دام برس
كان يوم أمس الأول يوماً مميزاً بحدثٍ جعله يتألق و يتمايز عن باقي الأيام ، قد يعتقد البعض أن الأمر كان حدثاً طبيعياً أو عادياً ، و قد يظن آخرون أن ليس في الأمر تفرداً أو تميزاً أو تحقيقاً لإنجازٍ ما أو نصرٍ ما ... فعلي أو معنوي على جهتين أو جهاتٍ عدة ، ... الأسد يختال في بابا عمرو ساعة لم يبق في الساح مكانٌ إلا للأسود ، هي جملةٌ تصلح عنواناً على الصفحات الأولى لكبريات الصحف أو خبراً يتصدر نشرات الأخبار ، و هذا ما كان تليفزيونياً و صحفياً و في بلدان عديدة و من خلال مواقع عديدة على الإنترنت ، إشترك في تغطية الخبر كل من له إهتمامٌ أو دور في الشأن السوري ...و ما أكثر هؤلاء ، سواء كانوا أصدقاء أو حلفاء أو عملاء أو أعداء ، سواء كانوا ممن يستخدمون الكلمة في حربهم ضد سورية و هم قلة ، أو السلاح الحربي و السلاح عبر الكلمة و هم كثر ..بل كثر جداً ... .
للحدث أيها الأحبة رمزيةٌ تفرض ذاتها شئنا و غيرنا أم أبينا ، و للتوقيت رمزيةٌ أخرى ، لم يقصد الأسد أن يرسل رسائل في أي إتجاه ، لكن رسائل كثيرة وصلت بشكلٍ مباشر أو غير مباشر للأصدقاء قبل الأعداء ، وصلت الرسالة للشعب السوري بأن البلاد تسير بخطى واثقة و ثابتة نحو مزيدٍ من الإستقرار و الأمان و أن مرحلة جديدة من الإعمار و البناء سوف تبدأ ، وصلت الرسالة للثلاثي الخارق الروسي الصيني الإيراني أن الأمور في سورية تحت السيطرة المطلقة لدرجة بات معها أمر تفقد ميدان معركة كسر الإرادات يمثل فيما يمثل كسراً للزجاج على رؤوس فريق المتآمرين و أعوانهم وأذنابهم . لأن فريق الناتو و آلات بني يعرب و سلجوقهم و الصهيونية بنسختيها الإقليمية و العالمية التي ركبت على أكتاف أولئك و تركت ساقيها تتدليان على صدورهم ، كان هذا الفريق الذي بدا متجانساً واثقاً من خطواته و قراراته و خططه على الساحة السورية يمني نفسه كما تردد و تسرب من داخل اجتماعاته و صالوناته أن يمثل بابا عمرو " زجاجة الشمبانيا " التي ستملأ كؤوس من سيشرب نخب الإنتصار على الأسد ، لكن هذا الفريق كان على موعد مع كسر زجاجة الشمبانيا " بابا عمرو ،" على رؤوس أفراده عبر بسط سيادة الدولة عليه و القضاء على معظم أفراد العصابات الإرهابية المسلحة و القبض على آخرين و تشتت باقي شتاتهم أولاً ، و من خلال الزيارة المفاجأة و الصاعقة للرئيس الأسد لحي بابا عمرو بكل ما يمثل من رمزية ، هذا الحي الذي نطق بإسمه قادة الناتو في كل المحافل الدولية وردده الصهاينة المستعربين في اجتماعات جامعة عهرهم و عمالتهم و اجتماعات مجلس تعاونهم على الإثم و الخطيئة و الخيانة و العدوان في بادية قبائل آل سعود و آل ثاني و باقي الآلات من راكبي النوق و الجمال و حديثي النعمة ، رددوا إسم هذا الحي حتى حفظوه غيباً و ربما أكثر مما يحفظ بعض أصحاب العباءات النجسة المشبعة بالنفط و الغاز و الدم السوري أسماء زوجاتهم الهرمات منهن أو القاصرات ، هذا الحي الذي حفظ إسمه قادة الناتو حتى بات اوباما و كلينتون و ساركوزي و جوبيه وأشتون و كاميرون وبان كي مون يرددونه في مؤتمراتهم التآمرية و خلواتهم مع شركاء المؤامرة ، إنه كابوس بابا عمرو الذي أصاب سقوطه و تنظيفه و تعقيمه و تحوله إلى نقطة من نقاط قوة و منعة القيادة السورية هذا الكابوس أصاب آخرين بارتجاجات على عدة مستويات ،
راهنوا على بابا عمرو كما يراهن سكان البادية على سباق الهجن ، أو يراهن أمراء و مشايخ الأسر الحاكمة بأموال الشعب في كازينوهات لاس فيغاس ، أو آخرون ممن امتلكوا أشهر الأندية الرياضية على من سيفوز و من سيهزم ، جهزوه كزجاجة النبيذ أو الشمبانيا أو كزجاجة ملأى بالدماء السورية البريئة و تحضروا للشرب حتى الثمالة في حفل انتصارهم الشيطاني الموعود . و كان للشعب السوري و الجيش السوري و الرئيس الأسد رأيٌ آخر ، كان لهذا المزيج المنسجم العظيم رهانٌ آخر و معركةٌ أخرى لإستعادة الإبن المضلل أو المختطف ، كانت معركة رأب الصدع و تقويم الإعوجاج و إعادة الأمن و الأمان المفقودين للوطن و المواطن ، معركة سلامة الجسد السوري و الأرض السورية . ما قام به الأسد كان كافياً كي يفقد الأدوات الإعلامية لفريق المتآمرين صوابها و يجعلها أضحوكة من حيث تقديمها للخبر وتعليقها عليه و تلفيقاتها بخصوص إطلاق نار رافق الزيارة ، ما قام به الأسد لا يجرؤ على القيام به إلا الشجعان ، و هو كان يوم تفقد بابا عمرو شجاعاً كما دائماً . قلةٌ هم القادة الذين يجرؤون على زيارة المناطق التي ما زالت سخونة اجوائها تنبئ عن ضراوة معاركها و خطورة الدخول إليها ، قالها الكثير من السوريين أن الأسد يتميز بصفاتٍ عفوية فطرية ربانية للقائد الحريص على أرضه و شعبه وأرواح جند جيشه ، و هو بتفقده لأحوال أهالي الحي و بواسل الجيش السوري يزداد قرباً و التصاقاً بالشعب و الجيش معاً ، بقدر الفرح الذي إعتمر في قلوب السوريين عند ورود خبر و مشاهد زيارته لبابا عمرو ، كان آخرون يتلمسون جباههم و رؤوسهم و ينفضون عنها نثرات زجاج بابا عمرو .
و بالعودة إلى مجريات الأحداث المتعلقة بشكلٍ أو بآخر بالشأن السوري ، يبدو إنعقاد " قمة" شتات الأعراب في بغداد مثيراً للشفقة و الشماتة في آنٍ معاً ، في ظل حالة العجز المطلق التي تعتري كياناته و أنظمته المهترئة ، ، و بملاحظة انفضاح أمر كيانات الخليج النفطية بفرض تجاهل المؤتمرين المتآمرين لما يجري على رمال صحاريها ، و التركيز ثم التركيز على القضية السورية من باب الحرص على أرواح و دماء الشعب السوري !!! هذه الأكذوبة التي لم تعد تنطلي على العضاءات الزاحفة على رمال الصحراء فما بالكم بالأسود السورية المسيطرة على العرين ، و يأتي هذا الجمع من اللمام اللئام في ظل حالة السقوط الأخلاقي اليومي للمعارضة السورية بمجلسها اللاوطني و عصابات الأسعد ، و بترافق هذا و ذاك مع التراجع الملحوظ للمعسكر الغربي أمام صلابة الموقفين الروسي و الصيني و إقرار الجميع بدعم مهمة كوفي انان و بالتالي سحب البساط من تحت أقدام منتعلي الصنادل من الأعراب ، و ما التوافق الدولي حول مهمة أنان سوى إقرار ضمني بالهزيمة و قبول الأمر الواقع ، و الأمر الواقع يقول اليوم أن الشعب السوري و الجيش السوري و الرئيس السوري هم أصحاب الكلمة و القرار و هذا يمثل بشكلٍ أو بآخر مضمون مهمة انان في سورية .
لكن ما الجديد الذي حبلت به الأيام الماضية و ماذا عن مولودها المرتقب ، الجديد أيها الأعزاء تهافت أعداد متزايدة من الكتاب و الصحفيين الغربيين على تسجيل كلمتهم في إعلان إنتصار الأسد وفي ذكر و تفصيل مناقبه و خصاله ، و السخرية من أعدائه بدءًا بالمعارضة الوصولية التائهة العميلة ، وصولاً لمعسكر أصحاب العباءات من العضاءات التي تفوقت في سباق الزحف و التمرغ حول أقدام الصهاينة ، ، حتى أن بعض الكتاب توقع زلزالاً صحراوياً يسقط عروش أصحاب المعالي و السمو و الكروش . الجديد أيضاً أن كبريات الصحف كتبت عن ما كان يسمى بالثورة السورية و اضمحلالها و تلاشيها و اندثارها بعد ضياعها و تذبذبها و تشتتها وصولاً إلى سقوطها كما قادتها و ممولوها و داعموها .
المشهد الأوضح الآن هو لتململ عباءاتٍ نفطية و محاولتها للخروج من جوف عباءتين نفطيتين أوسع ، و العودة إلى ما كانت عليه قبل إختفاء دورها و خبو صوتها بعد ولوجها عتمة و ظلام العباءات الأوسع دوراً و عمالةً و المحشية بمخزون أكبر من الكره و الحقد و البغض السعودي القطري لسورية و للرئيس الأسد ، المشهد الأوضح الآن هو لإجتماع الأدوات على أرض الرافدين و خروجهم بعد خلافات مع من قد يجرؤ على الإعلان ... مجرد الإعلان عن عدم سعادته و رضاه بممارسة دور العميل أو الأداة دون المقدرة على التوقف عن القيام به نظراً للضغوطات الهائلة التي تمارس عليه ، أو لحسابات الربح و الخسارة و الخوف من وصول أيادي الغدر القطرية السعودية لبلده أو كرسي حكمه .
و كان من الطريف أيضاً حالة العلم بالغيب إن تعلق الأمر بمبادرات و قرارات الأدوات ، هذه الملكة التي بات يتقنها أي موطن على مساحة الوطن الأعرابي ، و يتقنها أكثر أي موطن سوري يقرأ ألف باء السياسة أو لا يجيد قراءتها ، و بغض النظر عن انتمائه و وعيه و ثقافته ، فالجميع بات يعرف مسبقاً مفردات قرارات الجوقة الأعرابية ، تلك القرارات الهلامية الهوائية الخنفشارية البالونية التي لن يكون لها وزن ولا طعم ولارائحة سوى رائحة العفن و النتانة و العمالة و النفط و الغاز ، و التي لن تصل قيمتها لمستوى الغبار الذي يلتصق في نعل حذاء الأسد ، لأنه ببساطة غبار أرضٍ طاهرة لهم إن أرادوا أن يتباركوا به . و كان ملفتاً أن القيادة السورية استبقت هذه القرارات بإعلانها عدم الإكتراث أو التعامل مع أية مبادرة لأنها ببساطة خرجت من جسدٍ عفنٍ فقد قلبه السوري النابض ، و تحجر عقله ، و نخرت الديدان عظامه ، حتى بات شرفاً لسورية و للسوريين أن لا يكونوا جزئاً منه ، فالعقل السوري و الروح السورية خرجت منذ زمن من دهاليز جامعة الأعراب و لن تعود إليها بنسختها الشائنة الحالية ، و القضية السورية خرجت هي الأخرى من تلك الدهاليز المقرفة و دخلت المحافل الدولية برعايةٍ روسية صينية و تعاونٍ شبه قسري غربي ناتوي و تكليفٍ أممي لكوفي أنان بمهمة سلام أو حل سلمي يضمن لخصوم الأسد ما أمكن الخروج ببعض كرامة ، بعد أن بات أمر التفكير في اقصائه قصراً في الفهم و النظر كما صرح الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف حين كان يقف إلى جانبه مستر أوباما أشهر المنادين بهذا الشعار الذي أصبح من الماضي . و اليوم ينزل الأسد مجدداً إلى الساحات في واجب عزاء بالشيخ أحمد الهجري ، شيخ العقل الأول للموحدين الدروز ، و هو يثبت للسوريين و للعالم كما في بابا عمرو أن سورية بخير و أنه أقرب إلى الشعب من أي وقتٍ مضى .
إن كنت سورياً يا قارئ الكلمات أو لم تكن سينبض قلبك عشقاً إن أنت عنها تحدثت و تهيم روحك في فضاءات الهوى السورية الأصل ، و ستسبح خلاياك في بحر المفردات السورية بماركة العشق الفريد للأوطان الفريدة ، و ماركة قصائد الغزل السورية ، ستسافر مع سورية في أروقة الزمن لألف ليلة و ليلة ، و لن تمل أو تتعب أو تشكو ، لأنك برفقة الأميرة التي ترعاها كل الآلهة ، و تغضب لغضبها كل الآلهة ، و تحزن لحزنها كل الآلهة ، لكن هذا جميعة لن يكون ... و عذراً .. إن لم يكن عقلك و قلبك مجبولين من نبل المشاعر و صفاء النفس و طهر الدماء و نقاء القلب ، لك الله إن كنت كذلك لأنك تسجل انتماءك لهذه الجنة ، سواء كنت على أرضها ولدت أم لم تكن