دام برس :

يبدو ان التعزيزات العسكرية الروسية في سوريا آخذة بالتوسّع أكثر وأكثر في ظل قرار موسكو المشاركة في محاربة الإرهاب ضمن تحالف خاص إلى جانب الجيش السوري يأتي متوازياً مع ذلك الذي تقوده الولايات المتحدة ويقوم بشنّ غارات على أهداف تابعة لتنظيم “داعش” في سوريا والعراق.

أهداف موسكو وواشنطن واحدة من حيث الشكل، لكن في المضمون، فإن موسكو تعمل على إعادة رسم قاعدة محاربة الإرهاب الذي غيّرت فيها الولايات المتحدة وباتت تستخدمه. طوال نحو عام من الضربات الأمريكية، لم تجنِ واشنطن إلّا تعزيزاً لتمدّد “داعش” في الأرض السورية والعراقية، فيما لم يقتصر عدد قتلاه على أيدي قوات التحالف الأمريكية إلّا 10.000 مقاتل، جند ضعفهم لاحقاً وفق ما أعلنت مصادر رسمية أمريكية.

الطلعات الجوية الأمريكية التي لم تفلح في لجم التنظيم عن مخططاته، يرصد في طياتها مصلحة أمريكية من بوابة الضغط على الدول والتدخل فيها بحجة الخطر الصادر من هذا التنظيم، فيما يرى مطلعون على السياسات الامريكية، ان الغارات التي شنت سابقاً لا تغدو أكثر من كونها “ضربات توجيه”، بحيث تعمل الادارة الامريكية على توجيه التنظيم الإرهابي في حال أراد التمرد على السيناريوهات الموضوعة سلفاً او إن فكّر بالتمايز عن المشاريع الامريكية. هو أمر بديهي وليس إتهام، وهذا يمكن الركون في تأكيده على كلام وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون التي لم تخجل من ان تكشف ان “الإدارة الامريكية كان لها اليد الطولى بتأسيس وتشكيل التنظيم خدمةً لاهدافها”.

بعد إنكشاف الدور الأمريكي وعدم الجدية في كبح جماح التنظيم الإرهابي بل توجيه بوصلته فقط، دخلت روسيا على خط الحرب على الإرهاب، ليس من بوابة الولايات المتحدة الامريكية، بل من بوابة سوريا التي تعاني الأمرين من هذا الإرهاب. خطط روسيا هنا مغايرة للخطط الامريكية، فالامريكي الذي يعمل على الإحتواء والتوجيه، يناقضه الروسي العامل على الإقتلاع و “كي الجذور” لمنع ظهور الإرهاب مجدداً. السياسة الروسية واضحة، فهي دخلت الحرب على الإرهاب بحلفها الخاص بعد ان رأت اولاً العجز الأمريكي إن لم نقل الجدية، وثانياً تمدّد هذا الإرهاب وإتساعه، هذا الإتساع الذي يُهدّد العمق الروسي كون الإرهاب يجد ملاذاً في منطقة تعتبر إستراتيجياً قريبة من روسيا.

إذاً عضّ الإصابع بدأ وسياسة لجم التنظيم الارهابي فُتحت أبوابها من موسكو، يستشعر الأمريكي النوايا الروسية بإنهاء الذريعة الأمريكية في المنطقة، وعليه ربما يلجأ للرد عبر تعزيز الدعم لفصائل ميليشيات المعارضة القريبة منه، وايضاً الدعم العسكري للفصائل الارهابية من تحت الطاولة عساه يلجم التمدّد الروسي في المنطقة، الذي يرى فيه خطراً عليه. بالنسبة إلى روسيا، هي تعمل على تثبيت قواعدها في المنطقة من بوابة سوريا، وهي تقدم لحليفها السبل الممكنة للانتصار، تماماً كما تفعل أمريكا مع حلفائها. إذاً، فلتبقى أمريكا على حلفها الخاص الذي يشن الحرب على داعش وليكون لروسيا حلفها أيضاً، وسنرى في نهاية المطاف من هو الجدي في الحرب أكثر.

ومن لغة الأرقام، يمكن فهم الدور الأمريكي في قتال التنظيم، فمثلاً، أوردت الإدارة الأمريكية أن طائرات قوات التحالف الذي تشارك فيه بأشكال مختلفة أكثر من 60 دولة، بينها 5 دول عربية، نفذت 20000 عملية قصف ودعم جوي ومرافقة، بينها 5200 طلعة استخدمت خلالها الطائرات سلاحاً واحداً من ترسانتها على الأقل.

وبحسب توني بلينكين نائب وزير الخارجية الأمريكية أدلى به في يونيو الماضي، فإن الغارات أدت إلى مقتل 10 آلاف من عناصر “داعش”، بمعدل مصرع 1000 مقاتل شهرياً منذ بدء العمليات الجوية في آب/2014  إلا أن بلينكين قال إن “داعش” يجند ألف عنصر كل شهر ويعوض خسائره البشرية!

إذن ماذا حققت الضربات الجوية في العراق وسوريا فعليا حتى الآن؟ الأرقام الأمريكية تتحدث عن تدمير 10684 هدفا لتنظيم “الدولة الإسلامية” في البلدين منها 3262 مبنى، و119 دبابة و1202 آلية و2577 موقعا قتاليا.

الحدث نيوز