دام برس :

عندما اتخذت الجماعات المسلحة قرار السيطرة على مورك لم يكن الأمر محض صدفةٍ أبدًا، فهم يدركون أهمية موقعها كعقدة مواصلاتٍ هامةٍ وطريق إمدادٍ رئيسي للجيش العربي السوري، حيث مكّنتهم السيطرة على مورك من حصار معسكر وادي الضيف والحامدية قرب معرة النعمان لاحقًا، والتضييق على معسكر الخزانات بالقرب من خان شيخون.

من صوران جنوب مورك أطلق الجيش السوري هجماته الأخيرة على مورك، فتقدم باتجاه الحي الجنوبي الذي يضمّ تلّ الناصرية المشرف على أغلب المدينة منذ أكثر من أسبوع، وكذلك فعل مع الحي الشرقي، ليتابع تقدمه اليوم باتجاه الحي الغربي الذي يضم تل مورك المشرف على الحي الشمالي للمدينة.

بدايةً تعتبر مورك طريقاً إلزامياً للجيش السوري عليه سلوكه باتجاه الشمال نحو خان شيخون، لتعزيز قدرات معسكر الخزانات الذي يتعرّض لضغطٍ كبير، والانطلاق منه نحو معرّة النعمان ما سيجعل الجيش السوري من جديد قادراً على التحكم بعقد هامة في ريف ادلب.

معركة مورك المباشرة ليست منفصلة عن ضرورة السيطرة على كفرزيتا التي تقع غرب مورك، واللطامنة جنوب غرب، والتي تضمّ معقلًا هامًا لجبهة النصرة، وبالنظر الى الخارطة ستلاحظون المثلث القوي الذي تشكله مورك مع كفرزيتا واللطامنة، ويعتبر تحرير مورك بمثابة كسرٍ للضلع الأقوى في هذا المثلث ما سيؤدي الى إسقاط كفرزيتا واللطامنة لاحقًا.

علمًا بأنّ السيطرة على مورك وكفرزيتا يندرج في سياق الضرورة، لأنه سينهي مثلثًا مزعجًا ويحرّر وحدات كاملة من الجيش السوري تتموضع في مواجهة هذا المثلث حاليًا، مما يسهّل وضع هذه الوحدات مع وحدات دعم أخرى في وضعية الهجوم باتجاه خان شيخون التي تعتبر مفتاح معرّة النعمان.

أمّا لماذا استخدمتُ عنوان معركة تقطيع الأوصال؟

فلأنه أحد أهّم التكتيكات التي يستخدمها الجيش السوري حاليًا، ليس في مورك فحسب، بل في أغلب جبهات القتال.
وبخصوص جبهة مورك، تشير المعلومات الواردة أنّ الجيش أحكم سيطرته على سوق الفستق الملاصق للحي الشرقي بعد الاوتوستراد الرئيسي، وهذا ما يشكل خرقًا هامًّا باتجاه عمق الحي الشمالي لمورك، بموازاة الهجوم من الحييّن الجنوبي والجنوب غربي.

أما لماذا نفّذ الجيش السوري هجومه الأخير من جهة الحي الغربي، فالسبب الأول هو عزل مورك عن كفرزيتا ومنع تواصل الجماعات المسلحة فيما بينها، والسبب الثاني هو السيطرة على تل مورك الذي يتحكم  بوسط مورك وحيّها الشمالي.

السيطرة على مورك من قبل الجيش السوري هو أمرٌ بات في حكم المؤكد، فماذا بعد السيطرة على مورك؟

إنّ ما ينفذه الجيش السوري من تقطيعٍ لأوصال المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلّحة يندرج في سياق تسهيل الهجمات اللاحقة التي يمكن أن نطلق عليها هجوم الجبهة، في حين تقتصر العمليات العسكرية التي تجري في مورك على عملياتٍ في إطار النقطة.

لا يمكن لأحدٍ أن يتوقّع العمليات القادمة إلاّ في بعدٍ تحليلي، لاعتماد الجيش السوري عوامل المناورة والتضليل بشكلٍ مستمر لإرباك الجماعات المسلّحة وتشتيت جهدها، كما حصل منذ يومين عندما سرّب الجيش السوري معلومات خاطئة عن تقدمه باتجاه مورك وقت السحور، الأمر الذي أبقى عناصر الجماعات المسلّحة في حالة استعداد، ما ارهقها وخفّض من جاهزيتها، لتفاجئ وحدات الجيش السوري الجماعات المنهكة اليوم بهجومها باتجاه الحي الغربي.

ولوقوع مورك عند عقدة اتصالات هامة، فإنّ تحريرها سيساعد عددًا من الجبهات الأخرى وصولًا حتى حلب وتحديدًا ريفها الجنوبي.

خان شيخون بعد كفرزيتا واللطامنة، هي الإتجاه الثاني لتحرّك وحدات الجيش السوري لاستعادة السيطرة عليها وتخفيف الضعط عن معسكر الخزانات.
في سورية لا يوجد معركة هامّة وأخرى غير هامّة، ولكن يوجد أولويات تحدّدها ضرورات الميدان التي تتشعب كثيرًا، ولا تقتصر على إيلاء الجانب العسكري دائمًا كما حصل في سجن حلب المركزي، وإنما أتعرّض لهذا المثال لوجود ثلاث حالات مشابهة بالشكل لسجن حلب المركزي وتختلف عنه في التفاصيل، وأعني معسكر الخزانات بالقرب من خان شيخون ومعسكري وادي الضيف والحامدية بالقرب من معرّة النعمان.

فيما يخص رفع الضغط عن معسكر الخزانات، فالبتأكيد إنّ عملية عسكرية من مورك المحرّرة باتجاه خان شيخون هو أمرٌ ضروري، فيما لا يرتبط فك الحصار عن معسكري وادي الضيف والحامدية بخان شيخون قدر ارتباطه بعملية باتجاه معرّة النعمان، والتي يمكن أن تنطلق من أريحة ومحاور أخرى.

بيننا وبين تحرير مورك وإعلانها آمنةً ساعات وربما أيام، ولكنها أصبحت بحكم الساقطة.

تكتيك تقطيع الأوصال سيبقى لفترة قادمة هو الأسلوب الأنجع لتحرير ما تبقى من مناطق تسيطر عليها الجماعات المسلّحة، لامتلاك الجيش السوري قدرات الحركة والنار والدعم الناري من سلاح الجو، وقدرات الاستطلاع المتقدمة، إضافةً الى المعلومات الاستخباراتية اللازمة.

سلاب نيوز