Logo Dampress

آخر تحديث : الخميس 18 نيسان 2024   الساعة 22:39:08
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
الخيارات الإيرانية بعد الاتفاق النووي

دام برس :

لا شك بأن توقيع الاتفاق النووي يشكّل مفصلاً مهما في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، وإذا ما ربطنا هذا المعطى بمجمل التبدلات التي تطال موازين القوى في النظام الدولي، فإنه يصبح تاريخاً مفصلياً في العلاقات الدولية المعاصرة، لما له من أثر في تبدل خيارات القوى الكبرى بالتعاطي مع دول تمردت على خيارات القوة الأعظم، رمز قيادة النظام العالمي منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.فمن منطلق استراتيجي، وبمتابعة أحداث السنوات التي مرت منذ دخول القوات الأميركية إلى العراق في ربيع عام 2003، إضافةً إلى موقع إيران في سوق الغاز العالمي، والاحتياطات الهائلة التي تملكها، يتبين أن الخيارات الكبرى التي اتخذتها طهران أوصلتها لتكون القوة الإقليمية ذات الأهمية الأكبر بالنسبة للقوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، متقدمةً على إسرائيل وتركيا، لأول مرة منذ العام 1979.فمن منظور عالم الغد وحاجاته، وبالمقارنة بين الأهمية للاستراتيجية لكل من إيران وإسرائيل، يمكن رصد مجموعة من الفوارق التي تصب في مصلحة الجمهورية الإسلامية. أول تلك الفوارق اقتصادي، ويتمثل بالفارق الهائل في وزن الطرفين في سوق الغاز العالمي، راهناً ومستقبلاً، مع العلم أن مادة الغاز هي المصدر الرئيس للطاقة في القرن الحالي؛ وبما أن الطرفين لا يربطهما سوى العداء الشديد، فإن جمعهما إلى جانب قوى عظمى واحدة غير ممكن، إلا مع مراعاة حال العداء هذه، وتفضيل طرف على الآخر، وهذا ما يتوقع من السياسة الخارجية الأميركية التي ستضطر إلى تفضيل العلاقة مع إيران، على حساب تراجع في العلاقات الأميركية الإسرائيلية، الأمر الذي أصبحت له علاماته القوية التي تتخطى الكيمياء السلبية بين أوباما ونتنياهو. من ناحية ثانية، وفي القيمية الاقتصادية أيضاً فإن حجم السوق الإيرانية والفرص التي تلوح أمام الغرب للاستثمار فيها، لا يقارن بالسوق الاسرائيلية التي لا تشكل أهميةً تذكر بالنسبة للاقتصادات الغربية. يضاف إلى ذلك أسباب سياسية وإنسانية، أبرزها الصورة المتعاظمة لإسرائيل في الغرب كدولة عنصرية لا تحترم القوانين الدولية والإنسانية، لتصبح بحسب الكثيرين ممكن يشكلون جزءاً من الضمير الغربي، الأولى بلباس ثوب "الدولة المارقة"، وعدم قدرتها على التعايش مع محيطها، ورفضها المتكرر لخطط السلام التي تعب الرؤساء الأميركيون من محاولة الظفر بإنجازها. وفي هذه المقارنة، يصب أيضاً في مصلحة إيران أن التحالف الأميركي الإسرائيلي مبنيً أساساً على قواعد عقيدية سياسية، لا تكافؤ مصالح فيها بين الطرفين، فضلاً عن أن هذا النوع من التحالفات ينتمي الى مرحلة الصراعات الأيديولوجية بين القوى الكبرى، وهي مرحلة انتهت، لتحل محلها العلاقات المبنية على المصالح المتبادلة في المرحلة المقبلة. وبالتالي فإن الأسس العميقة للتحالف الأميركي الإسرائيلي تهتز، الأمر الذي يثير جنون اللوبي اليهودي في أميركا. ولكن ذلك لا يعني تخلي واشنطن عن إسرائيل نهائياً وانتقالها إلى صفوف أعدائها،  بل يعني تحديداً وحصراً أن أهمية هذه العلاقة بالنسبة لواشنطن تراجعت بشكلٍ حاد، يصحبها تراجع في قدرة القادة الإسرائيليين على ابتزاز سيد البيت الأبيض، ومن يترشح له.وبالاستناد إلى ذلك، أعطت المفاوضات النووية ونتائجها نموذجاً على إمكانية الوصول إلى تفاهمات مع إيران بخصوص الملفات التي لم تشملها مفاوضات النووي، وأبرزها الأزمة السورية، ما يبرر عدم جنوح الإدارة الأميركية إلى مسايرة تركيا في فرض منطقة حظر جوي شمال سوريا، ونفيها مرات عدة الادعاءات التركية عن تفاهم على هذا الأمر بينها وبين واشنطن، وبالتالي فإن إيران تقدمت إلى موقع الشريك المحتمل في أذهان القادة الغربيين، وهم لأجل هذا "الاحتمال" يستعدون تباعاً لتقديم تنازلات في الملف السوري.وبالتأكيد فإن هذه الرغبة الغربية تركز فقط على المصالح الذاتية لتلك الدول، وهي لا تستند إلى اقتناع بموقف المحور الذي ناصبوه العداء لسنوات، وأولى هذه المصالح مواجهة الإرهاب الذي باتت تشعر فيه الدول الأوروبية بصورةٍ ملموسة وداهمة، ولم يعد ممكناً التباطؤ في معالجة ارتداداته كونه يستفيد من القوانين الأوروبية لنشر أفكاره وتنقل أفراده في بيئة هادئة تشكل منطلقاً نحو الميدان السوري؛ من هنا فإن الرضوخ لفكرة التعاون الأمني بدايةً والسياسي تالياً، مع كل من سوريا وإيران، بات اليوم أمراً واقعاً بالنسبة لهذه الدول.لقد استفادت إيران من تغير موقعها في نظر الغرب، لتطلق بعد الاتفاق النووي جهوداً دبلوماسية في اتجاهين أساسيين، الاتجاه الأول مثلته زيارات مسؤوليها إلى دول الخليج، ومحاولتها التقرب منهم على قاعدة التطمين وتغذية أرضية المصالح المشتركة، بينما يتمثل الاتجاه الثاني في طرح مبادرة للحل السياسي في سوريا، في محاولة لاختراق الفشل الذي يصيب العملية السياسية بين الدولة والمعارضات. ففي الاتجاه الأول، ركز وزير الخارجية محمد جواد ظريف خلال زيارته الى الكويت وقوف بلاده "إلى جانب شعوب المنطقة في قتالها تهديد التطرف والإرهاب والطائفية"، وهو بذلك بنى على الموقف الكبير الذي اتخذته القيادة الكويتيه بعد تفجير المسجد الذي راح ضحيته عدداً من المصلين من المسلمين الشيعة، وبذلك نزعت القيادة الكويتية فتيل احتراب مذهبي كان مخططاً لانطلاقه في البلاد. يضاف إلى ذلك، تركيز نائبه حسين أمير عبداللهيان على أن هدف بلاده هو التعاون مع الجيران حتى يعود الاستقرار الى الشرق الأوسط.هذه التحولات في فرص ايران في المنطقة، دفعتها إلى المبادرة باتجاه إيجاد حلٍ للأزمة السورية، فقدمت مبادرتها التي بحثها عبداللهيان مع الرئيس السوري، وهي مبادرة تسير بالتوازي مع الجهود الروسية النشطة في السياق نفسه، حتى ان عبداللهيان تحدث في زيارته الى سوريا باسم إيران وروسيا حين قال: "طهران وموسكو لديهما مواقف مبدئية وراسخة في مجال دعم سوريا"، و"إن أي مشروعٍ للحل نطرحه يلقى المساندة الروسية"، مشيداً بـ"الدور المحوري للرئيس السوري بشار الأسد في الحفاظ على وحدة سوريا، وإدارته الحكيمة لإخراج بلاده من الأزمة"، وفق ما قال المسؤول الإيراني. واللافت في هذا السياق، أنه وبعد الاتفاق النووي فإن المبادرات التي تطرحها إيران، تلقى اهتماماً على مستوى دولي، وهو أمر جديد في مسار التعاطي مع إيران، وما لقاء عبداللهيان بستيفان دي مستورا في بيروت مؤخراً وبحثهما المبادرة الإيرانية، إلا مظهرا من مظاهر تغير وزن إيران في المنطقة وأبعد منها.  لكن ماذا عن الدور السعودي المطلوب لإنجاح هذه الحلول؟ وأين تقف المملكة من مبادرات الحل السياسي؟

الوسوم (Tags)

ايران   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz