Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 21:35:50
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
معارك تكتيكية بأبعاد استراتيجية

دام برس :

تشهد الجبهات السورية هذه الفترة معارك يُنجز الجيش السوري فيها نقلات نوعية، رغم أنّها تُعتبر معارك موضعية إلّا أنّها تندرج في سياق حسم المعارك الكبرى.
بدأت معالم الحسم النهائي في بعض الجبهات تقترب من النهاية، كحال جبهة ريف حماه الشمالي وجبهة الغوطة الشرقية والتي رغم وجود العديد من الجيوب التي ما زالت الجماعات المسلحة فيها تجابه تقدّم وحدات الجيش السوري كجوبر والنشابية والبلالية، إلا أنّ المعركة أصبحت بعد تحرير عدرا العمالية وعدرا البلد وعدرا الجديدة في المواجهة المباشرة مع أكبر معاقل الجماعات المسلّحة دوما.
جبهات أخرى يعمل الجيش السوري على تثبيت نقاط ارتكازه الأساسية بموازاة عمليات عزل لمحيط هذه الجبهات كما هو الحال في جبهتي درعا والجولان.

والبارحة كنا أمام تطوّر عسكري هام عبر بدء عمليات القضم في منطقة جبل الأكراد الواقع ضمن الريف الشمالي لمدينة اللاذقية، حيث سيطر الجيش على قريتي عين الجوزة ورويسة العاجورة.
التطوّر الأكثر خطورةً يتمثل في اقتراب تنظيم "داعش" من مدينة عين عرب، حيث تشير المعلومات أنّ "داعش" اقترب حتى مسافة 2 كلم من مداخل المدينة ضمن حشد يتجاوز الـ4000 مقاتل تدعمهم قوة نارية مدفعية ومدرعة كبيرة، في حين لا يتجاوز عدد المدافعين الأكراد عن المدينة المئات، ما يؤشر باتجاه إحتمال سقوط المدينة بيد تنظيم داعش قريباً.
هذه الأيام تشهد جبهات حلب وإدلب مجرد مناوشات على المحاور التقليدية ولا شيء يمكن تصنيفه في إطار المعارك الكبيرة.
أمّا لماذا معارك تكتيكية بأبعاد إستراتيجية؟؟
فلأنّ المتابع لمسار الميدان في سورية يُدرك أنّ ما يحاول الجيش السوري إنجازه مع ما أنجزه سابقاً يندرج في حسم المعركة ببعدها العسكري الميداني، وهو أمر لا يمكن التكهّن بمدته الزمنية لارتباطه بالعديد من العوامل التفصيلية.

ففي جبهة ريف حماه يبدو واضحاً أنّ التقدّم الكبير الذي أحرزه الجيش السوري هناك لم يعد مجرد عملية عسكرية هدفها إبعاد الخطر عن محردة ومطار حماه العسكري، إنما يتجاوز هذا الهدف لتحقيق مسألتين:
1- تحرير كامل ريف حماه الشمالي والذي لم يتبقَ منه إلّا بلدات اللطامنة وكفرزيتا ومورك وبعض المزارع الصغيرة، وبمتابعة التفاصيل الميدانية فإنّ تحرير قريتي البويضة والمصاصنة البارحة والضغط على محور لحايا هدفه تضييق الخناق على مورك، حيث ستشكّل البويضة ولحايا زخم هجوم الجيش السوري على مورك من الجهة الغربية الجنوبية في حين تشكّل المصاصنة رأس الهجوم على شرقي اللطامنة التي سيندفع الجيش اليها من محور حلفايا جنوب اللطامنة، حيث ستشكّل السيطرة على اللطامنة مفتاح التقدم بإتجاه كفرزيتا والضغط على مورك تمهيداً لتحريرها، مع الإشارة الى أنّه بات بمقدور الجيش السوري الفصل بين معركتي كفرزيتا ومورك نظراً لتحكمه بمفاصل الجغرافيا في هاتين المنطقتين، كما يمكنه تنفيذ الهجوم في وقت واحد وهو أمر تقرره قيادة العمليات في المنطقة.
2- إعادة ربط منطقة جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي بمنطقة الغاب في حماه وتوسيع نطاق السيطرة الجغرافي عند البدء بالإندفاعة العسكرية بإتجاه خان شيخون ومعرّة النعمان الممّر الإجباري لفك الطوق عن معسكري الحامدية ووادي الضيف، إضافةً الى إعادة فتح الطريق باتجاه حلب وهو أمر سيساعد الجيش السوري على تحقيق عامل المناورة والحركة السريعة والتي ستساهم حكماً في تعجيل سيطرته على نطاق الجبهات الحالية.
في الغوطة الشرقية، وهي الجبهة التي استطاع الجيش السوري تحقيق سيطرة نوعية على عدرا البلد وعدرا العمالية وعدرا الجديدة قاطعاً خط الإمداد بشكلٍ نهائي عن مسلحي دوما وما تبقى من جيوب ما زالت الجماعات المسلّحة تقاتل فيها، مع أنّه يمكن من الناحية العسكرية إعتبار هذه الجيوب بحكم الساقطة خصوصاً في جبهة جوبر حيث يحاصر الجيش ما تبقى من جماعات هناك بموازاة العمل على توسيع نطاق سيطرته من جهة زملكا، وتحديداً عند المتحلق الجنوبي لتضييق مساحة الممر الذي تستخدمه الجماعات المسلّحة للعبور من والى جوبر، حيث أنّ تقدماً محتملاً للجيش على جبهة زملكا – المتحلق الجنوبي يعني الكثير من المسائل وأهمها إجبار مسلّحي جوبر إما على الإنسحاب أو الإستسلام أو الموت، كما يعني أنّ ما تبقى من المسلحين في أطراف الدخانية سيكونون أمام خيار وحيد وهو الإنكفاء بإتجاه عين ترما، ولأنّ الأمور على جبهة الغوطة الشرقية تسير بشكلٍ متسارع ولإدراك الجماعات المسلّحة أنّ الجيش السوري بدأ فعلاً بالتوجه لخوض معركة دوما حيث لم تتوقف قواته عند حدود عدرا بل أكملت طريقها بإتجاه تل كردي وهي منطقة تعتبر على مشارف دوما، هذا الأمر سيعجّل في إتخاذ قرار إنكفاء الجماعات المسلّحة من جبهات النشابية والبلالية وكذلك من الدخانية وجوبر لتنظيم دفاعات أقوى بمواجهة وحدات الجيش السوري التي ستتقدّم بإتجاه دوما قريباً، وفي حال أبقت الجماعات المسلّحة على إنتشارها الحالي فإنها ستقاتل بشكل ضعيف على هذه الجبهات المذكورة، وفي كلا الحالتين فالأمر سيؤدي الى النتيجة نفسها مع الأخذ بعين الإعتبار عامل الوقت لا أكثر.

في الجبهة الجنوبية وتحديداً في جبهة الجولان فإنّ ما حقّقته الجماعات المسلّحة حتى اللحظة جاء نتيجة مجموعة من الأسباب الهامة وهي:
1- الدعم الناري واللوجستي لهذه الجماعات من الجيش الصهيوني إضافةً الى تأمين دخول هذه الجماعات وحركتها من الأراضي التي تحتلها "إسرائيل"، ما يعتبر ثغرة كبيرة ساهمت في تقدم هذه الجماعات وسيطرتها على مساحات من الأراضي التي لا يتواجد فيها أصلاً إلّا مجموعات رصد وقتال قليلة العدد للجيش السوري، ومن خلال متابعة الوقائع نلاحظ أنّ الجيش السوري وبعد سلسلة العمليات التي قامت بها الجماعات المسلّحة في القنيطرة قام بتثبيت خطوطه الدفاعية عند مناطق التلال الحاكمة وخصوصاً تل الشعّار وتل الكروم ودعم الجبهة عند خان ارنبة ومدينة البعث، والتوجه لجعلها خطّاً أحمر لن يكون بإستطاعة هذه الجماعات المسلحة تجاوزه نتيجة مجموعة من الإجراءات أقدمت عليها وحدات الجيش السوري لما يشكل إختراق هذه المواقع من تهديد جدي على دمشق على المدى البعيد.
2- إدراك القيادة العسكرية السورية حقيقة الأهداف الصهيونية وأهداف الجماعات المسلّحة ما يفرض القيام بسلسلة من العمليات استهدفت إعادة تموضع تختلف عن المرحلة السابقة، واتّباع أساليب سيطرة وحركة جديدة إضافةً الى قيام الجيش بعمليات تطهير وعزل للكثير من الجيوب في الأرياف الخلفية لجبهة القنيطرة وتحديداً في ريف الكسوة لمنع هذه الجماعات من الحركة والتواصل ومنعها من تحقيق قدرات السيطرة والثبات وتجميع قواها، ما خفّض وتيرة الخطر وهو أمر ستعمل وحدات الجيش السوري على الإستمرار به لتحقيق أعلى مستوى من التأمين للمواقع الخلفية.
في جبهات حلب وإدلب لا يبدو غريباً عدم إشتعال الجبهات بإنتظار نتائج معارك ريف حماه وهو أمر ايجابي يدل على قدرة الجيش السوري بالتحكم بمفاصل الميدان رغم بعض الخروقات البسيطة والتي تُصنّف في إطار معارك النقطة وليس معارك الجبهة، ولهذا الأمر دلالاته التي تشير الى إحكام الجيش السيطرة على الاراضي التي حرّرها سابقا في ريفي حلب الشرقي والجنوبي.
ويبقى الأمر الأكثر خطورةً في سورية حالياً هو ما يجري على جبهة عين عرب حيث من المرجّح أن تواصل قوات "داعش" تقدمها، وبالنظر الى موازين القوى يبدو واضحاً أنّ القوات الكردية المدافعة عن المدينة والتي لا تتجاوز المئات لن تستطيع تأمين كامل محيط عين عرب، وهو ما ينبئ بسقوط محتمل للمدينة يرتبط بالوقت لا أكثر.

إنّ سقوط عين عرب بيد قوات "داعش" ستكون له انعاكاسات كبيرة على الوضع برمتّه وخصوصاً ما يمكن أن تُقدم عليه تركيا في التقدّم الى داخل الأراضي السورية لإقامة حزام إنساني بحسب ما يصرّح به المسؤولون الأتراك، وهو في حقيقة الأمر حزام أمني وعسكري يصب في سياق الأطماع التركية التاريخية.
هذا الأمر إن حصل فستكون له تداعيات كبيرة سواء على الوضع التركي الداخلي في علاقة تركيا بالأكراد أو فيما بين تركيا وأميركا لتعارض موضوع الحزام مع الرغبة الأميركية الحالية.
ختاماً: لا شك أنّ الوضع في سورية يمرّ بمرحلة دقيقة وحرجة، ويبقى ما تحرزه وحدات الجيش السوري من انتصارات ميدانية هو الفيصل في ترتيب أوراق الصراع إقليميًا ودوليًا.

سلاب نيوز

الوسوم (Tags)

الجيش   ,   حلب   ,   السوري   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz