خاص دام برس - بلال سليطين :

في يوم وليلة تحولت مدينة الرقة من مدينة آمنة تسيطر عليها الحكومة السورية ويسكنها مئات آلاف المهجرين من المحافظات السورية، إلى مدينة ساخنة تسيطر عليها مجموعات مسلحة تابعة لجبهة النصرة وتنظيم داعش وحركة أحرار الشام وووو إلخ من المجموعات المسلحة الممولة من الخارج والتي تضم مقاتلين من شتى أصقاع الأرض.

مدينة الرشيد التي لا يمر عليها يوم دون أن تشهد اشتباكات بين المجموعات المسلحة والفرقة /17/ ووحدات الجيش العربي السوري من جهة، وبين المجموعات المسلحة أنفسها من جهة أخرى وقد تكرر المشهد عشرات المرات في الرقة وظهر إلى العلن وبدأت وسائل الاعلام تتحدث علنا عن اشتباكات بين ميليشيا الحر وتنظيم داعش التابع للقاعدة في مدينة الرقة وريفها.

الجديد في ملف مدينة الرقة التي تسميها المعارضة السورية (الرقة المحررة) هو ظاهرة الخطف، حيث نشطت عمليات الخطف بشكل مكثف خلال شهر تشرين الأول الحالي وشملت اعلاميين محسوبين على المعارضة ورجال دين أحدهم عضو في الهيئة الشرعية التي تعتبر السلطة القضائية في الرقة.

أشهر المختطفين خلال الشهر الحالي كان الناشط الاعلامي المعارض "حازم الحسين" الذي عرف بمواقفه المعادية للحكومة السورية منذ بداية الأزمة وقد لعب دوراً اعلاميا كبيراً في الرقة، وفي تعليق لأحد الناشطين على نبأ اختطافه قال:«عندما يخطف شخص مثل حازم الحسين، نعرف انه لم تبقى ثورة و لا تحرير بالرقة، انها عصابات تحتل الرقة و تستبيحها».

الخبر الفاجعة على أهالي الرقة كان اختطاف الشيخ "عبدالله العساف" (أبو عبد الرحمن )، الذي تم اختطافه في ثالث أيام عيد الأضحى أثناء خروجه من مكان عمله في الهيئة الشرعية التي يعمل قاض فيها، وقد خلف نبأ اختطافه حالةً من الاحتقان لدى الأهالي الذين هاجموا مختطفيه واتهموا جبهة النصرة وداعش بالوقوف خلف العملية نظراً لانتقاده المتكرر للأفعال المشينة المرتكبة من قبل انصار التنظيمين خصوصاً.

عمليات الخطف شملت المجموعات المسلحة فيما بينها حيث أقدمت ميليشيا مايسمى كتيبة الناصر صلاح الدين على خطف "عبد المجيد العيسى ابو طيف" ومعه ملازم منشق عن الجيش العربي السوري قالت أن اسمه "ميماتي".

عائلة الأديب الراحل "عبد السلام العجيلي" نالت حصتها من عملية الخطف، حيث اختطف ابنها الشاب "محمد صطام العجيلي" لحظة خروجه من منزله للتوجه إلى السوق لشراء بعض الحاجيات قبل حلول عيد الأضحى المبارك ولم يعرف مصيره، إلا أن مصادر محلية اتهمت مجموعات مسلحة محسوبة على تنظيم القاعدة بالوقوف وراء الاختطاف.

بعض المختطفين وجدوا طرقهم إلى الحياة من جديد امثال "أحمد وأسامة العاني" الذين اختطفا من قبل ميليشيا مايسمى حركة أحرار الشام الإسلامية وقد أطلق سراحهما وعادا إلى منزلهما بعد فترة من الاختطاف تعرضا خلالها بحسب مصدر محلي الى أشد انواع التعذيب.

واقع الرقة لا يقتصر على الخطف فقط فإلى جانب عمليات تهجير المسيحيين وفرض الجزية عليهم وحرق كنائسهم، تنشط ظاهرة الاستيلاء على بيوت الناس بتهمة وبدون تهمة كما حدث مع الدكتور "خليل المجحم" الذي تم وضع اليد على منزله وتغيير أقفاله ومنع ذويه من دخول المنزل بحجة أنه اصبح من أملاك حركة أحرار الشام الاسلامية.

حتى تراث الرقة لم يسلم من الأذى حيث قامت مجموعة مسلحة من الملثمين مجهولين الهوية باقتحام دار التراث في محافظة الرقة الموجود جانب حديقة الرشيد من الطرف الغربي واعتدوا بالضرب المبرح على مشرف الدار "حسن عساف العدواني" وقاموا بتكسير اللوحات وسرقة بعض المقتنيات القديمة التي لها قيمة تاريخية بالنسبة لمحافظة الرقة وأهلها.

واقع الرقة الجديد لا يسر عدواً ولا صديق، إنها تعيش حياةً يترحم فيها أهلها على أيام ماكانوا يقولون أنه قمع، لقد أصبحت ذكريات القمع بالنسبة لهم ذكريات "الحرية" مقارنة مع واقعهم الحالي هكذا يعلق أحد المثقفين من محافظة الرقة على واقعها الجديد، ومن ثم تدمع عيناه ويصمت