دام برس :
قبل أن يوضع الحبر على الورق، قبل الاتفاق النووي، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تسليم روسيا لإيران منظومة إس 300 للدفاع الجوي، وكأنه بذلك يرسم خطاً أحمراً أمام أي محاولة من طرف ثالث لتقويض الاتفاق.
تأخر القرار خمس سنوات، فروسيا جمدت تسليم المنظومة سابقاً بحجة قرارات الأمم المتحدة، لكن رأس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف اعترف بعد صدور أوامر تفعيل الصفقة من الكرملين، أن روسيا امتنعت عن تسليم المنظومة لإيران طوعاً لتشجيع المفاوضات النووية، وأن العقوبات الدولية التي فرضت على إيران لم تشمل الأسلحة الدفاعية مثل إس 300. قد تكون القضية كذلك، لكن هناك من يقول إن موسكو تقصدت الإسراع بالخطوة لهدفين رئيسيين؛ الهدف الأول مرتبط بروسيا ومصالحها مع إيران، وفي هذا الإطار يطفو توقع إيغور كورتشينكو، مدير مركز تحليل تجارة السلاح العالمية، بأن تتخطى مبيعات السلاح الروسي لإيران بعد أي اتفاق نووي 11 مليار دولار سنوياً. أما الهدف الثاني فتفادي خطوة أميركية أوروبية في مجلس الأمن تهدف لمحاصرة إيران عسكرياً عبر قرار دولي ملزم، كما يقول بول سوندرز رئيس مركز دراسات المصلحة القومية الأميركي، والمستشار الأول السابق في وزارة الخارجية الأميركية إبان عهد الرئيس جورج بوش. هكذا قرار، بحسب سوندرز، سيحرج موسكو التي ربما تستعمل الفيتو في مجلس الأمن، لكنها لن تكون قادرة على تمرير أي صفقات تسليحية قديمة أو جديدة مع إيران لتجنب عقوبات أميركية أوروبية جديدة. وبين هذا وذاك لا بد من التذكير أنه قبل أيام فقط أعلنت طهران عن الانتهاء من العمل على البنية التحتية لمنظومة باور 373 الموازية للإس 300، وهو ما يعكس تحويل الإيرانيين لمشكلة تسليم المنظومة إلى فرصة لتطوير منظومتهم الدفاعية الخاصة، وهذا بدوره عامل لا بد من أخذه بعين الإعتبار. بالنسبة لإيران، الخطوة الروسية وإن جاءت متأخرة مرحب بها، ولعل الجهد الإيراني سينصب الآن على تسريع تركيبها في المواقع الأكثر حساسية تحسباً لما قد يكون يدور في رأس من الرؤوس الحامية في إسرائيل، أو غيرها. يبقى أن نستعد قريباً، وربما قريباً جداً، لرؤية وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان في موسكو واقفاً كتفاً إلى كتف مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو وهما يعلنان عن التسلم والتسليم.