دام برس - خاص

بدأت أصول الحكاية حين بدأ الاعلام المضلل ايجاد الثغرات المناسبة لنقل ما حدث في تونس ومصر الى سورية ، وكان الاختيار ان تكون الثغرة الاولى من الجنوب ، كأن قدر (الجنوب) دوما ، ان يكون مدخلا لكل قصة ورواية ، جنوب العالم كله ، هو المنطلق لباقي الاتجاهات.

مع بدء الحراك الذي هيئته اجهزة استخابرية غريبة وعربية في منطقة درعا ، بدأت الاحاديث تدخل بوابات دمشق السبعة عن ان موجة التظاهر قد تنتقل الى مدن اخرى ، وان المال والقصص الاعلامية والدعم اللوجستي قد توفر من خلال زرع الكثير من قواعد الامداد في المدن السورية المختلفة ليغذى الحراك (الشعبي) المطلوب عبر ذرائع عدة .

من هنا بدأت حكاية طلاس الابن ، حين اتخذ خطاً سريا حاملا ملفات عدة الى ابواب شخصيات في المعارضة الداخلية السورية ، كان من اهمهم العم حسن عبدالعظيم (حسب مايناديه) طلاس ، زيارة العميد مناف طلاس مساء اليوم الثامن للحراك الذي حصل في مدينة درعا ، كان مبنيا على سرية شديدة وتامة وُقرر ان تكون الزيارة بعد الساعة الثانية عشر من منتصف الليل ، 30 دقيقة ، كان حصيلتها ان طلاس قد اخبر عبدالعظيم انه ليس مع النظام الحاكم ، وان الايادي الفاسدة التي تمتد فيه وعلى رأسهم اخوه (فراس) هم جزء من حصيلة الاخطاء المتعددة التي ارتكبها النظام.

مناف طلاس لم يكن وحيدا ذلك اليوم ، بل كان هناك شريكا آخر على مسافة قريبة من النظام والمعارضة ، رئيسة تحرير تشرين اليومية سميرة المسالمة والتي التحقت بأطار طلاس وبدأ هاتفها الجوال يكرر الرنات على عبدالعظيم نفسه وشخصيتين أحدهما في الداخل والاخر باريس.

كثيرة هي الاحلام التي بناها العميد مناف طلاس وشريكته دون عقد سميرة المسالمة على ان قربهمها من القيادة السورية وغرف القصر الجمهوري ، ستهيء لهما مجالا واسعا في سحب القيادة السورية للمجهول خصوصا وانهما على قناعة تامة بالانفتاح السياسي والاقتصادي الكبير الذي يؤمن به رئيس الجمهورية ، لكن السؤال الذي صار عائقا امام المخطط الاول ، هل ستنفذ القيادة خطوات طلاس التي لم تخرج من جعبته ؟ ام انها ستتخذ خريطة طريق خاصة ، تمنح للتغير الطعم الوطني وتبقي على صورة سورية ممانعة مقاومة ملتزمة بالثوابت التي اسُست عليها الجمهورية القائمة.

وانطلقت مسيرة التغيير والاصلاح بعيدا عن وساطات طلاس او دموع المسالمة على قناة الجزيرة ، بعد ان تأكد للقيادة السورية ان خيار الاثنين ومن يقف خلفهما هو خيار لا وطني ، يثير علامات استفهام متعددة ، رغم الفهم الاول على ان الحركة التي تمت هي اشارة لحسن نية مفترضة.

وفي السياسة ، او العسكر ، او حتى في منهج الوطن وخصوصية سيادته ، فأن النية الحسنة ذات الابعاد السلبية ، تُلجأ الدولة نحو العقاب الابيض ، وهو ماحدث لطلاس والمسالمة ، من خلال اقالتهما عن اي عمل رسمي في الدولة مع الحفاظ على وجودهما قريبا من اروقة الاستشارات العامة.

تكسرت اواصر الاتفاق واُلغي عقد الشراكة بين مناف طلاس وسميرة المسالمة ، الاخيرة توجهت للحياة السياسية من خلال حزب لم يشهر كان اللولب فيه اكرم خزام القريب من السفارة الامريكية في القاهرة ، اما طلاس ، فاتخذ الوقت المناسب لرحلة الى باريس على ضمانات اخلاقية اكدها للقيادة .

وفي المفارقة ، عاد طلاس برفقة ابيه ، شاهد عيان كشف ان وصوله للمطار جاء بطريقة اعتيادية ، لكنها تحمل في طياتها اسرارا من الصعب ان تكشف ، القريبون من القصة اتجهوا على ان طلاس قدم بمشروع جديد بعد استشهاد القادة الاربعة بتفجير مكتب الامن القومي ، وهم نفسهم القريبون اكدوا ، على ان ظهور مناف طلاس على العربية كان الخطوة الاخيرة من مشوراه الملتبس ، بعد ان لم يلق اذناً صاغية لمشروعه ، والذي لم يكن هذه المرة على اساس حسن النية ابداً.

abumaliki@hotmail.com