Logo Dampress

آخر تحديث : الجمعة 29 آذار 2024   الساعة 21:35:50
دام برس : http://alsham-univ.sy/
دام برس : http://www.
أردوغان باشا أو نهاية جمهورية
دام برس : دام برس | أردوغان باشا أو نهاية جمهورية

دام برس:

منذ بداية الحرب على سورية، عن لفت انتباه قرائنا إلى دسائس حزب العدالةوالتنمية (AKP) الذي يجسده أردوغان باشا لاستعادة الخلافة العثمانية علىرماد المدن السورية. تتبعنا الدروب الحائدة التي سعى من خلالها السيد اردوغان إلى إراقة الدماء في سورية. وبينّا في الوقت ذاته كيف أن طموحات أردوغان باشا في الخلافة على مستوى السياسة الخارجية -استعادة الخلافة العثمانية في الولايات العربية التابعة سابقا للإمبراطورية العثمانية- تستدعي تدابير "خلافوية" على مستوى السياسة الداخلية.يُظهر بعض الأدلة بوضوح صارخ مدى معاناة الحريات المدنية في تركية من سياسات حزب العدالة والتنمية، المتماهي حاليا في

شخص السيد اردوغان .

لقد اثار قرار هذا الأخير بناءَ مركز للتسوق في حديقة "جيزي" عاصفة من المظاهرات في المدن التركية، وانتقادات من أحزاب المعارضة . برفو كيزيلتان،Berfu KIZILTAN، متعاونة مع صحيفة "حريات" Hurriyet اليوميةالتركية، عارضت خطاب السيد أردوغان الأصم، وطلبت منه الاعتذار للشعب التركي. سيركان دميرتاس أطلق إنذارا بنهاية الجمهورية في تركية. يوضحمقاله الذي نشر في صحيفة حريات كيف أصبحت تركية بلدا يمارس فيهالحزب الحاكم قوة البوليس في أعنف أشكالها. زعيم حزب الشعب (CHP)،كمال كليتشدارول، انتقد السيد أردوغان قبل ذلك بعدة أشهر، قائلا ان رئيس الوزراء كان عازما على قمع الشعب وتضييق الديمقراطية.ولكن هذا غير كاف بالنسبة للسيد أردوغان. إحدى الخطوات الأولى التي استهلها هي تقييدالحريات المدنية وتقزيم الحياة الديمقراطية، إجراءٌ ضد الديمقراطية والعلمانية، ضد أسس الجمهورية، بل وتركية كمال أتاتورك الحديثة.على أردوغان أن يعتذرفي مقال بعنوان " قائمة حاجات أردوغان: التسامح،التوافق والاعتذار"(1)، المنشور في صحيفة حريات التركية، اعترضت برفوكيزيلتان على الخطاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الأصم،وطلبت منه الاعتذار للشعب التركي.

وُتظهر كيزيلتان أن القوى الديمقراطيةوالمجتمع المدني خرجوا إلى الشوارع لحماية الديمقراطية والجمهورية،للاحتجاج على تقييد حرية الصحافة والتعبير، لمواجهة الاعتقال التعسفي لعشرات من الصحفيين الأحرار، وأنهم خرجوا أيضا للتعبير عن عدم رضاهم عن إجراءات حكومة أردوغان المنافية للديمقراطية ، مثل الرقابة على الإنترنت،وتجريم الإجهاض، وتنامي العنف ضد المرأة، وازدراء الثقافة والفنون،ومؤخرا قيود استهلاك الكحول. بعبارة واحدة: يحتج الأتراك على إصرارحكومة أردوغان على السيطرة على كل وجه من وجوه حياتهم اليومية، بل وقتل الجمهورية. انتقدت برفو كيزيلتان حجة رئيس الوزراء المتعلقة بنتائج الانتخابات، مشيرة إلى أن خمسين في المئة من الأصوات لا تخول لرئيسالوزراء أردوغان حرية تجاهل النصف الآخر من الشعب التركي اوتحقيره(2). وللتذكير، فقد وصفت السلطات التركية المتظاهرين بأنهم مخربون،مهمشون، انفصاليون، استفزازيون، مدمنو كحول، وأخيرا بأنهمçapulcu(3)، مع انهم في الواقع أكثر تعلما وتربية من "متشدقي" الحكومة.تبين كيزيلتان كيف ان المتظاهرين نجحوا في  ان يخلقوا، في ساحة تقسيم وحديقة جيزي بيئة رائعة من الوحدة، على الرغم من خطاب السيد اردوغان التقسيمي والاستقطابي.كدليل، استطاع ناشطون خلق سوق وعيادة ومكتبة،واستخدمت النكتة كسلاح أكثر فعالية ضد بطش السلطات.

وصنع المتظاهرونالشباب الضحك، ووجدوا طرقا جديدة لتطوير الحرب، وتعلموا طريقة ملفتةللصمود في وجه فظاعة هراوات الشرطة.  اغلبهم تعرض للضرب بوحشيةعلى يد الشرطة التي اطلقت مئات قنابل الغاز المسيل للدموع . ومع ذلك، فقدصمد المتظاهرون في ساحة تقسيم وفي كل مكان في المدن التركية. كل هذادفع بكيزيلتان الى أن تطالب رئيس الوزراء أردوغان بالاعتذار إلىالمتظاهرين، ففي نظرها، فإن الحكم لا ترهيب الشعب . بالنسبة لها، فإن الحاكم الحقيقي هو من يكسب احترام المواطنين، لا خوفهم : "نصف الشعبينتظر أن يعتذر رئيس الوزراء بصدق قبل أن يُعطى الشرعية مجددا، إذ أنالتراجع خطوة إلى الوراء، في الاتجاه الصحيح افضل من أن الخطو الىالأمام، في الاتجاه الخاطئ(4)"، حسب ما أشارت اليه كيزيلتان.أردوغان والدولة البوليسية من جهته، يطلق سيركان دميرتاز الإنذار بنهاية الجمهورية في تركية. تبين مقالته المنشورة في صحيفة حريات بعنوان "مرحبا بكم فيالجمهورية التركية للدولة البوليسية"(5)، كيف أصبحت تركية بلدا يمارس فيه الحزب الحاكم سطوة الدولة البوليسية (حتى العسكرية إذا اقتضى الأمرذلك)، في أعتى أشكالها، ضد النصف الآخر من الناخبين الذين أطلقواشرارة تمرد واسعة النطاق، لكبح نزعات السيد رئيس الوزراء الاستبداديةالمتزايدة : Turkey has become a country where the ruling party representing half of the country’s electorate is exercising the state’s police (and military if needed) force in the most brutalway on the other half of electorate, who launched a massive uprising against the government’s growing authoritarian inclinations [6]."خلف ممارسات الحكومة التركية المنافية للديمقراطية،هناك خطاب السيد اردوغان "نحن وهم"، هذه الممارسات تحوي تمييزا ضدالناس الذين لا يتبعون أسلوب حياة محافظ جدير بأن يوصف أصحابهبالمسلمين الأتقياء"..At the core of this behavior lies the “us and them” policy/rhetoric of Prime Minister Recep Tayyip Erdoan, whose purpose is to discriminate against those who do not share the conservative lifestyle of a pious Muslim and create a sort of “neighborhood pressure” on them. But this oppression is not limited to the scope of the secular-conservative debate in Turkey as the trend of this behavior is to expand its influence on different segments of the society through intimidation [7].تتجهتركية، في الواقع، نحو نظام الدولة البوليسية . يكفي تفحص الوحشية التي استخدمتها الشرطة ضد المتظاهرين في تقسيم وجيزي. على سبيل المثال،وبعد شهرين من انطلاق حركة تقسيم، نزل الأتراك يوم 2 أوت- أغسطس إلىميدان تقسيم للاحتجاج على عنف الشرطة ضد الشباب.

يتعلق الأمر بيافعيبلغ من العمر 14 عاما، يدعى "بركن إيلفان"، تعرض للضرب المبرح على يدالشرطة يوم 15 جوان-يونيو عندما خرج من منزل والديه لشراء الخبز؛ بركنإيلفان يصارع الموت في العناية المركزة(8).وفقا إيلفان، فإن سبب احتجاجالأتراك في الشوارع لم يكن بناء مركز تجاري في حديقة جيزي فحسب، بلرفضا لسياسات حكومة أردوغان الهادفة إلى تقزيم الحياة الديمقراطية وتقييدالحريات المدنية، كخطوة أولى نحو إقامة نظام خلافة إسلامية. وبعبارة أخرى،كان لدى المجتمع المدني، والقوى الديمقراطية والأحزاب السياسية العلمانيةقناعة مبررة تماما مفادها أن المخاطر التي تهدد –ولا تزال تهدد- تركية كانت سياسات السيد اردوغان غير الديمقراطية.

وكذلك، أدرك جزء من المجتمعالتركي بأن الصراع الحالي دائر بين أولئك الذين يسعون الى الحفاظ علىدعائم الجمهورية الحديثة، المرتكزة على الشرعية الشعبية، والمواطنة، والتداول على السلطة، والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، من جهة، وأولئك الذين يسعون أولا الى إحباط الجمهورية، ثم الى بلبلتها، كي يبنوا على رمادها-فيما بعد- نظام خلافة قائما على أساس عقيدة الإخوان المسلمين، نظام ستتقوض تحت حكمه القوى العلمانية والديمقراطية في النهاية، وتفقد الأقلياتالعرقية والدينية، مثل المسيحيين، العلويين واليهود والأكراد والأرمن حقوقهمكمواطنين في الجمهورية التركية، لتصبح موضوعات جديدة للخلافةالتركية.

نهاية جمهورية قبل بضعة أشهر من اندلاع احتجاجات جيزي، انتقدزعيم حزب الشعب (CHP)، كمال Kılıçdarol رئيس الوزراء اردوغان، بالقولان رئيس الوزراء يعتزم قمع الشعب وتقييد الديمقراطية: "إذا اشتكى رئيس الوزراء من الفصل بين السلطات، وهو ما يعني أنه يشكو من الديمقراطية،فإنه غير جدير بأن يكون رئيس وزراء. وهذا يعني أن حياته السياسية انتهتفي الديمقراطية.. لا يمكنه الحديث عن الديمقراطية والحرية.. لا يمكن أن يُنظرإليه كرئيس وزراء دولة حديثة. وأضاف Kılıçdarolu خلال مؤتمر صحفييوم 19 ديسمبر-كانون الثاني 2012: "إنه رئيس وزراء ينتوي تأسيس سلطنته لقمع شعبه وتقييد الديمقراطية"(9).في الواقع، فإن الشرعية الشعبية،والمواطنة، والتداول على السلطة، والعدالة الاجتماعية، وحرية الصحافة،وحرية التعبير، والحياة الخاصة، والكرامة الإنسانية، هي ركائز المجتمع الحديث في تركية، التي توشك ان تقوَّض لصالح أيديولوجية دينية يداعبهاحلم بالخلافة، يشكل جزءا من آثار القرون الماضية.. أيديولوجية من شأنها فعلكل شيء من أجل تهديم البناء الجمهوري الحديث، سيكون شعارها الطغيان،ليس فقط في تركية، بل في مصر وتونس وليبيا أيضا، وفي أي مكان منالعالم المسلم قد ينجح فيه الإخوان المسلمون و"شركاؤهم الدينيون" السلفيونفي الاستيلاء على السلطة.. فليجنبنا الله مثل هذه الكارثة!والحال كذلك، ماهي إذن التدابير التي سيتخذها السيد أردوغان وحزبه السياسي، حزبالعدالة والتنمية (AKP)، لمواجهة الجمهورية؟ ولأي غرض؟أولا، من حيث حريةالصحافة والتعبير،

يكفي ان نلاحظ أحدث ترتيب لتركية على سلم لحريةالصحافة، كما ورد في تقرير منظمة "مراسلون بلا حدود" (RWB)، لمعرفةدرجة التهديد الموجه ضد الجمهورية والديمقراطية في هذا البلد . كدليل علىذلك، قالت منظمة "مراسلون بلا حدود" أن تركية أصبحت الآن أكبر سجنللصحفيين(10)، وتحتل المركز الـ154 في مجال حرية الصحافة بين دولالعالم، بتراجع قدره ست مراتب مقارنة بالعام 2012(11).وبالإضافة، ينتقد تقرير المنظمة ذاتها جنون السلطات التركية، التي تعتبر ان التهم الموجهة إليها مصدرها مؤامرة تحيكها مجموعة من منظمات غير قانونية ضدها. وايضا،وفي المجال نفسه، انتقد الاتحاد الأوروبي السلطات التركية بسبب تكميمهاحرية التعبير، ردا على إقالة الصحفي يافوز بيدار Yafuz Bidar(12) العاملبالصحيفة التركية "الصباح".

وتصر المفوضية الأوروبية في بيان حول أهميةبعض القضايا المتعلقة بحرية التعبير على ان تشدد على أن "استقلال سياسة التحرير والشفافية ورفض كل تدخل سياسي هي الركائز الأساسية التيتضمن حرية وسائل الإعلام". وأعربت اللجنة أنها "تشعر بالقلق إزاء التدابيرالمتخذة ضد بعض الصحفيين الأتراك، مثل الفصل والعقوبات الجنائية"(13).ثانيا، من حيث حقوق الإنسان، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوقالإنسان (CEDH) في جويلية-يوليو، عددا من الأحكام المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان في تركية، نورد منها حكم 16 جويلية-يوليو في قضية عبد اللهياسا وآخرين بتركية، التي قالت بخصوصها النحكمة الاروبية لحقوق الانسان، بالإجماع، بأن هناك " انتهاكا للمادة 3 (تحريم التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة) الواردة في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان(14).ثالثا،من حيث المواطنة، كشفت صحيفة حريات التركية اليومية وثيقة رسمية حررتهامديرية التعليم الاقليمية التابعة لاسطنبول ان الأقليات العرقية والدينية من أصول يهودية، ويونانية وأرمنية وأن اضولية صنفتها الإدارة السكانية التركيةحسب "رمز عرقي" سري، أصبح ساري التنفيذ منذ عام 1923، عام تأسيس الجمهورية التركية. وبالنتيجة، يتم تحديد المواطنين الأتراك من أصل يونانيحسب الرمز 1، وهؤلاء الذين من أصل أرميني من خلال الرمز 2، وأولئكالذين أصل يهودي من خلال الرمز 3، كما ذكرت صحيفة حريات(15).وصرحآلتان تان، وهو نائب عن حزب السلام والديمقراطية،

أن ادعاءات مثيلة موجودة منذ مدة طويلة، لكن السلطات كانت ترفضها دائما. وأضاف تان ان "مثل هذهالممارسة، إن كانت موجودة حقا، تشكل كارثة كبيرة. السلطات تصنف سراوبطريقة غير مشروعة المواطنين على اساس عرقي وديني.. هذه كارثة كبرى"(16).رابعا، من حيث العدالة الاجتماعية، نبهت الأستاذة ياسمين نسيولو Yasemin Nceolu ، من جامعة غالاتاساراي في اسطنبول، الى تناميخطاب الكراهية والتمييز في وسائل الإعلام التركية . تكلمت نسيولو في ندوةنقاش نظمتها جمعية الصحفيين الأتراك في اسطنبول(17)، وحسبها، فإنوسائل الإعلام تلجأ الى أيديولوجية صارت مهيمنة في الخطاب اليومي،ترتكز على خطاب "نحن وهم".. هؤلاء الذين لا يستجيبون لتوصيف "نحن" يتم اعتبارهم "آخرين". وتضيف نسيولو ان في الخطاب اليومي لوسائل الإعلام"هناك أيضا رهاب المثلية، ومعاداة السامية ومعاداة العلوية، فضلا عن بعض المعارضة لغير المسلمين(18)".من جانبه، صرح المحامي نازان مورولو، الذي شارك في حلقة النقاش لـ"حريات" أن التمييز ضد المرأة قد تفاقم في تركيةفي السنوات الأخيرة.

وقال ان "النساء المعتقلات خلال احتجاجات جيزيتعرضن للتحرش ولم يستطعن ان يقلن شيئا"(19). وأضاف: "قبل الآن، كان بمقدورنا أن نتحدث عن مثل هذه القضايا على شاشات التلفزيون منذ بضع سنوات، ولكن الآن لم نعد نستطيع، جميع قنوات التلفزيون مكبوحة، لا يمكننا سماع أصواتنا"(20).خامسا، من حيث الخصوصية والكرامة الإنسانية، سنالرئيس التركي عبد الله غول قانونا مثير للجدل بإرادة من حكومة أردوغان،يقيد استهلاك وبيع والإعلان عن المشروبات الكحولية، رغم الاحتجاجات التيهزت البلد. يُحظر بيع المشروبات الكحولية منذ الآن بين الساعة العاشرةوالسادسة. وبعد ان صُوّت عليه يوم 24 ماي في إجراء بسرعة نادرة، نددت به المعارضة العلمانية بعنف وأعلنت انه قانون خانق للحرية.وطوال المناقشات البرلمانية،

استنكرت المعارضة العلمانية بشدة قانونا خانقا للحرية يبيح للنظام تنظيم سلوك السكان الخاص، وأسلمة المجتمع التركي. قوبل هذا التضييق بقلق شديد لدى العلمانيين، الذين رأوا في القرار دليلا على أسلمة سياسةحزب العدالة والتنمية (AKP) الممسك بزمام السلطة منذ أكثر من عشرسنوات(21).وحسب بعض من أحزاب من المعارضة، فإن إجراءات السيد أردوغان تمثل هجوما على أسس الديمقراطية والجمهورية نفسها في تركية.

الدكتورة فداء دكروب ترجمة: خالدة مختار بوريجي

الوسوم (Tags)

أردوغان   ,  

اقرأ أيضا ...
هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
ملاحظة : جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي أصحابها ولا علاقة لموقع دام برس الإخباري بمحتواها
الاسم الكامل : *
المدينة :
عنوان التعليق : *
التعليق : *
*
   
دام برس : http://sia.gov.sy/
دام برس : https://www.facebook.com/Syrian.Ministry.Culture/

فيديو دام برس

الأرشيف
Copyright © dampress.net - All rights reserved 2024
Powered by Ten-neT.biz