Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 12:08:09
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الصباح الملطخ بالدماء... بقلم : آرا سوفاليان

دام برس:
جرمانا صباح الاربعاء 28 11 2012 الساعة 6:30 صباحاً، أغلقت منبه الموبايل وذهبت لغرفة الأولاد لإيقاظهم، وتمنيت ان اتركهم بسلام خاصة وأن البرد يلف أرجاء المنزل، ولكن لا بد من مواجهة ما يجب مواجهته، فاستيقظوا وذهبت لتحضير قهوتي وعندما عدت كانت ام الاولاد على البلكون تهمّ بإحضار قمصان المدرسة لكوّيهم...وسمعت الصرخة المدوية، ورأيت الأشياء تتصاعد في الجوّ واغصان الشجر تنحني واوراقها تبتعد، وسحابة من الأتربة والدخان تنطلق كالدوامة الى الأعلى، ويمائم اصابها الذعر تخلي المكان بعشوائية ورعب مروعين، وصوت هائل صاحبه تحطم الزجاج وتهشم أشياء أخرى، وفُتحت الأبواب على الشرفات وخرج كل الجيران الى شرفاتهم وعلت الأصوات وعلا الصراخ، ثم ولويل النساء، واختلط الحابل بالنابل ونزل الناس الى الشارع والكل يركض بإتجاه ساحة الرئيس وآخرون يهربون من ساحة الرئيس بعضهم يضع يده على رأسه وفي رأسه شج والدماء تغطي ملابسه، وآخرون يحاولون تقديم المساعدة للجرحى، ودخل بعض الجرحى الى منزل طبيب أطفال طلباً للمساعدة، كان الانفجار الأول في الساعة 6:38 وتم بإستخدام سيارة مركونة في بداية شارع الباسل وفي مواجهة كازية عبيد وهو الشارع المنطلق من ساحة الرئيس الى طريق المطار، وكانت السيارة مركونة في مدخل حارة ضيقة لا تبعد عن الساحة اكثر من عشرة امتار ويبدو ان الضغط تجمع في هذه الحارة فتضررت البيوت فيها على الجانبين وانهارت شرفاتها...وانطلق من انطلق للمعاونة وتقديم المساعدة للجرحى ضاربين عرض الحائط بالتعليمات والارشادات التي تكررت بما يفوق تكرر هذه الحوادث ومثيلاتها...بسبب الحمية والنخوة والمؤازرة والبعض ذهب ليتفقد الوالد أو الأم الموظفة أو الولد الطالب الذاهب الى المدرسة، أو الاطفال الذين ينتظرون باص المدرسة.
وتحضرني هنا قصة تؤكد انه لا يمكن ثني الناس عن التجمهر وتقديم المساعدة حيث لا يمكن وأد المروءة  والشهامة، والقصة تقول أن فارس عثر على رجل متهالك في الصحراء فنزل عن فرسه وسقاه وأطعمه وأركبه، فانطلق الرجل بالحصان وعقَّ، فصرخ صاحب الحصان بالسارق وقال له: يا أخا العرب الحصان لك... الحصان لك... ولكن لا تذكر فعلتك أمام أحد...لكي لا تضيع المروءة عن قلوب العرب.
ونزل الدكتور طارق العيد لكي لا يتم وأد المروءة...نزل مع النازلين على الرغم من توسلات والدته، ووالد طارق جار محترم وصديق وصاحب لهفة ووالدة طارق موظفة وصديقة زوجتي وسيدة عصامية وفاضلة ومحترمة بكل المقاييس، ولا بد أن الدكتور طارق نزل مدفوعاً بالعامل الانساني وهو طبيب، وفي مثل هذه الظروف تشتد الحاجة لوجود طبيب، وبعد عشرة دقائق وصلت سيارة ثانية الى نفس المكان ونَهَرَ صاحبها الحشود بزمور سيارته ودخل بها الى اليسار  مخترقاً الحاجز الاسمنتي فصار في الشارع المقابل ومؤخرة سيارته موجهة على الحشد، ولا نعرف ان كان السائق قد غادر السيارة ام لا، وتم تفجيرها فصدر صوت أقوى بكثير من التفجير الأول وكان الفارق عشرة دقائق لا غير...التفجير الثاني هو الذي ضاعف أعداد الشهداء، ووصلت سيارات الاسعاف الى قلب الكارثة لتجد كارثتين الثانية أفدح من الأولى...اما الدكتور طارق عيد فلقد ذهب الى حيث يذهب الشرفاء، وهو كالآخرين جوّالاتهم ترن ولا من مجيب، وتنهار معنويات المتصل إن تأخر الرد، فإن كان المتصل أم فسيصل صراخها الى مكان الحادثة وإن كان أب فسيذهب ليرى بنفسه ما حدث لابنه وهذا ما حدث لوالد الدكتور طارق الذي حمل ابنه المصاب الى المستشفى فكان ملاك الموت اسرع...وحدث انفجار ثالث في حي النهضة ثم رابع قرب منطقة القريّات...واربع جوّالات وهاتف ثابت واحد  ظلت ترن بإستمرار ودون معرفة المتصل يكون الجواب فوراً نحن جميعاً سالمين أنا والاولاد وامهم، ولكننا لسنا بخير لأن جيراننا ليسوا بخير...لقد شرعوا بمدّ الشرائط البيضاء المنطلقة من شرفة منزل أهل الدكتور طارق...شاب طبيب وبمجموع ممتاز في البكلوريا وبمعدل تخرج ممتاز من كلية الطب وطبيب اطفال في مشفى الاطفال وطالب دراسات عليا...وشهيد ضاعت معه أحلام أهله وعذاباتهم وتضحياتهم وضاعت معه أحلام كل محبيه.
  لماذا ولخدمة أي شيء ولخدمة أي هدف تم قتل طارق ومن معه...جنازات جماعية بدون نعي على اجهزة الصوت في جرمانا لأنه لا يمكن نعي ستون اسم حتى الآن والرقم مرشح للتصاعد...الساعة الآن 4:28 وانفجار جديد لا نعرف أين ذكروا في الانترنيت انه بالقرب من منتزه النسيم...نحن بحاجة الى ملجأ ذري هنا في هذه المدينة المنكوبة والتي كانت وادعة من قبل والأفضل تطويق كل مداخل جرمانا ومنع دخول السيارات اليها او الخروج منها...صورة مبكية لطفلة تم وضعها على الانترنيت وتحتها عبارة تقول: أن البعض من أطفال جرمانا حضروا اليوم الحصة الأولى في الجنّة.
آرا  سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
الاربعاء 28 11 2012
arasouvalian@gmail.com
 

اقرأ أيضا ...
تعليقات حول الموضوع
  0000-00-00 00:00:00   ...
حماكي الله يابلدي وحما الله شعبها والرحمة للشهداء والشفاء للجرحى...
زين  
  0000-00-00 00:00:00   جيش الوطن
الله يحمي جيشنا ويقدروا يخلصنا من الارهاب والارهابيين...
يزن  
  0000-00-00 00:00:00   النصر لسوريا
سوريا رح تنتصر رغم كل الجراح ...الله يحمي الجيش السوري حامي الوطن
مهند  
  0000-00-00 00:00:00   الرحمة للشهيد
الرحمة للشهيد شاب خسارة للوطن ولوعة للاهل الله يصبرهم على بلواهم...
يحيى  
  0000-00-00 00:00:00   ...
رحمكم الله ايها الشهداء وجعل الجنة مثواكم والصبر والسلوان لمحبيكم ولك سورية...
ناصر  
  0000-00-00 00:00:00   ...
لاحول ولاقوة إلا بالله ...ألله يصبر أهاليهم للشهداء...
وليد  
  0000-00-00 00:00:00   ...
الله يرحم الشهداء وينتقم من اللي كان السبب...
حنا  
  0000-00-00 00:00:00   ...
عجز الصبر من صبرنا على الاوغاد الاعراب...
يوسف  
  0000-00-00 00:00:00   ...
مهما فعلو ا واستباحوا دماء السوريين الشرفاء ستبقى سوريا رغما عنهم هؤلاء القتلة المجرمين...
مريم  
  0000-00-00 00:00:00   يارب
يا رب اوقف الات الحرب المدمّرة المتسلّطة على سوريا ...اوقف الارهاب يارب
نوار  
  0000-00-00 00:00:00   الله ينتقم منهم
الله يصبر قلوب السوريين وينتقم من هالارهابيين الوهابيين...
حمزة  
  0000-00-00 00:00:00   ...
الله يحرق قلبهم متل ما عم يحرقو قلوب هالامهات والاباء...وعم يحرقوا قلب سوريا
عيسى  
  0000-00-00 00:00:00   ...
مهما حاولوا ارهاب السوريين لن ينجحوا ...كلنا مشاريع شهادة فداء لسوريا الحبيبة
إباء  
  0000-00-00 00:00:00   ...
انشالله عن قريب بترجع أجمل الايام لسوريا ونخلص من التفجيرات والارهابيين...
ميس  
  0000-00-00 00:00:00   شهدا الوطن
شهداء الوطن هم تاج على رؤسنا تاج العز...
باسل  
  0000-00-00 00:00:00   الرحمة على الشهداء
لكم المجد والجنة يا طيور الجنة ورسل المحبة يا من فديتم سورية بدمائكم الذكية ...
علي  
  0000-00-00 00:00:00   ...
بدهم ارضنا وطنا وشرفنا باسم الحرية خسئتم يا كلااااب هذه سوريا الاسد ...صامدين حتى النصر
رؤى  
  0000-00-00 00:00:00   سوريا
الرب يحميكي ياسوريا من غدر الاوغاد...
ميلاد  
  0000-00-00 00:00:00   ...
الرحمة لكم ياشباب الوطن الغالي ...
جعفر  
  0000-00-00 00:00:00   الارهاب
الا الظلام وفكره العفن...لا دين للارهاب أو وطن
نور  
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz