Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 18 نيسان 2024   الساعة 01:15:57
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
اليمن بين التسوية والحرب الإقليمية

دام برس :

كتب عمر معربوني في سلاب نيوز .. منذ فترةٍ ليست ببعيدة، والوضع في اليمن يشهد تطوراتٍ دراماتيكية كان آخرها السقوط السريع لمدينة عدن بما تمثل من ثقلٍ شعبي وأهميةٍ اقتصادية وعسكرية، كون المدينة تقع في موقعٍ يساعد بالتحكم بحركة الملاحة البحرية عند باب المندب. وبسقوط عدن، باتت الإحتمالات محصورةً باتجاهين لا ثالث لهما، فإما الولوج في تسويةٍ داخلية تنهي حالة الصراع وتسير نحو حل المشاكل اليمنية وهي ذات بعدٍ معقد، وإما أن يكون اليمن على مشارف الدخول في حربٍ بمواجهة الدول التي تعتبر نفسها متضرّرةً من سيطرة أنصار الله وحلفائهم.
وتحت عنوان أمن الدول العربية ومواجهة خطرالتوسع الإيراني وخطر "داعش"، تنعقد في شرم الشيخ يومي 28 و29 من الشهر الحالي القمّة العربية، وأخطر ما في الأمر أنّ هذه القمّة تساوي في الخطر بين إيران و"داعش".
في النتائج المباشرة، مما لا شكّ فيه أنّ ما حصل يعتبر بمثابة القضاء على مشروع تقسيم اليمن ووأد الفتنة، فهزيمة الرئيس هادي وفراره من عدن يعني أنّ رأس الهرم في هذا المشروع قد تم القضاء عليه ولكنه لا يعني أنّ المعركة في اليمن قد انتهت، حيث لا تزال محافظات كبيرة وواسعة تحتوي تموضعاً كبيراً لخصوم اللجان الثورية وفلول القاعدة التي هُزمت في أكثر من مكان. الملفت للنظر هو الانتصارات الميدانية المتسارعة للجيش اليمني واللجان الثورية التي قطعت مسافات كبيرة في أيام قليلة، ما يعني أنّ هذه القوات الزاحفة تمتلك احتضاناً شعبياً مكّنها من تحقيق هذه الإنجازات.
وعلى قاعدة تطييب الخواطر، وهو سلوكٌ يمني متّبع، ستتم على الأرجح إعادة الأمور الى نصابها في جنوب اليمن ما سيساعد على البدء في تنفيذ الإصلاح ضمن خطط طويلة الأمد ومن ضمنها إعادة توزيع الثروة التي تتحكم بها حاليًا عشر عائلات كبرى. ورغم التطمينات الكثيرة التي أرسلت بكل اتجاه وتحديداً الى السعودية من اللجان الثورية، قامت السعودية بحشد قواتٍ عسكرية تقول إنها قوات دفاعية وقد تتحول بنتيجة قرارٍ ما في اجتماع جامعة الدول العربية الى قوات هجومية مدعّمة بقوات عربية أخرى، تحت حجة الخطر الإيراني للسيطرة على باب المندب.
وفي النتائج المباشرة، أصبح مؤكداً أنّ جماعة أنصار الله ستكون شريكاً أساسياً في الحكم في اليمن، وأنّ البدء في الإصلاحات سيكون عنوان المرحلة القادمة. وانطلاقاً من الوقائع الميدانية الجدية واستناداً الى وجهات نظر معادية للجان الثورية في اليمن فإنّ ما حصل لم يعد مجرّد مناوشات أو معارك صغيرة بقدر ما أصبح تغييراً استراتيجياً لا بدّ من مواجهته والقضاء عليه، وخير دليلٍ على الأمر ما أدلى به سعود الفيصل من أنّ السعودية لن تقبل ببسط إيران لنفوذها على اليمن، وبأنّ أمن اليمن من أمن دول الخليج وكذلك مصر التي قد تندفع في المسألة حد التورط العسكري.
واذا ما ذهبت الأمور باتجاه المواجهة والتدخل العسكري في اليمن، فإنّ هذه المعركة لن تكون مجرد نزهة وستكون مفتوحة على كل الإحتمالات، وقد تشكل للدول المتدخلة عسكرياً مستنقعاً سيكون الخروج منه معقداً ومكلفاً، وهو أمرٌ ستسعى اليه كل من أميركا و"إسرائيل" لتوريط الدول الخليجية ومصر في معركةٍ لا يعرف أحدٌ متى تنتهي. فأميركا التي سحبت قواتها من اليمن، والتي تعمل ضمن استراتيجيا عدم التورط المباشر بقواتٍ عسكرية أميركيةٍ لا يبدو أنها ستعمد الى زج نفسها بحربٍ تعرف مدى قساوتها إلّا اذا شعرت أنّ مصالحها قد أصيبت بضررٍ كبير، وهو ما لم يحصل حتى اللحظة.
أنصار الله المصرّين على الإندماج بالمؤسسات اليمنية الرسمية لن يكون بوسع أحدٍ منعهم بعد سقوط عدن، وبالتالي فإنّ الأمور ستسير نحو رئيسٍ من الجنوب ونفوذٍ واسع للجان الثورية في الجيش والوزارات وباقي مؤسسات الدولة. وما اعتبره البعض اتفاقاً مع وقف التنفيذ، وهو منح أنصار الله حقوقهم في السلطة وأعاقه الرئيس عبد الهادي رغم توقيعه على اتفاق الشراكة، لن يبقى حبراً على ورق وسيكون آيلاً للتنفيذ وخصوصاً بعد التهاوي السريع لقوات الرئيس هادي.
وإن كان التدخل الخارجي ضرورياً قبل سيطرة اللجان الثورية على عدن لفرض واقعٍ يؤمن موازين قوى تعيق عملية الإصلاح، فالسؤال المطروح: ماذا سيكون بإمكان هذا التدخل أن يفعل بعد السيطرة على عدن؟ الحماقة والتسرع وحدهما سينتجان وبالاً ودماراً على اليمن في حال قررت السعودية تغيير الواقع اليمني بالقوة، وهو أمرٌ سيترك بصمته على السعودية ودول الخليج برمتها وربما على مصر نفسها اذا ما تورطت في تدخلٍ عسكري الى جانب دول الخليج. الأيام القادمة ستؤشر بالإتجاه الذي ستسلكه الأمور، فإما امتصاصٌ للصدمة من قبل الخليجيين وبلع الأمر والتعايش معه، وإما أن نكون أمام تطوراتٍ خطيرة لن يكون بوسع أحدٍ التكهن بمسارها ونتائجها.

الوسوم (Tags)

اليمن   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz