سمح هدوء اليومين الماضيين في دير الزور بمعرفة تفاصيل أكثر عن حقيقة الوضع الميداني والإنساني في المدينة، التي شن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» هجمات مكثفة عليها، فيما يستعد مقاتلو «الجيش الحر» و «جبهة النصرة» لفتح جبهات جديدة في الجنوب، بعد التهدئة بين المجموعات المسلحة.
ولم يكد يمر على دير الزور يوم هادئ منذ حوالي الأربع سنوات، إذ اشتعلت المواجهات باكراً في الريف الفراتي ليسيطر عليه «الجيش الحر» وصولاً إلى معبر البوكمال عند الحدود العراقية في صيف سنة 2012، قبل أن تتوسع المعارك إلى جزء من المدينة، وتتوقف عند جزء آخر تحت سيطرة القوات السورية.
وتبدلت مواقع السيطرة على المنطقة الواحدة مرات عدة، من «الجيش الحر» إلى «أحرار الشام» ثم «النصرة»، وأخيرا «داعش» الذي وضع عينه على المساحة الباقية مع الدولة السورية ليشن سلسلة هجمات ضد المطار العسكري فشلت جميعها قبل أن يلجأ لخنق المدينة بتلغيم كل الطرق المؤدية إلى أحياء الجورة والقصور والصناعة وطريق المطار، ثم ضرب محطات تحويل الكهرباء والمياه، ليبدأ في الأيام القليلة الماضية بشن هجمات على أكثر من محور، انطلقت باتجاه حي الصناعة بهدف فتح الطريق نحو هرابش ومنها إلى المطار.
ويقول مصدر ميداني لـ «السفير» إن الهجوم قد اخفق في تحقيق أهدافه، مؤكداً أن الجيش تمكن من امتصاص الصدمة ثم التصدي للتنظيم التكفيري ومحاولاته التقدم، متوقعاً شن هجمات مضادة جديدة تستهدف مناطق سيطرة «داعش»، الذي يبحث عن أي نصر بأي ثمن، لافتاً إلى أن من يحاصر ويقاتل في دير الزور هم أبناء المنطقة، ذلك أن جزءاً كبيراً من مقاتلي «الحر» و «النصرة» قبلوا في وقت سابق بمبايعة «داعش» مقابل فتح جبهة المطار والسيطرة على المدينة.
ولم تقتصر الحشود نحو المدن على دير الزور، ففي الجنوب وتحديداً سهل حوران تتجمع فصائل «الجبهة الجنوبية» لفتح معركة باتجاه طريق دمشق ـ درعا الدولي، وبالتالي الاقتراب من مدينة درعا.
ويأتي ذلك بعد اتفاق على وقف الاقتتال بين «لواء شهداء اليرموك» و «الجيش الحر» و «النصرة» بحسب ما أفاد به ناشطون معارضون، حيث أسفرت مبادرة قادها وجهاء المنطقة عن وقف لإطلاق النار وانسحاب «شهداء اليرموك» من البلدات التي اقتحمها قبل أيام، مثل سحم الجولان وتسليمها إلى طرف محايد مقابل تسليم بلدة حيط في ريف درعا الجنوبي الغربي والتي تسيطر عليها «النصرة» إلى مجالس محلية.
ويؤكد أكثر من مصدر معارض أن مصلحة كل الأطراف تقتضي التهدئة، ذلك أن الاعتبارات العشائرية ستحكم أي مواجهة مستقبلية، ولأن هذه المنطقة في سهل حوران شديدة الحساسية والكثافة السكانية، وتشكل المعابر الحدودية غير النظامية ممرات لتهريب السلاح، خاصة لجبهة الجولان القريبة منها. كما أن الإنتاج الزراعي يؤمن موارد مالية تساعد المجموعات المقاتلة كافة، لان القضاء في المقابل على «لواء شهداء اليرموك» ليس بالأمر السهل.
وفي ريف دمشق، اخفق هجوم «فيلق الرحمن» و «جيش الإسلام» في منطقة دير سلمان، حيث تمكن مقاتلو الجيش والدفاع الوطني من إحباط العملية بالتزامن مع إسناد مدفعي وجوي استهدف مداخل الغوطة. وكان مصدر معارض تحدث عن أهمية المنطقة لكونها ستفتح طريق إمداد جديدا إلى الغوطة من الممكن أن يعيد الفصائل الى وضع أفضل من قبل. وفي المقابل، اقر مقربون من «داعش» باستهداف مقار «فيلق الرحمن» بعد التفجير الانتحاري الذي استهدف قيادات «الفيلق» قبل أيام.