دام برس :

أسطورة "داعش" تتهاوى عند أسوار مطار دير الزور، ليس مجرد كلام لرفع المعنويات بقدر ما هو كلام يعكس طبيعة نتائج المعركة التي جرت في محيط مطار دير الزور العسكري، فعلى عكس ما حققه تنظيم "داعش" في مناطق اخرى من سورية والعراق ورغم اعتماده على نفس انماط القتال، إلّا انّه هذه المرّة تعرّض لهزيمة كبيرة.

إنّ سياقاً من التطورات والمسارات ساهم في بناء اسطورة داعش اعتمد بشكل أساسي على قيام هذا التنظيم بمهاجمة اهداف ضعيفة بعدد كبير من المهاجمين يعتمد على إحداث الصدمة والرعب في صفوف القوة المدافعة تمهيداً لتحطيم خطوط دفاعها والسيطرة على الموقع الذي تدافع عنه، إضافةً الى الاستخدام المكثف لوسائط الاعلام المختلفة وخصوصاً على شبكة الانترنت والكثير من الفضائيات التي دأبت على مواكبة هجمات التنظيم عبر بث افلام تُظهر وحشية التنظيم وتضخيم قدراته.

هذا النمط يبدو أنه سقط في دير الزور وتحديداً في محيط المطار، حيث لم تُفلح الهجمات التي شنّها "داعش" على المطار وانتهت بمتغيرات ميدانية لصالح وحدات الجيش العربي السوري تمثلت في سيطرة وحدات الجيش على مناطق جديدة في محيط المطار لنقل المعركة الى أبعد مسافة ممكنة من حرم المطار، وهذا ما يؤكده هبوط طائرات النقل الضخمة "اليوشن" التي تحتاج الى مسافة 10 كيلومتر قبل الهبوط كمسار طيران منخفض.

وانجلى غبار المعركة ليتبين زيف ادعاءات "داعش"  ومن يروّج لعملياته بما فيها المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يحرص على تصوير ما جرى بصورة غير مطابقة للوقائع، وذكري لهذا المرصد سببه أنّ طبيعة منشوراته في فترات سابقة واكبت بما يشبه الحياد في اكثر من مكان والهدف وجعله مرجعية يُبنى عليها في نقل الصورة للمساهمة في تخفيض الروح المعنوية للمواطنين الذين يصطفون الى جانب الدولة السورية والجيش العربي السوري.

هذه المرّة لم تثبت المعلومات المتداولة من قبل هذا المرصد وغيره ممّن يسمون "داعش" تنظيماً جهادياً وظهرت صورة جديدة تُظهر انتصارات وحدات الجيش العربي السوري وقائد هذه الوحدات العميد عصام زهر الدين وهو يجول على وحداته ويستعرض جثث قتلى داعش وسياراته ودباباته المدمرة.
كالعادة وضمن سيناريو استُخدم في اكثر من مكان سبق هجوم "داعش" تفجير عربة على احد مداخل المطار بهدف فتح ثغرة يمر منها عناصر التنظيم.
هذه المرّة كانت القذائف الصاروخية للجيش العربي السوري بانتظار العربة لتفجرها بعيداً عن اسوار المطار.

معارك التحام حقيقية جرت في محيط المطار الذي أسقطته وسائل الإعلام المعادية اكثر من مرّة عبر إدارة الحرب الإعلامية التي تواكب عمل الجماعات المسلحة منذ اربع سنوات، هذه الوسائل التي تتجاوز المئات وتنشر موادها على مساحة اعلامية واحدة.

رغم اكثر من هجمة استطاع الجيش العربي السوري صد الهجمات العنيفة التي حشد لها تنظيم "داعش" الآلاف من نخبة مقاتليه مع عدد كبير من الآليات وكثافة نارية غير مسبوقة والسيطرة على المرتفعات المحيطة والإنتشار على مساحات إضافية لتأمين مساحة أمان اكبر للقوة المدافعة عن المطار وللطائرات الحربية والعامودية (الهليكوبتر) العاملة من المطار.

تميزت معركة الدفاع عن مطار دير الزور بإجراءات مغايرة لتلك التي كانت معتمدة في مواقع سابقة إن كان في شكل توزيع القوات المدافعة او طبيعة انماط القتال وكذلك وسائل القيادة والسيطرة، وهي اساليب وتكتيكات جديدة شكلت عنصر المفاجأة الأهم في صد الهجوم.

اما ماذا فعلت قيادة ووحدات الجيش العربي السوري هذه المرّة؟
فما قامت به هذه الوحدات اختلف كثيراً عن المرات الماضية، فقد تم استخدام سلاح الإعلام المضاد الذي اظهر مئات الجثث لتنظيم "داعش" محملة في الشاحنات التي جالت في مدينة دير الزور ما شكّل عامل رفع للمعنويات للجيش وللمواطنين الذين اندفعوا لمشاهدة المشهد.

نفسياً استطاع الجيش العربي السوري ضرب الحالة النفسية لمقاتلي "داعش" من خلال ايقاع المئات من عناصر التنظيم قتلى، وهو مشهد لم يعتده عناصر التنظيم سابقاً.

عسكرياً لا شكّ أنّ "داعش" سيقوم مجدداً بمحاولة اقتحام المطار وربما في الفترة القريبة القادمة، إلّا انه سيكون اكثر حذراً من المرات السابقة وربما سيقوم بحشد ضعف العدد الذي حشده سابقاً بهدف السيطرة على المطار، وهو امر لن يكون سهلاً ابداً.

الأهم في كل ما جرى أنّ هيبة "داعش" قد تكسّرت عند اسوار المطار وهو أمر سيُفقد التنظيم الكثير من عوامل القوة التي اعتمد عليها سابقاً، بالإضافة الى أنّ التنظيم دخل في مرحلة الكذب الإعلامي، اذ انّه اعلن عن اسر جنود سوريين دون ان يعمم صورهم كالعادة وهو امر يدل على انكشاف عجز "داعش" عندما يواجه قوة دفاع متماسكة ومنظمة وتمتلك الروح المعنوية العالية.

هذه النتيجة لا تعني أنّ وحدات الجيش العربي السوري قد تذهب الى الإسترخاء والتهاون والغرق في نشوة النصر بل على العكس تماماً، حيث تقوم بالمزيد من التحصينات والإجراءات تحسباً للمعركة القادمة التي ستكون اكثر صعوبة من المعارك السابقة الا انها ستكون بحسب المعطيات المتوفرة اكثر ايلاماً لتنظيم "داعش".

مجموعة المعطيات والنتائج التي حصلت بعد معركة الهجوم على مطار دير الزور ستشكل بداية سقوط هيبة "داعش" التي تتعرض للهزيمة في اكثر من مكان في العراق وسورية.