دام برس

منذ أن تأسست جامعة الدول العربية لم تستطع أن تتخذ قرار واحدا بالإجماع حول القضية العربية المفصلية ألا وهي القضية الفلسطينية، وكانت كل الاجتماعات والمناقشات واللجان تفشل في كل مرة تحاول بها اتخاذ قرار حاسم يوصل صوت العرب إلى المجتمع الدولي، ومع استمرار الكيان الصهيوني بارتكاب الجرائم الوحشية والمجازر بحق الإنسانية وانتهاك المقدسات استمر صمت العرب وازداد ضعفهم وخنوعهم، ولكن المفارقة الحقيقة أن هذه الأنظمة العربية النفطية المتخاذلة استطاعت أن تعقد الاجتماعات الاستثنائية في الجامعة العربية وان تنقل ملف الجمهورية العربية السورية إلى مجلس الأمن، وتحول كل من ينطق بالعربية من مشايخ الخليج إلى ناطق باسم الشعب العربي السوري، والكل يتخذ القرارات باسمه ومن اجل الدفاع عن مصالحه، لقد تحولت دويلات الخليج إلى مصدر للديمقراطية والحرية علما أن هذه الدول لا تمتلك الحد الأدنى من مفاهيم ومواثيق الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وعلى سبيل المثال لا الحصر، أي من هذه الدول لا تمتلك دستورا يكفل حقوق مواطنيها، أو بها مجلس منتخب يتحدث باسم شعبها وكل خاضع لسلطة صاحب السمو وطويل العمر الذي بدوره أصبح حاكما بأمر الله  وما على شعبه إلا السمع والطاعة.
وتجاوزاً للمقولة الشهيرة " فاقد الشيء لا يعطيه " استوقفني خبراً تناقلته القنوات الفضائية الناطقة بالعربية مفاده أن شيخ آل سعود أمر بجمع التبرعات للشعب السوري والسؤال الذي يطرح نفسه هنا " تساءل المراقبون " هل هو الشعب العربي السوري الذي كان وما زال يضحي بالغالي والنفيس من أجل دعم صمود الجماهير العربية على امتداد المساحة الجغرافية للوطن العربي من ثورة المليون شهيد في الجزائر مرورا بنصرة الشعب العراقي في وجه المحتل الأميركي وصولا إلى إغاثة أهلنا في غزة ناهيك عن أحداث جنوب لبنان، أم يتحدث عن هؤلاء مدعي ثورة الحرية السلمية والذين لا ينتمون إلى النسيج الوطني والاجتماعي للشعب السوري، هل نسي هذا الشيخ المستعرب أن سورية التي يتحدث عنها هي الحضن الدافئ لكل من يلجأ إليها، والزند المدافع عن كل من يستجير بها، وهي التي لا تفرق بين عربي من المشرق وآخر من المغرب فجميعهم سواء وعلينا أن نذكر بأن سورية هي البلد العربي الوحيد الذي يدخله جميع العرب دون تأشيرة دخول، فعن أي شعب سوري يتحدثون، فليعلموا علم اليقين أن سورية قوية وصامدة وشعبها الأبي قد مر بتجارب ومحن أشد قسوة من هذه الأيام وصبروا و صابروا وانتصروا، ولمشايخ الأعراب أقول لهم وبلسان كل سوري اقرءوا التاريخ ينبئكم من نحن فحناجر أطفالنا تصدح كل صباح "حماة الديار عليكم سلام أبت أن تزل النفوس الكرام".
وعودة على ذي بدء فإن كان القصد حسن النية فالشعب السوري يطالب مشايخ النفط أن يوقفوا تبرعاتهم من ( مواد متفجرة – أسلحة متنوعة – أجهزة اتصالات متطورة – ذخائر ... الخ ) للمجموعات الإرهابية التي وبفتاوى مشايخهم استباحت الدم السوري الطاهر وعاثت في أرض كنانة الرسول الأعظم فساداً، ولتنتفض قاماتهم ويتداعون لاجتماع استثنائي في جامعة الدول العربية وليتخذوا قرارا لرفع الحصار الاقتصادي الظالم عن شعب سورية وهنا يسأل المراقبون هل يجرؤون.