دام برس :

على وقع العمليات في ريف إدلب الجنوبي برز إلى واجهة الاحداث مطار “أبو الظهور” الواقع في ريف إدلب الشمالي الشرقي.

يتعرّض المطار العسكري السوري المحاصر منذ أكثر من عامين، منذ أيامٍ لعملياتِ قصفٍ، بالاضافة إلى محاولاتٍ محدودةٍ للتقدم نحوه، ما يُشير إلى نوايا المسلحين وخِططهم القادمة. هؤلاء، سعوا قبل أيام إلى تضييع بوصلة رصد قوات الجيش السوري للهدف القادم لهم في إدلب بعد تمدُّدِهم عبر السيطرة على المعسكرين أعلاه. هاجم المسلحون على مدى ايامٍ معسكري “أريحا” و “المسطومة” غربي إدلب، الواقعان قرب مدينة “إدلب” المركز محاولين تشتيت تركيز قوات الجيش السوري. الهجمات على المعسكرين أتت بوتيرةٍ أخف كثيراً من تلك التي حصلت على “وادي الضيف” و “الحامدية”. فعلى الرغمِ من عملياتِ القصف والزخمِ الناري العنيف الذي إستخدم، إلى ان هناك إتضاح من سياق العمليات بأنه ليس من نية للمسلحين للسيطرة على المعسكرين الجديدين قرب إدلب، لاسبابٍ إستراتيجيةٍ – تكتيكيةٍ بحته.

دراسة الميدان تؤكد ان المسلحين يحاولون تصوير الأمر على انها “فتوحات” للوصول إلى أقرب نقطة من مدينة إدلب في حال تمّت السيطرة على معسكرات “اريحا، القرميد، المسطومة وجبل الاربعين” وبالتالي تهديد مدينة إدلب، لكن الوقائع تدحض فرضية تهديد إدلب حتى وإن تمت السيطرة على هذه المواقع، حيث ان المدينة الهامة بالنسبة إلى الجيش السوري موضوعةً تحت سياجٍ ناريٍ – حديديٍ – عسكريٍ ضخم يصعب العبور إليه، وان الجماعات المسلحة تدرك ان محاولة حصار او إقتحام إدلب هو عملية إنتحار فاشلة لن تعود إلا بالكارثة عليهم، لكنهم يحاولون إستغلالها كطعم يجذب الجيش السوري نحوه الذي سيُخيّل إليه انهم يتحضرون للهجوم على المدينة.

وبحسب ما يتم تحليله من وقائع الميدان وبناءً على ما تقدم، فإن المسلحين يعملون على مبدأ إلهاء الجيش السوري في عدة جبهات وتشتيته فيها وتوجيه تركيزه إلى جهةٍ محددة حتى يتسنى لهم الانقضاض على الهدف الذي يعملون على السيطرة عليها!.

ببساطة المقصود في الكلام “مطار أبو الضهور العسكري” الذي بات وجهة المسلحين الاساسية وبشكلٍ واضح ولعدة أسباب فالمطار تتمت محاصرته من جميع الجهات، وبات مطوقاً من 4 جبهات تتقاسمها “النصرة” و “داعش” دون تنسيق بينهما. ليست إدلب ولا المعسكرات المحيطة بها هي الهدف القادم ابداً، بل “المطار” الذي يُمثّل بالنسبة إلى المسلحين نقطةً هامة. تشير المعلومات الميدانية إلى ان “النصرة وأتباعها يعملان في محيط الموقع وفق آلية قصف عنيفة ومركزة على تحصينات الجيش فيه، كعملية إفراغ قوة يُفتح المجال بعد تدميرها أو إرهاقها العبور نحو الهدف”.

المطار تظهر أهميته من السياق الذي حصل قبل شهرٍ من الان، عندما هاجمت “داعش” عليه بعد ان عبرت من البادية الشرقية بجحافل كبيرة وسيطرت على قرى في محيطه. إصطدم هؤلاء يومها بحركة “أحرار الشام” و “جبهة النصرة” اللتان كانتا ترزحان تحت خلافٍ جوهري تمّت تخطيته فجأة بعد رصد تحركات “داعش” وأهدافها ونظراً للمصلحة في منع التنظيم من التقدم نحوه. على بعد أمتارٍ من “المطار”، تواجهت “جبهة النصرة – أحرار الشام” مع “داعش” مانعةً إياها من الاقتراب من المطار العسكري وتهديده، ليس حباً بالجيش السوري إنما حفاظاً على “المكتسبات” التي تراها “النصرة” بأعين المطار التي ترفض ان يكون جزءً من نواة تحاول “داعش” إستغلالها في منطقة ريف إدلب التي تعتبرها “جبهة النصرة” إمارتها الغير معلنة والتمدّد في عقر دارها، وهذا ما سيترتب عليه تصرفاً مغايراً لذلك القائم على الجبهات الاخرى بين الجماعتين.

وترى مصادر ان “داعش” و “النصرة” لن تتحالفا سوياً في أمر الهجوم على المطار، وكلاً منهما ينتظر الاخر لبدء الهجوم حتى يقوم الثاني بالاشتراك بشكلٍ غير مُباشر على مبدأ “من يصل إلى داخل المطار اولاً يُسيطر عليه”، اي في “لعبةٍ خبيثةٍ بينهما”. على المقلب الاخرى يُعوّل الجيش السوري على قدرات جنوده في الداخل كما سلاح الطيران لحماية اسوار المطار، لكن التعويل الاخر الذي لا يقل شأناً هو على الخلاف بين “النصرة – داعش” الذي سيؤدي إلى فرط عقد الهجوم وضربه من خاصرته، حيث سيتجه الطرفين إلى صراعٍ مسلح بينهما ربما قبل الهجوم في محاولةٍ لاحكام السيطرة على المناطق المُحيطة وإبعاد طرفٍ منهما عن الميدان، اي انّ المطار على ابواب معركةٍ ثلاثية عنيفة.

إذاً، معركة “مطار أبو الضهور العسكري” قاب قوسين من الهجوم، وعليه، يترتب على الجيش السوري تعزيز جدار الحماية فيه ومؤازرة العدد القليل من القوات المرابضة داخله نسبةً إلى تلك التي كانت موجودة في “الحامدية – وادي الضيف”.

المطار المذكور سيكون بطاقة العبور لـ “النصرة” نحو إعلان الإمارة الاسلامية المواجهة لإمارة “داعش” في الشرق رسمياً، وعليه، يترتب عليها تعزيز السيطرة وتحقيق القدر الممكن من المكتسبات العسكرية.

ميدانياً، شهد مطار “ابو الضهور العسكري” في ريف إدلب قبل ايام مناوشات محدودة بين وحدات الجيش السوري من جهة، ومجموعات مهاجمة من “جبهة النصرة” من جهةٍ ثانية، تدخل فيها سلاح الجو الذي قصف محيط المطار وصولاً إلى بلدة “ابو الضهور” لارجاع عناصر “النصرة” المهاجمة.

معلومات عامة:

يقع مطار “ابو الضهور” العسكري في ريف إدلب الشمالي الشرقي. يبعد عن مدينة “معرة النعمان” نحو 40 كلم، وعن مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي نحو 63 كلم، اما عن مدينة “إدلب” مركز المحافظة، فيبعد 50 كيلومتراً ويقع إلى الشرق منها. يعتبر ثاني اكبر مطار عسكري في سوريا، تبلغ مساحته 8 كلم وفيه 22 مهبطاً لطائرات ميغ وهنغارات للمروحيات.

إستخدم المطار في الفترة الاخيرة كنقطة إنطلاقٍ لمروحيات عسكرية لتوجيه ضربات للمسلحين في المناطق الشمالية ومناطق إدلب.

الحدث نيوز - رائد حرب