دام برس :
إذا كانت الحرب العالمية الأولى قد توقفت بعد خمس سنوات والحرب العالمية الثانية بعد ست سنوات والحرب الأميركية ضد فيتنام بعد (11) سنة فإن الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد ما يسمى «الإرهاب» على رقعة واسعة من هذا العالم لم تتوقف بعد منذ 11/9/2001 لا في أفغانستان ولا في العراق ولا في باكستان ولا في اليمن ولا الصومال، وباسم هذه الحرب التي تستمر 14 عاماً حتى الآن وسعت إدارة أوباما دوائرها باسم (الديمقراطية) فحشدت أكثر من 80 دولة للمشاركة في كل أشكال العداء ضد سورية وحاصرت إيران وهددتها بحرب بعد أن أطبقت على ليبيا ومالي في أفريقيا وهذه الحرب منذ استلام أوباما الرئاسة عام 2008 لم تكلف الولايات المتحدة أي أموال تذكر وأي خسائر بشرية ذات أهمية ولهذا السبب لم تتوقف وأصبحت حرب الطائرات بلا طيار في اليمن والصومال وباكستان، ويراد التوسع فيها الآن لتشمل العراق ودولاً أخرى تحت الطلب الأميركي، ولأن هذه الحرب رابحة اقتصادياً وسياسياً لن يجرؤ أي رئيس أميركي بعد أوباما بإيقافها طالما أنها تدر على مصالح تجار الحروب والأسلحة الأميركيين أرباحاً مستمرة ما لم تبدأ واشنطن بدفع ثمنها في المنطقة وبين الدول المتحالفة معها.. وفي ظل هذا الوضع تعمل القيادة الإسرائيلية على بلورة سياسة توفر لها أمام كل هذه التطورات تحقيق عدد من الأهداف تحدث عنها مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي ومركز هرتسليا للدراسات الاستراتجيية وأهمها أن تعتبر واشنطن والمنطقة أن الحرب الداخلية في كل من سورية والعراق يجب انتقالها إلى لبنان وإيران وعند ذلك لا يبقى في المنطقة سوى قوتين أساسيتين كبيرتين هما قوة الولايات المتحدة وإسرائيل.
وتطالب القيادة الإسرائيلي في الوقت نفسه بمنع أي دولة في المنطقة من امتلاك تكنولوجيا نووية قابلة لصناعة السلاح النووي لكي تبقى إسرائيل القوة النووية الوحيدة في المنطقة وتوفر لها فرصة تحقيق ردع شامل نووي وقدرة على منح من ترغب من دول وكيانات المنطقة مظلة نووية علنية مقابل مصالح مضمونة.
لكن القيادة الإسرائيلية تدرك في الوقت نفسه وتعترف أن إنهاء القدرات العسكرية السورية والإيرانية والعراقية وقدرات حزب الله لا يمكن أن تتحقق إلا عن طريق استمرار تورط وانخراط القوات الأميركية في الحروب الداخلية التي يجب إبقاء نيرانها مستمرة للإجهاز على كل هذه الأطراف حتى لو استغرقت هذه الحرب الاستنزافية عشر سنوات على الأقل، وترى إسرائيل الآن أن الحرب الأميركية التي تشنها الولايات المتحدة في المنطقة منذ أربعة عشر عاماً يمكن تتويجها بعد سنوات بما يشبه الانتداب الأميركي على مناطق واسعة يمكن لإسرائيل تأسيس حدود قابلة للدفاع من خلالها وهذا يعني توسيع العمق الاستراتيجي لإسرائيل على حساب دول مجاورة هي مصر والأردن وسورية ولبنان وتحويل مناطق كثيرة قرب هذه الحدود إلى مناطق معزولة السلاح تتلوها مناطق تنشأ فيها كيانات ذاتية تخضع لحماية إسرائيل بتأييد أميركي ودعم من الجامعة العربية التي وضعت القيادة الإسرائيلية لها خطة لإعادة تنظيم عملها ولائحتها الداخلية. فإسرائيل ترى في المخطط الأميركي فرصة لإعادة النظر في وظيفتها في المنطقة بحيث تصبح الوكيل الرسمي المعترف به في المنطقة ومن المجتمع الدولي هذه المرة للمصالح الغربية وكأنها مجمع لسفارات دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ومقر العلاقات العامة لدول المنطقة. وفي هذا السيناريو الذي تتطلع إسرائيل إلى تجسيده بفضل القوة الأميركية والحروب الداخلية التي تديرها باسم الحرب على الإرهاب.
تريد القيادة الإسرائيلية تهجير مليونين من يهود العالم لملء الفراغ الجغرافي الذي سينشأ في فلسطين من إبعاد وترحيل أكثر من مليون من الفلسطينيين إلى دول أخرى وليس إلى الأردن وحده!؟