دام برس :

خلع "أبو محمد الجولاني" أمس اللباس الأفغاني الذي ظهر يرتديه في اللقاء الأول له على تلفزيون "الجزيرة" القطري، وارتدى مساء أمس "لباس شامي" في محاولة منه للظهور بصورة مقبولة للرأي العام على قناة "إخوانية" مثل "الجزيرة"، حيث مرر عدّة رسائل تطمينية للدول الغربية وبعدها للمجتمع السوري المنتمي للأقليات الطائفية واضعاً إياهم بين خيارين إما "الإسلام" على طريقة جبهة النصرة ذراع القاعدة في سوريا، أو "ستعتبرون من الطوائف المحاربة للتنظيم المتشدد".

وفي لقاء بثته "الجزيرة" مساء الأربعاء، قال "الجولاني": أن "توجيهات الظواهري تنص على أن تكون مهمة الجبهة في الشام هي إسقاط النظام السوري وحلفائه كحزب الله، والتفاهم مع الفصائل لإقامة حكم إسلامي راشد، وأيضاً عدم استخدام الشام كقاعدة انطلاق لشن هجمات ضد الغرب وذلك من أجل عدم التشويش على المعركة الموجودة".

واستدرك "الجولاني" الذي ظهر ملفوفاً بشال أسوداً يخفي فيه وجهه طيلة فترة اللقاء بالقول: "إنه في حال استمرار قصف التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على مقرات جبهة النصرة في سوريا، فإن كل الخيارات مفتوحة ومن حقنا الدفاع عن أنفسنا وستكون هنالك إفرازات ليست في صالح الغرب وأمريكا".

ومن على منبر "الجزيرة" التي أثبتت أمس أن هناك ارتباط عضوي بين الإخوان المسلمين وبين جبهة النصرة، نفى "الجولاني" أي وجود لجماعة "خراسان" التي تقول واشنطن إنها تنفذ غارات على أهداف لها في سوريا. ورأى أن "أمريكا لها دور كبير مساند للنظام وبعدد من الوسائل أبرزها قصف مقرات جبهة النصرة التي تدافع عن المسلمين، وعندما تشكل الأخيرة ضغطاً على النظام"، معتبراً أن دور الولايات المتحدة والتحالف الدولي/ هو "تخدير الشعب السوري حتى تصل إلى حل سياسي". بحسب توصيف متزعم التنظيم المتطرف في سوريا.

وجدد الجولاني رفضه المشاركة في أي مساع لحل سياسي في سوريا سواء عبر جنيف وغيرها، مؤكداً أن من أسماهم بـ"المجاهدين" سيغيرون بقوة السلاح الوضع وسيطيحون بالرئيس السوري «بشار الأسد»، والذي توقع أن يكون ذلك "في وقت قريب وأن المعركة معه في نهايتها".

وفي رسالة حاولت القناة القطرية إيصالها للطوائف السورية عبر "الجولاني"، شدد صحفي الجزيرة «أحمد منصور» في أسئلته على "الطائفة العلوية"، في محاولة منه لتخويف هذه الطائفة من خلال تهديدات مبطنة وجهها "الجولاني" للقرى التي تتبع للطائفة والمحيطة بمدينة إدلب قائلاً: "كل قرية علوية تقول إنها تبرأت من النظام السوري وأفعاله وألقى شبابها أسلحتهم عن القتال في صفوف النظام وعادت إلى دين الإسلام، فإن أهلها أخوة للجبهة وتدافع عنهم". مضيفاً أنه "لدى أهل السنة ثارات كثيرة لدى النصيريين أو (العلويين)"، معتبراً أن الطائفة "خرجت عن دين الإسلام حسب أهل العلم، إلا أن حربنا ليست حرباً ثأرية ولا تقاتل الجبهة إلا من يرفع علينا السلاح ويقاتلنا".

وأشار متزعم جبهة النصرة التي أدانت بالولاء لتنظيم "القاعدة" الذي تبنى بدوره الجبهة كفرع له في سوريا، إلى أن الجبهة ما تزال في مرحلة "دفع الفصائل وقتال من يقاتلها"، ولا تسعى في المرحلة الحالية لإقامة إمارة أو دولة إسلامية. بحسب زعمه.

وأرسل الجولاني رسائل طمأنه لمصير الأقليات في سوريا خاصة المسيحيين والدروز وأنهم سيعاملون "بسماحة الإسلام ووفق أحكام الشريعة"، وأن جبهة النصرة "لا تكفر أحداً وتكفير المسلم بحاجة إلى فتاوى". متجاهلاً المجزرة المروعة التي ارتكبتها ميليشياته في قرية "اشتبرق" الاي راح ضحيتها مايقارب الـ300 شهيد، إضافة إلى العدد الكبير من الأسرى من النساء والأطفال والشيوخ الذين كمنت لهم قواته أثناء فرارهم من إرهاب وجرائم جيش الفتح، إضافة إلى تجاهله المجازر التي ارتكبتها ميليشياته بحق أبناء الطائفة السنية في مدينة إدلب وجسر الشغور وغيرها من القرى والمناطق التي دخلتها ..

ونفى "الجولاني" في ختام لقائه مع "الجزيرة" القطرية التي تعتبر القناة الوحيدة التي تنال "شرف" الحصرية مع العصابات الجهادية، والتي كانت أشهرها اللقاء التي أجرته مع «أسامة بن لادن» زعيم تنظيم القاعدة ومؤسسه قبل أن تقتله أميركا، نفى تلقي أي دعم أو تمويل من أي دولة أو جهة معينة معتبراً أن هذا الأمر "مرفوض"، إلا أنه قال إن "الجبهة تتلقى تبرعات فردية من المسلمين الذين يحبون جبهة النصرة وتنظيم القاعدة". مشيراً إلى أن "انضواء جبهة النصرة في غرفة عمليات جيش الفتح، كان لتحرير محافظة إدلب، وهو تحالف استراتيجي وقائم على مبدأ الشورى بغض النظر من يقوده".

إذاً .. ظهر "الجولاني" للمرة الثانية بعد أن ظهر سابقاً بحصرية مع «تيسير علوني» على القناة القطرية ذاتها، لتمرير رسائل "ترهيبية" إلى الداخل السوري، و"تطمينية" إلى خارجه، وظهرت معه قناة الجزيرة وكأنها المكتب الإعلامي للتنظيم المتطرف، حيث بدا هذا من طريقة «أحمد منصور» الإخواني والصحفي في المحطة القطرية، الليّنة" والتي كانت أقرب إلى "التمييع" في أجزاء من الحوار، كما أظهر "الجولاني" جبهته رأس الحربة في كل مايجري من أحداث في سوريا "مغيّباً" دور الفصائل المسلحة الإسلامية منها أو غير إسلامية، وهذا يثبت وجهة النظر القائلة بأن القاعدة هي من تقاتل في سوريا وليس "المعارضة السورية المسلحة" كما يحاولون التسويق.