموا إلى الجبهة بسبب الهدف المشترك وهو إطاحة الأسد.
يذكر أن السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد كان دعا، في مقالة نشرت مؤخراً، إلى التفاوض مع «أحرار الشام» المتشددة، ووصفها بأنها «قد تكون من أهم المجموعات التي تقاتل النظام السوري الآن».
من جهة أخرى، قال مسؤول حكومي تركي إن جندياً تركياً قتل وأصيب آخر في إطلاق نار عبر الحدود من أراضٍ يسيطر عليها «داعش» في سوريا. وأوضح أن الهجوم وقع في إقليم كيليس المتاخم لأراضٍ يسيطر عليها التكفيريون.

لافروف

واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، أن مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل كشرط مسبق للشروع في مكافحة الإرهاب، أمر ضارٌّ وغير واقعي.
ودعا لافروف، في خطاب أمام طلاب وأساتذة معهد موسكو للعلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية، إلى «التخلي عن هذه المطالب، باعتبار أن ذلك سيسمح بزيادة فعالية مكافحة الإرهاب»، مؤكدا أن «هذا هو الهدف الذي ترمي مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إحرازه».
وشدد لافروف على أن «بشار الأسد ما زال رئيساً شرعياً تماماً على الرغم من التصريحات الغربية». وقال: «إنهم يحاولون اليوم ربط سائر الخطوات التي يجب اتخاذها للتسوية في سوريا برحيل بشار الأسد، باعتبار أنه لم يعد شرعياً، وهو النهج نفسه الذي اعتمدوه للقضاء على صدام حسين ومعمر القذافي، لكن الأسد شرعي تماما».
وتابع أن «المبادرة التي قدمها بوتين في حزيران الماضي خلال استقباله وزير الخارجية السوري وليد المعلم، تتعلق بتوحيد جهود جميع الأطراف التي تدرك الخطر الكبير الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) والجماعات الإرهابية الأخرى». وأوضح أن «هذه المبادرة موجهة، بالدرجة الأولى إلى الجيشين السوري والعراقي والقوات الكردية، أي إلى كل القوات التي تواجه داعش بالسلاح على الأرض».
واعتبر لافروف أن «الجيش السوري يمثل اليوم القوة الأكثر فعالية التي تواجه داعش على الأرض». وقال: «من المستحيل أن يكون الأسد شرعياً في ما يخص أغراض تدمير الأسلحة الكيميائية، في الوقت الذي ليست له شرعية لمكافحة الإرهاب. يبدو أن المنطق ناقص هناك».