Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 19 نيسان 2024   الساعة 00:10:04
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
تقنيات القتال في جوبر

دام برس :

تشهد الحرب الدائرة في سورية الكثير من أنماط القتال سواء تلك التي يستخدمها الجيش السوري أو تلك التي تستخدمها الجماعات المسلّحة، وتتراوح هذه التقنيات بين منطقة ومنطقة بحسب الجغرافيا وطبيعة الأهداف والبيئة الحاضنة.
فالجيش العربي السوري بتشكيلاته النظامية الكلاسيكية لم يعد يخوض معاركه إستناداً لتكتيكات القتال المعتمدة في الجيوش النظامية فقط، بل تجاوز الأنماط التقليدية وبدأ منذ معركة بابا عمرو باستخدام تكتيكات جديدة مرتبطة بحرب العصابات سواء في المدن أو المساحات المفتوحة.
ورغم أنّ الكثير من التشابه في طرق قتال الجماعات المسلّحة يشكّل قاسماً مشتركاً، إلّا أنّ ما اعتمدته الجماعات المسلّحة في جوبر والإجراءات المضادّة التي استخدمها الجيش السوري تعتبر خاصّة بعض الشيء.

ففي جوبر وعلى الرغم من التشابه بما فعلته الجماعات المسلّحة في أكثر من مكان وخصوصاً في المليحة بما يتعلق بطرق إستخدام الأسلحة والأنفاق، إلّا أنّ معارك جوبر تميزت ببعض الخصوصية التي سنتعرّض لها مع الإشارة الى الوسائل العديدة التي استخدمها الجيش السوري.
بدايةً لا بدّ من الإشارة الى أنّ جوبر باتت تعتبر ساقطة عسكرياً رغم وجود بعض الجيوب في أكثر من مكان ما زالت تقاتل بشكلٍ يائس لن يؤدي الى تغيير جذري في طبيعة النتيجة التي أصبحت معروفة.

مع الإشارة أيضاً الى أنّ الكثير من التجارب التي خاضتها الجيوش النظامية في العصر الحديث بمواجهة المجموعات المتحصنة في الغابات أو المدن أدّت الى هزائم كبيرة في صفوف هذه الجيوش وهو عكس ما يحصل في سورية، فما هي التقنيات التي استخدمتها الجماعات المسلّحة في جوبر، وما هي الإجراءات المضادّة التي اعتمدها الجيش السوري في مواجهتها؟

في بداية المعارك قامت الجماعات المسلّحة بتنفيذ ما يشبه الإجتياح بالتسلّل اعتمادًا على بيئات حاضنة، وتغلغلت في قلب التجمعات السكانية وعملت على تحصين هذه التجمعات السكانية بالتدريج مستغلّةً انتشار القوات الأمنية المعتمد على النقاط والحواجز التي لا تغطي المساحات الداخلية للتجمعات السكنية وكذلك وجود الجيش في ثكناته ومواقعه، ما خلق بيئة مريحة للجماعات المسلّحة للتحرك ضمن تكتيكات تعتمد على الكمائن والهجمات السريعة، ما جعل الجيش السوري في المراحل الأولى من الهجمة ينكفئ الى الدفاع السلبي للحفاظ على مواقعه، وهذا كان عنوان المرحلة الأولى من مراحل المواجهة.
في المرحلة الثانية والتي كانت المرحلة الأكثر ضرراً، كان على رأس أولويات الجيش السوري الحفاظ على المواقع الإستراتيجية والمدن الكبرى بما فيها العاصمة دمشق ومحيطها المباشر.

أما بالنسبة للأرياف المحيطة بدمشق والمدن الكبرى فأمر بدء المعركة معها جاء بعد إنجاز الجيش السوري لأغلب مرحلة الهجوم المضاد، وهي التي يمكن تسميتها بالمرحلة الثالثة، وأصبح الجيش السوري بموجبها يسيطر على مناطق الثقل الإستراتيجي في سورية الممتدة من العاصمة الى الساحل مروراً بأغلب المنطقة الوسطى وأعني حمص وحماه التي تشهد حالياً معاركها النهائية، وصولاً الى حلب التي نشهد في أريافها الشرقية والشمالية والجنوبية تغييراً جذرياً لصالح الجيش السوري منذ أشهر.
معركة ريف دمشق وجوبر بدأت فعلياً منذ ستة أشهر بعد إنتهاء الجيش السوري من تحرير كامل المنطقة من القصير شمالاً وصولاً الى القلمون ما عدا امتداد أعالي الجرود الذي ما زال يشهد بعض العمليات العسكرية بين الجيش السوري والجماعات المسلّحة.

بالرجوع الى جوبر التي تعتبر أكثر الأحياء اكتظاظاً وتتميز بشوارع ضيقة وكتل من الأبنية متقاربة، ينطبق عليها في القتال أنماط حرب الشوارع التي لا تتميز بقواعد ثابتة وتعتبر من المعارك المرهقة والمكلفة للجيوش النظامية .

فعلى امتداد الشهور الماضية يعتبر ما حقّقه الجيش السوري إنجازات كبيرة قياساً على حجم التواجد المسلّح المعادي وطبيعة الأسلحة المستخدمة وتقنيات القتال، فماذا فعلت الجماعات المسلّحة في جوبر خلال فترة تواجدها في جوبر؟
1- الأنفاق:
حاولت الجماعات المسلّحة أن تجعل من جوبر قاعدة إنطلاق لقواتها للدخول الى دمشق عبر سلسلة من الهجمات التي استخدمت فيها الكثير من الأنفاق التي كانت تتعرض للتدمير من قبل الجيش السوري بعد إكتشافها، الأنفاق التي استخدمتها الجماعات المسلّحة للوصول الى ساحة العباسيين لم تكن الوحيدة، فداخل جوبر هناك شبكة عنكبوتية من الأنفاق تمتدّ على كامل مساحة جوبر وبعض هذه الأنفاق يقع على أعماق تصل الى 15 متر تحت الأرض، وبعضها الآخر يتسع لمرور سيارة دفع رباعي، وأغلب تحركات المسلحين ومستودعاتهم ومستشفياتهم وغرف عملياتهم كانت تحت الأرض لتحاشي ضربات الطيران والمدفعية.
2- القنص :
في بداية المعارك حرص الجيش السوري على تثبيت خطوطه بشكلٍ يمنع الجماعات المسلحة من الوصول الى ساحة العباسيين وضمان عدم سيطرتهم على برج 8 آذار، وهو بناء عالٍ جداً يمكن للمسلحين من خلاله استهداف العاصمة بالقناصات، حيث كان للقناصين دور بالغ الأهمية في معركة جوبر، مع العلم أنّ بعض القناصات كانت مزودة بقواعد متحركة وكاميرا وتدار من عمق الأرض بواسطة التحكم الآلي، إضافةً الى اعتماد المسلحين طريقة الرمي من وراء الجدران المتعددة عبر فتح منافذ إطلاق متتالية في أكثر من جدار، وهي طريقة تمنع من تحديد مكان الإطلاق وتؤمن للرامي حماية أكبر.
3- العبوات الناسفة والألغام :
لم يُستخدم في أي مكان آخر في العصر الحديث هذه الكمية من العبوات والألغام ضمن مساحة جغرافية صغيرة كجوبر (حوالي 2.5 كلم مربع)، فكل شارع وزقاق وبناية وزاوية ومساحة فارغة من البناء في جوبر تحتوي على عبوة أو لغم، وهو أمر شكّل مصاعب كبيرة في وجه تقدم وحدات الجيش السوري.

في الإجراءات المضادّة التي اعتمدها الجيش السوري :
1- بمواجهة الأنفاق أصبح الجيش السوري يعتمد أكثر على عمليات التسلل والتنصت لتحديد اصوات الحفر، ما شكّل خبرة عالية في تحديد أماكن الحفر والأعماق وطرق التعامل معها والتي تراوحت بين الحفر من الأعلى للأسفل والعمل على تفجير هذه الأنفاق، أو تحديد إحداثيات هذه الأنفاق لضربها بقنابل الأعماق الخاصة بواسطة الطيران، كما عمد الجيش السوري في الفترة الأخيرة الى حفر أنفاقه الخاصّة للوصول الى بعض الأماكن داخل جوبر وتنفيذ عمليات خاصة وإشتباك متقارب.
2- في مواجهة عمليات القنص اعتمد الجيش السوري على مجموعة القنص المضاد في بعض الأحيان وجماعات المراقبة الصغيرة وضرب قناصي الجماعات المسلّحة بواسطة مدافع الدبابات والمدفعية المباشرة وقذائف الار بي جي وغيرها.
3- في مواجهة العبوات الناسفة والألغام اعتمد الجيش السوري على عمليات التفجير المباشر وبواسطة القذائف الصاروخية عن بُعد للعبوات التي يكتشفها جنوده أثناء التقدم، إضافةً الى إستخدامه في الآونة الأخيرة للعربة المضادة للألغام والعبوات الروسية ur-77، وهي عربة مدرعة تحمل صواريخ متصلة بعشرات الكيلوغرامات من المتفجرات عن طريق أسلاك ويمكنها تطهير طريق بطول 100 متر وعرض 6 امتار بالكامل من الالغام وتدمير أي نفق يوجد أسفله تدميرًا كاملًا.

هذه الإجراءات وغيرها عبر إعتماد الجيش السوري على نمط قتال المجموعات الصغيرة وإستخدام العربة المضادة للطائرات "شيلكا"، والتي أثبتت قدرات عالية في حرب الشوارع، مكّنت الجيش السوري من تحقيق إنجازات كبيرة في شهور قليلة، لم يحققها غيره من الجيوش في حرب المدن والشوارع.
ومن هنا يمكن القول إنّ أساليب جديدة باتت ضمن منظومة قتال الجيش السوري شكلّت وستشكّل عوامل إجهاض لكل أساليب أنماط الجماعات المسلّحة، وستُفقد الجماعات المسلّحة القدرة على الإستمرار في المواجهة وتخرجها نهائياً من دائرة القتال.

سلاب نيوز

الوسوم (Tags)

الجيش   ,   السوري   ,   المسلحين   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz