Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 06 كانون أول 2024   الساعة 20:47:05
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
هل ينبعث الدخان السوري الأبيض من سماء مسقط ..؟

دام برس :

منذ بدء الحرب على سوريا، دأب ساسة العالم و أصحاب الرأي و المواقف، دولا ً كانوا أم منظمات و هيئات أممية دولية، و رؤوساء و قادة و شخصيات، على ترديد و تكرار عبارة "الحل السياسي"، و لم ينفكوا عن إطلاقها حتى اليوم. فيما تتابع سجلات الحرب الميدانية تسطير يومياتها الدامية و فظائعها، و التي لم يعرف العالم مثيلا ً لها. إذ لم يصدق مطلقوها يوما ً و ما كانوا جادين ولو للحظة ٍ واحدة، فبقي الحل السياسي شماعة ً للجميع, و تعبيرا ً يوميا ً مخادعاً، فيما يراقب الشعب السوري أفواه مطلقيها, و يرون ما ترتكبه أيديهم.

لقد وصل النفاق و الخداع السياسي إلى حد استصدار مجلس الأمن قرارات أجمع العالم عليها, تقضي بمحاربة الإرهاب ووقف تمويله و تجفيف مصادره, و السعي باتجاه الحل السياسي, لكنها بقيت حبرا ً على ورق.

استمرت الحرب و تصاعد تهديد الإرهاب، و بدأ يرتد على أصحابه و داعميه، بالتزامن مع صمود الدولة السورية، فشعر البعض بالخطر ، و ذاق بعضهم الاّخر لسعاته، فانكفأ البعض و أجبرت بطولات الجيش العربي السوري البعض الاّخر على التراجع، فيما حافظ "الحل السياسي" على بريقه المزيف و حضوره، مع احتفاظه بعشرات التفاسير و المعاني و السبل.

إن المتغيرات الكبيرة التي حدثت خلال العامين الأخيرين للحرب و المفاصل الهامة التي تحققت على الأرض، فرضت واقعا ً سياسيا ً جديدا ً لجهة تقارب و توحيد المعنى الحقيقي للحل السياسي لدى أغلب الدول, فيما بقيت الولايات المتحدة الأمريكية و إسرائيل و تركيا و السعودية و الأردن تتصدر فريق الحرب على سوريا.

لقد جاء النصف الثاني من عام 2015 ليحمل إلى العالم نبأ توقيع الإنفاق النووي الإيراني – الأممي, و انخراط السعودية في العدوان على الجار و الشقيق اليمني, و غرق الوالي العثماني المريض في أوحال أحلامه بقضم و ضم مدينة حلب, و اشتعال الداخل التركي الرافض لسياسته, و بالضربات الإرهابية الموجعة للجيش و الشعب التركي .

مفاصل "هامة و معارك" ضارية لم تتوقف عند حدود أوكرانيا و بحر الصين الجنوبي, انتصر فيها محور المقاومة و فرض ضغطا ً رهيبا ً على الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها, مما جعلهم أكثر قربا ً من الحل السياسي الحقيقي.

و مع عدم جدوى استمرار الحرب على سورية, و انعدام أفق إسقاطها, و سرعة تحرك جيشها نحو الحسم، ووقوع تركيا و السعودية في الأفخاخ القاتلة .. تغير الحال و أصبح لا بد من التقدم على مسار  "الحل السياسي". فبدأ الحراك السياسي و شهدت المنطقة تحركات و لقاءات و مشاورات و مساومات و عروض تبلورت في مبادرات هامة أطلقها كل من روسيا و إيران على حدة

و على الرغم من توتر الأجواء و تعارض و تصادم و تضاد التصريحات الرسمية الروسية مع نظيرتها الأمريكية, إلا ّ أن السوريون شعروا ببارقة أمل في حل الأزمة خاصة ً بعد الدعوة العمانية للوزير المعلم لزيارة مسقط و اللقاء بالسلطان قابوس و الوزير يوسف بن علوي, و عينهم على تصاعد الخان الأبيض في سماء السلطنة .. إذ يعلم السوريون و غيرهم مصداقية السلطنة و مواقفها الإيجابية من جميع الأطراف, و أنها الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تقطع علاقاتها مع الدولة السورية, و التي وقفت على الحياد بحكمة ٍ و ذكاء و شجاعة, انطلاقا ً من ثوابتها سياساتها المعروفة, بالإضافة إلى ثقة العالم باتزان مواقفها دون أن ينسى العالم دورها في تحضير الإتفاق النووي في مطابخها و الإعلان عنه من منابرها, و لقدرتها على جمع كل الأطراف و لعب الدور المناسب لإنهاء الحرب السعودية – اليمنية.

و بالرغم من اختلاف المبادرتين الروسية و الإيرانية, إلا ّ أنهما يسعيان و بصدق لمساعدة الشعب السوري, ووضع النهاية للحرب على سورية .

إذ ترافقت المبادرة الروسية بصفة "المعجزة" إذ سعت إلى تشكيل تحالف رباعي يضم سورية, السعودية, تركيا, و الأردن لمحاربة داعش, عبر تجاوز الخلافات السياسية فيما بينها و خصوصا ً الخلافات السورية – السعودية, و تدعو إلى مناقشة الحل السياسي بين المعارضة و الحكومة السورية, بعد توقف الأعمال العسكرية و أتمام القضاء على الإرهاب في سورية, و تعتبر هذه المناقشات من أساسيات الحوار السوري – السوري, و تضمن بذلك الوزن الحقيقي لكلا الطرفين في الشارع السوري, و تحتفظ الدولة الروسية بمفاتيح الأبواب التي يعتقد الكثيرون أنها لن تُفتح .. بعيدا ً عن الإعلام, لتضمن تجاوز الخلافات, بعدما أجرت العديد من اللقاءات و المشاورات مع كل الأطراف و التي سوف تستكملها الأسبوع القادم في روسيا مع أطياف من المعارضة السورية.

في حين تبدو البنود الأربعة المعلنة للمبادرة الإيرانية المعدّلة قادرة على سحب كل الذرائع من كل الأطراف, و إعطاء الفرصة و الأمل بالنجاح للجميع, خاصة ً بعد المشاورات و المناقشات التي أجرتها مع تركيا و قطر و مصر و فرنسا و الولايات المتحدة.. إذ تسعى المبادرة لمساعدة الشعب السوري بإشراف ٍ أممي, و تقوم على الوقف الفوري لإطلاق النار , و تشكيل حكومة وطنية, و إعادة تعديل الدستور بما يتوافق وطمأنة المجموعات الإثنية و الطائفية في سورية, و من ثم إجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين.

و من الواضح أن كلا المبادرتين تؤكدان وقوف روسيا و إيران على مسافة ٍ واحدة من جميع أطياف الشعب السوري, و نواياهما الصادقة تجاهه, على الرغم من الصعوبة الظاهرية في تطبيقهما, إلا ّ أنهما يتحركان بدافع ٍ أخلاقي ٍ لطالما تحلّت سياساتهما به.

أما الولايات المتحدة الأمريكية ....

فقد سعت لإشاعة الفوضى في العالم, و أربكت كل الدول, و استثمرت في الإرهاب و لا تزال تعتمده طريقة ً لتحقيق مصالحها و الفوز بما لم تستطيعه في الميدان في سورية, عبر سياسة لا أخلاقية أصبح يعرفها القاصي و الداني, و لم يعد يخفى على أحد سعيها لاستمرار الحرب , إلا ّ بعد أن تضمن ما يلي :

1- عدم إعطاء الرئيس بشار الأسد فرصة الفوز و الانتصار .

2- تحويل الدولة السورية إلى صيغة مشابهة للدولة اللبنانية , و تحافظ على وجود طرفين متنازعين متناقضين , تصبح معهما سورية القادمة دولة ً عاجزة ً عن إتخاذ المواقف الكبرى داخليا ً و إقليميا ً , و ينحصر الصراع السياسي فيها على السلطة و الفوز بالحقائب الوزارية السيادية في كل دورة ٍ انتخابية .

3- الدفع بعملائها إلى داخل الجسد الحكومي السوري , و سيطرتها على القرار السياسي السوري , و التحكم به من بعيد.

4- تعديل الدستور بما يكفل و يضمن تغيير عقيدة الجيش العربي السوري, و نزع صفة المقاومة عن الدولة السورية, و فتح الطرق لفك ارتباطها مع الدولة الإيرانية و المقاومة اللبنانية و المقاومة الفلسطينية, تمهيدا ً لتصفية القضية الفلسطينية و إلى الأبد.

تقدر الحكومة السورية جهود أصدقائها و حلفائها الساعين لوقف الحرب, و إيجاد الحلول السياسية التي يرضى بها السوريون أنفسهم, إذ تبقى للشعب السوري كلمته.. و أن أي مبادرة لا تراعي الواقع الميداني و انتصار الدولة السورية سيبقى قاصرا ً, فالمنتصر هو من يفرض شروطه, و لا يقبل السوريون أي حل يجرد سورية من هويتها و خصوصيتها العربية و القومية و الوطنية الأخلاقية, و لن يرض بأي حل ٍ يسيء إلى سورية التاريخ و الحضارة و الرسالة.

فمن قدّم شلال الدماء من أجلها و كرمى لعيونها, و دفع مهرها .. لن يرض لها إلا ّ أغلى و أجمل الأثواب في يوم زفافها و انتصارها.

عربي برس

الوسوم (Tags)
اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz