Logo Dampress

آخر تحديث : الأربعاء 24 نيسان 2024   الساعة 21:52:32
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الاغتيالات وسيلة حرب دائمة ومفتوحة في الاستراتيجية الإسرائيلية والأميركية

دام برس :

تعرضت حافلة مدنية، يوم الاثنين 10/10/2014، تقل بضعة اشخاص في حي البرزة بدمشق الى إطلاق نار مكثف ادى لمصرع خمسة افراد، يعتقد انهم من علماء الطاقة النووية في سورية، سيما وان احدا لم يتبنى عملية الهجوم في منطقة تسيطر عليها الدولة السورية، مما يعزز الاعتقاد بمسؤولية اسرائيل، خاصة لما لها من تاريخ ممتد في اغتيال العلماء والكفاءات ليس في سوريا وايران فحسب، بل كافة العلماء العرب من ذوي اختصاصات علمية رفيعة: العراق ومصر، ولم يسلم منها خبراء المان شاركوا مصر والعراق جهود التصنيع الوطني. كما انها ليست المرة الاولى التي تستهدف فيه سوريا وكفاءاتها العلمية، بل سبقت بدء الازمة السورية وشهدت تصعيداً مركزاً منذئذ. جملة اسئلة يتم التطرق اليها في بعد اغتيال الكفاءات العربية والايرانية أيضاً، لا سيما في سبر اغوار او تورط الولايات المتحدة في هذا الشأن، خاصة لاستهداف عدد من الكفاءات العربية جرى تغييبها داخل الاراضي الاميركية، واشهرها العالمة المصرية سميرة موسى التي قضت في حادث مروري مشبوه في ولاية كاليفورنيا في آب/اغسطس 1952. وستتم العودة لهذا البعد لاحقاً في التقرير.   درجت القيادات الصهيونية المتعاقبة على ارتكاب جرائم الاغتيالات، منذ ما قبل اغتصاب فلسطين وطرد اهلها، وتسخيرها في خدمة سياساتها الخارجية. من ضحاياها آنذاك عرب فلسطين بالدرجة الاولى، وكذلك بعض مندوبي الاستعمار البريطاني، خلال عقد الاربعينيات من القرن الماضي، بغية ترسيخ الكيان في الارض العربية. بعض عمليات الاغتيال التي قام بها جهاز الموساد نالت إعجاب الوسط الاعلامي الغربي واضفت عليه صفة اسطورية التي فندتها سلسلة من الاخفاقات والفشل المذهل، وبروز المقاومة العربية المسلحة. حالات نادرة هي التي استفاق فيها ضمير البعض من اليهود القادمين الى فلسطين من خارجها. في عام 1955 وجه استاذ الكيمياء العضوية وطب الاعصاب في الجامعة العبرية بالقدس، يشعياهو ليبوفيتز، مذكرة الى بن غوريون يلفت نظره الى "مقتل فلسطينيين ابرياء خلال العمليات الاسرائيلية". وجاءه الرد بصلافه "لا اوافقك الرأي". الكيان الصهيوني هو الوحيد من منظومة الدول الحديثة الذي اضفى الطابع المؤسساتي على الاغتيالات، في بداية عقد السبعينيات من القرن الماضي، دشنته غولدا مائير باستحداث جهاز خاص بعمليات الاغتيال، "المجموعة اكس" وتم رفدها لاحقا بـ "وحدة قيسارية" من جهاز الموساد لتنفيذ الاغتيالات. الاهداف الصهيونية لم تقتصر على القادة والكفاءات العربية في فلسطين فحسب، بل امتدت لتصل الى العواصم العربية الرئيسة، تشهد عليها عمليات اغتيال الكفاءات المصرية والعلماء العراقيين ذوي اختصاصات متعددة لا سيما بعد الغزو الاميركي، وفي العواصم الاوروبية. ومدت اخطبوطها الى اغتيال العلماء الايرانيين في مجال الطاقة النووية. الفريق المختص بتصفية العلماء الايرانيين في جهاز الموساد يدعى "كيدرون" او وادي الجوز بالقدس المحتلة، يقع مقره في صحراء النقب بالقرب من مفاعل ديمونا النووي. نجاح عمليات الاغتيال، بالمجمل، لا يعفي تعاون عملاء في البلد المستهدف مع الاجهزة المعادية: منظمة "مجاهدي خلق" في ايران، والمعارضة السورية التي توفر الغطاء السياسي للمنفذ الاسرائيلي. في الحالة الايرانية تم القاء القبض على احد العملاء المحليين ويدعى مجيد جمالي فاشي، الذي اقر خلال التحقيق معه بالعمل لصالح الموساد لاغتيال الاستاذ الجامعي في جامعة طهران، مسعود علي محمدي، في كانون الثاني 2011، لقاء مبلغ 120,000 دولار تسلمها من مشغليه في جهاز الموساد. اعلنت الحكومة الايرانية عن اغتيال ما مجموعه خمسة من افضل الكفاءات العلمية لديها، منذ عام 2007، على خلفية نشاطاتهم العلمية والريبة من اشتراكهم في برنامج ايران النووي. يذكر ان تلك الاغتيالات لقيت ارتياحاً واسعاً لدى المؤسسات الاميركية، الرسمية والعامة على السواء، مما يؤشر على ضلوع وكالة الاستخبارات المركزية، بشكل او بآخر، في تصفية العلماء. وبلغت الصراحة العلنية درجة الصفاقة في تصريح السيناتور السابق عن ولاية بنسيلفانيا، ريك سانتورم، بوصفه الاغتيالات رائعة وترسل رسالة الى العاملين في البرنامج النووي الايراني بأن سلامتهم الشخصية مهددة. واضاف سانتورم "اعتقد انه يتعين علينا ارسال رسالة بالغة الوضوح للعلماء في روسيا، او كوريا الشمالية، ام في ايران بان استمرارهم العمل في البرنامج النووي لانتاج قنبلة نووية لايران، سيسفر عن سلامة شخصية غير آمنة". رئيس مجلس النواب الاميركي آنذاك، نيوت غينغريتش، شاطر سانتورم في قراءاته واستنتاجاته وتصريحاته. وافاد تحقيق نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في 10 تشرين الثاني 2014، ان وكالة الاستخبارات المركزية كانت على علم مسبق بعملية تفجير حافلة كانت تقل 11 عنصراً من الحرس الثوري الإيراني عام 2007 اسفرت عن مصرعهم جميعاً. استند التحقيق الى ملاحظة عابرة سبقت ذلك التاريخ عثر عليها في احد ملفات الوكالة تحذر من "حدث كبير على وشك الوقوع في ايران"، على ايدي مجموعة "جند الله،" وقادت الى صاحبها ضابط سابق في الاستخبارات. واضاف التحقيق ان مصدر الملف المذكور كان "ضابط استخبارات في هيئة مراقبة الموانىء لمدينة نيويورك ونيوجيرسي يدعى توماس ماكهيل، العضو في قسم مكافحة الارهاب في مكتب التحقيقات الفيدرالي"، تعرف على مخبر "بالوشي" "يتلقى راتباً شهرياً من مكتب التحقيقات منذ عام 1996 ويقطن في منطقة نيويورك". وأوضحت الصحيفة ان "ماكهيل أُرسل لافغانستان وباكستان بغية تنظيم مخبرين داخل قيادة جند الله والذين تم اخضاعهم تحت اشراف مشترك لمكتب التحقيقات ووكالة الاستخبارات المركزية، ولاحقاً استبدل مكتب التحقيقات بوزارة الدفاع الاميركية". اللافت ان مجموعة "جند الله" تم ادراجها على قائمة المنظمات الارهابية من قبل الولايات المتحدة، بيد ان "التنسيق مع المخبرين بداخلها لم ينقطع واستمرت العلاقة قائمة حتى في ظل نفي متكرر من قبل الرسميين الاميركيين لأي علاقة مع المجموعة الارهابية". واردفت الصحيفة ان بضعة مسؤولين اميركيين سابقين وحاليين "اكدوا العلاقة القائمة بين الاجهزة الاميركية ومجموعة جند الله"، وفق توصيف تطور الاحداث اعلاه. اما المخبر البالوشي فقد كُلِّف بايصال ماكهيل الى شبكة اصدقائه وعائلته في اقليم بالوشيستان، الذي "يضم عائلة ريغي احدى كبريات عشائر البالوش" في الشطر الايراني من الاقليم؛ وتم تأسيس "جند الله عام 2003 للقتال ضد الحكومة الايرانية". ورغم نفي الاجهزة الامنية لأي علاقة مع ماكهيل، الا انه حصل على وسام تقدير من قسم العمليات الايرانية في وكالة الاستخبارات المركزية عام 2009. وتجدر الاشارة الى ان تحقيقاً خاصاً نشر في يومية "فورين بوليسي"، 13 كانون الثاني/يناير 2012، أكد اقدام الموساد على انتحال صفة منتدبين من وكالة الاستخبارات المركزية وحملوا جوازات سفر اميركية بغية تشغيل مجموعات من "جند الله" من الباكستانيين في لندن ضمن حملة الاغتيالات والتفجيرات التي ادارتها واشرفت عليها في ايران، اضافة لتقرير بثته شبكة (سي بي اس) الاميركية، في 2 آذار/مارس 2014، يفيد ان مسؤولين اميركيين وعبر قنوات سرية اعربوا للاسرائيليين عن رغبتهم بان تتوقف اسرائيل عن استهداف العلماء الايرانيين لافساح المجال للجهود الدبلوماسية أخذ مجراها لوقف البرنامج النووي الايراني؛ اعتبر الأمر تسريباً من داخل ادارة اوباما. قرأت بعض الاوساط هذه الخطوة كتعبير عن رغبة الرئيس اوباما تحقيق انجاز بالتوصل لاتفاق نووي مع ايران، وربما حفّزه ذلك على استخدام نفوذه بممارسة ضغط على اسرائيل لوقف مسلسل الاغتيالات كوسيلة لطمأنة الجانب الايراني وحثه على تقديم بعض التنازلات. كلفة الاغتيالات بالنسبة لاسرائيل باتت مرتفعة خاصة مع تطور وسائل القتال والمقاومة والتصدي الشعبي لها، وربما يفرض عليها ادخال بعض التعديلات للجم اندفاعة مسؤوليها في عمليات الاغتيالات. يذكر ايضاً ان اسرائيل عرّضت بعض حلفائها الاوروبيين للتورط في الاغتيالات نظراً لاستخدامها جوازات سفر من تلك البلدان لتيسير تحركات عملائها، فضلاً عن كندا واستراليا. وعقب انكشاف أمر فريق اغتيالها المكون من 29 عنصراً في اغتيال الشهيد محمود المبحوح في فندق بدبي، 20/1/2010، واستخدامه جوازات سفر متعددة: بريطانية والمانية وايرلندية وفرنسية، طلبت منها عواصم تلك الدول التوقف عن عمليات الاغتيال والكف عن استخدام جوازات سفر بلدانها المزورة. مساء يوم 23/3/1990، استفاق العالم على خبر اغتيال عالم كندي اميركي المولد، جيرالد بول، امام بوابة منزله ببروكسيل، اتضح لاحقاً انه من ألمع علماء الفيزياء الفلكية، واحد أهم الخبراء في تقنية المدافع طويلة المدى، قيل انه كان يعمل لحساب العراق في انتاج المدفع العملاق. كونه اميركي المولد يستدعي تدخل الاجهزة الأمنية الاميركية في التحقيق بمقتله، الا ان ذلك تم تجاهله من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي. الاغتيال نفذته "وحدة كيدرون"، وفق تحقيقات يومية "تليغراف" البريطانية، 17 شباط 2010. الجدير بالذكر ان القانون الدولي ينص على حظر الاغتيالات في ازمنة الحرب والسلام، فضلاً عن مساسها بسيادة الدول وحقوق مواطنيها. تتحايل اسرائيل على النص القانوني بالزعم ان فلسطين ليست دولة ولا ينطبق عليها توخي الالتزام بالقانون الدولي فيما يخص الاغتيالات داخل فلسطين او ضد الفلسطينيين؛ بل اضافت بمفردها على النص ان لها الحق بملاحقة "كافة الاعداء الذين يقاتلون ضد اسرائيل، وكل ما ينطوي على ذلك". ذاك الفهم والتفسير يتناقض مع لوائح كافة الدول، بما فيها الولايات المتحدة، التي تغض الطرف عن عمليات الاغتيال الاسرائيلية بينما تطلق تصريحات في العلن على نمط "يتعين على اسرائيل الادراك ان الاغتيال المستهدف ضد الفلسطينيين لا يضع نهاية للعنف، بل يؤجج وضع متفجر اصلاً مما يعقد جهود استعادة الهدوء".

الوسوم (Tags)

امريكا   ,   ايران   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz