دام برس :

منذ البداية أدرك تنظيم "داعش" أهمية التأثير الإعلامي على الناس، ودورها المهم في هذا العصر الذي يحاول إعادة ناسه لعصور ما قبل الجاهلية، متبعاً أحدث التقنيات لإقناعهم، ومن أفلام إرهابه القصيرة التي لا تتجاوز الدقائق بهدف إيصال رسالة معينة لإحدى الدول من خلال قطع رأس احد مواطنيها والتهديد ببضع كلمات يوصل معناها مشهد قطع الرأس، إنتقل التنظيم إلى السينما مقرراً إصدار فيلماً خاصاً، وعلى الجميع حضوره، مستخدماً في ذلك شتى الطرق، بدءاً من سجنائه وأسراه حيث كانت البداية من سجن مدينة جرابلس في ريف حلب في سوريا حسب الصور التي نشرها التنظيم على أحد مواقعه الالكترونية ، وهي صور للسجناء وتعابير وجوههم وأعينهم المحدقة بمشاهد الذبح حتى ولو كرهوها..

حيث استعمل عناصر التنظيم صالة عرض خاصة بهم، عبارة عن شاشة "بروجكتور" في وسط غرفة صغيرة، حشر فيها السجناء بوضعية القرفصاء، وأعينهم محدقة بكل مشهد من مشاهد الذبح التي يحويها الإصدار الأحدث للتنظيم الارهابي "لو كره الكافرون " ..

مدة الفيلم 16 دقيقة، يحوي في طياته ما اعتبره التنظيم "تاريخ نشأة الدواعش"، ويعرض متباهياً ما يعتبره نجاحات أحرزها خلال مسيرته القتالية، فيلم لا خيار أمام المشاهدين إلا رؤيته، علماً ان تذاكره مجانية الثمن التذاكر ضمن "مهرجان سينما الذبح" حيث الخيارات محصورة، دون وجود أي أسباب مخففة للأحكام تتجرع للمتهم..

وتعليقاً على مهرجان السينما الداعشي، أوردت بعض المواقع الإخبارية آراء بعض المحللين الخبيرين بالفكر التفكيري، حيث اعتبره أحد هؤلاء المتابعين أنه إصدار غير مسبوق من ناحية دمويته ويتضمن عدة رسائل منها تهديدية، ومنها ردعية، لافتاً إلى أن هناك سردية محددة في الفيلم حول الانتماء للقاعدة وانتفاء وجودها وصولاً الى إعلان الخلافة مع التركيز على محاربة بعض الطوائف التي سماها الفيلم، واظهار الغرب وكأنه متحالف مع الأنظمة التي يدعي محاربتها، في القضاء على "داعش"..

واللافت في الفيلم أن "الدواعش" الظاهرين فيه عبروا عن عدم خوفهم، وعلى عكس ما اعتادوا عليه في أفلام سابقة لم يرتدوا أقنعة على وجوهم، بل على العكس ظهرت وجوههم، معلنين ممارستهم للإرهاب الدموي دون أي خوف، محاولين تقديم أنفسهم كـ" دولة" لا "تنظيم" ، مجددين التأكيد على تنوع عناصرهم وجنسياتهم، مفتخرين أن صفوفهم لم تقتصر على العرب، بل ضمت أجانب يتسلون بنحر الرقاب..

وكعادتهم في أفلام توثيقهم لدمويتهم، لم ينسوا "مرج دابق" حيث يزعمون أنه سيشهد المواجهة الأخيرة بين جيشهم والجيوش الغريبة ، حيث بدأ فيلمهم بلقطة منه ، كما انتهى منه..

فيما رأى متابع آخر أن الفيلم يحتوي على مشاهد عنيفة كثيرة لا سابق لها في أي إصدار آخر لـ "داعش" أو حتى غيره من التنظيمات الارهابية ما يعني أن التنظيم بات يستخدم أقسى الطرق لاثبات حضوره المتراجع أمام تقدم القوات السورية على أكثر من محور لاسيما في حلب وأمام الصمود الكردي والقبائل في أكثر من منطقة سورية وعراقية ..

وهذا الكلام يثبت صحته الأسلوب الذي اتبعه التنظيم في بعض المناطق العراقية معتمداً على الارهاب الممنهج والتصفيات لقبائل بأكملها، كالمجزرة التي ارتكبها بحق قبيلة البونمر وعشيرة البوفهد، بهدف ترويع باقي القبائل، معتمداً أيضاً على الترغيب بالتوازي متعمداً تقديم الرشاوي والهدايا كالسيارات والأموال لاستمالة رؤساء العشائر، أو بعض الرجال في القبائل لإغرائهم وإتقاء قيامهم ضده، علماً ان هذه الإغراءات لم تثبت فاعليتها الكاملة..

ليبقى رأي أغلب المحللين الذين أوردتهم المواقع الإخبارية أن فيلم "داعش" ليس إلا زوبعة في فنجان، يكشف  إفلاس هذا التنظيم الذي يستخدم آخر أسلحته في الإعلام لإثبات أنه إرهابي  لا يخشى أي شيء، وهذه نقطة ضعف تسجل له وتعكس انسداد السبل في وجهه لاسيما أن لا تقدم على الأرض لأي من فصائله.

عربي برس