Logo Dampress

آخر تحديث : السبت 07 كانون أول 2024   الساعة 17:24:23
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
النصرة تهاجم معتدلي أمريكا.. «فركة أذن» أم تحالفات جديدة..؟

دام برس :

قام تنظيم جبهة النصرة باختطاف 5 عناصر من الميليشيا المسلحة التي تدربها الولايات المتحدة الأمريكية ضمن برنامجها الذي تسميه "تدريب المعارضة المعتدلة" بحجة مواجهة تنظيم داعش.

وكالة الأنباء الفرنسية، نقلت عمن وصفتهم بـ «النشطاء»، تأكيدهم لعملية الخطف التي تمت بين اليوم والأمس، وتمت عملية الخطف من قرية قاح القريبة من الحدود مع تركيا، حيث تم إنشاء معسكر لتدريب الميليشيا الأمريكية تحت مسمى «الفرقة 30»، وتأتي عملية خطف العناصر الخمسة بعد أقل من أسبوع على خطف ثمانية مقاتلين من نفس المجموعة، وبعد يومين من الادعاء الأمريكي بقصف مواقع للنصرة في الأراضي السورية.

أن أحد عناصر الميليشيات التي تقوم بتدريبها قتل على يد النصرة ، ووصل الحد بوقاحة البيان الأمريكي إلى اعتبار عدم استهداف القوات السورية لمقاتلات التحالف الأمريكي خلال عملياتها الجوية في سوريا، «إلتزام من الحكومة السورية بالنصيحة الأمريكية التي قضت بعدم توجيه ضربات لطيران التحالف»، كما إن المتحدث باسم البيت الأبيض، وصل به الأمر إلى درجة تهديد الدولة السورية في حال قامت باستهداف مقر الميليشيا التي تقوم على تدريبها.

بوضع هذه الأوراق على طاولة النقاش، يمكن فهم حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية دخلت في صراع مع حلفاءها في المنطقة، فالنصرة ممولة بشكل واضح وعلني من قبل المحور التركي القطري، كما إنها تمتلك علاقات عميقة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ولا يمكن أن تخرج قيادات النصرة عن أوامر هذه القوى الثلاث التي يهمها أن تبقى الفوضى في الداخل السوري لفترة أطول، ويمكن القول إن الأوضاع المتوترة بين أمريكا وحلفاءها على خلفية الاتفاق النووي، تلقي بظلالها على مسار الأزمة السورية، فإن كانت الولايات المتحدة تجهد لأقناع حلفاءها بإستراتيجية الاتفاق لإنهاء واحد من أعقد الملفات التي عصفت بالعالم خلال أكثر من عقد من الزمن، فإنها وفي الوقت نفسه تسعى لإقناعهم بضرورة التهدئة في الملف السوري، والذهاب بالمنطقة عموماً إلى حالة من الهدوء المستمر، لأن العين الأمريكية والأوروبية على الاستثمار في قطاع الطاقة في الشرق الأوسط، وبالتالي يمكن القول إن ضرب «معتدلي أمريكا» من قبل النصرة ما هو إلا محاولة لتسخين الميدان السوري، حفاظا على الفوضى وإن من باب التقاتل الميليشياوي الذي لن يخدم أحد إلا الدولة السورية.

في نقطة ثانية من الحدث، يمكن فهم التهديدات الأمريكية للدولة السورية على إنها محاولة للتهدئة مع الحلفاء بأن الموقف الأمريكي لم يتغير، وهي خارج عن سياق الحدث الطبيعي، فالواضح إن الإدارة الأمريكية تذهب نحو الحل في سوريا من خلال ما يمكن التقاطه عن لقاءات الدوحة بين الروس كممثلين عن المحور الحليف لسوريا، وأمريكا وثلة الدول الخليجية في آن معاً، وهي نقاشات قد تفضي إلى تحول المسار بشكل كلي خاصة وإن التسريبات الإعلامية عن احتمال زيارة رئيس المخابرات السعودية إلى سوريا قريباً، تصب في خانة التصديق ما نشرته صحيفة «القدس العربي» عن وجود أمر سعودي لميليشيا زهران علوش بضرورة مهادنة الدولة السورية، وعلى ذلك يحتاج الأمريكيون لنوع من سياسة «الضحك على الدقون»، لتمارسها مع حلفاءها قبل مفاجأتهم بملف التحالف مع الروس للتخلص من تنظيم داعش ومن خلفه كل الميليشيات العاملة في سوريا، والمصلحة الأمريكية من هذه النقطة أن أوباما يذهب نحو التحضير للانتخابات القادمة بكونه ملزم بتهيئة الظروف المناسبة ليفوز مرشح حزبه، ومن جهة أخرى، فإن الرئيس الأمريكي الذي بدء يحس بضرورة الاعتراف بعجز إدارته وحلفاءها عن مواجهة خطر "انفلات تنظيم داعش" وخروجه عن السيطرة لجهة التنيسق مع حلفاء آخرين وكيانات أخرى كالكيان الإسرائيلي، ولأن التوسعية الإسرائيلية غير مضمونة النتائج بالنسبة للأمريكيين لكونها تأتي منفعلة، وهمجية، وغير واضحة المعالم من خلال اعتمادها على هجمية استخدام القوى، فإن الأمريكيون اليوم أمام خيار يقزم من حجم سياساتهم في العالم، وهو التحالف مع روسيا في ملف مكافحة الإرهاب.

ولا يمكن أخذ التهديدات الأمريكية للدولة السورية على محمل الجد، وذلك تبعا لتصريحات وزير الخارجية الأمريكية جون كيري قبل بدء العمليات الجوية للتحالف في الأراضي السورية، إذ أكد إنهم سيبدؤون عملياتهم في سوريا على الرغم من قوة الدفاعات الجوية السورية، والتي أثبتت فاعليتها من خلال إسقاط طائرتين بدون طيار الأولى إسرائيلية وأسقطت في شهر شباط من العام 2014، والثانية أمريكية وأسقطت شمال غرب المياه الإقليمية السورية، كما إن اعتماد التحالف في عملياته الجوية في سوريا على مقاتلات  F22 التي تعد من أحدث المقاتلات الأمريكية إضافة إلى النسخة الأوروبية من مقاتلات الـ «ميغ 29»، والمعروفة بـ « فلكروم Fulcrum» وهي من تطوير الناتو، ما هو إلا دليل على المخاوف الكبيرة من حالة الاشتباك الجوي مع المقاتلات السورية التي تتواجد بالقرب من مقاتلات التحالف الأمريكي خلال تنفيذ أي عملية في الداخل السوري، كما إن المعلومات تشير إلى حمولة أي مقاتلة للتحالف خلال تواجدها في الأجواء السورية تكون بواقع 60 بالمئة منها صواريخ «جو - جو»، المستخدمة في الاشتباكات الجوية.

وتواجد المقاتلات السورية هو الذي ضمن عدم تجرأ الأمريكيون على استهداف القوات السورية على الأرض بذريعة الخطأ كما حدث أكثر من مرة في العراق، كما إن الوساطة العراقية في تسلم المعلومات عن أي عملية قبل بدء تنفيذها، هو ما يجعل الدولة السورية مطمأنة لكون التحالف يقوم باستهداف نقاط لداعش، فالسؤال عن ماهية الخسارة السورية من ضرب داعش من قبل أي دولة في العالم، سيكون سلبياً، فدمشق مستفيدة من ضرب أعداءها لبعضهم، في حرب سيخرج المنتصر منها منهكاً، ويسهل القضاء عليه من قبل القوات السورية، التي لا تعول أصلاً على جدية عمليات التحالف، والتي تقوم بواجبها العسكري من المنطلق الوطني لدورها في استعادة الأمن والسلام إلى الأراضي السورية.

في المجمل، فإن الصراع الدائر حالياً بين معتدلي أمريكا والنصرة، إن كان من باب البحث عن التمويل، أو القضاء على خطر قد يهدد سلطان النصرة في مناطق تواجدها، أو إن كان انعكاس طبيعياً لصراع المحاور المعادية لسوريا، فإنه يصب في خانة الدولة السورية، بكونها ستبقى مستفيدة من الحرب الداخلية لأعداءها، الأمر الذي ينبأ بانفضاض التحالفات المعادية لدمشق لجهة التهدئة معها، لكون الحرب المستمرة على سوريا، اثبتت عدم جدواها، كما إن تماسك الدولة السورية والجيش السوري، سيجبر الحلفاء المعادين لدمشق على طرق بابها بحثاً عن الخروج بأقل الهزائم الممكنة، والذريعة المنطقية لأي فعل استدارة في الملف السوري من قبل أي من القوى المعادية لها، موجودة،ومتمثلة بمحاربة الإرهاب.

عربي برس - محمود عبد اللطيف

الوسوم (Tags)
اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz