دام برس- أحمد صارم
يقول المثل العربي: "ما أكثر العبر و ما أقل المعتبرين" ... و ربما "لكل حصان كبوة" و لكن الكبوات العربية أكثر من أن تذكر ! فذاكرة معظم العرب تناست ما حصل منذ سنوات قليلة حين قصفت الطائرات و الدبابات الأمريكية العراق انطلاقاً من أراضٍ عربية و مزودة بالنفط العربي ، فكيف بما يحصل منذ حوالي القرن إلى الآن ؟ فلنعد معاً بالذاكرة لنسرد الأحداث:
ففي عام 1916 عندما كانت الدولة العربية ترزح تحت الإحتلال العثماني ، كانت تشكل إحدى مطامع الغرب المتمثل في بريطانيا آنذاك ، فقامت بريطانيا بتشجيع (الشريف حسين) حاكم مكة الكرمة بقيادة ثورة على الحكم العثماني و وعدوه بالدعم الكامل ، و جميعنا يعرف قصة (لورانس العرب) الذي يكون أشبه بـ(برنارد ليفي) في الوقت الحالي ، و بناءً على ذلك فقد انتصرت الثورة العربية الكبرى و لكن ما كان مجهّزاً هو تقسيم البلدان العربية بين الدول الاستعمارية (اتفاقية سايكس بيكو) و عودة الإستعمار من جديد..
الدعم الغربي بهدف احتلال البلاد تكرر مرة أخرى في أفغانستان في ثمانينات القرن الماضي ، حيث كانت هناك حكومة مدعومة من قبل الدولة السوفييتية (مثل مشيخات الخليج المدعومة أمريكياً) ، و لا يوجد مصدر تاريخي واحد ينكر أن الولايات المتحدة قامت بدعم التطرف الإسلامي و مقاتلي القاعدة و طالبان في أفغانستان ضد الإتحاد السوفييتي و ذلك بمختلف أنواع الأسلحة الفردية و المتوسطة (منها مضادات الطائرات) و التدريبات العسكرية، و كان الدعم السعودي من ناحية التمويل و نشر هذا الفكر الظلامي، و بعد انسحاب السوفييت من أفغانستان قام فيها حكم متطرف دام إلى عام 2002 حين قدمت الولايات المتحدة و احتلت البلاد بعد مسرحية الحادي عشر من أيلول.
مرة ثالثة حدث أن دعمت الولايات المتحدة صدام في حربه ضد إيران بسبب نجاح الثورة الإسلامية فيها بقيادة الخميني و زودته بمختلف أنواع الأسلحة ، و صورة صدام و رامسفيلد موجودة في الفضاء الإلكتروني شاهدةً على ذلك ، و بعد ذلك انقلبت الموازين و أصبح صدام عدواً ينبغي التخلص منه و تم احتلال العراق.
المرة الرابعة حدثت في ليبيا و تونس و مصر معاً ،حين نجح الغرب بركوب موجة الثورات العربية و تحويلها إلى ثورات تقودها شخصيات دينية و سياسية متأمركة ، حيث نجح الإخوان في مصر و استقبلوا السفير الإسرائيلي من جديد و تهدوا بالحفاظ على اتفاقية كامب ديفيد على عكس مواقفهم السابقة ، و حركة النهضة التونسية استولت بقيادة "الشيخ" الغنوشي على مقدرات البلاد ، و النفط الليبي أصبح يدار و ينقل من قبل شركات الدول التي ساهمت في احتلال ليبيا..
و لكن ، هل سيحدث هذا مجدداً في سورية ؟
لا ينكر الغرب دعمه للمتطرفين في سورية و إن كان لا يتحدث بموضوع الدعم العسكري علناً ، و إنما الفرق هنا أن تأثير التيار الوهابي في سورية ضعيف جداً أمام التيار الوطني ، و القوة العسكرية السورية التي بناها القائد الخالد حافظ الأسد لا تقارن بأي شكل بالجيوش المتواضعة للبلدان التي تم احتلالها ، و أن سورية تشكل تهديداً حقيقياً لـ"إسرائيل" عكس بقية الدول العربية التي ارتمى أغلبها في الحضن الأمريكي بالإضافة إلى الدعم السياسي الروسي و الصيني لسورية و الذي يمنع استصدار قرار يجير التدخل العسكري في مجلس الأمن ، بناءً عليه فإن "توازن الرعب" الذي تشكله سورية سيحتم على من يفكر بتدمير سورية أن يتوقع دماره أيضاً.